• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سلمان الفارسي
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    شرح السنة للإمام المزني تحقيق جمال عزون
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    شرح التصريف العزي للشريف الجرجاني تحقيق محمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    نكبات أصابت الأمة الإسلامية وبشائر العودة: عين ...
    علاء الدين صلاح الدين عبدالقادر الديب
  •  
    في ساحة المعركة
    د. محمد منير الجنباز
  •  
    لوط عليه السلام
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الصحيفة الجامعة فيما وقع من الزلازل (WORD)
    بكر البعداني
  •  
    شرح البيقونية للشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المؤثرون المسلمون والمنابر الإلكترونية معترك
    عبدالمنعم أديب
  •  
    مناهج التصنيف في علم الدعوة في العصر الحاضر ...
    رانيه محمد علي الكينعي
  •  
    الدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي سيوطي العصر
    د. ماجد محمد الوبيران
  •  
    سفرة الزاد لسفرة الجهاد لشهاب الدين الألوسي
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    غزوة بدر
    د. محمد منير الجنباز
  •  
    محيي الدين القضماني المربِّي الصالح، والعابد ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    إبراهيم عليه السلام (5)
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    سفراء النبي صلى الله عليه وسلم لمحمد بن عبد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / تقارير وحوارات
علامة باركود

حوار مع الدكتور رفعت العوضي رئيس قسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر

حوار مع الدكتور رفعت العوضي رئيس قسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر
جمال سالم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/2/2014 ميلادي - 3/4/1435 هجري

الزيارات: 7184

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حوار مع الدكتور رفعت العوضي
رئيس قسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر


• انتظروًا مزيدًا من الكوارث الاقتصادية العالمية إذا لم نتخلَّص من الرِّبا!

• اقتصادياتنا ترتبط بالغرب الذي وصَفَ اقتصادنا الإسلامي بـ: "الطريق الثالث".

• الاستغناء التدريجي عن العمالة غير المُسلمة ضرورة للتخلُّص من البطالة.

• الزكاة تَشريع إلهي قادر على مواجهة كل مُشكلات العرب الاقتصادية.

• هذه هي الحُلول الشرعية للفقر، وللأسف تجاهلتْها معظم دولنا العربية والإسلامية.


يؤكِّد الدكتور رفعت العوضي (رئيس قسم الاقتصاد في جامعة الأزهر) أن الأزمات الاقتصادية العالَمية سرطان يُهدِّد بابتلاع اقتصاديات العالم الإسلامي، وأنه لا أمل إلا في إقامة التكامل والوحدة الإسلامية التي تُعدُّ المُنقِذَ الوحيد للأمة مِن براثن العَولمة الشَّرِسة، وأوضَحَ أن مبادئ الاقتصاد الإسلامي تُمثِّل ما يُمكن تسميتُه: "الطريق الثالث" لإنقاذ الاقتصادات الإسلامية خاصة، والعالمية عامة، مِن الانهيار الذي أحدثتْه وتُحدثه آثار الأزمة، وأشار إلى أن الزكاة هي المشروع والآلية الإسلامية الحضارية المُتجدِّدة القادرة على مُواجَهة سلبيات العولمة وآثارها على العالم، خاصة بين المسلمين الذين تتعدَّى زكواتهم السنوية مئات المليارات من الدولارات، وحثَّ على وضْع إستراتيجية إسلامية لإيجاد عالم إسلامي بلا فقر، خاصة أن الإسلام وضَع الآليات لمُحاصَرة الفقر والقضاء عليه نهائيًّا.


يُعاني العالم المُعاصر مِن أزمات خانقة ومُتتالية، فما رؤيتكم كخبير في الاقتصاد الإسلامي لها وتأثيرها علينا؟

الدكتور رفعت العوضي: تُعدُّ الأزمات الاقتصادية العالمية سرَطانًا يُهدِّد اقتصادياتنا العربية والإسلامية، وإن تداعياتها المستقبلية ستكون قاسيةً إذا لم تُسارِع الأنظمة الإسلامية إلى التراجُع عن الارتباط العُضوي بالاقتصادات الغربية الوضعيَّة، والعودة إلى تطبيق مبادئ الاقتصاد الإسلامي؛ فالقارئ للساحة الاقتصادية على الساحة العربية سيُلاحظ مدى الانكماش والركود الذي تُعاني منه كل الأسواق العربية بلا استِثناء، وتراجُعًا غير مسبوق في دخل تلك الدول؛ فالنفط انهارت أسعاره بصورة غير مسبوقة، والسياحة التي كانت تَعتمِد عليها دول عديدة: تتعرَّض لانهيار غير مَسبوق، وكل هذا يؤكِّد أن الانكماش والركود في تصاعُد مستمرٍّ وليس في تنازُل، ومِن المتوقَّع أن يطول الانكماش الذي يتميَّز بنموٍّ اقتصادي سلبي لعام كامل خاصة في ظلِّ ارتباطنا العُضوي بالاقتصاد الغربي والأمريكي.


امحَقوا الرِّبا:
ما هو الحل مِن وجهة نظرِكم؟

الدكتور رفعت العوضي: من المؤكَّد أن مِن أسباب الأزمات العالمية المُمارسات المادية التي حرَّمها الإسلام؛ فالربا محرَّم بنصِّ القرآن، والإسلام نهى عن المُتاجَرة بالديون، وجعَلَ الدَّين أمرًا عظيمًا، لا يدخُل الجنة مَن ارتكبه ولو كان شهيدًا، كما وضَع ضوابط لمَن يُريد الاستدانة؛ ولهذا فإن الحلَّ يَكمُن في تطبيق نظُم الاقتصاد الإسلامي للخروج مِن الأزمة المالية التي أرهقَت العالم دون أن يجد لها حلاًّ إلى الحد الذي لم تُفلح معه خطط الإنقاذ التي قامت بها العديد من الدول؛ لكونه نظامًا كاملاً ومُتكاملاً، ولا يوجد فيه فارق بين الفِكر والتطبيق، ويجب أن نُدرِك - ونحن نواجه الأزمة المالية العالمية - أن الاقتصاد الربويَّ شرٌّ، وليست هذا مقولة الاقتصاديِّين المُرتبطين بالاقتصاد الإسلامي وحدَهم، وإنما هي أيضًا مقولة مَن يرتبط بالاقتصاديات الوضعية، ويجب أن يُدرِك القائمون على أمر اقتصاداتنا العربية هذه الحقيقة، كما يجب أن يؤمِنوا أن رؤوس الأموال التي تتعامل بالرِّبا تَنقُص قيمتها الحقيقية، وقد اقترح الاقتصاديون أنفسهم أنه لضمان عدم تناقُص القيمة الحقيقية لرؤوس الأموال هذه، ينبغي أن يكون أسلوب استثمارها هو المشارَكة، وهم بذلك يصِلون إلى ما قال به الإسلام منذ خمسة عشر قرنًا، بل إن إلغاء الاقتصاد الربويِّ ليس فيه خطر، بل إن ذلك ضرورة اقتصادية، وهو علاج اقتصادي حتميٌّ لتداعيات تلك الأزمة التي نَعيشها.

 

خطط إستراتيجية:
إذا تحدَّثنا عن إجراءات يجب أن تتَّخذها الدول العربية والإسلامية اليوم لمُواجَهة تداعيات تلك الأزمات فماذا نقول؟

الدكتور رفعت العوضي: لا شكَّ أنَّ كل الاقتصادات العربية في حاجة ماسة اليوم لخُطط إستراتيجية لإنعاش النموِّ المُتباطئ، وكذلك برامج تحفيزية لتعزيز النظام المالي العربي، والحدِّ من تفاقُم الكساد الاقتصادي، وتخطِّي التأثيرات السلبية للجمود المالي الناتج عن أزمة التمويل، وشُحِّ السيولة، وتشديد إجراءات الائتمان، ولا بدَّ في البداية أن تُدرِك الحكومات ضرورة مُراعاتها معاناة الناس وأوضاع الشركات التي تُعاني من الأزمة؛ من خلال إجراء تخفيضات ضريبيَّة للأفراد والشركات؛ كضريبة الدخل، وضرائب الأرباح، كذلك يجب أن يتمَّ تَخفيض الأعباء الضريبية للشركات - لا سيَّما الصغيرة والمتوسِّطة - والمُواطِنين - لا سيما الفئات الاجتماعية غير الميسورة - وذوي الدخول المُتدنية، فسوف تُساعد تلك الإجراءات - وبلا شك - على تجاوُز الصعوبات الحياتية اليومية التي أفرزتها الأزمة المالية العالميَّة ومُضاعفاتها على العامة من المُواطنين المُسلمين، كذلك لا بدَّ من العمل على إيجاد دعمٍ نقديٍّ لأُسر الطبقات الدنيا والمُتوسِّطة من المُجتمع، والعمل على تفعيل الاستقطاعات الاجتماعية المالية التي شرَعها الإسلام؛ كفريضة الزكاة مثلاً، والتي هي مِن أركان الإسلام؛من أجل مساعدة الفقراء والمُحتاجين والأيتام، وذوي الاحتياجات الخاصة، الذين لا حول لهم ولا قوة في هذه الظروف الصعبة.

 

زيادة البطالة:
كشفت الإحصاءات العالمية أن الأزمات العالمية انعكسَت بشدة على سوق العمل؛ حيث زادت من معدَّل البطالة، فكيف نواجه أزمات مِن هذا النوع؟

الدكتور رفعت العوضي: ظهرت الأزمات المالية العالمية في البنوك، ثم انتقلت بعد ذلك بسرعة البرق إلى القطاع المالي في أسواق المال، وبهذا أُصيبَ القطاع التمويلي كله بأزمة، ثم انتشَرت الأزمة كالحُمَّى لتصيب جميع قطاعات الاقتصاد، وبالتالي فإن توقُّف شركات ومشروعات لا بدَّ أن يستتبعه تسريح للعمالة مما فاقم مِن ارتفاع ظاهرة البطالة، ومِن المُتوقَّع أن تزداد معدلات البطالة في القطاعات التي تأثَّرت بالأزمة العالمية بشدة؛ نتيجة تعثُّر المصانع وصعوبة دخولها للأسواق الاقتصادية، بل وتعرُّض نسبة كبيرة منها للإغلاق، وبالطبع فإن البطالة تعدُّ إحدى أخطر المشكلات التي تواجه الدول العربية، خاصة وأنها توجَد بها أعلى معدلات البطالة في العالم كله، وفي رأيي فإن صُناع القرار في العالم العربي مُطالبون بالتخطيط لتوفير أكثر من سبعة ملايين فرصة عمل سنويًّا لمواجَهة تداعيات الأزمة، وتلك المواجَهة تحتاج فقط تضافُرَ الجهود العربية، والعمل على الاستغناء التام عن العمالة غير المُسلمة، على أن يتمَّ ذلك وَفْق برنامج عملي مدروس، ولا مانع من أن تتدخَّل الحكومات العربية والإسلامية لدعم أنشطة القطاع الخاص، خاصة في مجال المقاولات؛ لأنه مجال يطرَح فرص عمل ضخمة، كذلك يجب زيادة حجم الاستثمارات، وضرورة تحسين سوق العمل، وإيجاد فرص عمل؛ حيث يُعاني سوق العمل حاليًّا من التحديات والعقبات التي تؤدِّي إلى تفاقم مشكلة البطالة، ويجب أيضًا أن يتمَّ تخطيط وتنفيذ آلية توفر البيانات والمعلومات عن أسواق العمل في كل الدول العربية؛ حتى تكون لدينا دراسة وافية عن حجم البطالة وفرص العمل فيها.


ويجب أن تعيَ الدولة - ونحن نواجه ظاهرة البطالة كجزء من تداعيات الأزمة - يجب أن تعي الدورَ المهمَّ للدولة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، ويتمثَّل في مساعدة القطاع الخاص من خلال توفير كل التسهيلات، وإزالة العقبات التي تقف أمام زيادة حجم الاستثمارات، حتى يُمكِن حلُّ مُشكلة البطالة، والحد مِن تفاقُمِها، بجانب ضرورة تكثيف الجهود لحلِّ العديد من المشكلات التي تُواجه الاقتصاد العربي في ظلِّ هذه الأزمة الحالية.


التكافُل الإسلامي:
تحدَّث الكثيرون عن قيَمِ التكافُل الإسلامي كسَبيلٍ لمُواجَهة الأمراض الاقتصادية العديدة؛ كالبطالة، والفقر، والحاجة، فكيف دور الزكاة في هذا الإطار؟

الدكتور رفعت العوضي: لا شك أن الزكاة - كرُكْنٍ من أركان الإسلام - هي تشريع إلهي يعجز الإنسان أن يأتي بمثله؛ فهي معجزة تشريعية من عدة أوجه؛ أولها أنها شُرعت لتحقيق التكافل بين المسلمين، وليس هناك دين سماوي - أو حتى العقائد الوضعية - جعَل التكافل ركنًا من أركانه إلا الإسلام؛ فالزكاة ركنٌ من أركان الإسلام؛ كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: ((بُني الإسلام على خمس...))، ومنها: ((إيتاء الزكاة))، وهذه الدرجة من الإلزام في التكافل وضعها الإسلام، ولم يَعرِفها التاريخ فيما سواه، والزكاة لها جانبان؛ جانب الأموال المحدَّدة، وجانب مصارفها التي حدَّدها الله - عز وجل - في الآية 60 من سورة التوبة؛ حيث قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60]، وهي ثمانية أصناف لا اجتهاد فيها، أما الأموال التي تَجب فيها الزكاة فهي مُتطوِّرة بتطور الزمان والمكان؛ ولذلك لو كانت الأموالُ حُدِّدت في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، كانت ستُحدَّد بما هو قائم في ذلك الوقت، ولكنها تُركت مَفتوحة، والتشريع في الأموال التي تَجب فيها الزكاة لم يتحدَّد بقاعدة كلية، وإنما جعل في كل مال زكاة، وبناءً عليه أصبحَت الزكاة تَستوعِب كل المُستجدَّات والتطورات.


وفيما يتعلَّق بالأصناف الثمانية أثبتَت الدراسات العلمية أنها تَشتمِل على كل أنواع الاحتياج التي عرَفها الإنسانُ طوال تاريخه القديم والمُعاصِر، ونحن اليوم نعيش في ظل الأزمة المالية العالمية، وهنا يأتي دور الزكاة، وهي الوسيلة الملائمة لمواجَهة ما أحدثته الأزمة من كساد وركود وزيادة في أعداد المسلمين المحتاجين، فالزكاة تَصِل للمحتاج، وهي تُعتبَر وسيلة المسلمين التي يستطيعون بها أن يُواجِهوا الآثار السلبية للأزمة، وإشاعة التكافل الحقيقي بين المسلمين.


وتطبيق الزكاة يؤدِّي بالفعل إلى حلِّ الكثير من المشكلات، ففي مصر - على سبيل المثال - تتراوَح تقديرات حصيلة الزكاة بين 12 و15 مليار جنيه سنويًّا، وعلى ذلك يُمكن أن نقيس حجم زكوات المسلمين في بقية دول العالم الإسلامي الثماني والخَمسين، مما يؤكد أن حصيلة الزكاة في الدول العربية والإسلامية الآن تصل إلى مئات المليارات من الدولارات، ممَّا يساعد - في حال تطبيقها بشكل حقيقي وفاعل - على تحقيق التكافل الاجتماعي المُنقِذ للمسلمين من الفقر والضياع اللذَّين يعيشهما معظمهم في الوقت الحالي.


استغلال الزكاة:
هل مِن المُمكن أن يتمَّ استغلال الزكاة في إقامة مشروعات اقتصادية تنفَع المسلمين؟

الدكتور رفعت العوضي: بالفعل هناك آراء فقهية مُعتبَرة ترى جواز أخذ جزء من حصيلة الزكاة لاستثماره، شريطة أن يستفيد من عوائده أصحاب مصارف الزكاة الثمانية، وهذا الرأي له ما يؤيده في التراث الفقهي، وأنا معه، على أساس أن هذا الاستغلال الاقتصادي باستثمار جزء من أموال الزكاة يستفيد منه المَعنيون بالزكاة أنفسهم، وليس أحد غيرهم، والزكاة نفسها في حدِّ ذاتها تُعدُّ استثمارًا آمنًا للمال في المجتمع؛ حيث تعمَل الزكاة على تحفيز الاستثمار من خلال القضاء على اكتِناز الأموال، والمساعَدة في الاستقرار الاقتصادي؛ فالاكتناز هو تقييد دفع النقود عن أداء وظيفتِها كأداة للتبادُل، وهنا يأتي دور الزكاة التي تُفرَض على كل مال مُستثمَر ويدرُّ ربحًا، أو قابل للنموِّ، المال الذي يُمكن أن يدر ربحًا إذا ما استثمر مما يدفع صاحب المال المُكتَنَز لاستثماره حتى لا تأكله الزكاة؛ فقد جاء في الحديث: ((ألا مَن وليَ يتيمًا له مال فليَتجر فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة))، وجاء: ((استثمروا أموالكم))، والإسلام أمَرَ بالإنفاق واستِثمار الأموال، وذمَّ الاكتناز وعدم الإنفاق؛ حيث قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [التوبة: 34]، والإنفاق الوارد في الآية الكريمة يشمَل الزكاة والصدقات التطوعية، كما يشمَل أيضًا الإنفاق الاستِثماري، وهكذا يتمُّ تَخفيض مُستوى الاكتناز، وتتوفَّر الأموال السائلة أمام المشروعات الاقتصادية، وهذا ما يدفع إلى زيادة الإنتاج والإنتاجية، وبالتالي يَرتفِع معدَّل النمو الاقتصادي، وتزداد الدخول، كما أن إنفاق الزكاة على المصالح العامة يُساعد على إيجاد بيئة داعِمة للاستثمارات فتَنمو وتَزدهِر.


أما المساعدة في الاستقرار الاقتصادي فتتمُّ من خلال البيئة الاجتماعية المُستقرَّة التي تُوجِدها الزكاة، وبالتالي البيئة الاستثمارية المُستقرَّة؛ حيث يَشعُر المستثمرون بالأمان، وقلة المخاطر التي يُمكِن أن تتعرَّض لها استثماراتهم؛ فالإنفاق على الفقراء والمساكين يعمَل على تآلُف المجتمع المسلم وتناصُره وتعاونه، ويُذهب عنه الضغائن والصراعات بين الأغنياء والفقراء، وهذه البيئة المستقرَّة ما كان لها أن تكون في غياب تَطبيق الزكاة في المجتمع المسلم.


الحدود الإسلامية:
يُهاجم البعض إقامة الحدود الإسلامية، ويَرون أنها تؤثِّر على معدلات التنمية بالسلب، فما رأيك في هذا الأمر؟

الدكتور رفعت العوضي: القرآن الكريم وضع منهجًا واضحًا للحدود الاقتصادية، صالحًا للتطبيق في كل زمان ومكان، وسوف أتوقَّف عند حدِّ السرقة، خاصة وأن كثيرًا من حملات الهجوم على الإسلام تدخُل مِن هذا الباب، في محاولة للطعن في حدِّ السرقة، على أنه لون مِن العنف والوحشية، ولكن بالتفكير المتأني، فإن الإسلام أباح المِلكيَّة الخاصة وشرَعها بشروط، بمعنى امتلاك الإنسان لمالٍ اكتسبه بوسيلة مشروعة، وقضى حياته للتحصُّل على ثروة مشروعة، وحدُّ السرقة شرَعه الله لمَنعِ الاعتداء على هذه المِلكيات؛ فالإسلام في هذا الصدد قام بأمرَين أساسيَين، وهما: تأمين المِلكية الخاصة، وتأمين المحتاجين بالزكاة، وعلى الناس أن تفكِّر في معنى قطع اليد كردعٍ شرَعه الله لتأمين الناس ومُمتلكاتهم التي بذلوا حياتهم لجمعِها؟ فكيف يأتي مَن يَسرِقها بسهولة؟ أليس في ذلك اعتداءٌ مباشر على حقوق الآخَرين؟ إن عقوبة السرقة هي التي تؤمِّن تنمية اقتصاديةً حقيقية في المجتمع؛ لأن حماية المجتمع وحماية الثروات الخاصة هي التي تحفِّز الناس على مواصلة العمل والاجتهاد.


علاج الفقر:
الفقر مشكلة المسلمين المزمنة.. كيف يعالجها الإسلام وما الآليات؟

الدكتور رفعت العوضي: القضاء على الفقر يحتاج إلى المنهج الذي يَتضمَّن السياسة والأفكار والخطط، وإلى موارد يتمُّ تشغيلها، وكيان يَحمي القرار؛ فالإسلام وضع منهجًا واضحًا في هذا الإطار؛ حيث قام بتأمين المِلكية الخاصة، مما يدفع الناس إلى العمل، وجعَل للدولة مِلكيَّة عامة، تقوم من خلالها بمساعدة المحتاجين، وإنعاش الحياة الاقتصادية، وتحقيق العدالة والتكافؤ بين أفراد المجتمع، كما حثَّ المسلمين على إقامة كيانات كبيرة لحماية قراراتهم، وبناءً عليه، فإن العمل بهذه العناصر الثلاثة وتطبيقها يُمكِّن من القضاء على الفقر نهائيًّا في العالم الإسلامي، وللعلم فإن الإسلام لا يبدأ علاج الفقر بالزكاة، وإنما من خلال الإنتاج، وترشيد الاستهلاك أو التوزيع؛ ففي مرحلة الإنتاج يتمُّ تشغيل كافة الموارد، وإيجاد فرص العمل، والإسلام يعمل على حلِّ مشكلة الفقر في منطقة الإنتاج أولاً؛ لأنه لا يُمكن القول: إن الإسلام يعالج الفقر - في منطقة الاستهلاك أو التوزيع - من خلال الزكاة، حتى لا يَرتكِنَ الناس إلى ذلك، ويَمتنعوا عن العمل، إلى آخرِه، ووضَعَ الإسلام حُكمًا رادعًا في هذه القضية، بأن الزكاة لا تَجوز للقادر على العمل؛ ولذلك عملَ الإسلام على حلِّ مُشكلة الفقر من خلال الإنتاج، ولكن بعض الناس قد لا يَستطيعون العمل أو لا يَجدونه، وتمَّ استِنفاد كافة الوسائل لإيجاد فرص العمل الحقيقية لهم، هنا يأتي دور الزكاة لمُحاصَرة الفقر، وهذا هو الإطار العام للمنهَج الإسلامي الذي يَحتوي على تفصيلات كثيرة، منها برنامج الأدوات الاقتصادية، وأسلوب المُشارَكة، ومِلكيَّة الدولة... إلى آخرِه، وأيضًا في المساعدات الاجتماعية والصدقة والنفقة الواجبة... إلى آخرِه.


الوحدة الإسلامية:
الوحدة الاقتصادية مشروع يَحلم به كل المسلمين، فلماذا تأخَّر تنفيذ الوحدة؟ وكيف نُفعِّل قيَم التكتُّل والوحدة؟

الدكتور رفعت العوضي: للأسف الشديد هناك إشكالية خطيرة، وهي أننا لا نحسن عرض مشروع الوحدة لا على الناس ولا على المسلمين؛ ولذلك أقول دائمًا: تجب مخاطبة الناس من خلال مصالحِهم الاقتصادية، بمعنى أن كل دولة إسلامية ستَكسب من الوحدة؛ لأنها ستعمل على تأمين فُرَص الاستثمار والعمل... إلى آخرِه، وعند تكوين الوحدة لا يبدؤون من فراغ، فهناك مثلاً منظمة المؤتمر الإسلامي التي تؤمِّن الإطار الإداري والمؤسَّسي والقانوني لقيام الوحدة الاقتصادية الإسلامية، وهذه المنظمة خلال مؤتمرها الذي عقد بطهران عام 1998 خرج بتوصية مهمة جدًّا، وهي: ضرورة التسريع في إقامة سوق إسلامية مشتركة، وإنني متفائل في هذا الإطار رغم ما يجري على الساحة، وأقول: إنه سيأتي اليوم الذي تستطيع فيه الدول الإسلامية مُخاطبة الناس بمصالحهم الاقتصادية، ونحن لا نحتاج إلى استحداث إطار مؤسَّسي أو قانوني لبناء الوحدة الاقتصادية والإسلامية؛ لأنه موجود بالفعل، وكل ما هو مطلوب البعدُ عن الخطاب العاطفي، واستغلال إمكانات الأمة على كل مستوياتها؛ الاقتصادية، والبشرية، والمادية، والطبيعية؛ للوصول إلى الهدف المنشود، ويكون للعالم الإسلامي دور فاعل في التعامل مع الكيانات الكبيرة في عالم اليوم؛ لأن العالم الإسلامي حاليًّا غيرُ قادر على التفاوض على المستوى الدولي؛ لتفرُّق دولِهِ وتَشرذُمها، ولكن الوحدة الإسلامية ستُحقِّق للمسلمين إمكانية وجود كيان إسلامي كبير، قادر على التفاوُض على المستوى الدولي.


الطريق الثالث:
لكم رؤية خاصة حول الاقتصاد الإسلامي، وأنه "الطريق الثالث" لحلِّ مُشكلات العالم الاقتصادية.. هل تُحدِّثنا عن تلك الرؤية؟

الدكتور رفعت العوضي: العالم المُعاصِر بعد الحرب العالمية الثانية عرَف نظامَين؛ النظام الاشتراكي، والنظام الرأسمالي، وفي عام 1989 سقَط النظام الاشتراكي، ثم جاءت الرأسمالية باسم العَولمة، ومنذ تسعينيات القرن الماضي وحتى الآن ما زالوا يَبحثون عمَّا يُسمَّى "الطريق الثالث"، ونحن نقول: إن الإسلام يمثل "الطريق الثالث" المُنقِذ للعالم؛ فالعالم يبحَث عن نظام يَحتوي على المِلكيَّة الخاصة والعامة، ويكون لكل من المِلكيتَين وظيفتُه، والإسلام هو الذي يقدم هذا المنهج الذي يعتمد على الدولة والفرد في اتخاذ القرار الاقتصادي، وليس كالاشتراكية التي اعتمدَت على الدولة، أو الرأسمالية التي تَعتمِد الفردية، والعالم عرف نظُمًا اهتمَّت بالتنمية فقط، مثل: الرأسمالية، ونظُمًا أخرى اهتمَّت بالعملية الاجتماعية فقط، مثل: الاشتراكية، وكل منهما فشِلَ، بينما يبحث العالم اليوم عن نظام يَتبنى كلاًّ من التنمية والعدالة، ويقدِّم الإسلامُ هذا النظام؛ حيث يؤمِّن التنمية بلا حدود، ويُحقِّق العدالة الاجتماعية بالزكاة وغيرها من آلياته لأبعد مدى، ونحن كمسلمين لم نقدِّم للعالم الإسلامي الذي يُمكن من خلاله الإنقاذ الاقتصادي، بل هناك تخوُّف لدى البعض من أن تطبيق مبادئ وأسس الاقتصاد الإسلامي قد يأتي بنتائج عكسية، وهذا عدم فهمٍ كامل للاقتصاد الإسلامي.


فالاقتصاد الإسلامي اقتصاد أخلاقي؛ لأنه يأخذ في الاعتبار دائمًا الجوانب الأخلاقية، وتحقيق العدالة، ومنْع الغَرَر والجهالة، ويقوم على الأمانة والوفاء، وغيرهما من القِيم، ويَربط الاقتصاد بالإيمان بالغيب؛ وذلك من حيث مصدر المعرفة والجزاء في الآخرة، سواء كان منتجًا أو صانعًا أو تاجرًا، أو سلوك الدولة في وظائفها ومسؤولياتها، ويمنع الإسلام الاتجار في السلع الخبيثة، ويمنع بيعها وشراءها؛ مثل: الخمر، والخنزير، والميتة... وغيرها، وبدون تطبيق تلك الأسس فلن تتحقَّق التنمية المنشودة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • حوار مع الدكتور ياسر نصر مدرس الأمراض النفسية بجامعة القاهرة
  • حوار مع الدكتور عبدالحميد القضاة المتخصص في الأمراض الجرثومية
  • حوار مع الدكتور جمال الدين إبراهيم .. مدير مركز طب الحياة بالولايات المتحدة
  • حوار مع الأستاذ مفيد سرحان مدير جمعية العفاف الخيرية
  • حوار ريموند فارين حول تناسق القرآن المعجز
  • حوار مع د. ريتا دي ميللو أستاذ تاريخ وحضارة الشرق الأوسط في الجامعات الإيطالية
  • حوار مع الدكتور محمد حمدي يوسف سباهتشي مفتي صربيا ورئيس مجلس علمائها
  • حوار مع الدكتور محمد شريف أوغلو مفتي اليونان

مختارات من الشبكة

  • حوار مع " بول موجز " حول الحوار بين المسيحيين والمسلمين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب ( الحوار - طرفا الحوار)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • محاذير الحوار (متى نتجنب الحوار؟)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحوار في الدعوة إلى الله (مجالات الحوار الدعوي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في مركب "حوار الحضارات": أي حوار وأية مقومات؟(مقالة - موقع أ. حنافي جواد)
  • الحوار المفروض والحوار المرفوض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحوار المفقود (تأملات في الحوار من خلال سورة يوسف PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مفهوم الحوار لغة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الحوار وسيول الجدال(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • حكم الحوار(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أول إفطار جماعي في رمضان في هونغ كونغ منذ 2019
  • مسلمو مدينة سينسيناتي يوزعون 30 ألف وجبة إفطار خلال رمضان
  • افتتاح أكبر مسجد بجنوب داغستان
  • مؤتمر عن "أثر الصيام في حياة الإنسان" في ألبانيا
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/9/1444هـ - الساعة: 3:48
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب