• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    موسى بن شاكر وبنوه الثلاثة
    قدري حافظ طوقان
  •  
    «أسامة بن منقذ»، تأليف الأستاذ محمد أحمد حسين
    الشيخ أحمد محمد شاكر
  •  
    أشهر المفسرين عبر القرون
    محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    إحسان إلهي ظهير
    د. علي أحمد عبدالباقي
  •  
    النجم الطائف في الصحابة من أهل الطائف (PDF)
    د. إبراهيم بن فهد بن إبراهيم الودعان
  •  
    الشاي
    د. أحمد زكي
  •  
    تحقيق كتاب أفانين البلاغة للراغب الأصفهاني
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    أحكام الإسلام يسيجها النقل الصحيح ويسددها العقل الصريح
    د. محمد ويلالي
  •  
    مختارات تاريخية
    د. محمد العبدة
  •  
    أعلام في خدمة التراث الأندلسي: الأستاذ محمد مفتاح العمراني ...
    المودن موسى
  •  
    لماذا يقدس المصريون الخبز
    أحمد حسن الزيات
  •  
    عرض كتاب: الترجمة الشخصية، لشوقي ضيف
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    كتاب الزهرة في رد غلو البردة للعلامة عبد الرحمن النتيفي ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    خطورة تشويه التاريخ الإسلامي
    د. مصطفى حجاب
  •  
    مع الرافعي في "إعجاز القرآن والبلاغة النبوية"
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    الانتقاد على المنار وتفسيره
    الشيخ أحمد محمد شاكر
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

مقتطفات من سيرة ترجمان القرآن عبدالله بن عباس

مقتطفات من سيرة ترجمان القرآن عبدالله بن عباس
د. أمين بن عبدالله الشقاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/2/2015 ميلادي - 13/4/1436 هجري
زيارة: 71306

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مقتطفات من سيرة ترجمان القرآن عبدالله بن عباس


الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَبَعدُ:

فهذه مقتطفات من سيرة علم من أعلام هذه الأمة، وإمام من أئمة المسلمين، صحابي جليل من أصحاب النبي صلى اللهُ عليه وسلم، نقتبس من سيرته العطرة الدروس والعبر.


وُلِدَ رضي اللهُ عنه بِشِعْبِ بني هاشم[1] قبل الهجرة بثلاث سنين، وتوفي النبي صلى اللهُ عليه وسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة وقيل خمس عشرة سنة، كان وسيمًا جميلًا، مديد القامة، مهيبًا، كامل العقل، زكي النفس، من رجال الكمال، وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: "اللهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ"، وقد صحب النبي صلى اللهُ عليه وسلم نحوًا من ثلاثين شهرًا، وروى عنه شيئًا كثيرًا، وله مفردات ليست لغيره من الصحابة لاتساع علمه، وكثرة فهمه، وكمال عقله، وسعة فضله، ونبل أصله، وله قرابة مع النبي صلى اللهُ عليه وسلم فهو ابن عمه، إنه ترجمان القرآن وحبر هذه الأمة والمفسر لكتاب الله، فقيه العصر أبو العباس عبدالله ابن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، وأمه أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين، وهو والد الخلفاء العباسيين، وهو أحد إخوة عشرة ذكور للعباس من أم الفضل وهو آخرهم مولدًا، وقد مات كل واحد منهم في بلد بعيد من الآخر جدًّا.


روى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِي أَوْ عَلَى مَنْكِبِي، - شَكَّ سَعِيدٌ - ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ"[2].


قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: هَلُمَّ فَلْنَسْأَلْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَإِنَّهُمُ الْيَوْمَ كَثِيرٌ، فَقَالَ: يَا عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَتَرَى النَّاسَ يَفْتَقِرُونَ إِلَيْكَ وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم مَنْ فِيهِمْ؟ قَالَ: فَتَرَكَ ذَلِكَ، وَأَقْبَلْتُ أَنَا أَسْأَلُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، فَإِنْ كَانَ لَيَبْلُغُنِي الْحَدِيثُ عَنِ الرَّجُلِ فَآتِي بَابَهُ وَهُوَ قَائِلٌ، فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ تَسْفِي الرِّيحُ عَلَيَّ مِنَ التُّرَابِ، فَيَخْرُجُ فَيَرَانِي فَيَقُولُ: يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ، مَا جَاءَ بِكَ؟ هَلَّا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيكَ؟ فَأَقُولُ: لَا، أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ. قَالَ: فَأَسْأَلُهُ عَنِ الْحَدِيثِ. قَالَ: فَعَاشَ هَذَا الرَّجُلُ الْأَنْصَارِيُّ حَتَّى رَآنِي وَقَدِ اجْتَمَعَ حَوْلِي النَّاسُ يَسْأَلُونِي، فَيَقُولُ: هَذَا الْفَتَى كَانَ أَعْقَلَ مِنِّي[3].


وَثَبَتَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما في صحيح البخاري أَنَّهُ قَالَ: كُنتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ المُستَضعَفِينَ[4]، وفي رواية أخرى: أَنَّهُ تَلاَ: ﴿ إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ ﴾ [النساء: 98]، قال: كُنتُ أَنَا وَأُمِّي مِمَّن عَذَرَ اللهُ[5].


وهاجر مع أبيه قبل الفتح فاتفق لقياهما النبي صلى اللهُ عليه وسلم بالجحفة وهو ذاهب لفتح مكة فشهد الفتح وحنينًا والطائف عام ثمان وقيل: كان في سنة تسع وحجة الوداع سنة عشر، وصحب النبي صلى اللهُ عليه وسلم من حينئذ ولزمه، وأخذ عنه وحفظ، وضبط الأقوال، والأفعال، والأحوال، وأخذ عن الصحابة علمًا عظيمًا مع الفهم الثاقب، والبلاغة، والفصاحة، والجمال والملاحة، والأصالة، والبيان[6].


روى البخاري في صحيحه مِن حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما قَالَ: "كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ، فَدَعَاهُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ، فَمَا رُئِيتُ أَنَّهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ، قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح ﴾ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا، وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَعْلَمَهُ لَهُ، قَالَ: ﴿ إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح ﴾، وَذَلِكَ عَلَامَةُ أَجَلِكَ، ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾، فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُولُ"[7].


وَقَالَ المُهَاجِرُوْنَ لِعُمَرَ: أَلَا تَدْعُو أَبْنَاءنَا كَمَا تَدْعُو ابْنَ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: ذَاكُم فَتَى الكُهُولِ؛ إِنَّ لَهُ لِسَانًا سَؤُولًا، وَقَلْبًا عَقُوْلًا[8].


وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما: قَالَ لِي أَبُو العَبَّاسِ: يَا بُنَيَّ! إِنَّ عُمَرَ يُدنِيكَ، فَاحفَظْ عَنِّي ثَلَاثًا: لَا تُفْشِيَنَّ لَهُ سِرًّا، وَلَا تَغْتَابَنَّ عِنْدَهُ أَحَدًا، وَلَا يُجَرِّبَنَّ عَلَيْكَ كَذِبًا[9]. قال الشعبي: قلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف، فقال ابن عباس: بل كل واحدة خير من عشرة آلاف.


قال ابن كثير: وقد استنابه علي على البصرة، وأقام للناس الحج في بعض السنين فخطب بهم في عرفات خطبة، وفسر فيها سورة البقرة، وفي رواية سورة النور، قال من سمعه: فسر ذلك تفسيرًا لو سمعته الروم، والترك، والديلم لأسلموا، ويقول عن نفسه: إِنْ كُنْتُ لَأَسأَلُ عَنِ الأَمرِ الوَاحِدِ ثَلَاثِينَ مِن أَصحَابِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم[10].


قال طاووس: ما رأيت أحدًا أشد تعظيمًا لحرمات الله من ابن عباس، وقال أبو رجاء: رأيت ابن عباس، وأسفل من عينيه مثل الشراك البالي من البكاء.


قال الواقدي: حدثني داود بن جبير قال: سمعت ابن المسيب يقول: ابن عباس أعلمُ الناس، وحدثني عبدالرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة قال: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال، بعلم مَن سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه، وحلم، ونسب، وما رأيت أحدًا كان أعلم بما سبقه مِن حَدِيثِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم منه، ولا بقضاء أبي بكر، وعمر، وعثمان منه، ولا أفقه في رأي منه ولا أعلم بشعر ولا عربية، ولا بتفسير القرآن ولا بحساب ولا بفريضة منه ولا أعلم بما مضى ولا أَثْبَت رأيًا فيما احتيج إليه منه، ولقد كان يجلس يومًا، ما يذكر فيه إلا الفقه، ويومًا التأويل، ويومًا المغازي، ويومًا الشعر، ويومًا أيام العرب، وما رأيت عالمًا جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلًا قط سأله إلا وجد عنده علمًا، قال: وربما حفظت القصيدة من فيه ينشدها ثلاثين بيتًا.


