ما الفرق بين أسس وسمات ومقاييس النقد؟

الجواب:

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

• أولًا: أُسُس النقد:

الأُسُس: جمع (أساس)، وهو في اللغة: أصلُ البناء، ومبتدأُ كل شيء، فالأُسُس معناها الأصولُ، أو القواعدُ العامة التي يَبني عليها النقادُ نقدَهم للنصوص؛ سواء كان ذلك مِن جهة اللفظ، أو مِن جهة المعنى... إلى غير ذلك.

وقد تُستعمل (مَقاييس النقد) و(أُسس النقد) و(أُصول النقد) بمعنى واحدٍ، وهذا يعني: أن التفريقَ بينها ليس مُستقرًّا في الاصطلاح، ويَدخُل في هذا الاشتباه والتداخل مُصطلحاتٌ أُخرى كثيرةٌ؛ منها: (مَناهج النقد)، و(اتِّجاهات النقد)، و(مَدارس النقد)، و(مَذاهب النقد)... إلخ.

وقد يُفَرَّق بينهما بأمورٍ منها: أنَّ (الأُسس) قواعد عامة، وأنَّ (المقاييس) اتجاه تَفصيلي مُعين في هذه الأصول؛ مثال ذلك: (السلامة اللُّغَوية)، فهذا يُمكن عَدُّه مِن أُسُس النقد العامة، لكن إذا كان الناقدُ مثلًا يَميل إلى الأخذِ بالأخفِّ عند الاختلاف، أو يتوسع في قَبول المسموع القليل أو الشاذ، أو يَتسامَح فيما استَعْمَلَهُ المتأخِّرون، فهذا يمكن عدُّه (مقياسًا نقديًّا خاصًّا به)، ويأتي ناقدٌ آخر فيُخالفه في ذلك، ويكون له مقياس نقدي خاص به)، وهذانِ المقياسان الخاصان يَدخلان جميعًا في المقياس العام، أو الأصل العام الذي هو (السلامة اللُّغَوية).

• ثانيًا: مَقاييس النقد:

المَقاييس: جمع مِقياس، ومعناه في اللغة: المِقدار أو المسبار الذي يُقاس به، فيُعرف الطويل مِن القصير، أو يُعرف به مِقدار عُمق الماء، ثم أُطلق على المعيارِ الذي يُعرف به جودة الشيء ويحكم عليه.

وعلى ذلك فمَقاييسُ النقد قريبةُ المعنى مِن (أسس النقد)، لكنها كثيرًا ما تُطلق على مذهبٍ نقديٍّ معينٍ، أو مدرسةٍ نقديةٍ معينةٍ؛ فيُقال مثلًا: (مَقاييس النقد عند فلان)، أو (مقاييس النقد عند الغربيين)، بخلاف (أسس النقد) التي تُستعمل في العادة في المقاييس العامة التي لا تختصُّ بشيءٍ معين، وهذا كلُّه تفريقٌ تقريبي، وإلا فالتقاربُ بين هذه المصطلحات واضحٌ، واستعمالُ بعضها مكان بعض كثيرٌ في كلام المعاصرين.

وإذا كانت المقاييسُ النقدية الخاصة تُمثل إطارًا متكاملًا مِن النظر النقدي، فإنها حينئذٍ تُسمى: (نظرية نقدية)؛ مثل: (نظرية النَّظْم) عند عبدالقاهر مِن المتقدِّمين، ومثل (البِنيَويَّة)، و(التَّفكيكية)، و(الشَّكلانيَّة) عند المعاصرين.

فمِن المقاييس النقدية العامة مثلًا: (السلامة اللغوية)؛ أي: أن يكونَ النصُّ المنقود سليمًا مِن جهة اللغة، خاليًا مِن الأخطاء النحوية والإعرابية، فهذا مقياسٌ نقديٌّ عام لا يختص بمدرسةٍ أو اتجاهٍ نقدي معين.

ومِن المقاييس النقدية الخاصة مثلًا: (الوَحدة المَوضوعيَّة)؛ أي: أن يكونَ النصُّ المنقود يَدور في فلك موضوع واحدٍ لا يَخرُج عنه، وهذا مِن المقاييس النقدية المُتأخِّرة؛ لأن الشعرَ القديم كان يَخلو في الغالب مِن هذا الأمر، فلم يكن هذا المقياسُ مَشهورًا عندهم.

وهذه أمثلةٌ أخرى على بعض المقاييس النقدية:

• (مقياس الابتكار والسرقة)، و(مقياس الوُضوح والغُموض)، و(مقياس الطبع والتكلُّف)... إلخ.

• ثالثًا: سِمات النقد:

السماتُ: جمع سِمة، وهي في اللغة: العلامة.

فمعنى (سِمات النقد): الخصائصُ والصفاتُ والعلاماتُ التي تُميز النقدَ عن غيره، وقد يُستعمل ذلك في اتجاهٍ بعينه، فيُقال: (السِّمات النقديَّة عند فلان)، أو: (السِّمات النقديَّة عند المُعاصرين)، وهذا هو الأشهرُ في الاستعمال، وقد يُقصد به كذلك السِّمات العامة للنقد، وحينئذٍ يقرب معناه مِن معنى (خصائص النقد)، أو (المعنى العام للنظرية النقدية).

وللفائدة يُنظر:

• أسس النقد الأدبي عند العرب؛ أحمد بدوي.

• تاريخ النقد الأدبي عند العرب؛ للدكتور إحسان عباس، وخاصَّة هذه الصفحات: (130، 293، 374، 444، 453، 472).

• قضايا الشِّعر المعاصر؛ لنازِك الملائكة.

• الأدب العربي المُعاصِر في مصر.

ولتعريف النقد يُنظر:

• المُعجَم الأدبي (ص 283).

• مُعجَم المُصطلحات الأدبية (ص 390).

• مُعجَم المُصطلحات الأدبيَّة المعاصِرة (ص 216).

• مُعجَم النقد العربي القديم (2/ 389).