• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح السنة للإمام المزني تحقيق جمال عزون
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    شرح التصريف العزي للشريف الجرجاني تحقيق محمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    نكبات أصابت الأمة الإسلامية وبشائر العودة: عين ...
    علاء الدين صلاح الدين عبدالقادر الديب
  •  
    في ساحة المعركة
    د. محمد منير الجنباز
  •  
    لوط عليه السلام
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الصحيفة الجامعة فيما وقع من الزلازل (WORD)
    بكر البعداني
  •  
    شرح البيقونية للشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المؤثرون المسلمون والمنابر الإلكترونية معترك
    عبدالمنعم أديب
  •  
    مناهج التصنيف في علم الدعوة في العصر الحاضر ...
    رانيه محمد علي الكينعي
  •  
    الدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي سيوطي العصر
    د. ماجد محمد الوبيران
  •  
    سفرة الزاد لسفرة الجهاد لشهاب الدين الألوسي
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    غزوة بدر
    د. محمد منير الجنباز
  •  
    محيي الدين القضماني المربِّي الصالح، والعابد ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    إبراهيم عليه السلام (5)
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    سفراء النبي صلى الله عليه وسلم لمحمد بن عبد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مواقف من إعارة الكتب
    د. سعد الله المحمدي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

مخاطر التنصير في تونس

مخاطر التنصير في تونس
سمير بن محمد الهادي حمدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/9/2015 ميلادي - 1/12/1436 هجري

الزيارات: 13836

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مخاطر التنصير في تونس

سمير بن محمد الهادي حمدي [1]


عندما اجتاح الاحتلال الفرنسي منطقة المغرب العربي، كان المنصِّرون يُشكِّلون الجناح الموازي للعمل العسكري؛ فحمل الجنود السلاح، وحمل رجال الكنيسة الإنجيلَ لتغيير عقيدة السكان، وهم في غالبيتهم الساحقة من المسلمين السنَّة، ولم تكن تونس بمنأى عن هذا التيار الذي حاول التأثير على عقائد الناس، ومسْخ هُويتهم، والتأثير في ولاءاتهم الحضارية، وإذا كان التنصير طيلة الفترة الاستعمارية لم يُحرِز نجاحًا يُذكَر في دفع سكان البلد إلى الردَّة عن دِينهم، غير أن الاحتلال قد أفلح في إحداث تغيير ثقافي من خلال أدوات كثيرة، وخلق طبقة تَدِينُ بالولاء الحضاري لفرنسا وإن لم تكن نصرانية من حيث العقيدة، فما هي جذور التنصير في تونس؟ وما مدى حضوره اليوم في المشهد العقائدي والديني في البلاد؟ وما هي أساليبه في العمل؟

 

جذور التنصير في تونس:

مِن الناحية التاريخية ترافَقَ التنصير مع دخول الاحتلال الفرنسي سنة 1881م، واستغلَّ وجود جالية غربية كبيرة نسبيًّا استقرَّت في البلاد، وتتشكَّل في غالبها من الفرنسيين والإيطاليِّين والمالطيِّين لبناء كنائس، وإقرار وجود إرساليات تبشيرية تمكَّنت مِن بعث معاهد ومكتبات دينية بعضها ما زال موجودًا إلى اليوم؛ مثل: معهد الآباء البيض، وقد بلغت الهجمة التنصيرية على تونس أوجها بانعقاد المؤتمر الأفخارستي بقرطاج بين 7 و11 ماي 1930، وقد تمَّ خلال هذه الفترة توزيع مناشير لدعوة التونسيين إلى اعتناق المسيحية، ووقع استعراض آلاف الأطفال الذين يرتدون أزياء بها صلبان بما يذكِّر بالحملة الصليبية الثامنة التي قادهالويس التاسع لاحتلال تونس سنة 1270م، وقد تمَّ النظر إلى هذا المؤتمر بوصفه حملة صليبية جديدة وجدت دعمًا رسميًّا من السلطات الفرنسية التي تحتلُّ البلاد حينئذٍ، وتمَّ تخصيص مبالغ مالية ضخمة لإنجاح المؤتمر من قِبَل الحكومة الفرنسية رغم الشعارات العلمانية التي ترفعها، واستقبل الرئيس الفرنسي حينها غاستون دومرغ أسقف قرطاج وأعرب عن دعمه لحملته، وقد أثار المؤتمر ردود أفعال واسعة في صفوف الشعب التونسي، وشكَّل حينها دفعًا قويًّا للحركة الوطنية المُطالِبة بالاستقلال؛ حيث شهدت مناطق مُختلفة من تونس تحركات شعبية وتظاهُرات، فأضرب عمَلَة الرصيف بميناءَي تونس وبنزرت، كما أضرَبَ طلبة الجامع الأعظم (الزيتونة)، وخرجوا في تظاهرات شهدت مواجهات مع البوليس الفرنسي، وأسفرت عن حصول اعتقالات في صفوفهم، وكان لردود الأفعال القوية من الجانب التونسي أثره في خفوت الحركة التنصيرية، وتوقُّفها عن النشاط العلني الذي يتحدَّى الشعور الإسلامي العام الغالب على الناس في تونس.