وقال مجاهد: كان ابن عباس يُسَمَّى البحر لكثرة علمه، وقال عطاء: ما رأيت مجلسًا قط أكرم من مجلس ابن عباس، أكثر فقهًا، ولا أعظم هيبة، أصحاب القرآن يسألونه، وأصحاب العربية يسألونه، وأصحاب الشعر عنده يسألونه، فكلهم يصدر في واد واسع.


وقال مغيرة عن الشعبي: قيل لابن عباس: إني أصبت هذا العلم قال: بلسان سؤول، وقلب عقول.


ومن أقواله ووصاياه العظيمة رضي اللهُ عنه: أن رجلًا يقال له: جندب؛ قال له: أَوصِنِي، قَالَ: أُوصِيكَ بِتَوحِيدِ اللهِ، وَالعَمَلِ لَهُ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، فَإِنَّ كُلَّ خَيرٍ أَنتَ آتِيهِ بَعدَ ذَلِكَ مَقبُولٌ، وَإِلَى اللهِ مَرفُوعٌ، إِنَّكَ لَن تَزدَادَ مِن يَومِكَ إِلَّا قُربًا، فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَأَصبِحْ فِي الدُّنيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ مُسَافِرٌ فَإِنَّكَ مِن أَهلِ القُبُورِ، وَابكِ عَلَى ذَنبِكَ، وَتُبْ مِن خَطِيئَتِكَ، وَلتَكُنِ الدُّنيَا أَهوَنَ عَلَيكَ مِن شِسْعِ نَعلِكَ، وَكَأَن قَد فَارَقْتَهَا وَصَدَرْتَ إِلَى عَدْلِ اللهِ، وَلَن تَنتَفِعَ بِمَا خَلَّفْتَ، وَلَن يَنفَعَكَ إِلَّا عَمَلُكَ.


وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَوْصَى ابْنُ عَبَّاسٍ بِكَلِمَاتٍ خَيْرٍ مِنَ الْخَيْلِ الدُّهْمِ[11]، قَالَ: لاَ تَكَلَّمَنَّ فِيمَا لاَ يَعْنِيكَ حَتَّى تَرَى لَهُ مَوْضِعًا، وَلاَ تُمَارِيَنَّ سَفِيهًا، وَلَا حَلِيمًا فَإِنَّ الْحَلِيمَ يَغْلِبُكَ، وَالسَّفِيهَ يَزْدَرِيكَ، وَلَا تَذْكُرَنَّ أَخَاكَ إِذَا تَوَارَى عَنْكَ إِلَّا بِمِثْلِ الَّذِي تُحِبُّ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيكَ إِذَا تَوَارَيْتَ عَنْهُ، وَاعْمَلْ عَمَلَ رَجُلٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَجْزِيٌّ بِالْإِحْسَانِ، مَأْخُوذٌ بِالْإِجْرَامِ. فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، هَذَا خَيْرٌ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَلِمَةٌ مِنْهُ خَيْرٌ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ.


وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما: تَمَامُ الْمَعْرُوفِ تَعْجِيلُهُ وَتَصْغِيرُهُ وَسَتْرُهُ، يَعْنِي: أَنْ تُعَجِّلَ الْعَطِيَّةَ لِلْمُعْطَى، وَأَنْ تَصْغُرَ فِي عَيْنِ الْمُعْطِي، وَأَنْ تَسَتُرَهَا عَنِ النَّاسِ فَلَا تُظْهِرُهَا؛ فَإِنَّ فِي إِظْهَارِهَا فَتْحَ بَابِ الرِّيَاءِ، وَكَسْرَ قَلْبِ الْمُعْطَى، وَاسْتِحْيَاءَهُ مِنَ النَّاسِ.


وَقَالَ: أَعَزُّ النَّاسِ عَلَيَّ جَلِيسٌ لَوِ اسْتَطَعْتُ أَنْ لَا يَقَعَ الذُّبَابُ عَلَى وَجْهِهِ لَفَعَلْتُ، وَقَالَ أَيْضًا: لَا يُكَافِئُ مَنْ أَتَانِي يَطْلُبُ حَاجَةً فَرَآنِي لَهَا مَوْضِعًا إِلَّا اللهُ عزَّ وجلَّ، وَكَذَا رَجُلٌ بَدَأَنِي بِالسَّلَامِ، أَوْ أَوْسَعَ لِي فِي مَجْلِسٍ، أَوْ قَامَ لِي عَنِ الْمَجْلِسِ، أَوْ رَجُلٌ سَقَانِي شَرْبَةَ مَاءٍ عَلَى ظَمَأٍ، أَوْ رَجُلٌ حَفِظَنِي بِظَهْرِ الْغَيْبِ.


قال عَبْدُاللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ: شَتَمَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنَّكَ لَتَشْتُمُنِي وَفِيَّ ثَلَاثُ خِصَالٍ: إِنِّي لَآتِي عَلَى الْآيَةِ مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَوَدِدْتُ أَنَّ النَّاسَ عَلِمُوا مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي أَعْلَمُ، وَإِنِّي لَأَسْمَعُ بِالْحَاكِمِ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ يَقْضِي بِالْعَدْلِ، فَأَفْرَحُ بِهِ، وَلَعَلِّي لَا أُقَاضِي إِلَيْهِ أَبَدًا، وَإِنِّي لَأَسْمَعُ بِالْغَيْثِ يُصِيبُ الْأَرْضَ مِنْ أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ فَأَفْرَحُ بِهِ، وَمَا لِي بِهَا مِنْ سَائِمَةٍ أَبَدًا.


وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: سَأَلَ رَجُلٌ ابنَ عَبَّاسٍ عَن قَولِهِ تَعَالَى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾ [الأنبياء: 30]؟ فَقَالَ: كَانَتِ السَّمَاءُ رَتْقًا لَا تُمْطِرُ، وَالْأَرْضُ رَتْقًا لَا تُنْبِتُ، فَفَتَقَ هَذِهِ بِالْمَطَرِ، وَهَذِهِ بِالنَّبَاتِ.


وَقَدْ أُصِيبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ فَنَحَلَ جِسْمُهُ، فَلَمَّا أُصِيبَتِ الْأُخْرَى عَادَ إِلَيْهِ لَحْمُهُ فَقِيلَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَصَابَنِي مَا رَأَيْتُمْ فِي الْأُولَى شَفَقَةً عَلَى الْأُخْرَى، فَلَمَّا ذَهَبَتَا اطْمَأَنَّ قَلْبِي.


رَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما: أَنَّهُ وَقَعَ فِي عَيْنِهِ الْمَاءُ، فَقِيلَ لَهُ: نَنْزِعُ مَنْ عَيْنِكَ الْمَاءَ، عَلَى أَنَّكَ لَا تُصَلِّي سَبْعَةَ أَيَّامٍ؟ فَقَالَ: لَا، إِنَّهُ مَنْ تَرْكَ الصَّلَاةَ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ. وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: نُزِيلُ هَذَا الْمَاءَ مِنْ عَيْنِكَ عَلَى أَنْ تَبْقَى خَمْسَةَ أَيَّامٍ لَا تُصَلِّي إِلَّا عَلَى عُودٍ؟ وَفِي رِوَايَةٍ: إِلَّا مُسْتَلْقِيًا، فَقَالَ: لَا، وَاللهِ وَلَا رَكْعَةً وَاحِدَةً، إِنَّهُ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً وَاحِدَةً مُتَعَمِّدًا، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ. وَقَدْ أَنْشَدَ الْمَدَائِنِيُّ لِابْنِ عَبَّاسٍ حِينَ عَمِيَ:

1
2
إِنْ يَأْخُذِ اللهُ  مِنْ  عَيْنَيَّ  iiنُورَهُمَا        فَفِي لِسَانِي وَسَمْعِي  مِنْهُمَا  iiنُورُ
قَلْبِي ذَكِيٌّ وَعَقْلِي غَيْرُ ذِي دَخَلٍ        وَفِي فَمِي صَارِمٌ كَالسَّيْفِ  مَأْثُورُ

فَلَمَّا كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَالَ: مَاتَ الْيَوْمَ حَبْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ.


روى الطبراني في معجمه الكبير بسنده إلى سَعِيدِ ابنِ جُبَيْرٍقَالَ: "مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ، فَجَاءَ طَيْرٌ لَمْ يُرَ عَلَى خَلقِهِ فَدَخَلَ نَعْشَهُ[12]، ثُمَّ لَمْ يُرَ خَارِجًا مِنْهُ، فَلَمَّا دُفِنَ تُلِيَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، مَا يُدْرَى مَنْ تَلَاهَا[13]: ﴿ يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27-30]. قال الذهبي: فهذه قضية متواترة[14].


قال ابن كثير: وَكَانَ عُمْرُهُ يَوْمَ مَاتَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً، رضي الله عن ابن عباس، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وجمعنا به في دار كرامته مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا[15].


وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ



[1] وهو الشِّعْب الذي آوى إليه رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم وبنو هاشم، لما تحالفت قريش على بني هاشم.

[2] "مسند الإمام أحمد" (4 /225) (برقم 2397)، وقال محققوه: إسناده قوي على شرط مسلم.

[3] "البداية والنهاية" لابن كثير (12 /86).

[4] "صحيح البخاري" (برقم 4587).

[5] "صحيح البخاري" (برقم 4588).

[6] "البداية والنهاية" لابن كثير (12 /81).

[7] "صحيح البخاري" (برقم 4970).

[8] "سير أعلام النبلاء" (3 /345).

[9] "سير أعلام النبلاء" (3 /346).

[10] "البداية والنهاية" (12 /90).

[11] خيل دُهْم وجيش دُهْم، يعني: كثير.

[12] فكانوا يرون أنه علمه.

[13] "المعجم الكبير" (10 /236) (برقم 10581)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9 /285): ورجاله رجال الصحيح.

[14] "سير أعلام النبلاء" (3 /331-359).

[15] "البداية والنهاية" لابن كثير (12 /87 - 111 ).




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • من أخبار الشباب (2) ابن عباس رضي الله عنهما
  • بركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس
  • عبدالله بن عباس
  • رد على شبهات الطاعنين في شخصية عبدالله بن عباس رضي الله عنه وعدد رواياته
  • مواهب الصحابة: عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنموذجا
  • عبدالله بن عباس رضي الله عنه

مختارات من الشبكة

  • مقتطفات من سيرة عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مقتطفات من سيرة الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز رحمه الله(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مقتطفات من سيرة عمر بن الخطاب(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مقتطفات من سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مقتطفات من سيرة خالد بن الوليد(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مقتطفات من سيرة العلامة ابن عثيمين رحمه الله(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مقتطفات من أخلاقه وسيرته العطرة صلى الله عليه وسلم (2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (2)
    (مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (1)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مقتطفات من أخلاقه وسيرته العطرة صلى الله عليه وسلم(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)

 


ترتيب التعليقات
تعليقات الزوار
2- صحابي جليل
أم عبدالله - مصر 02-09-2016 05:09 PM

لو اتخذنا هؤلاء الصحابة قدوة لنا ولأولادنا وقتئذ ينصلح حالنا ونصبح في مقدمة الأمم

1- الصحابي عبد الله بن عباس
حكيم - الجزائر 29-06-2015 03:46 AM

قصة رائعة فيها من العبر ما يسر الخاطر ويشرح النفوس لديننا الحنيف.. معانيها تشعرك وكأنك عشت مع هذا الصحابي الجليل عبد الله بن عباس, جمعنا الله به وبالأنبياء والمرسلين وسائر الصحابة والصالحين في جنات النعيم آمين بوركت جهودكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ارتفاع أعداد طلاب المدارس الإسلامية الهولندية بنسبة 61 بالمائة
  • رسميا الإسلام الأسرع نموا في النرويج
  • مسلمون جدد ومشروعات دعوية بقرى رواندا وبنين
  • مؤسسات إسلامية تعتزم إهداء 10000 نسخة من القرآن بالنرويج
  • استمرار زيادة أعداد المسلمين في منطقة نالرجو شمال غانا
  • دورة شرعية للمسلمين الجدد بمدينة كييف
  • مشروعات دعوية بتوجو وبنين
  • حملة رحمة للعالمين تجوب مدن أوكرانيا

  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1441هـ / 2019م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/4/1441هـ - الساعة: 16:57
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب