• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آثار الذنوب (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله السحيم
  •  
    معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (الحي)
    د. باسم عامر
  •  
    حديث: نهى عن الشغار
    الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك
  •  
    حديث: إن الله يحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثر نعمته ...
    الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
  •  
    التوحيد في سورة الجاثية
    د. أمين الدميري
  •  
    سؤال ذي القوة المتين قضاء الدين
    د. صالح بن عطية بن صالح الحارثي
  •  
    عدالة الشريعة وحزمها في باب الأخطاء الطبية والتعويض عنها
    د. صالح بن عطية بن صالح الحارثي
  •  
    مقاصد السنة النبوية (6) حفظ الأمن
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    مواعظ ووصايا وفوائد من كتاب البداية والنهاية لابن كثير
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    نماذج في الفصاحة والبلاغة
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    نعمة العافية (خطبة)
    الدخلاوي علال
  •  
    تفاءل أيها المسلم..
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    باب نقض الكعبة وبنائها وباب جدر الكعبة وبابها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الفرق بين الرجل والمرأة في الصلاة
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    ثناء الأنبياء على الله تعالى (5) ثناء يعقوب ويوسف على الله ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الإجماع لا ينسخ نصا من الكتاب والسنة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

كتب عليكم الصيام لعلكم تتقون (خطبة)

كتب عليكم الصيام لعلكم تتقون (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/6/2017 ميلادي - 9/9/1438 هجري
زيارة: 13208

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كتب عليكم الصيام لعلكم تتقون

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، بُلِّغتُم بِفَضلِ اللهِ شَهرَ رَمَضَانَ، وَحَيِيتُم مِنهُ هَذِهِ اللَّيَالِيَ وَالأَيَّامَ، فَاحرِصُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى أَن تُحَقِّقُوا أَعظَمَ غَايَاتِ الصِّيَامِ وَمَقَاصِدِهِ، فَإِنَّ رَبَّكُم - تَبَارَكَ وَتَعَالى - قَدِ افتَتَحَ آيَاتِ الصِّيَامِ بِقَولِهِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183] وَخَتَمَهَا - سُبحَانَهُ - بِقَولِهِ: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187] وَحِينَ يَكُونُ الحَدِيثُ عَنِ الحَثِّ عَلى التَّقوَى، وَالتَّأكِيدِ عَلَى تَحصِيلِهَا وَتَحقِيقِهَا، فَلْيُنتَبَهْ إِلى القَلبِ الَّذِي في الصَّدرِ، وَلْيُنظَرْ مَا بِدَاخِلِهِ وَلْيُبحَثْ عَمَّا فِيهِ، فَإِنَّهُ مَحَلُّ التَّقوَى وَمُستَودَعُهَا، وَهُوَ مَصدَرُهَا مِن جَسَدِ الإِنسَانِ. وَإِنَّ مِمَّا يَجِبُ أَن نَنتَبِهَ إِلَيهِ وَلا يَغِيبَ عَنَّا طَرفَةَ عَينٍ، أَنَّ ثَمَّةَ عِلاقَةً مُتَبَادَلَةً وَرَابِطَةً قَوِيَّةً، بَينَ تَقوَى القَلبِ وَبَينَ العِبَادَاتِ وَالقُرُبَاتِ وَالطَّاعَاتِ، فَالتَّزَوُّدُ مِنَ الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ وَالحِرصُ عَلَى اكتِسَابِ الحَسَنَاتِ، دَلِيلٌ قَوِيٌّ عَلَى وُجُودِ التَّقوَى في القَلبِ، وَهُوَ في الوَقتِ نَفسِهِ زِيَادَةٌ لَهَا وَتَعمِيقٌ لأَسَاسِهَا وَتَقوِيَةٌ لِبِنَائِهَا، كَمَا أَنَّ زِيَادَةَ التَّقوَى في القَلبِ وَتَحَقُّقَهَا في سُوَيدَائِهِ، هِيَ أَعظَمُ وَقُودٍ لِعَزِيمَةِ العَبدِ، وَأَقوَى مُحَرِّكٍ لِجَوَارِحِهِ لِلاستِكثَارِ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَالتَّزَوُّدِ مِنَ البَاقِيَاتِ.

 

وَالعِلاقَةُ بَينَ القَلبِ وَالجَوَارِحِ - أَيُّهَا الصَّائِمُونَ - عِلاقَةٌ مُتَبَادَلَةٌ، إِذْ بِصَلاحِ كُلٍّ مِنهُمَا وَاستِقَامَتِهِ، يَصلُحُ الآخَرُ وَيَستَقِيمُ، وَبِفَسَادِ أَيٍّ مِنهُمَا وَاعوِجَاجِهِ، يَكُونُ فَسَادُ قَرِينِهِ وَاعوِجَاجُهُ، دَلَّت عَلَى ذَلِكَ وَبَيَّنَتهُ أَتَمَّ البَيَانِ آيَاتٌ وَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 2، 3] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45] وَقَالَ - سُبحَانَهُ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [الأحزاب: 70، 71] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَالَّذِينَ اهتَدَوا زَادَهُم هُدًى وَآتَاهُم تَقوَاهُم ﴾ وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴾ [المعارج: 19 - 35] وَفي الجُملَةِ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - فَإِنَّ العِبَادَةَ كُلَّهَا بِجَمِيعِ أَنوَاعِهَا وَأَشكَالِهَا سَبَبٌ لِحُصُولِ التَّقوَى وَتَمكِينِهَا، قَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾ وَفي الصَّحِيحَينِ يَقُولُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " أَلا وَإِنَّ في الجَسَدِ مُضغَةً إِذَا صَلَحَت صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذاَ فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ القَلبُ " وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لا يَستَقِيمُ إِيمَانُ عَبدٍ حَتَّى يَستَقِيمَ قَلبُهُ، وَلا يَستَقِيمُ قَلبُهُ حَتَّى يَستَقِيمَ لِسَانُهُ، وَلا يَدخُلُ الجَنَّةَ رَجُلٌ حَتَّى يَأمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ، وَيَقُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " تُعرَضُ الفِتَنُ عَلَى القُلُوبِ كَالحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلبٍ أُشرِبَهَا نُكِتَت فِيهِ نُكتَةٌ سَودَاءُ، وَأَيُّ قَلبٍ أَنكَرَهَا نُكِتَت فِيهِ نُكتَةٌ بَيضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلبَينِ: عَلَى أَبيضَ مِثلِ الصَّفَا، فَلا تَضُرُّهُ فِتنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ، وَالآخَرُ أَسوَدَ مُربَادًّا كَالكُوزِ مُجَخِّيًا، لا يَعرِفُ مَعرُوفًا وَلا يُنكِرُ مُنكَرًا إِلاَّ مَا أُشرِبَ مِن هَوَاهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ العَبدَ إِذَا أَخطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَت في قَلبِهِ نُكتَةٌ سَودَاءُ، فَإِنْ هُوَ نَزَعَ وَاستَغفَرَ صُقِلَت، فَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعلُوَ قَلبَهُ، فَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ - تَعَالى - ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14] " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -" مَنِ اقتَطَعَ مَالَ امرِئٍ مُسلِمٍ بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ، كَانَت نُكتَةٌ سَودَاءُ في قَلبِهِ، لا يُغَيِّرُهَا شَيءٌ إِلى يَومِ القِيَامَةِ " رَوَاهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَجَلْ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ التَّقوَى قَرِينَةٌ لِمَا سَمِعتُم مِن أَعمَالٍ صَالِحَةٍ وَقُرُبَاتٍ عَظِيمَةٍ، وَبِاستِقَامَةِ الجَوَارِحِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ - تَعَالى - يَستَقِيمُ القَلبُ، وَبِالتَّهَاوُنِ بِالطَّاعَاتِ وَالزُّهدِ في القُرُبَاتِ، وَاكتِسَابِ المَعَاصِي وَاجتِرَاحِ السَّيِّئَاتِ، وَالتَّعَدِّي عَلَى حُقُوقِ العِبَادِ وَظُلمِهِم وَهَضمِهِم، يُطعَنُ القَلبُ وَيَتَلَوَّثُ وَيَتَّسِخُ، وَيَضعُفُ وَيَسوَدُّ وَيَنتَكِسُ، وَمِن ثَمَّ تَزدَادُ الجَوَارِحُ ضَعفًا وَتُصَابُ بِالخَوَرِ، فَتَكسَلُ عَنِ الطَّاعَةِ، وَتَضعُفُ عَن فِعلِ الخَيرِ، وَلا يَكُونُ لَهَا حَمَاسَةٌ في البِرِّ، وَبِذَلِكَ يُدَسِّي العَبدُ نَفسَهُ وَيُخفِيهَا في مُوَاطِنِ العَمَلِ وَالبَذلِ، وَلا يَنشَطُ في مَوَاسِمِ الخَيرِ وَلا يَهتَمُّ بِهَا وَلا يَشتَاقُ إِلَيهَا، يَرَى النَّاسَ يَتَسَابَقُونَ إِلَى المَسَاجِدِ يُصَلُّونَ الفَرَائِضَ وَيَتَنَفَّلُونَ، وَيَقُومُونَ اللَّيلَ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبتَغُونَ فَضلاً مِنَ اللهِ وَرِضوَانًا، وَيَقضُونَ مُعظَمَ أَوقَاتِهِم في تِلاوَةِ كِتَابِ اللهِ وَتَكرَارِ خَتمِهِ، وَيَتَصَدَّقُونَ عَلَى المُحتَاجِينَ وَيُفَطِّرُونَ الصَّائِمِينَ، وَيَدعَمُونَ بَرَامِجَ الخَيرِ وَيَتَسَابَقُونَ إِلى مَشرُوعَاتِ البِرِّ، وَيَظَلُّ هُوَ في نَومٍ وَخُمُولٍ وَكَسَلٍ، أَو تَشَاغُلٍ بِحُطَامِ الدُّنيَا وَتَبَاطُؤٍ عَن عَمَلِ الآخِرَةِ، لا يُصَلِّي مَعَ المُصَلِّينَ، وَلا يَقومُ مَعَ القَائِمِينَ، وَلا يُطعِمُ المِسكِينَ، وَلا يَذكُرُ اللهَ مَعَ الذَّاكِرِينَ، بَل قَد يَخُوضُ في الشَّرِّ مَعَ الخَائِضِينَ، وَيَجلِسُ مَعَ المُستَهزِئِينَ بِالدِّينِ، وَيَقعُدُ مَعَ القَاعِدِينَ الغَافِلِينَ، وَمِثلُ هَذَا حَرِيٌّ أَن يَكِلَهُ رَبُّهُ إِلى نَفسِهِ، وَأَن يَحُولَ بَينَهُ وَبَينَ قَلبِهِ، وَأَن يَذَرَهُ يَعمَهُ في طُغيَانِهِ، كَمَا قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأنعام: 110] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُم ﴾ وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ في قُلُوبِهِم مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا ﴾ وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ ﴾ [التوبة: 83].

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا الصَّائِمُونَ - وَلْنَحرِصْ عَلَى تَحقِيقِ الغَايَةِ الكُبرَى مِنَ الصِّيَامِ وَهِيَ التَّقوَى، لِنَعمَلْ بِطَاعَةِ اللهِ عَلَى نُورٍ مِنهُ رَجَاءً لِثَوَابِهِ، وَلْنَترُكْ مَعصِيَتَهُ عَلَى نُورٍ مِنهُ خَوفًا مِن عِقَابِهِ، لِنَضرِبْ في كُلِّ بَابٍ مِن أَبوَابِ الخَيرِ بِسَهمٍ وَلَو كَانَ صَغِيرًا أَو قَلِيلاً، وَلْنُغلِقْ أَبوَابَ الشَّرِّ الَّتي تَدخُلُ مِنهَا الشَّيَاطِينُ عَلَى قُلُوبِنَا فَتُفسِدُهَا، فَإِنَّ الصَّائِمَ الَّذِي فَقِهَ مَعنى الصِّيَامِ وَأَدرَكَ عَظَمَةَ رَمَضَانَ، لا يَأخُذُ الصِّيَامَ عَلَى أَنَّهُ مُجَرَّدُ امتِنَاعٍ عَنِ الأَكلِ وَالشُّربِ فَحَسبُ، دُونَ مَنعٍ لِلنَّفسِ بَعدَ ذَلِكَ مِمَّا تَشتَهِيهِ وَكَبحٍ لها عَمَّا تَرغَبُ فِيهِ، وَلَكِنَّهُ يُدرِكُ أَنَّ الصِّيَامَ مَدرَسَةٌ عَظِيمَةٌ، يَصُومُ فِيهَا القَلبُ أَوَّلاً، ثُمَّ تَصُومُ العَينُ وَالأُذُنُ، وَيَصُومُ اللِّسَانُ وَالفَرجُ، وَتَصُومُ سَائِرُ الجَوَارِحِ عَمَّا لا يُرضِي اللهَ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِذَا كَانَ يَومُ صَومِ أَحَدِكُم فَلا يَرفَثْ يَومَئِذٍ وَلا يَصخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَو قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امرُؤٌ صَائِمٌ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَن لم يَدَعْ قَولَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ فَلَيسَ للهِ حَاجَةٌ في أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾

♦♦♦♦♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ تُقَاتِهِ، وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَتِهِ وَمَرضَاتِهِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الحشر: 18، 19]

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، عَجِيبٌ أَن يُرِيدَ صَائِمٌ تَحقِيقَ التَّقوَى مِن صِيَامِهِ، ثُمَّ يَبَقَى طُولَ نَهَارِهِ جُثَّةً هَامِدَةً، لا طَاعَةَ وَلا عَمَلَ وَلا فَائِدَةَ، يَغِيبُ عَن صَلَوَاتِ النَّهَارِ مَعَ الجَمَاعَةِ لأَجَلِ النَّومِ، وَيَتَأَخَّرُ عَن صَلاتَيِ المَغرِبِ وَالعِشَاءِ لانشِغَالِهِ بِمَلءِ بَطنِهِ، وَيَترُكُ صَلاةَ القِيَامِ مَعَ الإِمَامِ إِيثَارًا لِمَجَالِسِ القِيلِ وَالقَالِ، وَيَمِيلُ بِسَمعِهِ وَبَصَرِهِ عَنِ التَّلَذُّذِ بِالآيَاتِ البَيِّنَاتِ، إِلى مُشَاهَدَةِ القَنَوَاتِ وَمُتَابَعَةِ المُسَلْسَلاتِ، يَمتَنِعُ في نَهَارِهِ عَن كَثِيرٍ مِنَ المُبَاحَاتِ، ثُمَّ تَعجِزُ نَفسُهُ عَن تَركِ مَا حَرَّم اللهُ مِن فُضُولِ النَّظَرِ وَمُحَرَّمِ السَّمَاعِ وَسَاقِطِ الكَلامِ. أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ جَمِيعًا أَيُّهَا الصَّائِمُونَ، وَلْنَنتَبِهْ لأَنفُسِنَا وَقُلُوبِنَا، وَلْنَأخُذْ أُمُورَنَا بِالجِدِّ وَالعَزِيمَةِ وَالقُوَّةِ في الطَّاعَةِ، وَلْنُصلِحِ النَّوَايَا وَلْنَقصِدْ فِعلَ الخَيرِ، وَلْنَحذَرِ الخُمُولَ وَالكَسَلَ، وَالتَّرَدُّدَ وَالتَّلَفُّتَ، وَفَسَادَ النَّوَايَا وَخُبثَ الطَّوَايَا، فَإِنَّ اللهَ قَد جَعَلَ رَمَضَانَ مِضمَارًا لِعِبَادِهِ لِيَستَبِقُوا الخَيرَاتِ وَيَتَسَابَقُوا إِلى الطَّاعَاتِ، وَفَرَضَ الصِّيَامَ لِيَكُونَ رِيَاضَةً رُوحِيَّةً لِكَبحِ النَّفسِ وَإِصلاحِ القَلبِ وَتَقوِيَةِ الإِرَادَةِ، وَمَدرَسَةً يُرَوَّضُ فِيهَا البَدَنُ وَتُعَوَّدُ الجَوَارِحُ عَلَى الطَّاعَةِ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّكَ لا تَرَى الصَّائِمَ الَّذِي يُرِيدُ تَحقِيقَ التَّقوَى في قَلبِهِ، إِلاَّ حَرِيصًا عَلَى وَقتِهِ، مُقبِلاً عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ، مُنَوِّعًا لِلطَّاعَاتِ وَالقُرُبَاتِ، مُستَكثِرًا مِنَ الحَسَنَاتِ، مُبتَعِدًا عَنِ السَّيِّئَاتِ، مُشَارِكًا في الدَّعوَةِ إِلى اللهِ، لِلفُقَرَاءِ وَالضُّعَفَاءِ وَالمُحتَاجِينَ مِن مَالِهِ وَجَاهِهِ نَصِيبٌ، إِذَا حَدَّثَ صَدَقَ، وَإِذَا وَعَدَ وَفَى، وَإِذَا ائتُمِنَ أَدَّى، وَإِذَا هَمَّ بِمَعصِيَةٍ خَافَ رَبَّهُ فَكَفَّ وَارتَدَعَ. وَوَاللهِ وَبِاللهِ وَتَاللهِ، لا يَعلَمُ اللهُ مِن عَبدٍ صِدقَ نِيَّةٍ وَسَلامَةَ طَوِيَّةٍ، وَخُشُوعًا وَإِنَابَةً وَخَشيَةً، وَمَحَبَّةً لِلخَيرِ وَعَزِيمَةً عَلَى فِعلِ البِرِّ، إِلاَّ أَعَانَهُ وَوَفَّقَهُ وَسَدَّدَهُ، وَمَن صَدَقَ اللهَ صَدَقَهُ اللهُ، وَهُوَ القَائِلُ - سُبحَانهُ -: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18] وَالقَائِلُ: ﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 31 - 35].




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • وقفة مع قول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام }
  • { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام }
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام...)

مختارات من الشبكة

  • تمام الإنعام بفرض الصيام وبركة رمضان وقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فريضة الصيام (كتب عليكم الصيام)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • كتب استأثرت بالدراسة (1) كتب النحو(مقالة - حضارة الكلمة)
  • كتب عليكم الصيام (مرئي)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • كتب عليكم الصيام(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام ( بطاقة دعوية )(كتاب - ملفات خاصة)
  • الإيمان بالكتب وآثاره الإيمانية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالكتب(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • أنواع الكتب التي تتناول الخصائص النبوية(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام الإنعام بفرض الصيام وبركة رمضان وقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • جامعة سيدني الأسترالية تدرس مادة بعنوان عربية القرآن للمرة الأولى
  • مؤسسة إسلامية تدعم مئات المتضررين من فيروس كورونا جنوب لندن
  • 113 مسلما جديدا في قرية دوبون وامادو شمال غانا
  • إصدار العدد السادس من مجلة لتعارفوا الدعوية
  • مسلمون يطلقون مبادرة لمساعدة الأسر المتضررة من كورونا في أمريكا
  • مسلمو مدينة كانتربري يساعدون الخطوط الأمامية لمواجهة فيروس كورونا
  • بناء مدرسة إسلامية ومسجدان ومسلمون جدد في جامبيا ومدغشقر
  • دورة قرآنية افتراضية بعنوان من الظلمات إلى النور

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1442هـ / 2021م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/6/1442هـ - الساعة: 14:4
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب