حرب الفرقان: أولى الحروب الفلسطينية الإسرائيلية

بعد 14 يوما من بداية حرب الفرقان لم ينجز الجيش الإسرائيلى ب 5 ألوية من ألوية النخبة أى هدف سياسى أو عسكرى اللهم إيقاع أكبر عدد ممكن من المدنين نصفهم من الأطفال و النساء. ومازالت الصواريخ تنهمر.

الجيش الإسرائيلى دخل المناطق الخالية وأطراف المدن، حاول عدة مرات أولها يوم الإثنين الماضى، وصدم بضراوة المقاومة واستعدادها، وقد انعكست أثار هذه المعركة وغيرها على المستوى العسكرى والسياسى.

سيظل الجيش الإسرائيلى يراوح مكانه، ويستهدف المدنين، ولن يخرجه من مأزقه هذه المرة إلا التزامه رغمًا عنه بتبعات التهدئة، ألا وهى فتح المعابر، وعلى رأسها معبر رفح.

حرب الفرقان هى أولى الحروب الفلسطينية - الإسرائيلية بلا منازع لتميزها بالتالى:

- هى أول حرب لها طرفان، أحدهما يهاجم (الطرف الإسرائيلى) والآخر يدافع (قوات المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس).

أما كل الاشتباكات السابقة؛ فهى إما عمليات فدائية هجومية، أو استبسال دفاعى محلى، لكنها فى النهاية لم تكن حربًا؛ فقد كانت بين الجيش الإسرائيلى ومجموعات صغيرة، وهذا الكلام أيضًا ينطبق على الفصائل المجاهدة، ومن ضمنها حماس، حتى قبل انسحاب الجيش الإسرائيلى من غزة.

- لأول مرة تحاول إسرائيل اقتحام أرض فليسطينية وتفشل؛ فكل الاعتداءات السابقة منذ 48 وماقبلها كان اليهود يهاجمون، ويستولون على المناطق، ثم تفريغها من الفليسطينين بالقتل ونزوح من بقى على قيد الحياة، حتى عندما كانت الجيوش النظامية مسؤولة عن حماية المناطق الفلسطينية؛ فمثلاً: الجيش المصرى لم يصمد لا فى 56 ولا فى 67.

- فى هذه الحرب يعتمد الفلسطينى على الله أولاً، ثم على نفسه ثانيًا.
فعلى المستوى العسكرى فقد أذهلتنا فصائل المقاومة بالتصنيع العسكرى المحلى، من حيث تنوع الصواريخ ومداها وتطورها، والأدهى أنها تحت الأرض، وبدون الاستعانة بخبراء ألمان أو غيرهم، ومن غير الاستيلاء على ميزانيات التعليم والصحة، ولم نسمع يومًا من أحد "لاصوت يعلو فوق صوت المعركة".

إنه إنجاز ومصدر فخر لكل فلسطينى وعربى ومسلم.

- لقد طالت الصواريخ مناطق لم تشعر يومًا بحرب أو أزمة؛ مثل عسقلان و أشدود وبئر السبع، فهذه المدن لم تذق أبدًا طعم مرارة الحرب فى أى عصر من العصور، فدخل 700-800 ألف لأول مرة الخنادق، وتعطَّلت الدراسة والأعمال.

الأهم من ذلك دخول قواعد عسكرية تحت مرمى النار لأول مرة فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى مثل القاعدة الجوية "حتسـاريم" و "تل نوف" القاعدة الجوية الأكبر فى إسرائيل لم يحلم يوما أى جيش عربى بالوصول إلى هذه القواعد فى أى حرب من الحروب.

- الصمود الشعبى الفلسطينى الغير مسبوق.

نعم الناس تتألم وتبكى لفقد الأحبة، ولكن البكاء لايعنى الجزع والاعتراض و الندم.

لم أسمع فلسطيني واحد يقول: لماذا لم نجدِّد التهدئة، و لم يَلُمْ أحدٌ فصائل المقاومة.
فليخرس المتطفلين على القضية، الذين صدعونا بأنهم حذروا حماس بالتبعات، حماس هى الشعب الفلسطيني، وقد سمع التحذيرات والارهاب بالعبرية قبل أن يسمعها بالعربية من "الأشقاء".

- لأول مرة فى الصراع العربي الإسرائيلي، لم يتلقف الشعب الفلسطيني قرار مجلس الأمن.

نحن نعلم أن أول مايتعلمه الفلسطيني والعربي هي القرارات الدوليه 242 و 194 وغيرها الكثير، ولكن الموضوع مختلف هذه المرة؛ فالمقاومة - وعلى رأسها حماس - استقبلت القرار ببرود، وقالت: إنه لا يعكس تطلعات الشعب الفلسطيني، وأنه لم يأخذ رأي القوى المسيطرة على الأرض، وأنه سيتم بحثه.

أما مَنْ لا يحكم (الرئيس السابق عباس - انتهت ولايته يوم 9/1/2009 - وبطانته) فقد هللوا للقرار؛ لأنهم لا يملكون ولا يحكمون، فماذا يفعلون غير إبداء الموافقه!

- أما الموقف العربي الحكومي فمختلف تمام الاختلاف هذه المرة، فلا دعم ولاتمويل - لا أحد يسأل عن المليارات التى كانت تدفعها الدول العربيه لفتح وغيرها على مدار السنين - فقد فشلوا حتى فى إصدار الشجب الهزيل، أما أقصى ما يمكن عمله فهو الذهاب لمجلس الأمن، ووعد الرئيس السابق محمود عباس أنه سيذهب إلى مجلس الأمن، ولن يرجع إلا بقرار، وبالمناسبة: رجع قبل صدور القرار! كما أن الرجوع بقرار - أي قرار - ليس إنجازًا، وبعد أسبوع من البهدلة والمهانة، حتى أن كوندليزا رايس استثنت عمرو موسى والوزير القطرى من الاجتماع، وفي الحقيقة؛ هي لم تهن الاثنين، ولكن أهانت الذين نالو (قَرَف) وليس شرف مقابلتها.
هه.. رجع الوزراء بالقرار، طيب ماذا بعد؟ هل سيذهبون لأقرب قسم شرطة لتنفيذ القرار؟

- أما موقف النظام المصرى: فنقول لو لم يتم عرض تفاصيل العمليه لما أعلنت الحرب من مقر الرئاسة، ولم لم يغلق مبارك معبر رفح لما صدقنا أنه قال للوفد الأوربى: غير مسموح لحماس بالانتصار.
لقد صرح بأن من حق إسرائيل أن توافق على من يدخل غزة!! أى قانون يعطى لمحتل هذا الحق؟
لقد منع المدنين فى زمن الحرب من النزوح وهى مخالفة للقانون الدولى. والأغرب أن وزير خارجيته المفوه جدا قرر أن يكسر رجل أى فلسطينى يعبر الحدود ولم نسمع له صوتا والطائرات الإسرائيلية تضرب البيوت الفليسطينيه فى رفح فتصدعت البيوت المصرية ونزح منها أهلها. مبارك يعلن أنه حذر حماس بما ستفعله إسرائيل كما حذر صدام من قبل وكأن حماس لاتراقب ولاتتوقع الأفعال الإسرائيلية. كان ينتظر سقوط حماس لينتشى كما فعل فى حالة العراق ويقول أنه حذرهم كما لوأنه قال شيئا لم يعلمه أحد.

أما الموقف الدولى: فبعد أن كانت تجمع التبرعات فى أوروبا فى 73 عم التعاطف كل أوروبا ففى النرويج خرج 150 ألف (هل سمعنا من قبل عن النرويج على طول الصراع) وفى إنجلترا وغيرها . أما موقف تشافيز فلم يجاريه أحد. هل سمعتم كلمة مندوب أيسلندا فى مجلس الأمن ولا المندوب الأسترالى الذى أعلن أنهم سيتبرعون ب 50 مليون دولار. أرسلت بلجيكا مستشفى ميدانى وطاقم طبى.لقد بدأ يزول تأثير الأساطير الإسرائيليه والميديا اليهودية على العالم.

أما المفاجأة الكبرى فالموقف التركي، وخصوصًا إعلانه أنه حفيد العثمانين.

لقد لمس وترًا حساسًا طرب له العالم الإسلامي كله، فهذه الدولة المفتَرَى عليها حمت العالم الإسلامي لخمس قرون، ولم يفرط السلطان عبدالحميد فى فلسطين بالملايين التى تحفظ له ملكه، البعض يفرط بثمن زهيد هذه الأيام (رخصة محمول للولد، أو بطاقة إسرائيلية للبنت، أو تليفونات محمولة، أو توريث الابن).

لقد قال أردوجان إن تليفوناته مغلقة هذه الأيام فى وجه الإسرائيلين، رفضت وزارة الخارجية التركية زيارة ليفني إلا إذا كانت ستناقش وقف إطلاق النار!!

مرحبًا بالدور التركي.. أتوقع أن ينتقل صندوق بريد حماس من القاهرة إلى أنقرة، فكما أخبر مشعل أردوجان: نحن نثق في الدور التركي، ونطمئن لتمثيلنا فى أي محادثات.

أخيرًا: يمكننا أن نقول سينتصر الشعب الفلسطيني والمقاومة الإسلامية وعلى رأسها حماس؛ أرادوا محاصرتها و صنفوها جماعة إرهابية، ولكن لم يمر يوم على مشعل إلا وقابل زعيم أو مندوب، حتى أن هناك دول أوربية تتصل بهم، وسيعلن عنها فى الوقت المناسب.

لابد من الاتصال بحماس لأي مفاوضات لإيقاف النار، وسيتم فتح معبر رفح للبشر والبضائع بأوامر إسرائيلية لمبارك، ولن تكون هناك أي قوات دولية أو إسلامية أو حتى عربية، حتى المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية عندما سئل عن رأي إسرائيل في قرار مجلس الأمن، قال: لابد أن نعرف رأى حماس أولاً.

منذ أن أعلن السيد إسماعيل هنية أن حرب الفرقان ستكون علامة فارقة فى تاريخ الشعب الفلسطيني؛ بل فى المنطقة كلها، ونحن نعصر أذهاننا لفهم المتغيرات وتوقع النتائج، والسؤال الذي يتبادر إلى ذهني: هل كان لدي هنيه وحماس تحليلات تسبق الحرب تحتوى على هذه الدراسات والحقائق؟ لو كانت إجابته بنعم؛ فأبشري أيتها الأمة، بأنه هناك جماعة وقادتها على وعي، ويستندون إلى دراسات جادة.

أضف تعليقك:	إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد
الاسم
البريد الإلكتروني	(لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق	رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي