• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضائل الأذكار بعد الصلوات المكتوبة
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    خاطرة: قيمة التسامح والتجاوز عن الآخرين خلق محمدي
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    الراقي الذي تنفع رقيته
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    العمل والإتقان (1) (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    جدتي الحنونة
    دين محمد بن صالح
  •  
    مختصر كتاب: فضل قيام الليل والتهجد تأليف: الإمام ...
    خالد بن محمد بن عبدالعزيز اليحيا
  •  
    صيغ التسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلاة: جمع ...
    د. مشعل بن محمد العنزي
  •  
    تفسير: (اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: أخرجوا فراشي إلى الصحن
    الشيخ طارق عاطف حجازي
  •  
    لنا الظواهر والمظاهر والله يتولى السرائر
    الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد
  •  
    اهتزاز المنبر فرحا بسماع الذكر منه صلى الله عليه ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل لسورة البقرة (146- ...
    خالد بن حسن المالكي
  •  
    {ولقد آتينا إبراهيم رشده}
    مريم بنت حسن تيجاني
  •  
    الشرك الأكبر وأنواعه
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    أدلة وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن ...
    رضوان سعداوي
  •  
    الصدق
    هيام محمود
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في محاسن الإسلام

الإيثار

د. أمين بن عبدالله الشقاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/10/2017 ميلادي - 1/2/1439 هجري

الزيارات: 16439

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإيثار


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد..

فقد وردت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة التي تحث على الإيثار، قال القرطبي: «الإيثار: هو تقديم الغير على النفس في حظوظها الدنيوية رغبة في الحظوظ الدينية، وذلك ينشأ عن قوة اليقين، وتوكيد المحبة، والصبر على المشقة»[1].


«والأثرة عكس الإيثار، وهو استئثاره عن أخيه بما هو محتاج إليه، وهي المرتبة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُم سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ»[2].

والأنصار هم الذين وصفهم الله بالإيثار في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]. فوصفهم بأعلى مراتب السخاء، وكان ذلك فيهم معروفًا"[3].


روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رَسُولِاللهِ رضي الله عنه: أَنَّرَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ، فَقُلْنَ: مَا مَعَنَا إِلَّا الْمَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَضُمُّ، أَوْ يُضِيفُ هَذَا؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتٌ صِبْيَانِي، فَقَالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ، وَأَصْبِحِي[4] سِرَاجَكِ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً، فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا، وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلَا يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيلَةَ، أَوْ: عَجِبَ مِنْ فَعَالِكُمَا»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]»[5].


وروى مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا،فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتَاهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا فَأَعْجَبَنِي شَأنُهَا، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِِ صلى الله عليه وسلم، فقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ»[6].


وحثَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمته على الإيثار، فروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِي الأَرْبَعَةَ، وَطَعَامُ الأَرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيَةَ»[7].

وكان الصحابة يأخذون بهذا التوجيه النبوي الكريم، فروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُعَوْفٍ، فَآخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ، وَعِنْدَ الأنْصَارِيِّ امْرَأتَانِ، فَعَرَضَ عَلَيهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ، فَأَتَى السُّوقَ، فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ، وَشَيْئًا مِنْ سَمْنٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ»، فَقَال: تَزَوَّجْتُ أَنْصَارِيَّةً، قَالَ: «فَمَا سُقْتَ إِلَيْهَا؟» قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ: «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ»[8].


وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا[9] فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوه بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُم»[10].

وروى البخاري في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه لما طُعن في مرضه الذي مات فيه، قال لابنه عبد الله: «يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقُلْ: يَقْرَأُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عَلَيْكِ السَّلاَمَ، ثُمَّ سَلْهَا أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ، قَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي، فَلأُوثِرَنَّهُ اليَوْمَ عَلَى نَفْسِي، فَلَمَّا أَقْبَلَ قَالَ لَهُ: مَا لَدَيْكَ؟ قَالَ: أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ المَضْجَعِ... الحديث»[11].


وكان النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الناس إيثارًا، فروى البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِبُرْدَةٍ، فَقَالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ: أَتَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ؟ فَقَالَ القَوْمُ: هِيَ الشَّمْلَةُ، فَقَالَ سَهْلٌ: هِيَ شَمْلَةٌ مَنْسُوجَةٌ فِيهَا حَاشِيَتُهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكْسُوكَ هَذِهِ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْتَاجًا إِلَيْهَا فَلَبِسَهَا، فَرَآهَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَحْسَنَ هَذِهِ، فَاكْسُنِيهَا، فَقَالَ: «نَعَمْ»، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَامَهُ أَصْحَابُهُ، قَالُوا: مَا أَحْسَنْتَ حِينَ رَأَيْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ شَيْئًا فَيَمْنَعَهُ، فَقَالَ: رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حِينَ لَبِسَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، لَعَلِّي أُكَفَّنُ فِيهَا[12].


«والإيثار على درجات:

الأولى: أن تؤثر الخلق على نفسك فيما لا يَخْرِمُ عليك دِينًا، ولا يقطع عليك طريقًا، ولا يفسد عليك وقتًا، يعني أن تقدمهم على نفسك في مصالحهم، مثل أن تطعمهم وتجوع، وتكسوهم وتعرى، وتسقيهم وتظمأ، بحيث لا يؤدي ذلك إلى ارتكاب إتلاف لا يجوز في الدِّين... وكل سبب يعود عليك بصلاح قلبك ووقتك وحالك مع الله فلا تؤثر به أحدًا، فإن آثرت به فإنما تؤثر الشيطان على الله وأنت لا تعلم.


الثانية: إيثار رضا الله على رضا غيره، وإن عظمت فيه المحن، وثقلت فيه المؤن، وضعف عنه الطول والبدن. وإيثار رضا الله ک على غيره: هو أن يريد ويفعل ما فيه مرضاته، ولو أغضب الخلق، وهي درجة الأنبياء وأعلاها للرسل عليهم صلوات الله وسلامه، وأعلاها لأولي العزم منهم، وأعلاها لنبينا صلى الله عليه وسلم، فإنه قاوم العالم كله وتجرد للدعوة إلى الله، واحتمل عداوة البعيد والقريب في الله تعالى، وآثر رضا الله على رضا الخلق من كل وجه، ولم يأخذه في إيثار رضاه لومة لائم، بل كان همه وعزمه وسعيه كله مقصورًا على إيثار مرضاة الله، وتبليغ رسالاته... فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين من ربه، فلم ينل أحد من درجة هذا الإيثار ما نال صلوات الله وسلامه عليه.


هذا، وقد جرت سنة الله - التي لا تبديل لها - أنَّ من آثر مرضاة الخلق على مرضاته، أن يُسخط عليه من آثر رضاه، ويخذله من جهته، ويجعل محنته على يديه، فيعود حامده ذامًّا، ومن آثر مرضاته ساخطًا، فلا على مقصوده منهم حصل، ولا إلى ثواب مرضات ربه وصل، وهذا أعجز الخلق وأحمقهم.


قال الشافعي رحمه الله: «رضا الناس غاية لا تدرك، فعليك بما فيه صلاح نفسك فالزمه». ومعلوم أنه لا صلاح للنفس إلا بإيثار رضا ربها ومولاها على غيره، ولقد أحسن من قال:

فَلَيْتَكَ تَحْلُو وَالحَيَاةُ مَرِيَرةٌ

وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالأَنَامُ غِضَابُ

وَلَيْتَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ عَاِمرٌ

وَبَيْنِي وَبَيْنَ العَالَمِيْنَ خَرَابُ

إِذَا صَحَّ مِنْكَ الْوُدُّ فَالْكُلُّ هَيِّنٌ

وَكُلُّ الَّذِي فَوْقَ التُّرَابِ تُرَابُ

 

الثالثة: أن تنسب إيثارك إلى الله دون نفسك، وأنه هو الذي تفرد بالإيثار لا أنت، فكأنك سلمت الإيثار إليه، فإذا آثرت غيرك بشيءٍ، فإن الذي آثره هو الحق لا أنت، فهو المؤثر على الحقيقة، إذ هو المعطي حقيقة.


من الأسباب التي تعين على الإيثار:

1- تعظيم الحقوق: فإن من عظمت الحقوق عنده قام بواجبها ورعاها حق رعايتها، واستعظم إضاعتها وعلم أنه إن لم يبلغ درجة الإيثار لم يؤديها كما ينبغي، فيجعل إيثاره احتياطًا لأدائها.

2- مقت الشح: فإنه إذا مقته وأبغضه التزم الإيثار، فإنه يرى أنه لا خلاص له من هذا المقت البغيض إلا بالإيثار.

3- الرغبة في مكارم الأخلاق: وبحسب رغبته فيها، يكون إيثاره؛ لأن الإيثار أفضل درجات مكارم الأخلاق.


ويستطاع الإيثار بثلاثة أشياء: طيب العود، وحسن الإسلام، وقوة الصبر.

من المعلوم أن المؤثر لرضى الله متصدٍّ لمعاداة الخلق، وأذاهم، وسعيهم في إتلافه، ولابد، هذه سنة الله في خلقه، وإلا فما ذنب الأنبياء والرسل، والذين يأمرون بالقسط من الناس، والقائمين بدين الله، الذابين عن كتابه وسنة رسوله عندهم؟

فمن آثر رضى الله فلا بد أن يعاديه رذالة العالم، وسقطهم، وغرثاهم[13]، وجهالهم، وأهل البدع والفجور منهم، وأهل الرياسات الباطلة، وكل من يخالف هديُهُ هديَهُ، فما يقدم على معاداة هؤلاء إلا طالب الرجوع إلى الله، عامل على سماع خطاب ﴿ يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ﴾ [الفجر: 27، 28].


ومن إسلامه صلب كامل لا تزعزعه الرجال، ولا تقلقله الجبال، ومن عقد عزيمة صبره محكم لا تحله المحن والشدائد والمخاوف. وملاك ذلك أمران: الزهد في الحياة والثناء، فما ضعف من ضعف، وتأخر من تأخر إلا بحبه للحياة والبقاء، وثناء الناس عليه، ونفرته من ذمهم له، فإذا زهد في هذين الشيئين، تأخرت عنه العوارض كلها، وانغمس حينئذ في العساكر، وملاك هذين الشيئين بشيئين: صحة اليقين، وقوة المحبة، وملاك هذين بشيئين أيضًا: بصدق اللجأ والطلب، والتصدي للأسباب الموصلة إليهما، فإلى هاهنا تنتهي معرفة الخلق وقدرتهم، والتوفيق بعد بيد من أزمة الأمور كلها بيده»[14].


والفرق بين الإيثار، والسخاء، والجود: أن السخاء أعلى مراتب العطاء والبذل، وهذه المراتب هي:

«الأولى: أن لا ينقصه البذل ولا يصعب عليه العطاء، وهذه مرتبة السخاء.

والثانية: أن يُعطي الأكثر، ويبقي له شيئًا، أو يُبقي مثل ما أعطى، وهذا هو الجود.

والثالثة: أن يؤثر غيره بالشيء مع حاجته إليه، وهذه مرتبة الإيثار»[15].


«من فوائد الإيثار:

دليل على كمال الإيمان وحسن الإسلام.

دليل على علو الهمة، والبعد عن صفة الأثرة الذميمة.

أنه طريق موصل إلى الفلاح؛ لأنه يقي الإنسان من داء الشح.

دليل على المحبة والرحمة بالآخرين»[16].

والحمدلله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] تفسير القرطبي رحمه الله الجامع لأحكام القرآن (20/365).

[2] صحيح البخاري برقم 4330، وصحيح مسلم برقم 1061، واللفظ له.

[3] مدارج السالكين لابن القيم (2/216).

[4] قال في فتح الباري (7/120): أي: أوقديه.

[5] صحيح البخاري برقم 3798، وصحيح مسلم برقم 2054 بلفظ مختلف.

[6] برقم 2630.

[7] برقم 2059.

[8] صحيح البخاري برقم 5072، وصحيح مسلم برقم 1427 بلفظ مختلف.

[9] أرملوا: أي فني طعامهم.

[10] برقم 2486.

[11] صحيح البخاري برقم 1392.

[12] برقم 6036.

[13] هم الجائعون.

[14] مدارج السالكين لابن قيَّم الجوزية (2/220 - 224) بتصرف واختصار.

[15] مدارج السالكين لابن القيم (2/216 - 217) بتصرف.

[16] موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (3/629 - 640).





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • الأنصار... أهل الإيمان والإيثار
  • الإيثار شعار المفلحين
  • الإيثار
  • الإيثار خلق كريم
  • الإيثار: الفضيلة الغائبة
  • الإيثار ثمرة الإيمان وواجب الزمان
  • إيثار الرسول صلى الله عليه وسلم
  • شرح باب الإيثار والمواساة

مختارات من الشبكة

  • الإيثار والتوكل في غزوة أحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين السخاء والجود والإيثار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى الإيثار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الإيثار والمواساة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإيثار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أمثلة عن الإيثار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • درجات الإيثار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دور رياض الأطفال في غرس خلق الإيثار من وجهة نظر المعلمات بمدينة الرياض(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • من مقومات الأخوة الإيمانية .. الإيثار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيثار والكرم ولو بالقليل(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • التخطيط لبناء مركز إسلامي بمقاطعة South Tyneside الإنجليزية
  • مسجد جديد بمدينة بلد الوليد الإسبانية
  • طلاب مسلمون يدعمون المحتاجين في مدينة أوتاوا
  • المسابقة الدولية للقرآن الكريم في تتارستان
  • مسجد أيرلندي يفتح أبوابه لتعريف الناس بالإسلام
  • الدورة 62 من المسابقة الدولية للقرآن الكريم في ماليزيا
  • مركز طبي إسلامي يخدم 4500 شخص مجانا كل عام في ميلووكي
  • مسجد بريطاني أطعم 400 أسرة أسبوعيا خلال رمضان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1443هـ / 2022م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/10/1443هـ - الساعة: 10:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب