• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من أسباب الوقاية من العين والمس والسحر والشيطان: ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    حديث: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الصيام المتقطع، أو كيف نخسر الوزن الزائد؟: خاطرة ...
    عبدالإله أسوماني
  •  
    التدابير الإلهية لحفظ أموال اليتامى من الضياع
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    آكلة العقول (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    التضخم النقدي: في الفقه الإسلامي (WORD)
    أ.د حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    العبر في قول البخاري: "في إسناده نظر" (PDF)
    أ. د. طالب حماد أبوشعر
  •  
    تخريج حديث: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تصل ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    أركان وشروط وسنن الوضوء على ضوء الكتاب والسنة ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    تفسير: (وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    خاتم النبيين (33)
    الشيخ خالد بن علي الجريش
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن القلوب
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    {ود كثير من أهل الكتاب}
    د. خالد النجار
  •  
    نشأة الزيدية وتأريخها (WORD)
    عدنان بن عبده بن أحمد المقطري
  •  
    أقسام الخلق في منازل "إياك نعبد وإياك نستعين"
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أضواء على أسباب الاختلاف
    مسلم الهوراماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة وسودة

زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة وسودة
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/10/2019 ميلادي - 23/2/1441 هجري

الزيارات: 16868

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأحاديث الطوال (17)

زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة وسودة

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ؛ ﴿ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ﴾ [الْقَصَص: 68]، نَحْمَدُهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْمَدَ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى الْهِدَايَةِ وَالْكِفَايَةِ وَالرِّعَايَةِ؛ خَلَقَنَا مِنَ الْعَدَمِ، وَتَابَعَ عَلَيْنَا النِّعَمَ، وَهَدَانَا صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ، وَفَصَّلَ لَنَا دِينَهُ الْقَوِيمَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ رَبٌّ غَفُورٌ رَحِيمٌ، عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴿ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾ [الْحَج: 75- 76]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ اصْطَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَاجْتَبَاهُ، وَمِنْ كُلِّ خُلُقٍ حَسَنٍ حَبَاهُ، وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍ وَبِرٍّ أَعْطَاهُ، فَكَانَ خَيْرَ خَلْقِهِ، وَخَاتَمَ رُسُلِهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ، وَتَمَسَّكُوا بِكِتَابِهِ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِهِ، وَالْزَمُوا طَاعَتَهُ، وَاحْذَرُوا مَعْصِيَتَهُ؛ فَإِنَّ الدُّنْيَا إِلَى زَوَالٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ مُفَارِقُهَا لَا مَحَالَةَ مَهْمَا كَانَتْ مَكَانَتُهُ، وَمَهْمَا كَثُرَ جَمْعُهُ، وَمَهْمَا غَرَّتْهُ قُوَّتُهُ، فَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، وَالشَّقِيُّ مَنْ غَرَّتْهُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى وَافَتْهُ الْمَنُونُ بِعَمَلٍ لَا يَسُرُّهُ فِي آخِرَتِهِ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [فَاطِر: 5].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مَنْ أَحَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ سِيرَتَهُ، وَالْتَزَمَ سُنَّتَهُ، وَعَرَفَ أَحْوَالَهُ وَأَخْبَارَهُ؛ فَإِنَّ مَنْ أَحَبَّ أَحَدًا أَحَبَّ مَعْرِفَةَ كُلِّ شَيْءٍ عَنْهُ، فَكَيْفَ بِمَحَبَّةِ مَنْ دَلَّ الْعَبْدَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَعَرَّفَهُ دِينَهُ، وَهَدَاهُ صِرَاطَهُ، فَلَا شَكَّ أَنَّ مَحَبَّتَهُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى مَحَبَّةِ كُلِّ مَخْلُوقٍ، وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَفِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَجِيبٍ فِيهِ قِصَّةُ زَوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ زَوْجَاتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ، وَفِيهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ شَيْءٌ كَثِيرٌ؛ فَرَوَى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَا: «لَمَّا هَلَكَتْ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا جَاءَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَزَوَّجُ؟ قَالَ: مَنْ؟ قَالَتْ: إِنْ شِئْتَ بِكْرًا، وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّبًا؟ قَالَ: فَمَنِ الْبِكْرُ؟ قَالَتِ: ابْنَةُ أَحَبِّ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْكَ؛ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: وَمَنِ الثَّيِّبُ؟ قَالَتْ: سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، آمَنَتْ بِكَ، وَاتَّبَعَتْكَ عَلَى مَا تَقُولُ، قَالَ: فَاذْهَبِي فَاذْكُرِيهِمَا عَلَيَّ، فَدَخَلَتْ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ: يَا أُمَّ رُومَانَ، مَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ؟ قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْطُبُ عَلَيْهِ عَائِشَةَ، قَالَتِ: انْتَظِرِي أَبَا بَكْرٍ حَتَّى يَأْتِيَ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْطُبُ عَلَيْهِ عَائِشَةَ، قَالَ: وَهَلْ تَصْلُحُ لَهُ؟ إِنَّمَا هِيَ ابْنَةُ أَخِيهِ. فَرَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ فَقُولِي لَهُ: أَنَا أَخُوكَ وَأَنْتَ أَخِي فِي الْإِسْلَامِ، وَابْنَتُكَ تَصْلُحُ لِي، فَرَجَعَتْ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ: انْتَظِرِي، وَخَرَجَ، قَالَتْ أُمُّ رُومَانَ: إِنَّ مُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ قَدْ كَانَ ذَكَرَهَا عَلَى ابْنِهِ، فَوَاللَّهِ مَا وَعَدَ وَعْدًا قَطُّ فَأَخْلَفَهُ -لِأَبِي بَكْرٍ- فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى مُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ وَعِنْدَهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ الْفَتَى، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ، لَعَلَّكَ مُصْبِئٌ صَاحِبَنَا، مُدْخِلُهُ فِي دِينِكَ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ إِنْ تَزَوَّجَ إِلَيْكَ، (تَقْصِدُ أَنَّهُ إِنْ تَزَوَّجَ وَلَدُهَا عَائِشَةَ دَعَاهُ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُ لِلْإِسْلَامِ وَهِيَ لَا تَرْضَى ذَلِكَ لِابْنِهَا) قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِلْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ: أَقَوْلٌ هَذِهِ تَقُولُ، قَالَ: إِنَّهَا تَقُولُ ذَلِكَ، (وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ وَافَقَ زَوْجَتَهُ فِي رَفْضِ عَائِشَةَ زَوْجَةً لِابْنِهِمْ؛ خَوْفًا مِنْ تَأْثِيرِ أَبِي بَكْرٍ عَلَيْهِ فَيُسْلِمُ) فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، وَقَدْ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا كَانَ فِي نَفْسِهِ مِنْ عِدَتِهِ الَّتِي وَعَدَهُ فَرَجَعَ، فَقَالَ لِخَوْلَةَ: ادْعِي لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَتْهُ فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ وَعَائِشَةُ يَوْمَئِذٍ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، ثُمَّ خَرَجَتْ فَدَخَلَتْ عَلَى سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، فَقَالَتْ: مَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكِ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ؟ قَالَتْ: مَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْطُبُكِ عَلَيْهِ، قَالَتْ: وَدِدْتُ، ادْخُلِي إِلَى أَبِي فَاذْكُرِي ذَاكَ لَهُ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا، قَدْ أَدْرَكَتْهُ السِّنُّ، قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ الْحَجِّ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ، فَحَيَّتْهُ بِتَحِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ فَقَالَتْ: خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ، قَالَ: فَمَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَرْسَلَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْطُبُ عَلَيْهِ سَوْدَةَ، قَالَ: كُفْءٌ كَرِيمٌ، مَاذَا تَقُولُ صَاحِبَتُكِ؟ قَالَتْ: تُحِبُّ ذَاكَ، قَالَ: ادْعِيهَا لِي فَدَعَتْهَا، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّةُ، إِنَّ هَذِهِ تَزْعُمْ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ أَرْسَلَ يَخْطُبُكِ، وَهُوَ كُفْءٌ كَرِيمٌ، أَتُحِبِّينَ أَنْ أُزَوِّجَكِ بِهِ، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: ادْعِيهِ لِي، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ، فَجَاءَهَا أَخُوهَا عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ مِنَ الْحَجِّ، فَجَعَلَ يَحْثِي عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابَ؛ (أَيْ: مُعْتَرِضًا عَلَى زَوَاجِ أُخْتِهِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ: لَعَمْرُكَ إِنِّي لَسَفِيهٌ يَوْمَ أَحْثِي فِي رَأْسِي التُّرَابَ أَنْ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ مِنَ الْخَزْرَجِ فِي السُّنْحِ، قَالَتْ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ بَيْتَنَا وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَنِسَاءٌ، فَجَاءَتْ بِي أُمِّي وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ بَيْنَ عِذْقَيْنِ تَرْجَحُ بِي، فَأَنْزَلَتْنِي مِنَ الْأُرْجُوحَةِ، وَلِي جُمَيْمَةٌ فَفَرَقَتْهَا، وَمَسَحَتْ وَجْهِي بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ تَقُودُنِي حَتَّى وَقَفَتْ بِي عِنْدَ الْبَابِ، وَإِنِّي لَأَنْهَجُ حَتَّى سَكَنَ مِنْ نَفَسِي، ثُمَّ دَخَلَتْ بِي فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ عَلَى سَرِيرٍ فِي بَيْتِنَا، وَعِنْدَهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَجْلَسَتْنِي فِي حِجْرِهِ، ثُمَّ قَالَتْ: هَؤُلَاءِ أَهْلُكِ فَبَارَكَ اللَّهُ لَكِ فِيهِمْ، وَبَارَكَ لَهُمْ فِيكِ، فَوَثَبَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، فَخَرَجُوا وَبَنَى بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِنَا، مَا نُحِرَتْ عَلَيَّ جَزُورٌ، وَلَا ذُبِحَتْ عَلَيَّ شَاةٌ، حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْنَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بِجَفْنَةٍ كَانَ يُرْسِلُ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا دَارَ إِلَى نِسَائِهِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، جَاءَتْنِي نِسْوَةٌ وَأَنَا أَلْعَبُ فِي أُرْجُوحَةٍ وَأَنَا مُجَمَّمَةٌ، فَذَهَبْنَ بِي، فَهَيَّأْنَنِي، وَصَنَعْنَنِي، ثُمَّ أَتَيْنَ بِي رَسُولَ اللَّهِ، فَبَنَى بِي وَأَنَا بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ».

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَة: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ سَوْدَةَ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بَعْدَ وَفَاةِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِمَكَّةَ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، وَدَخَلَ بِسَوْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي مَكَّةَ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِصِغَرِ سِنِّهَا حَتَّى بَلَغَتْ فِي الْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ بَنَاتُ قُرَيْشٍ يَبْلُغْنَ فِي سِنِّ التَّاسِعَةِ.

 

وَكَانَتْ عَائِشَةُ يُعْجِبُهَا عَقْلُ سَوْدَةَ وَحَزْمُهَا، قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ فِي مِسْلَاخِهَا مِنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، مِنِ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَتَمَنَّتْ أَنْ تَكُونَ عَلَى مِثْلِ حَالِهَا فِي الْأَوْصَافِ الَّتِي اسْتُحْسِنَتْ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ حَدِيدَةَ الْقَلْبِ، حَازِمَةَ الرَّأْيِ، مَعَ عَقْلٍ وَدِينٍ.

 

وَرُبَّمَا تَمَازَحَتِ الزَّوْجَتَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَزِيرَةٍ طَبَخْتُهَا لَهُ -وَهِيَ نَوْعٌ مِنَ الْمَرَقِ أَوِ الْحَسَاءِ-، فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ -وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا-: كُلِي، فَأَبَتْ، فَقُلْتُ: لَتَأْكُلِنَّ أَوْ لَأَلْطَخَنَّ وَجْهَكِ، فَأَبَتْ، فَوَضَعْتُ يَدِي فِي الْخَزِيرَةِ فَطَلَيْتُ بِهَا وَجْهَهَا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَضَعَ فَخِذَهُ لَهَا، وَقَالَ لِسَوْدَةَ: الْطِخِي وَجْهَهَا فَلَطَّخَتْ وَجْهِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا» رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَأَبُو بَكْرٍ الْبَزَّازُ.

 

وَلَمَّا أَسَنَّتْ سَوْدَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَهَبَتْ لَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَلَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَارَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا الْخُرُوجَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَتَى تَيَسَّرَ لَهَا ذَلِكَ؛ تَبْتَغِي الْأَجْرَ، وَعَلَّمَتِ الْعِلْمَ، وَنَشَرَتِ الْحَدِيثَ، وَكَانَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقِيهَةً مُفْتِيَةً. وَأَمَّا سَوْدَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَاخْتَارَتِ الْبَقَاءَ فِي مَنْزِلِهَا، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «نُبِّئْتُ أَنَّهُ قِيلَ لِسَوْدَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَكِ لَا تَحُجِّينَ وَلَا تَعْتَمِرِينَ كَمَا يَفْعَلُ أَخَوَاتُكِ؟ فَقَالَتْ: قَدْ حَجَجْتُ وَاعْتَمَرْتُ، وَأَمَرَنِي اللَّهُ أَنْ أَقَرَّ فِي بَيْتِي، فَوَاللَّهِ لَا أَخْرُجُ مِنْ بَيْتِي حَتَّى أَمُوتَ، قَالَ: فَوِاللَّهِ مَا خَرَجَتْ مِنْ بَابِ حُجْرَتِهَا حَتَّى أُخْرِجَتْ بِجِنَازَتِهَا».

 

وَقَدْ رَجَّحَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهَا تُوُفِّيَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ لِلْهِجْرَةِ، وَعَلَى هَذَا فَتَكُونُ قَدْ مَكَثَتْ فِي حُجْرَتِهَا وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْهَا أَبَدًا زُهَاءَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً.

 

فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ عَائِشَةَ وَسَوْدَةَ وَجَمِيعِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَجَمَعَنَا بِهِمْ فِي دَارِ النَّعِيمِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • زواج النبي بالسيدة عائشة عند العلماء والعقلاء والمنصفين
  • زواج النبي من زينب، وما أثير حول هذا الزواج
  • المستشرقون وزواج النبي عليه الصلاة والسلام
  • افتراءات حول زواج النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • زواج النبي بدون ولي ولا شهود
  • حديث زواج النبي بعائشة وهي بنت ست سنين
  • هل أزواج النبي عليه الصلاة والسلام من أهل البيت؟

مختارات من الشبكة

  • شبهات وإجاباتها حول زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة وصفية أمهات المؤمنين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أبناء أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها قبل زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (31): كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بكونه خاتم النبيين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم عن غيره من الأنبياء في الدنيا(مقالة - ملفات خاصة)
  • لم يتبق من قبور الأنبياء إلا قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • بركات الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وقوله تعالى: ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) الآية(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • النبي معلما (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: ثناء الله تعالى عليه في التوراة بحسن الخلق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأربعون في محبة النبي صلى الله عليه وسلم وفضل الصلاة والسلام عليه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 1000 شخص يتعرفون على الإسلام داخل مسجد هاليفاكس
  • المسابقة الأدبية للمسلمين في تتارستان
  • مدرسة إسلامية لمرضى التوحد بمدينة Preston
  • اختتام المدرسة الشتوية لمنتدى الشباب المسلم في تتارستان
  • إسلام أكثر من 11 ألف وبناء 5 مساجد خلال 2022 في بوروندي
  • أسبوع التوعية الإسلامية الخامس في كيبيك
  • مسلمون يوزعون مئات الطرود الغذائية على المحتاجين في برمنغهام
  • مسلمو تورنتو يوفرون حافلة للنوم خلال فصل الشتاء من أجل المشردين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/7/1444هـ - الساعة: 22:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب