• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح السنة للإمام المزني تحقيق جمال عزون
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    شرح التصريف العزي للشريف الجرجاني تحقيق محمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    نكبات أصابت الأمة الإسلامية وبشائر العودة: عين ...
    علاء الدين صلاح الدين عبدالقادر الديب
  •  
    في ساحة المعركة
    د. محمد منير الجنباز
  •  
    لوط عليه السلام
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الصحيفة الجامعة فيما وقع من الزلازل (WORD)
    بكر البعداني
  •  
    شرح البيقونية للشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المؤثرون المسلمون والمنابر الإلكترونية معترك
    عبدالمنعم أديب
  •  
    مناهج التصنيف في علم الدعوة في العصر الحاضر ...
    رانيه محمد علي الكينعي
  •  
    الدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي سيوطي العصر
    د. ماجد محمد الوبيران
  •  
    سفرة الزاد لسفرة الجهاد لشهاب الدين الألوسي
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    غزوة بدر
    د. محمد منير الجنباز
  •  
    محيي الدين القضماني المربِّي الصالح، والعابد ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    إبراهيم عليه السلام (5)
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    سفراء النبي صلى الله عليه وسلم لمحمد بن عبد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مواقف من إعارة الكتب
    د. سعد الله المحمدي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

تقديم كتاب (العناية بطلاب العلم عند علماء المسلمين) تأليف الدكتور عبد الحكيم الأنيس

تقديم كتاب (العناية بطلاب العلم عند علماء المسلمين) تأليف الدكتور عبد الحكيم الأنيس
أ. د. حسن الوراكلي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/5/2016 ميلادي - 10/8/1437 هجري

الزيارات: 6236

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تقديم كتاب "العناية بطلاب العلم عند علماء المسلمين"

تأليف: فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الحكيم الأنيس

عرفتُ مؤلِّفَ هذا الكتاب الأخَ الكريمَ العالمَ المحقِّق الأستاذ الدكتور عبد الحكيم الأنيس أول ما عرفتُه معنيًّا بعلوم القرآن يجلي مكنوناتِها، ويحقِّقُ نصوصها، ويدرُسُ مواضيعها.

وقد كان أول ما افتتحَ به هذا المشروعَ العلميَ تحقيقُهُ نصًا في أسباب النزول من تأليف ابن حجر العسقلاني عنوانُه (العُجاب في بيان الأسباب).

ثم والى جهودَه في خدمة نصوص أخرى من التفسير، منها عملان للعلامة مرعي بن يوسف الكرمي:

أولهما: (الكلمات البينات في قوله تعالى: "وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات").

وثانيهما: (قلائد العقيان في قوله تعالى "إن الله يأمر بالعدل والإحسان").

وعملٌ للبقاعي بعنوان: (الفتح القدسي في آية الكرسي).

إلى رسائلَ في التفسير كذلك، منها:

(رسالة في التفسير على صورة أسئلة وأجوبة للعلامة عبد الكريم الدَّبَان).

إلى بحوثٍ في الدرس القرآني مثل:

بحثه في علم المناسبة: (أضواء على ظهور علم المناسبة القرآنية).

وبحثه حول جهود الفيروزآبادي في التفسير: (إسهام المجد الفيروزآبادي في الحركة العلمية التفسيرية في زبيد من خلال كتابه: تسيير فائحة الأناب في تفسير فاتحة الكتاب).

وبحثه في نقد تحقيق (رسالة في تفسير قوله تعالى: "إن إبراهيم كان أمة" لابن طولون).

♦♦♦♦


وما زلتُ أعدُّ الدكتور عبدَ الحكيم استناداً إلى ما ذكرتُ مِنْ أعمالهِ العلميةِ في الصفوة من الباحثين المعنيين بعلوم القرآن تحقيقاً ودرساً حتى رأيتُه يقومُ في مؤتمر القاضي عبد الوهاب البغدادي بدبي يُنشِدُ الحضورَ قصيدةً عصماء أخذتْ بلبي كما ستأخذُ بلبي، بعد ذلك، أشعارٌ أخرى أنشدنيها ونحنُ على متن (عبَّارةٍ) متأنقةٍ بأزهى حُللها، متلألئةٍ بأبهى أنوارها تَهادى بنا بين ضفتي (النيل) في ليلةٍ ربيعيةٍ مقمرةٍ أيقنتُ مِنْ هذهِ وتلك -مع ما عرفتُهُ مِنْ عملهِ المُحكمِ في صنعة ديوان القاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي- أنَّ الرجلَ ممّنْ مُهِّدَتْ لهم أكنافُ الدرسِ العلمي مثلما وُطِّئتْ لهم أطرافُ الإبداعِ الأدبي.

♦♦♦♦


كذلك تشابهتْ قلوبُنا، وكذلك تماثلتْ دروبُنا فاتصلتْ بيننا أسبابُ المودة -والعلمٌ كما الأدب رحمٌ بين أهله- فحكَّمَني فيما يرد مِنْ أطاريح على (دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث)... وفيما يردُ مِنْ دراساتٍ على مجلتها (الأحمدية)...

وتهادينا بما يَصدرُ لنا مِنْ أعمالٍ ممّا نتجَ عنه أدبُ مراسلاتٍ موجزةٍ تبادلناهُ عبر الهاتفِ المحمولِ كان للدكتور الأنيس، -وهو نعمَ الجليسُ بحلاوة مذاكرتهِ، وبطلاوة محاورتهِ-، فضلُ السبقِ إليها.

ومنها ما كَتَبَ لي به على إثرِ فراغهِ مِنْ قراءة كتابي (النيازك البراقة: خواطر في واقع الإسلام وحال المسلمين):

(بروحٍ مشتاقة قرأتُ "النيازك البراقة"، فيا لها مِنْ مصادرِ طاقة، وصرخاتٍ للإفاقة).

فأجبتُه:

(ليس لي فيما قرأ أخي مِنْ جملٍ ولا ناقة، إنما هي روحُ يرموك وزلاقة، هزَّتْ مشاعري فتفجَّرتْ نيازك براقة، فله على رفيفِ كلماتهِ مِنْ شكري باقة، ومِنْ تقديري ما راقه).

ومنها ما كَتَبَ لي به بعد فراغه مِنْ قراءة كتابي (وشي وحَلْي):

(قضيتُ ليلة ممتعة مع (وشي وحلي) فشكراً لك أيها المبدع الكبير. متى يصدرُ الجزءُ الثاني فإنّا إليه بالأشواق، عسى أنْ لا يطول الانتظار).

وقد ضاعَ مني جوابي المُنوِّه بقدرهِ العلمي والأدبي، وبقيَ جوابُه الذي بادرَ بهِ في تواضعٍ جمٍّ:

(لا يا سيدي، فأنتَ البحرُ المُغرق، والروضُ المونق، والسحابُ المُغدق. أمتع اللهُ بك، وحفظك للعلم والأدب، ونفعَ بك في مشروع نهضة الأمة الكبير).

♦♦♦♦


وكان مِنْ آخر ما أهداني مِنْ أعمالهِ العلميةِ نسخةٌ من كتابه (العناية بطلاب العلم عند المسلمين) مُصَدِّراً إياها بإهداءٍ أبدأ فيهِ مِنْ حُسن ظنِّهِ بأخيهِ وأعاد، وأنشأ مِنْ جميلِ التحلية وأجاد[1].

ولم يكن تنويهي بعملهِ هذا -في سَمرٍ علميٍ مع طائفةٍ مِنْ طلابِ الأزهر ودار العلوم- مِنْ بابِ ردِّ التحية بأحسنَ منها؛ وإنما كان عمّا بلَغَتْهُ تجربتي بما يُعانيهِ مَنْ يتصدّى لتأليفِ مثلِ هذا الكتاب مِنْ مشقةٍ في لَمِّ مادتهِ، واتسعتْ له معرفتي بما يُكابِدُه في تنسيقها ابتغاءَ استثمارِها، عرضاً وتحليلاً، في تحقيق غايتهِ من الكتاب.

وقد كان له ذلك بما ظفرَ به عملُه هذا مِنْ قبولٍ حسنٍ شحذَ عزمَهُ -مع انشغالاته العلمية الموصولة- في إعدادِ طبعةٍ جديدةٍ للكتاب سألني تقديماً لها، فوعدتُهُ مع علمي بأنَّ مثله في غنىً عن التقديم، لكنه تواضعُ العلماء مع طلابِ العلم الذين يَعرفُ أني لم أبرحْ مكاني في صفوفهم أتزوَّدُ مثلما يتزوّدون مِنْ مصنّفات شيوخ العلم، وأحتفي مثلما يحتفون بكُتبهم، ومنها هذا الكتابُ المفيدُ الماتعُ بما عرَضَ ودرَسَ مِنْ ظاهرةٍ فريدةٍ في تاريخ التعليم، هي ظاهرةُ عنايةِ العلماء بطلابهم في غيرِ مجالٍ من حياتهم الدراسية والاجتماعية.

♦♦♦♦


لقد كان أول ما لفت نظري في هذا الكتاب طرافةُ معناه، ولطافةُ مبناه، وهذا يوافِقُ عينَ ما رآه السيوطي في "التعريف بآداب التأليف" حين نصَّ على أنه ليس لمَنْ شُغِلَ بالتأليف أنْ يعدلَ عن غرضين، أحدُهما أنْ يبتدعَ وضعاً ومبنى، ثم عقب: وما سوى هذين الوجهين فهو تسويدُ الورق، أو كما قال[2].

أما طرافة معناه فتتمثلُ في اختيارِ موضوعٍ قد تجدُ شذراتٍ منه وأشتاتاً في معاجم الرجال، وفي كتبِ المحاضرات، وكذلك في بحوثِ المعاصرين الذين عُنوا بالتأريخ لحركة التعليم في الأقطار الإسلامية، ولكنك لنْ تجدَ -فيما أعلمُ- أحداً من الباحثين أفردهُ بكتابٍ مثل هذا.

وأما لطافة مبناه فتطالعُكَ في هذه المباحث المُسْتوعِبةِ لعناية شيوخ العلم الموصولةِ بطلابهم مِنْ يوم التحاقهم بالكُتّاب إلى يوم تخرُّجهم مُجازين بما أتقنوا مِنْ علمٍ، وبما حصلوا مِنْ معرفةٍ، هي ثمرةُ ما سلك بهم هؤلاء الشيوخ مِنْ طرقِ العلم الذي هو ميراثُ النبوة، مَنْ أخذهُ أخذَ بحظٍ وافرٍ، والثمرةُ الأسنى أنْ يسلك بهم ربُّهم طريقاً مِنْ طرق الجنة.

 

وزاد مِنْ هذه اللطافة ما خلع المؤلِّفُ على مباحثه مِنْ أسماء بديعة، ما مِنْ واحدٍ منها إلا وهو ذو دلالةٍ على مرحلةٍ مِنْ عُمُرِ طالبِ العلم، وكذا على مرحلةٍ مِنْ مسيرته التعليمية، هي:

خطوط الفجر.

ونور الصباح.

وإشراقات الضحى.

وأجواء الظهيرة.

ونسمات المساء.

وتحت كل عنوانٍ من هذه العناوين الرائقة غَرَفَ الدكتور الأنيس مِنْ مواردهِ الغنيّةِ صوراً بديعة، أو ما أسماه هو شواهد ومشاهد (مِنْ تاريخنا العلمي الحافل بالمآثر الناصعة في البذل والعطاء والتضحية) شكلتْ عنايةَ العلماء المسلمين التي أولوها طلابَهُم، يَعمُّهم خيرُهم، ويسعُهم برُّهم بما تَندى به أيديهم، وترْشحُ به أريحيتُهم، لا يكلّون ولا يملّون، يشملون بذلك كافةَ ما يَحتاجونهُ مِنْ رعايةٍ معنويةٍ، ومتابعةٍ ماديةٍ، يَتيسرُ لهم بها التفرُّغُ للتعلُّمِ والتحصيلِ وَفْق ما تَستدعيهِ طبيعةُ المرحلة التعليمية مِنْ كُتبِ درسٍ ومنهجِ إقراءٍ مِنْ جهة، وما تقتضيه أحوالُهم المعاشيةُ مِنْ مكانِ إيواءٍ ومجلسِ إطعامٍ لمن قلَّت نفقتُهم وضاقتْ ذاتُ يد ذويهم، مِنْ جهةٍ أخرى.

هذا إلى ما يَحرصون عليه -وهم الأدلةُ الهداةُ- مِنْ غرسِ مكارمِ الخصالِ ومحاسنِ الخلالِ في نفوسِ طلابهم، وتربيتهم على قيم الاهتداءِ بتعاليم الكتاب والسُّنة، ومُثُلِ الائتساء بسِيَر الأبرار الأخيار.

♦♦♦♦


ولكي يضعَ المؤلِّفُ صورةَ هذه العناية في تسلسلها التاريخي، وكذلك في استيعابها لكافة مجالسِ الدرس في المشرق والمغرب راعى في كل مبحثٍ عرْضَ الشواهد والأخبار متسلسلةً حسب وفيات أصحابها، ليلحظ القارئُ، مِنْ جهةٍ، اتصالَ هذه العناية في تاريخ الأمة عبر حقبه المتوالية، ومِنْ جهةٍ ثانيةٍ، استيعابها نماذج مِنْ سير شيوخ العلم وطلابه في كافة أقطار المسلمين المشرقية والمغربية، وفي ذلك دليلٌ على وحدة الرؤية والمنهج والمقصد التي كانت تنتظمُ حركةَ التعليم والتربية، والتي كانت تتحققُ وفقها رسالةُ العلم النافع -وخيرُ العلمِ أنفعُهُ- إذ يتبلورُ في سلوكٍ هادٍ وعملٍ بانٍ.

♦♦♦♦


ورُبَّ مُطَّلعٍ على هذا العمل أو على عنوانهِ يتعجّلُ فيقولُ إنَّ مضمونَ هذا الكتاب قد لا يعدو أنْ يكون أخباراً مجموعة، وأقوالاً مرصوصةً!

ولم يدرِ قائلُها ما يَستدعي جمعُ الأخبارِ والأقوالِ مِنْ واسعِ علمٍ بمصادرِها ومظانِّها، وبارعِ خبرةٍ باختيارِها وانتقائها، ثم ما يَستدعي رصُّ الأخبارِ والأقوالِ مِنْ توقُّدِ ذهنٍ، وتوهُّجِ وجدانٍ، وصناعِ يدٍ تُسْعِفُ صاحبَها في تبليغِ خطابهِ مُتلقيه بما يَحوي مِنْ مقاصد علميةٍ وخلقيةٍ وسلوكيةٍ بآن.

♦♦♦♦


وفيما ساق الدكتور الأنيسُ مِنْ أخبارِ العلماءِ في رعايةِ طلابهم غنيةٌ، لكنّي استحضرتُ وأنا أطوي هذا الكتابَ صوراً أخرى ذاتَ طرافةٍ مِنْ تلكم الرعاية توهَّج بها التاريخُ العلميُّ في الأندلس والمغرب، أعرضُ منها نماذجَ طريفة:

ومنها اعتناءُ شيوخ العلم والتربية ببناءِ المدارسِ وتحبيسِها على طلبة العلم، ومن ذلك المدرسة التي بناها العالمُ المتفننُ أبو علي الحسن الشاري (ت:649هـ) بسبتة، وأحيا بها العلم حياً وميتاً على حدِّ تعبير ابن رُشيد.

♦♦♦♦


ومنها عنايةُ علماء المسلمين في حلقة الدرس والإقراء بطلابهم المسلمين وغير المسلمين، يرحبون للجميع في مجالسهم ويفسحون لهم فيها، وكذلك كان شأنُ العالم المتفنن أبي بكر محمد بن أحمد الرقوطي المرسي (ت:758هـ) الذي أخبرَ ابنُ الخطيب في كتابه (الإحاطة) أنه كان آية الله في المعرفة بالألسن، يُقْرِئ الأممَ -يعني المسلمين والنصارى واليهود- بألسنتهم فنونَهم التي يرغبون في تعلُّمها!

♦♦♦♦


ومِنْ طريفِ صور العناية بطلبة العلم استضافتُهم مِنْ قِبَل شيوخِهم في بيوتاتهم، وهي استضافةٌ كانتْ تتمثلُ مِنْ وجهٍ فيما يَبذلُهُ الشيخُ لهم ممّا يُتقِنُ مِنْ علومٍ مفيدة، ومِنْ آخرَ فيما يَجودُ بهِ مِنْ موائدِ أطعمةٍ شهيةٍ.

 

وقد احتفظتْ لنا بعضُ المصادر التاريخية الأندلسية بصورةٍ لأحدها، هو مجلسُ الفقيه المتفنن أحمد بن سعيد بن كوثر الطليطلي، وكان يَضمُّ نيفاً على أربعين طالباً (قد فُرش ببسطِ الصوف مُبطَّنات، والحيطان باللبود من كلِّ حَوْلٍ، ووسائد الصوف. وفي وسطه كانونٌ في طُول قامة الإنسان مملوءاً فحماً يأخذُ دفئه كل مَنْ في المجلس) وكان هذا المجلسُ، فضلاً عن توفُّره على حظٍّ كافٍ من الدفء المادي كما رأينا، موصولَ الأسباب بألوانٍ أخرى من الدفء، مبعثُها الإيمانُ الغامرُ، والحبُّ الأخوي في الله، والاجتماعُ على التلاوة والذكر، وطلب العلم، التماساً لرحمة الله تتغشاهم، ولبركة الملائكة تحفُّ بهم، ولذكر الله -وهو أكبرُ- لهم فيمَنْ عنده، يسعدون بهِ ويقرون عيناً.

 

وكان صاحب المجلس يُدرِك ذلك جيداً ممّا دفعَ به إلى الاستزادة مِنْ أسباب الراحةِ والتدفئةِ لطلابه، فأضافَ، إلى ما وفَّر لهم مِنْ فرشٍ مبطنةٍ ومواقدَ ملتهبة، أنه كان إذا انقضى الدرسُ وطُويتْ صحفُهُ لا يتركهم ينصرفون؛ بل يُمسكهم جميعاً ليتحلقوا حول موائد (عليها ثرائد بلحوم الخرفان بالزيت العذب)، وفي أيامٍ أخرى (ثرائد اللبن بالسمن أو الزبد)، (فيأكلون مِنْ تلك الثرائد حتى يشبعوا منها، ثم ينطلقون قربَ الظهر مع قِصَر النهار ولا يتعشون. وكانت هذه الضيافة تمتدُّ طيلةَ أشهرِ فصلِ المطر، والثلج والبرد).

♦♦♦♦


ومن صور عناية شيوخ العلم والدرس بطلابهم بناءُ مأوى لهم، ومثاله الجناحُ الذي بناه لذلك أبو الحسن علي الشاري بمدرسته السبتية، وهو الذي حرصَ على العناية بطلابه حتى بعد أن يفارقوا الحياة، فقد حبَّس الشاري بقعةً على مَنْ يَموتُ مِنْ طلبته، كما أخبر الأنصاري في كتابه (اختصار الأخبار عمّا كان بثغر سبتة مِنْ سني الآثار).

♦♦♦♦


وعوداً على بدءٍ أقولُ:

إنَّ المادةَ العلميةَ التي استثمرَها المؤلِّفُ في تحرير مباحثِ هذا الكتابِ تجلو لنا مِنْ شخصياتِ شيوخِ العلمِ معارفَهم العلميةَ الغنيّةَ، ومحاسنَهم الأخلاقيةَ الرضيّةَ، ومبادراتِهم السلوكيةَ السويةَ إلى ما حوتْ مِنْ خبرٍ، وما شملتْ مِنْ وصفٍ (لأساليب التعليم وطرائق التربية) ممّا يُعْتبرُ وثيقةً جَمعتْ بين جانبي الحياة العلمية والاجتماعية عند شيوخ العلم وطلابه على حدٍّ سواء.

 

ثم إنها تجلو لنا، إلى ذلك، سعةَ اطلاعِ المؤلِّفِ على مصادرِ علمه، كما تجلو لنا حُسْنَ اختيارِهِ الشواهدَ الدالة على عناية علماءِ المسلمين بتعليمِ طلابهم وتربيتهم.

 

هذا إلى ما دلَّتْ عليه مِنْ مقصدٍ توخّاه لعملهِ هذا عَبَّرَ عنه في قوله بـ (إظهار أمر مهم غاية الأهمية، وهو أنَّ العمليةَ التعليميةَ عند المسلمين اصطبغتْ بصبغة الأخلاق في مبتدئها ومنتهاها، وفي سائر جزئياتها وتفاصيلها) وبذلك كانَ نجاحُها المُتمثلُ في منجزات أمتنا العلمية والحضارية، وهي -أي صبغة الأخلاق- بما تعنيهِ مِنْ تكريسٍ لقيم هُويتنا العقدية والثقافية في برامجِ تعليمنا وأساليبِ تربيتِنا خليقةٌ بأنْ نواجهَ بها تحدياتِ التغريبِ والتماهي التي تتهدّدُ وجودَنا العقدي والثقافي والحضاري بأيدي الذين يتربصون بالأمة الدوائرَ، وبأيدي بني جلدتها الذين سفهوا أنفسَهم فإنْ رأوا سبيلَ الرشد لا يتخذوه سبيلاً، وإنْ رأوا سبيلَ الغي يتخذوه سبيلاً مفتونينَ بدعاوى الحداثةِ المُستوردةِ بعُجَرِها وبُجَرِها.



[1] وكنّا نشارك معاً في مؤتمرٍ علمي في القاهرة.

[2] . والكلامُ في الأصل لأبي بكر ابن العربي المَعافري (ت543هـ) ذكره بأول كتابه عارضة الأحوذي (1 /4)، وتمامه: "ولا ينبغي لحصيف أن يتصدى إلى تصنيف، أن يعدل عن غرضين: إمَّا يخترع معنى. أو يبتدع وضعاً ومبنى. وما سوى هذين الوجهين، فهو تسويد الورق، والتحلي بحلية السرق".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • كلمة عن كتاب: العناية بطلاب العلم عند علماء المسلمين
  • مراجعة في كتاب "العناية بطلاب العلم عند علماء المسلمين" من تأليف الدكتور عبدالحكيم الأنيس
  • تقديم كتاب "علاقة الأمة بالنبي صلى الله عليه وسلم: مظاهر ومآثر" للدكتور عبدالحكيم الأنيس

مختارات من الشبكة

  • تقديم كتاب (علماء أضراء خدموا القرآن وعلومه) تأليف الدكتور عبدالحكيم الأنيس(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مقدمة كتاب: العناية بطلاب العلم عند علماء المسلمين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة الجزء الثاني كتاب العلم من كتاب نهاية المراد من كلام خير العباد(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة كتاب العلم من كتاب نهاية المراد من كلام خير العباد(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تقديم كتاب تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب (دلالات التقديم والتأخير في القرآن الكريم) للباحث الدكتور منير محمود المسيري(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • هذا كتابي فليرني أحدكم كتابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قضاء الأرب من كتاب زهير بن حرب: شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (الجزء الثاني) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قضاء الأرب من كتاب زهير بن حرب: شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (الجزء الأول) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قصة كتاب: مع كتاب "المشوق إلى القراءة وطلب العلم" في قناة المجد الفضائية(مادة مرئية - موقع الشيخ علي بن محمد العمران)

 


تعليقات الزوار
2- اليتم في العلم أشد من يتم ما سواه
زيد الأعظمي - العراق 21-05-2016 02:46 AM

أنه كان تحليقاً لا تعليقاً بين أرجاء وثنايا مضامين و موضوعات الكتاب ، إنه تحليق في أفقٍ لاحت فيها أعز وأجمل المعاني
وأهمها وأخصها ، إنه طلب العلم ومعلمه وطالبه .

ما بالكم بطالب العلم إذا فقد أشياخه ولم يعد له شيخ ، هل من يتم بعد ذلك اليتم ، إن طالب العلم إذا كان بلا شيخ أنقطع عنه ذلك النسب الأزكى إلى العلم ، وأضحى صاحبه يتيما ، أشد من يتمه إذا مات عنه كلا والديه .
قد ينقطع حكم اليتم ببلوغ المرء ، لكن أنّى لطالب العلم ان بنقطع الحكم فيه وقد انقطع عن شيوخه . وهو الذي إذا ما قال : أنا أعلم فقد جهل فيزداد يتماً ..
فالجهل أشد يتما من كل يتم ، والعلم أشد رحماً ونسباً من كل من كانوا ذوي صلة من القرابة .
أتمنى أن يرى علمائنا ومشائخنا أنهم بأخذهم ورعايتهم طلاب العلم، إنما هي حياة لهم ولطلابهم و فيه أيضاً انقطاع لليتم عن طلابهم .
لأن العالم أشد قيمة وأفضل من الأم والأب .

1- شكرا
عبدالعزيز بن حمود - سلطنة عمان 20-05-2016 01:29 PM
جزاكم الله خيرا على هذا العمل القيم..
فارسان يستبقان على صهوات المجد
فهما للميدان فرسان.
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي
  • إفطار جماعي على أرضية ملعب ستامفورد بريدج
  • 3 دورات للغة العربية والتربية الإسلامية بمدينة أليكانتي الإسبانية
  • بنك الطعام الإسلامي يلبي احتياجات الآلاف بمدينة سوري الكندية

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/9/1444هـ - الساعة: 6:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب