الزلازل جند من جنود الله

(إعجاز علمي للفتيان)

الزلازل جند من جنود الله

﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ [الزلزلة: 1]

إن الزلازل جند من جنود الله، إذا أخذ الكافرون بها فإنما يكون بسبب ذنوبهم، وإن أصابت بعض الصالحين، فإنها تكون تكفيرًا لذنوبهم وفتنة لغيرهم من ضعاف الإيمان، والزلازل في المقام الأول نذير للمغرورين بقوتهم المادية؛ ليعلموا أن هناك الأقوى منهم، القاهر فوق عباده، الذي لا يقع شيء في ملكه إلا بإذنه، ثم هي دعوة للتعاطف الإنساني في زمن طغت فيه المادة على القيم الخلقية، والزلازل دعوة للعودة إلى الله، ودعوة للإصلاح في الأرض بعد إفسادها، والزلازل دليل عيني على زلزال الساعة الذي ستُرَجُّ منه الأرض رجِّا، وتقرع الزلازل آذان من يظنون أنهم ملكوا الدنيا، فها هو زلزال المحيط الهندي استمر بضع دقائق، ونتجت عنه أمواج عاتية، وقد قع ولم تكشفه أو تتنبأ بوقوعه جميع أجهزة وتقنيات العالم، فأين المحسات التي تحس؟! وأين الأقمار التي تصور ليل نهار؟! حتى بعد وقوع الزلزال، لم يكن في مقدور أهل العلم في الشرق والغرب أن يحذروا الدول التي ضربتها الأمواج بعد ساعات من حدوث الزلزال، ووقف من يملكون مفاتح العلم سواءً مع مَن يَجهلون كل شيء، يرقبون وهم عاجزون، ولم يتحرك من يعتقدون أنهم يملكون زمام القوة في عالم اليوم إلا بعد 72 ساعة من حدوث الزلزال، والزلازل وغيرها من الكوارث الكبرى رسالة إلى المغرورين بألا يركنوا إلى قوتهم، رسالة لأهل الأرض؛ يقول فيها رب العالمين: ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 24].

بينما كان محمد يجلس أمام التلفاز يتابع الأخبار، رأى أمواجًا عاتية تغمر الأرض، ورأى أناسًا تجري أمام تلك الأمواج من الغرق، ورأى دمارًا كبيرًا، رأى موتى، ورأى بيوتًا هُدِّمت، وأطفالاً شُرِّدت، ورأى كل شيء قد انقلب رأسًا على عقب، بكى محمد بكاءً شديدًا على ما ألَمَّ بالناس من هول وفزع، وأخذ محمد يقول: يا رب سلِّم، يا رب سلِّم، ثم أحس بأن مصيبة هؤلاء الناس هي مصيبته، فاسترجع في نفسه قول الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 156].

عرض مآسي زلزال شرق آسيا

وهنا سأل محمد أباه قائلاً: ما هذا يا أبت؟ قال له أبوه: هذا يا بني زلزال شرق آسيا الذي ضرب جزيرة سومطرة في إندونيسيا في الرابع والعشرين من ديسمبر من عام 2004 ميلادية، وقال الأب: سأحدثك يا بني عن ذلك الزلزال من نواح أربع، هي:

أولاً: معالم وآثار ذلك الزلزال.

ثانيًا: أسباب الزلزال.

ثالثًا: إعجاز القرآن الكريم عن الزلازل.

رابعاً: قارعة الزلزال الكبير.

لنبدأ أحبائي بالحديث عن زلزال المحيط الهندي 2004، أولاً هذا زلزال كبير شدته 9 على مقياس رختر، وهذا مقياس قد وضعه عالم الزلازل رختر، وفيه كلما زاد الرقم كان الزلزال كبيرًا، أي كلما اهتزت الأرض بشدة، وتسبب الزلزال في قتل ما لا يقل عن 160,000 شخص بفعل الأمواج المحيطية العارمة التي تعد أسوأ موجات شهدها التاريخ الحديث، لدرجة أنها وصلت بعيدًا حتى الصومال على بعد 4500 كم من النقطة التي فوق مركز الزلزال.

وهنا سأل أحمد أباه: ولكن يا أبي، ما علاقة الزلزال بالأمواج؟ قال الأب: يا بني، نشأ الزلزال حينما كسر قاع المحيط نتيجة صدع كبير، فتكونت أمواج محيطية عاتية تسمى السونامي (شكل 6)، ومن قبل يا بني طغت موجات قتلت أيضًا آلاف البشر، كان آخرها سونامي إيطاليا سنة 1908، وقتل فيه 70.000، وأقرب الزلازل المهلكة كان زلزال تانجشان في الصين - 1976الذي قُتِل فيه 255.000 شخص.

عرض مناظر حقيقية للزلازل التي حدثت من قبل؛ مثل: زلزال أرمينيا ولشبونة، واليابان:

شكل (1) موقع زلزال المحيط الهندي؛ 2004

وسألت فاطمة: ما أسباب حدوث الزلزال يا أبي؟ فقال الأب: يا ابنتي، إننا نعيش على أرض مهدها الله لنا وبسطها وفرشها، وحينما يحدث كسر في غلاف الأرض الصلب، يحدث الزلزال، وتنطلق طاقة كانت محبوسة في جوف الأرض على هيئة موجات تسمى الموجات الزلزالية، تسافر في الأرض (انظر شكل: 2) بسرعات تصل إلى حوالى ثمانية كيلو مترات في الثانية الواحدة؛ أي: أضعاف سرعة الصوت، وتهتز الأرض وتضطرب، والزلزال الأخير كان مركزه - أي النقطة التي انطلق منها - على بعد عمق 30 كم تحت قاع المحيط الهندي، وكان يبعد 160 كيلو مترًا عن جزيرة سومطرة التي دمرها الزلزال، ويقول علماء الزلازل: إن أرض المحيط الهندي التي تحت الماء قد انزلقت 30 مترًا عن وضعها الطبيعي تحت أرض بورما، وحدثت حركة شديدة نتج عنها الزلزال، وسأرسم لكم الرسم التالي يا أبنائي رسمًا يوضح ما حدث ببساطة، حيث تغوص الأرض التي على يسار الرسم تحت الأرض التي على يمينها، فيتكون أخدود عميق ينشأ عنده الزلازل والبراكين (انظر: شكل 3)

شكل(2): رسم توضيحي يبين بؤرة الزلزال والنقطة التي فوقها مباشرة على السطح.

شكل (3): رسم تخطيطي يحاكي زلزال المحيط الهندي؛ حيث انضوت قطعة المحيط الهندي تحت قطعة بورما، فتولد الزلزال عند نطاق الانضواء (نطاق بنيوف).

إنه حقًّا يا أبنائي زلزال قوي، هل تعلمون أن الطاقة التي انطلقت من هذا الزلزال تكفي لغلي 150 لتر من الماء من نصيب كل فرد في العالم، كما أن الزلزال أدى إلى تذبذب سطح الأرض حوالي 20 إلى 30 سنتيمتر، ويتوقع أن تؤثر تلك الطاقة في دوران الكرة الأرضية.

التالية.

أما الموجات البحرية التي تولدت من الزلزال، فأمرها مهول (شكل 5)، هل تتخيلون أن العلماء حسبوا طاقة تلك الأمواج، فوجدوها تعادل الطاقة الناتجة عن انفجار 5 طن من مادة تي إن تي شديدة الانفجار، وهذه الطاقة تعدل ضعف الطاقة المتفجرة أثناء الحرب العالمية الثانية بما فيها طاقة القنبلتين النوويتين اللتين أُلقيتا على هيروشيما ونجازاكي باليابان.

شكل: (5) الموجة السومانية اللون الأحمر (إلى اليسار)، يشير إلى أن مستوى الماء أعلى من الوضع الطبيعي الذي يمثله اللون الأزرق (إلى اليمين) فوق بؤرة الزلزال.

شكل (6 ): تولد الموجات السونامية بواسطة الزلازل تحت البحار.

ومن تصاريف القدر يا أبنائي:

الزلازل يا بني جند من جنود الله، يرسلها على من يشاء ويصرفها عمن يشاء، انظر مثلاً في حالة زلزال المحيط الهندي 2004، لتجد بنجلاديش لم تتأثر بالزلزال تأثرًا شديدًا، بالرغم من أنها تقع على الطرف الشمالي لخليج البنغال، إضافة إلى كونها أراضًا منخفضة، ويرجع السبب في ذلك إلى أن اتجاه سفر موجات الزلزال كان عموديًّا على بنجلاديش، وفي الوقت نفسه ضربت الأمواج السونامية ولاية كيرالا الهندية، بالرغم من وقوعها على الساحل الغربي للهند، وكذا الحال في الساحل الغربي لسريلانكا، ولم تحول المسافة البعيدة من الموجات من ضرب الصومال بقوة أشد مما ضربت به بنجلاديش (شكل7).

شكل( 7 ): أكثر بلدان العالم تضررًا من آثار زلزال المحيط الهندي 2004.

أحزمة الزلازل: ولكن يا أبي هل تضرب الزلازل الأرض في أية بقعة؛ فإني أخاف أن تضرب بلدنا؟

أجاب الأب قائلاً: هذا سؤال مهم يا ولدي، نعم إن الزلازل قد تقع في أي مكان، ولكن العلماء يحددون أماكن بعينها تتركز بها الزلازل، هل سمعتم عن "حلقة النار" أو حزام الزلازل الذي يحيط بالمحيط الهادي، كما أن هناك حزامًا آخر هو الذي يضم جبال الألب في أوروبا، وجبال الهيمالايا في آسيا، وقيعان البحر يا ولدي مفتوحة من منتصفاتها، وعندها أيضًا تنشأ الزلازل (شكل: 8).