• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نعمة العافية (خطبة)
    الدخلاوي علال
  •  
    تفاءل أيها المسلم..
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    باب نقض الكعبة وبنائها وباب جدر الكعبة وبابها
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    الفرق بين الرجل والمرأة في الصلاة
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    ثناء الأنبياء على الله تعالى (5) ثناء يعقوب ويوسف على الله ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الإجماع لا ينسخ نصا من الكتاب والسنة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    لا تغضب (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    منزلة منيفة، ودرجة عالية رفيعة
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    شرح حديث عائشة: "إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع ...
    سماحة الشيخ ابن عثيمين
  •  
    أسماء سورة الفاتحة
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    عناية ابن كثير بالمصطلحات
    مبارك بن حمد الحامد الشريف
  •  
    خطبة عن الفساد المالي
    رافع العنزي
  •  
    حديث: أحل الذهب والحرير لإناث أمتي
    الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
  •  
    آداب السفر لمن أراد السفر (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    تقديم العقل والتشبه باليهود
    زهراء بنت عبدالله
  •  
    صور من حوار الرسول لليهود
    أ. د. عبدالحليم عويس
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الإيمان
علامة باركود

شروط لا إله إلا الله (1) العلم

شروط لا إله إلا الله (1) العلم
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/12/2018 ميلادي - 26/3/1440 هجري
زيارة: 13777

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شروط لا إله إلا الله (1)

العلم


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَلِيِّ الْحَمِيدِ، ذِي الْعَرْشِ الْمَجِيدِ، فَعَّالٍ لِمَا يُرِيدُ، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلَائِهِ، لَهُ الْحَمْدُ كُلُّهُ، وَلَهُ الْمُلْكُ كُلُّهُ، وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، عَلَانِيَتُهُ وَسِرُّهُ، فَأَهْلٌ أَنْ يُحْمَدَ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ؛ عَظِيمُ الذَّاتِ وَالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، كَرِيمُ الْعَطَايَا وَالْهِبَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ؛ لِيُخْرِجَ بِهَا النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَمِنْ عِبَادَةِ الْبَشَرِ وَالْحَجَرِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَمِنْ حُكْمِ الطَّاغُوتِ إِلَى حُكْمِ الشَّرِيعَةِ، فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ تَعَالَى حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَعَلَّمُوا مَا لَهُ مِنَ الْحَقِّ عَلَيْكُمْ، وَأَوَّلُ ذَلِكَ وَأَهَمُّهُ: مَعْرِفَةُ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ؛ فَإِنَّهَا أَحْسَنُ الْحَسَنَاتِ، وَبِتَحْقِيقِهَا تَكُونُ النَّجَاةُ، وَبِمُعَارَضَتِهَا تَكُونُ الْخَسَارَةُ وَالْهَلَاكُ، وَبِهَا أُرْسِلَ الرُّسُلُ، وَتَنَزَّلَتْ بِهَا الْكُتُبُ، وَعَلَى أَسَاسِهَا بُنِيَتِ الشَّرَائِعُ وَالْأَحْكَامُ، وَخُلِقَتْ لِأَجْلِهَا الْجَنَّةُ وَالنَّارُ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 25].

وَمَعْنَاهَا: لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى؛ إِذْ كَلُّ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى بَاطِلٌ.

 

وَلِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ شُرُوطٌ لَا بُدَّ مِنْ تَوَافُرِهَا، وَإِلَّا لَمَا نَفَعَتْ صَاحِبَهَا؛ فَهِيَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ كَلِمَةٍ تُقَالُ؛ وَلِذَا لَمْ يَقُلْهَا الْمُشْرِكُونَ؛ لِعِلْمِهِمْ بِلَوَازِمِهَا وَشُرُوطِهَا، وَلَوْ كَانَتْ مُجَرَّدَ كَلِمَةٍ يَقُولُونَهَا لَنَطَقُوا بِهَا، وَلَمَا حَارَبُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا، وَلَمَا آذَوْا أَصْحَابَهُ وَهَجَّرُوهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَجْلِهَا.

 

وَمِنْ شُرُوطِهَا: الْعِلْمُ بِهَا إِثْبَاتًا وَنَفْيًا، فَالْعِلْمُ بِالنَّفْيِ هُوَ: عِلْمُهُ بِأَنَّهُ لَا يُصْرَفُ شَيْءٌ مِنَ الْعِبَادَةِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعِلْمُهُ بِالْإِثْبَاتِ هُوَ: عِلْمُهُ بِأَنَّهُ إِنَّمَا خُلِقَ لِيَعْبُدَ اللَّهَ تَعَالَى.

 

وَنُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، وَمِنْهَا: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [مُحَمَّدٍ: 19]، قَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ». وَبَوَّبَ عَلَى الْآيَةِ فَقَالَ: «بَابٌ: الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ».

 

وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 52]؛ أَيْ: «لِيَسْتَدِلُّوا بِهَذِهِ الْآيَاتِ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى». فَنَصَّ عَلَى الْعِلْمِ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْقُرْآنَ تَنَزَّلَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ، وَمَا يَجِبُ لَهَا.

 

وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلِ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ [هُودٍ: 14]؛ أَيْ: وَاعْلَمُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.

 

فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَاتُ: عَلَى أَنَّ آكَدَ الْفَرَائِضِ الْعِلْمُ بِمَعْنَى لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ أَعْظَمَ الْجَهْلِ نَقْصُ الْعِلْمِ بِمَعْنَاهَا؛ إِذْ إِنَّ مَعْرِفَةَ مَعْنَاهَا آكَدُ الْوَاجِبَاتِ، وَالْجَهْلُ بِهَا أَعْظَمُ الْجَهْلِ وَأَقْبَحُهُ.

 

وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ: اشْتِرَاطُ الشَّهَادَةِ بِهَا، وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ قَوْلِهَا، وَبُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [الزُّخْرُفِ: 86]، قَالَ مُجَاهِدٌ: «﴿إِلَّا مِنْ شَهْدٍ بِالْحَقِّ﴾ قَالَ: كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ». وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ إِلَّا بِعِلْمٍ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا﴾ [يُوسُفَ: 81]. فَإِذَا شَهِدَ الْعَبْدُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ أَنْ يَعْلَمَ بِمَا شَهِدَ بِهِ.

 

وَمِثْلُ هَذِهِ الْآيَةِ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ». وَمِثْلُهُ أَيْضًا: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ، فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ النُّطْقِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ بِهَا، وَلَا مَعْرِفَةٍ لِمَعْنَاهَا، وَلَا عَمَلٍ بِمُقْتَضَاهَا؛ لَا يَنْفَعُ النَّاطِقَ بِهَا، وَهَذَا مَحَلُّ إِجْمَاعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَفِي الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا، وَهُوَ قَوْلُهُ: «مَنْ شَهِدَ»؛ إِذْ كَيْفَ يَشْهَدُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَمُجَرَّدُ النُّطْقِ بِشَيْءٍ لَا يُسَمَّى شَهَادَةً بِهِ.

 

وَأَصْرَحُ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي بَيَانِ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ: حَدِيثُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ: عِلْمُ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ بِمَغْفِرَةِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي جَاءَ ذِكْرُهَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: «أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَمِثْلُهُ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَعْجَبُ الرَّبُّ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَيَقُولُ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

فَعِلْمُ الْعَبْدِ بِمَغْفِرَةِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ عِلْمٌ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَعِلْمُهُ بِأَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، هُوَ عِلْمٌ بِأُلُوهِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّهُ لَا يُسْأَلُ مَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ إِلَّا هُوَ عَزَّ وَجَلَّ، وَهَذَا يُبْرِزُ أَهَمِّيَّةَ الْعِلْمِ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مَنْ عَلِمَ بِهَا لَيْسَ كَمَنْ جَهِلَهَا، فَمَنْ عَلِمَ بِهَا حَقَّقَ التَّوْحِيدَ، وَمَنْ جَهِلَ بِهَا وَقَعَ فِي الشِّرْكِ، وَالْعِلْمُ بِالْمَغْفِرَةِ فِي الْحَدِيثَيْنِ مِثَالٌ عَلَى ذَلِكَ؛ فَمَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَفَّارٌ، وَأَنَّهُ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ، وَلَمْ يَسْأَلْ غَيْرَهُ فِي طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ حَقَّقَ التَّوْحِيدَ، وَخَلُصَ مِنَ الشِّرْكِ. وَمَنْ جَهِلَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الشَّرَكِ.

 

وَالْعِلْمُ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ يُحَقِّقُ بِعِلْمِهِ بِهَا أَصْلَ التَّوْحِيدِ وَلَا يَصِلُ إِلَى كَمَالِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَقِّقُ كَمَالَ التَّوْحِيدِ، وَهَؤُلَاءِ دَرَجَاتٌ كَثِيرَةٌ بِحَسْبِ مَا قَامَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ الْعَظِيمَةِ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131- 132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

أَشْرَفُ الْعُلُومِ الْعِلْمُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَالْعِلْمُ بِمُرَادِهِ سُبْحَانَهُ؛ فَالْعِلْمُ بِهِ سُبْحَانَهُ يُورِثُ الْخَشْيَةَ، وَالْعِلْمُ بِمُرَادِهِ عَزَّ وَجَلَّ يُورِثُ الْبَصِيرَةَ، فَيُعْبَدُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى بَصِيرَةٍ، وَيُتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى. وَأَشَدُّ الْجَهْلِ ضَرَرًا عَلَى صَاحِبِهِ جَهْلُهُ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَجَهْلُهُ بِمُرَادِهِ؛ فَجَهْلُهُ بِهِ يُؤَدِّي إِلَى الْجُحُودِ وَالشِّرْكِ، وَالْجَهْلُ بِمُرَادِهِ يُؤَدِّي إِلَى الْإِخْلَالِ بِالطَّاعَةِ، وَالْوُقُوعِ فِي الْبِدْعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ.

 

وَالْجَهْلُ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ دَرَكَاتٌ: أَشَدُّهَا وَأَقْبَحُهَا: مَنْ يُؤَدِّي بِهِ جَهْلُهُ بِهَا إِلَى الْجُحُودِ وَالِاسْتِكْبَارِ؛ فَإِنَّهُ لَمَّا جَهِلَ عَظَمَةَ اللَّهِ تَعَالَى، وَجَهِلَ قَدْرَ نَفْسِهِ؛ اسْتَكْبَرَ وَأَنْكَرَ الْخَالِقَ، كَمَا قَالَ فِرْعَوْنُ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [الْقَصَصِ: 38]، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ، وَأَنَّهُ لَيْسَ إِلَهًا، كَمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النَّمْلِ: 14].

 

وَمِنَ الْجَهَلَةِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ: مَنْ يَظُنُّونَ أَنَّهَا مُجَرَّدُ كَلِمَةٍ تُقَالُ، ثُمَّ هُمْ يَصْرِفُونَ الْعِبَادَةَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَسْتَغِيثُونَ بِغَيْرِهِ، وَيَدْعُونَ غَيْرَهُ، وَيَطُوفُونَ حَوْلَ الْقُبُورِ، وَهَؤُلَاءِ كَانَ مُشْرِكُو مَكَّةَ أَكْثَرَ مِنْهُمْ فِقْهًا بِهَا وَبِمَدْلُولِهَا؛ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ لَهَا لَوَازِمَ يَجْمَعُهَا إِفْرَادُ اللَّهِ تَعَالَى بِالْعِبَادَةِ؛ وَلِذَا قَالُوا: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ [ص: 5].

 

وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْهَلُونَ أَنَّ مِنْ لَوَازِمِ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) أَنَّهُ لَا أَمْرَ إِلَّا أَمْرُهُ سُبْحَانَهُ، وَلَا حُكْمَ إِلَّا حُكْمُهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَيُشْرِكُونَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى فِي حُكْمِهِ وَأَمْرِهِ: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [الْأَعْرَافِ: 54]، ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [يُوسُفَ: 40]. وَهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُخْضِعُونَ أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ لِأَهْوَائِهِمْ؛ فَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى، وَيُسْقِطُونَ مَا أَوْجَبَ سُبْحَانَهُ، وَمَا أَكْثَرَهُمْ فِي هَذَا الزَّمَنِ، وَلَا سِيَّمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِقَضَايَا الْحُرِّيَّةِ وَالْحُدُودِ، وَقَضَايَا الْمَرْأَةِ مِنْ حُرْمَةِ الِاخْتِلَاطِ بِالرِّجَالِ، وَالسُّفُورِ وَالتَّبَرُّجِ، وَالْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيِّ، وَالسَّفَرِ بِلَا مَحْرَمٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الشَّرَائِعِ الَّتِي اسْتُبِيحَتْ، وَانْتُهِكَتْ فِيهَا الشَّرِيعَةُ، وَأُخِلَّ فِيهَا بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَفَرْقٌ بَيْنَ مَنْ يَقَعُ فِي هَذِهِ الْمَعَاصِي، وَبَيْنَ مَنْ يَسْتَحِلُّهَا وَيَعْتَرِضُ عَلَى نُصُوصِهَا؛ فَالْأَوَّلُ قَدْ نَقَصَ تَوْحِيدُهُ بِمَعْصِيَتِهِ، وَالثَّانِي قَدْ أَبْطَلَ تَوْحِيدَهُ بِاعْتِرَاضِهِ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا تَنْفَعُهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا يَنْقُضُهَا. وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقَعُ فِي هَذَا الْجَهْلِ وَهُوَ لَا يَدْرِي خُطُورَةَ مَا أَتَى، وَلَا مَغَبَّةَ مَا فَعَلَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْجَهْلِ وَالْهَوَى، وَنَسْأَلُهُ الْعِصْمَةَ وَالتَّقْوَى.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • فضل لا إله إلا الله
  • "لا إله إلا الله" بين العلمانيين وأبي جهل
  • شروط لا إله إلا الله
  • حضارة لا إله إلا الله....
  • شروط لا إله إلا الله (2) اليقين
  • شروط لا إله إلا الله (3) الإخلاص
  • المحبة من شروط لا إله إلا الله

مختارات من الشبكة

  • شروط الصلاة ( من المرتع المشبع ) (8)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • متى نعذر بترك شرط من شروط الصلاة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • من ترك شرطا من شروط الصلاة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • شروط المجتهد مع نماذج من اجتهادات الفقهاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصحابة استوفوا شروط العلم والعمل(مقالة - موقع أ. د. مصطفى حلمي)
  • الشروط العقدية في العقود عامة وفي عقد النكاح خاصة(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • ما شروط تحقيق لا إله إلا الله؟(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • معنى القبول والانقياد في شروط لا إله إلا الله (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شروط لا إله إلا الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى القبول والانقياد في شروط لا إله إلا الله (1)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مؤسسة إسلامية تدعم مئات المتضررين من فيروس كورونا جنوب لندن
  • 113 مسلما جديدا في قرية دوبون وامادو شمال غانا
  • إصدار العدد السادس من مجلة لتعارفوا الدعوية
  • مسلمون يطلقون مبادرة لمساعدة الأسر المتضررة من كورونا في أمريكا
  • مسلمو مدينة كانتربري يساعدون الخطوط الأمامية لمواجهة فيروس كورونا
  • بناء مدرسة إسلامية ومسجدان ومسلمون جدد في جامبيا ومدغشقر
  • دورة قرآنية افتراضية بعنوان من الظلمات إلى النور
  • بدء توزيع ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الإسبانية في إسبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1442هـ / 2021م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/6/1442هـ - الساعة: 10:42
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب