رأيت الرزق (قصيدة)

رَأَيتُ الرِّزْقَ مَخْفِيًّا كَمَا الأَجَلِ

وخَيْرُ البِرِّ مَا يُقْضَى عَلى عَجَلِ

ورِزْقُ المَرْءِ مَكْتُوبٌ لَهُ حَيًّا

ولَا يُزْرِي بِحَالِ المَرْءِ كَالكَسَلِ

إِذَا مَا كُنْتَ مِن دُنْيَاكَ فِي سَعَةٍ

فَقَدْ نُودِيتَ لِلإِنْفَاقِ فَامْتَثِلِ

فَكَمْ سَاعٍ إِلى المعْرُوفِ يَبْذُلُهُ

ثَنَاهُ الشُّحُّ بِالأَعْذَارِ والعِلَلِ

وَعَقْلُ المَرْءِ أَحْيَانًا يَحِيدُ بِهِ

عَنِ التَّوفِيقِ أَو يُفْضِي إِلى الخَلَلِ

فَلَا حَظٌّ لِمَن لا عَوْنَ يَسْنُدُهُ

مِنَ المَولَى وإِنْ يَطْلُبْهُ بِالحِيَلِ

وتَسْمُو النَّفْسُ لِلْآمَالِ تَطْلُبُهَا

فَمِنْ أَمَلٍ يَصِيرُ لَهَا إِلى أَمَلِ

حَيَاةُ المَرْءِ بِالآمَالِ سَائِرَةٌ

وَلَولَاهَا لَعَاشَ المَرْءُ فِي مَلَلِ

إِذَا الدُّنْيَا تَبَدَّتْ فِي مَحَاسِنِهَا

فَحَاذِرْهَا وَكُنْ مِنْهَا عَلَى وَجَلِ

وَكُنْ بِالعَزْمِ والإِقْدَامِ مُتَّصِفًا

بَعِيدًا عَن فُضُولِ القَولِ والجَدَلِ

وَأَحْبَابٌ لنَا غَابَتْ مَآثِرُهُمْ

لَهُمْ فِي القَلبِ وُدٌّ غَيْر مُنفَصِلِ

هُمُ ذَهَبُوا وقَدْ كَانُوا لنَا أُنْسًا

وَلَمْ تَتْرُكْ لنَا الأَيَّامُ مِن بَدَلِ

فَلَا تَغْتَرَّ بِالدُّنْيَا وزِينَتِهَا

فَرَأْسُ المَالِ فِيهَا صَالِحُ العَمَلِ

ولَا تَصْفُو لِذِي حَسَدٍ مَعِيشَتُهُ

وَلَا مَن بَاءَ بِالأَحْقَادِ والدَّغَلِ

وَلَا مَن كَانَ فِي ضَعْفٍ يُكَابِدُهُ

أَسِيرَ الهَمِّ مُعْتَادًا عَلى الوَجَلِ

يَطِيبُ العَيشُ لِلإِنْسَانِ مُتَّكِلٌ

عَلَى مَولَاهُ لا يَلْوِي عَلَى رَجُلِ

أَمِينُ الحَالِ لَا تُخْشَى غَوَائِلُهُ

سَلِيمُ القَلبِ مِن زُورٍ ومِن خَطَلِ

لَهُ حِرْصٌ عَلى الإِحْسَانِ يَبْذُلُهُ

ولَا يَرْضَى لِنَفْسٍ عِيشَةَ الهَمَلِ

وحِفْظُ الوَقْتِ أَوْلَى مِن تَصَرُّمِهِ

بِهَذَا القِيْلِ مِن لَغْوٍ ومِنْ هَزَلِ

إِذَا مَا عِشْتَ فِي أَمْنٍ وعَافِيَةٍ

فَهَذَا العَيْشُ أَشْهَى مِنْ جَنَى العَسَلِ

ويَبْقَى الحَمْدُ لِلرَّحْمَنِ خَالِقنَا

لَهُ الإِفْضَالُ فِي مَاضٍ ومُقْتَبَلِ