 

بعد الاستقلال (مارس 1956) لم يعد للأقليَّة المسيحية وجود يُذكَر، بعد أن غادر المستوطنون الأروبيون المنطقة، ووقَّعت تونس اتفاقية مع حاضرة الفاتيكان سنة 1964 تسمَح ببقاء بعض الكنائس المسيحية تحت سلطة الكنيسة الكاثوليكية، كما وقَع تأميم كنائس أخرى مع اشتراط عدم تحويلها إلى مساجد[2]، كما تمَّ الاتفاق على حظر القيام بأي نشاط تبشيري في البلاد، وهو أمر لم يتمَّ الالتزام به، خاصة في العشريتين الأخيرتين؛ حيث عرفت تونس تحولاً فعليًّا في النشاط التنصيري، مما أصبح يهدِّد الوحدة الثقافية للبلاد، ويمسُّ ثوابت العقيدة والهُويَّة الإسلامية لتونس.


شبح التنصير يطلُّ من جديد:

استغلَّت الكنائس المسيحية سعْيَ النظام التونسي زمن الرئيس السابق زين العابدين بن علي للظهور أمام الاتحاد الأروبي بمظهر المسؤول الذي يَحترم الحريات الدينية والعقائد الأخرى لتُعيد انتشارها في البلاد وتبدأ بحملات تنصيرية أثارت انتباه المُراقبين؛ لما تشكِّله من تهديد فعلي لوحدة تونس الدينية؛ فالمعروف أن القطر التونسي هو في مُجمله بلد سنيٌّ يغلب عليه المذهب المالكي، ومنذ سقوط الدولة العبيدية سنة 945م لم تعرف البلاد تعدُّدية مذهبية أو طائفية، فضلاً عن انتشار لأديان أخرى غير الدين الإسلامي، وقد ساهمت عوامل مختلفة في تنشيط ظاهرة التنصير، ويمكن اختصارها في جملة من النقاط:

• تراجع الوعي الديني بصورته الإسلامية الصحيحة زمن حكم بن علي، مع اعتماده وطيلة عقود ما عُرف في حينه بسياسة تجفيف منابع التديُّن، وقد "جاء في وثيقة صدرت سنة 2006 عن المرصد الوطني للشباب، تضمَّنت النتائج الإحصائية لدراسة ميدانية قام بها مطلع صائفة 2004، جاء أن هناك عزوفًا من الشباب التونسي عن الخطاب الديني الرسمي؛ إذ إن 0.11% فقط يهتمون بالموضوعات الدينية التي تَنشرها الصحف"[3]، وهو الأمر الذي أفرَزَ جيلاً يُعاني فعليًّا من أزمة هوية، ويبحث عن الخلاص بوسائل مختلفة، وكان أن استفادت المنظَّمات المسيحية من الوضع، خاصة في ظلِّ ثورة الإعلام وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات.

 

• استغلال الحالات الاجتماعية لدى بعض الشباب ممَّن يُعاني البطالة والتهميش من أجل إقناعهم باعتناق المسيحية (رغبة البعض في الحصول على عقود عمل في أوربا، أو ما تَمنحه إياهم الكنائس من تمويل يُمكنهم مِن بَعثِ مَشاريع صغيرة).

 

• الدور الذي يلعبه الوافدون الأجانب من أجل الدعاية والتبشير بالدين المسيحي؛ فقد "زاد عدد المسيحيين في أعقاب نقل مكاتب "البنك الإفريقي للتنمية" إلى تونس مؤقتًا من أبيدجان في مطلع العقد الحالي (سنة 2003)، وشكل مجيء أعداد كبيرة من الأفارقة المعتنقين للدِّين المسيحي مناسَبةً لمعاودة تنشيط الكنائس، التي كانت مقفلة في العاصمة التونسية"[4]، وقد لعب كثير من الوافدين الأجانب دورًا أساسيًّا في النشاط التبشيري، وهم يستغلون حضورهم من خلال مؤسَّسات خيرية أو تعليمية؛ حيث يتحدث عدد من ساكني مدينتي دوز وقبلي عن رجل إيطاليٍّ أنشأ مؤسسة لتعليم اللغة الإيطالية، وهذا الرجل نشيط في حركة التبشير.


كما أنَّ شهادات عديدة بلغتْنا عما يقوم به بعض موظفي أحد البنوك في العاصمة من تبشير ودعوة للمسيح، هذه الشهادات وصلتنا من عدد من أصحاب سيارات التاكسي ومن مواطنين جمعتْهم الصدفة بهؤلاء (توزيع كتاب الإنجيل، وتوزيع أقراص ممغنطة... إلخ)[5].

 

انتشار المسيحية في تونس:

لا توجد معطيات دقيقة عن حجم المسيحيين في تونس، وتختلف المعطيات بحسب المصادر، غير أن المعطيات المتوفِّرة تكشف عما يلي:

• تقدِّر موسوعة ويكيبيديا عدد المسيحيين في تونس بـ25 ألفًا، وهم في غالبهم (حسب تقديرها) من الأوربيين، والبقية من التونسيِّين، وتتصدر الكنيسة الكاثوليكية المشهد بعدد المنتمين إليها والمقدَّرين بـ22 ألفًا، وتدير 12 كنيسة و9 مدارس، وعددًا من العيادات الطبية والمكتبات.

 

• الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية: لديها ما يُقارب مائة عضو، ولديها كنيسة في تونس، وأخرى في بنزرت.

 

• الكنيسة الأرثوذوكسية اليونانية: لديها ثلاث كنائس في كلٍّ من: تونس وسوسة وجربة.

 

ولا يوجد عدد واضح للمُنتمين للكنائس البروتستانتية، التي تَبدو أكثر نشاطًا في العمل التنصيري، وخاصة طائفة "الأدفنتست" التي كشفت بعضُ المصادر الصحفية عن حضورها من خلال عدد من المتنصرين الذين أقنعتهم بالانتماء إليها[6].

 

ويحصل خلاف في تقدير عدد التونسيين ممن ارتدَّ إلى المسيحية، وتتراوح الأعداد بين 700 شخص و12 ألف شخص في غياب تقديرات رسمية صادرة عن الدولة أو عن الكنائس المسيحية[7]، بالنظر إلى أن الكثير من هؤلاء يرفضون الإفصاح عن عقيدتهم الدينية الجديدة؛ خوفًا من ردود الفعل التي قد تَصدر عن الأوساط الاجتماعية التي ينتمون إليها؛ حيث لا زالت فكرة التحول عن الدين الإسلامي تشكل أمرًا مُستَهجنًا في الوجدان الشعبي التونسي، ورغم أن هذه الأعداد لا تشكل أمرًا مهمًّا مقارنةً بتعداد السكان في تونس (12 مليونًا) فإن خطورتها تكمن في أنها تفتح الباب على مصراعيه أمام حضور ديني للكنائس المسيحية المرتبطة بجهات أجنبية تقوم بتمويلها والإنفاق عليها، بالإضافة إلى ما يثيره الموضوع من إشكالات اجتماعية.

 

وسائل التنصير وأدواته:

طورت الكنائس المسيحية وسائلها الدعائية من أجل اختراق المجتمعات الإسلامية، وفي سنة 1978 احتضنت أمريكا الشمالية مؤتمرًا يعرف بـ"مؤتمر كولورادو"، هذا المؤتمر حضره نحو 150 من قادة الرأي والفكر، من بينهم نخبةٌ من المنصِّرين العاملين في الميدان، وأكاديميون ومستشرقون لاهوتيون، وأساتذة في علوم الأجناس وعلوم الاجتماع وعلم النفس والدراسات اللغوية، ومن خبراء ومستشارين سياسيين وأمنيين ودبلوماسيين.

 

المؤتمر وُصِفَ بأنه "من المؤتمرات القادرة على تغيير مجرى التاريخ"، وركز على ما يلي:

أولاً: أن يجد الإنجيل طريقه إلى 720 مليون مسلم.

ثانيًا: أن يتخلى المنصِّرون عن أساليبهم البالية ووسائلهم الفاشلة.

ثالثًا: أن تخرج الكنائس القومية عن عزلتِها وتَقتحم بعزم ثقافات المسلمين.

رابعا: أن يجد المسعى لتحريك المواطنين النَّصارى في البلدان المعنية ليعملوا مع الإرساليات[8].

 

ونجد لهذه الوسائل حضورًا واضحًا في العمل التنصيري في المنطقة العربية الإسلامية، ومِن ضمنها تونس؛ حيث يلعب المبشِّرون من أصل تونسي دورًا مهمًّا في العمل التنصيري، ومن أشهرهم: "عماد دبور" الذي يقدِّم برنامجًا تنصيريًّا على إحدى القنوات المسيحية اسمه "عسلامة"، ويعتمد اللهجة الدارجة بتونس، وقد تحوَّل إلى رمز للناشط في المجال التنصيري، وفي حواره مع إذاعة "سوا" يقول عماد: "لا أحبِّذ كلمة متنصِّرين أو متحولين إلى الدين المسيحي، بل أفضِّل كلمة العابرين إلى المسيحية أو المؤمنين"[9]، وهو يستغلُّ ما ينص عليه الدستور التونسي من الحق في حرية الاعتقاد وحرية الضمير ليَنفي ما يدركه كل مراقب موضوعي ويقول: "إن التبشير ليس مؤامرةً، والغرب لا يسعى إلى خلق أقليات في المنطقة"[10].


وتلعب أدوات التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر، ومواقع إلكترونية ومن أشهرها موقع "المسيح في تونس") بالإضافة إلى الفضائيات والكتب والنشريات - دورًا مركزيًّا في نشر أفكار المنصِّرين، ويعمد بعض الناشطين في مجال التنصير إلى إرسال رسائل إلكترونية إلى العناوين المختلفة لاستدراج أصحابها (وهو أمر عرفتُه من واقع تجربتي الذاتية حين وصلتني رسالة إلكترونية على بريدي تحمل عنوان صاحبها ورقم هاتفه الجوال، وتتضمَّن دعوة إلى التواصُل من خلال قوله: "أنا بصفتي المتواضِعة كخادم للرب في كنيسته مُستعدٌّ لخدمتِك في أي مكان أو زمان")، وهم يوظِّفون لذلك إمكانات مادية ولوجستية مهمَّة؛ حيث يذكر أحد أساتذة الجامعة التونسيين متحدثًا عن زوجته التي اعتنقت المسيحية وانتمت إلى كنيسة "الأدفنتست" المتطرفة أنهم: "يَدفعون لها مرتبًا شهريًّا يقدَّر بـ "600" دينار، تَستلمه مباشرة أو عن طريق الحوالات البريدية، كما يسلمونها الهواتف الجوالة، ويتولون شحنها لتسهيل عملية الاتصال بها، ويمدونها بالكتب والمجلات والمناشير، بعضها موجه للأطفال في سن أبنائي"[11].

 

وأكَّدت جريدة "اليوم" الأسبوعية أن العديد من التونسيين تلقَّوا - منذ مدة - رسائل نصية قصيرة "إس إم إس" على هواتفهم الجوالة، تدعوهم إلى التخلي عن الدين الإسلامي واعتناق المسيحية، مقابل مبالغ مالية هامة تتجاوز الـ5 آلاف دينار، إلى جانب وعود بالتأشيرات إلى الاتحاد الأوربي[12].

 

ويذكر أن مؤشِّرات هذه الظاهرة - رغم غياب إحصائيات رسمية - تستهدف أساسًا فئة الشبان والطلبة والتلاميذ، وهو ما جعل الأولياء يخشون من تخلي أبنائهم عن دين الإسلام واعتناقهم المسيحية.

 

وأشارت الصحيفة إلى قدوم مبشِّرين من الخارج إلى تونس خصِّيصى للدعوة إلى الدين المسيحي بالاعتماد على اللغة العربية، وتحديدًا اللهجة "الدارجة"، كما تم تكوين تونسيين بهدف تركيزهم كدعاة للمسيحية في المجتمع التونسي[13].

 

مخاطر التنصير:

ومن خلال هذه الملامح العامة للنشاط التنصيري بتونس قد يطرَح البعض السؤال عن وجه الخطورة الذي يُمثله، خاصة في ظل تبرير بعض العلمانيين لمثل هذه النشاطات باعتبارها تَندرج في إطار حرية المعتقد[14]، بل وظهور جمعيات تُدافع عن حق هؤلاء بوصفهم أقليات اختارت توجُّهاتها الدينية عن قناعة، ولا يحق لأحد منعها أو مصادرة حقِّها في التعبير والدعاية[15].

 

وبعيدًا عن الخطاب الحقوقي المسكون بهاجس الدفاع عن الأقليات، يمكن القول: إن التنصير يظل عملاً موجَّهًا، وتقف وراءه جهات نافذة لديها غايات وأهداف تتجاوز مجرد الدعوات الفردية لاعتناق المسيحية؛ لأن الأمر لا يتعلق بأقلية مسيحية موجودة فعلاً وتتمتَّع بكل حقوقها الدينية والثقافية لتُصبح سياسة ممنهجة لخلق أقليات غير إسلامية في بلد عُرف بتجانسه الثقافي ووحدته العقدية وتناغم هويته الحضارية.

 

وفي ظل تفشي الصراعات الطائفية في المنطقة وحالة التشظي العقائدي (في بعض بلدان المشرق العربي)، وما خلفته من صراعات دموية، ومن تدخل دولي لحماية الأقليات؛ فإن التنصير يتحول من مجرد حق فردي في اعتناق العقيدة التي تناسب الشخص، إلى رغبة فعلية في تلويث المشهد الديني التونسي، خاصةً في ظل الحملات الأخرى التي تقودها مجموعات موالية لإيران من أجل نَشرِ التشيُّع وضرب الوحدة المذهبية التي طالَما تميزت بها تونس وبلدان المغرب العربي عمومًا.

 

إن التنصير ظاهرة تتجاوز مجرد اعتناق بعض الأفراد لدين مُختلِف؛ وإنما هو يخضع لإستراتيجية كاملة، وضع أسسها خبراء في مجالات مختلفة من أجل اختراق المجتمعات العربية الإسلامية، وهذا ليس من قبيل المؤامرة الخفية؛ وإنما يتم في وضح النهار من خلال مؤسسات وقنوات إعلامية وخيرية وتعليمية، ومنذ أن حل المبشر الفرنسي الشهير الكاردينال "لافيجري" ليضع أسس كاتدرائية تونس سنة 1884 إلى اليوم يبدو أنْ لا شيء تغيَّر في السياسات الاستعمارية؛ حيث يلعب التبشير دور القوة الناعمة في اختراق المجتمعات المسلمة وضرب هُويتها.

 


[1] باحث في الفكر السياسي، حاصل على الأستاذية في الفلسفة من كلية الآداب بصفاقس، وماجستير عقيدة وفلسفة من المعهد العالي للحضارة بتونس.

[2] موسوعة ويكيبيديا (مادة: كاتدرائية تونس).

[3] نور الدين المباركي، مقال: "تونسيون اعتنقوا المسيحية.. لماذا؟"، الوسط التونسية بتاريخ 25 / 01 / 2008.

[4] رشيد خشانة، مقال: "تنامي الحركات التبشيرية في المغرب العربي يثير المخاوف والجدل"، موقع سويس إنفو (swiss info) بتاريخ 05 / 04 / 2008.

[5] نور الدين المباركي، مقال "تونسيون اعتنقوا المسيحية.. لماذا؟"، الوسط التونسية بتاريخ 25 / 01 / 2008.

[6] روعة قاسم: ملف بعنوان: "التنصير خطر يهدد وحدة تونس"، جريدة الصباح التونسية بتاريخ: 18 / 07 / 2011.

[7] لمياء الشريف: تحقيق صحفي بعنوان "لماذا تتكتَّم الكنيسة على العدد الحقيقي للتونسيين معتنقي المسيحية؟"، جريدة الصباح التونسية بتاريخ 27 / 03 / 2015.

[8] نور الدين المباركي: مقال "تونسيون اعتنقوا المسيحية.. لماذا؟"، الوسط التونسية بتاريخ 25 / 01 / 2008.

[9] تصريح عماد دبور لراديو "سوا"؛ مقال: انتشار التنصير في المغرب العربي.. حرية معتقد أم مؤامرة؟ بتاريخ 05 / 03 / 2014، موقع راديو "سوا" الإلكتروني.

[10] نفس المصدر السابق.

[11] روعة قاسم: ملف بعنوان: "التنصير خطر يهدد وحدة تونس"، جريدة الصباح التونسية بتاريخ 18 / 07 / 2011.

[12] موقع "بتوقيت تونس" (tunisiatimes) الإلكتروني بتاريخ 14 / 05 / 2014 نقلاً عن جريدة اليوم التونسية.

[13] نفس المصدر السابق.

[14] انظر على سبيل المثال: تصريحات الصحفي لطفي العماري في برنامج "بلا مجاملة" على قناة "حنبعل" التونسية بتاريخ: 05 / 03 / 2013؛ حيث أكد على أن "دعوات التنصير والتشيع تدخل في إطار حرية الفكر والتعبير، وأن ما تقوم به بعض الجمعيات في هذا الصدد هو أمر مقبول".

[15] يمكن في هذا الصدد متابعة نشاطات "الجمعية التونسية لمساندة الأقليات"، وتصريحات رئيستها يمينة ثابت، مع الملاحظ أنها هي ذاتها قد تخلت عن الإسلام.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • التنصير في المغرب
  • التنصير الخطر الداهم
  • من التنصير إلى الدعوة إلى الله

مختارات من الشبكة

  • شكر المنعم والحذر من والمخاطر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفساد: صور ومخاطر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أسباب الطلاق ومخاطره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المخاطر التربوية للتقنيات الحديثة ووسائل التواصل وحلولها(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الفرقة ومخاطرها للمسلمين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخاطر الإنترنت وكيف نحمي أنفسنا منه(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • جبر الخاطر يقيك المخاطر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استعراض وتحليل نتائج دراسات مخاطر الإنترنت على مستوى الوطن العربي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحج زمن الأوبئة والمخاطر(مقالة - ملفات خاصة)
  • السمنة ومخاطرها، وعلاجها في السنة النبوية(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • على خطى أندية إنجليزية: برايتون يقيم إفطارا جماعيا بشهر رمضان
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي
  • إفطار جماعي على أرضية ملعب ستامفورد بريدج
  • 3 دورات للغة العربية والتربية الإسلامية بمدينة أليكانتي الإسبانية

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/9/1444هـ - الساعة: 12:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب