• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الفوائد الضرورية المتعلقة بالرواية الحديثية (WORD)، (PDF)
    أبو الحسن علي بن حسن الأزهري
  •  
    اهتمام ابن كثير بشتى جوانب اللغة
    مبارك بن حمد الحامد الشريف
  •  
    منهج الإمام الحبر الترجمان في بيان معاني القرآن
    محمد السيد حسن محمد
  •  
    خطر المخدرات (خطبة)
    لاحق محمد أحمد لاحق
  •  
    أول سفير في الإسلام (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    تفسير سورة المنافقون كاملة
    رامي حنفي محمود
  •  
    المهاجرات إلى الحبشة
    د. سامية منيسي
  •  
    وقفات تفسيرية مع مصطلح "قرة أعين" المعاني والدلالات
    فدوى الأصيل
  •  
    شرح حديث أبي هريرة: "قبل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن ...
    سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
  •  
    حفظ اللسان عن التقعر في الكلام
    الشيخ وحيد عبدالسلام بالي
  •  
    فوائد البسملة، والأحكام التي تضمنتها
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    وصايا مهمة للموظفين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    من أحكام المعاملات المالية
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    قيد سماع لكتاب "منهاج الطالبين" كتبه الإمام النووي لتلميذه ...
    عبد الله الحسيني
  •  
    حديث: كساني النبي صلى الله عليه وسلم حلة سيراء
    الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
  •  
    التوحيد في سورة الدخان
    د. أمين الدميري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

اللآلئ الغراء من فضائل وفوائد الحياء (خطبة)

اللآلئ الغراء من فضائل وفوائد الحياء (خطبة)
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/10/2020 ميلادي - 2/3/1442 هجري
زيارة: 2398

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اللآلئ الغراء من فضائل وفوائد الحياء


عناصر الخطبة:

♦ تعريف الحياء

♦ الحياء صفة من صفات رب الأرض والسماء

♦ الحياء من صفات الأنبياء والأتقياء

♦ حياء كليم الله موسى عليه السلام

♦ حياء حبيب الله محمد صلى الله عليه وسلم

♦ حياء عائشة رضي الله عنها

♦ ثمرات الحياء

♦ أثر الحياء على الفرد والمجتمع


 

 

 

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى

أما بعد: فحديثنا اليوم عن صفة من الصفات التي بها يرتقي المسلم إلى سُلم الإيمان والتقوى، وبها يرتقي المجتمع إلى الطهارة والنقاء والعفة والوفاء، حديثنا عن صفة من صفات الله تعالى، وهي كذلك من صفات الأنبياء والأولياء والأتقياء، إنها مفتاح الطهارة، إنها دليل النقاء، حديثنا أيها الأحباب عن صفة الحياء، فما الحياء؟ وما ثمراته؟ وما أثره على الفرد والمجتمع؟ أعيروني القلوب والأسماع، فإن الأمة بل البشرية جمعاء بحاجة إلى ذلك الخلق وتلك الصفة.


تعريف الحياء:

أيها المسلم الكريم، قال بعض الحكماء عن الحياء: من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه، فالحياء هو أفضل كساء وأفضل ما يتميز به المسلم والمسلمة.


قال فضل الله الجيلاني: الحياء تغيُّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يلام به ممَّا كان قبيحًا حقيقةً، قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْحَيَاءُ مِنْ الْحَيَاةِ، وَعَلَى حَسَبِ حَيَاةِ الْقَلْبِ يَكُونُ فِيهِ قُوَّةُ خُلُقِ الْحَيَاءِ، وَقِلَّةُ الْحَيَاءِ مِنْ مَوْتِ الْقَلْبِ وَالرُّوحِ، وَأَوْلَى الْحَيَاءِ: الْحَيَاءُ مِنْ اللَّهِ، وَالْحَيَاءُ مِنْهُ أَلَّا يَرَاك حَيْثُ نَهَاك، وَيَكُونُ ذَلِكَ عَنْ مَعْرِفَةٍ وَمُرَاقَبَةٍ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم؛ كما في حديث جبريل الطويل لَمَّا سأله عن الإحسان: (الْإِحْسَانُ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّك تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك)؛ الطبراني.


الحياء صفة من صفات رب الأرض والسماء:

واعلموا علمني الله تعالى وإياكم أن الحياء صفة من صفات الله جل جلاله، فمن صفات المولى عزَّ وجلَّ (الحيي)؛ عَنْ سَلْمَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ فَيَرُدَّهُمَا صِفْرًا، أَوْ قَالَ: خَائِبَتَيْنِ) [1].


عَنْ يَعْلَى قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ) [2].


والغرض والغاية من وصف الله تعالى به فعل ما يسرُّ وترك ما يضرُّ، والعطاء من غير سؤال « بذل المجهود».


وقال الفيروز آبادي: وأما حياء الرب تبارك وتعالى من عبده، فنوع آخر لا تدركه ولا تكيِّفه العقول، فإنَّه حياء كرم وبر وجود، فإنَّه كريم يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردَّهما صفرًا، ويستحيي أن يعذِّب شيبة شابت في الإسلام)[3].


الحياء من صفات الأنبياء والأتقياء:

إخوة الإيمان: اعلموا: أن الحياء صفة من صفات الأنبياء والأتقياء ممن اختارهم الله تعالى لحمل رسالته والدعوة إلى منهجه و نذكر منهم:

حياء كليم الله موسى عليه السلام:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا لَا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التَّسَتُّرَ إِلَّا مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ إِمَّا بَرَصٌ وَإِمَّا أُدْرَةٌ وَإِمَّا آفَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا لِمُوسَى فَخَلَا يَوْمًا وَحْدَهُ فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى الْحَجَرِ ثُمَّ اغْتَسَلَ فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا وَإِنَّ الْحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الْحَجَرَ فَجَعَلَ يَقُولُ ثَوْبِي حَجَرُ ثَوْبِي حَجَرُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ وَقَامَ الْحَجَرُ فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ وَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا بِعَصَاهُ فَوَاللَّهِ إِنَّ بِالْحَجَرِ لَنَدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا فَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا ﴾ [الأحزاب: 69] [4].

 

حياء حبيب الله محمد صلى الله عليه وسلم:

عَنْ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ وَعَائِشَةُ وَرَاءَهُ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ، فَدَخَلَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فَدَخَلَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلِيٌّ فَدَخَلَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فَدَخَلَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عثمان بن عفان فَدَخَلَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يتحدث كاشفًا عن ركبتيه، فمد ثوبه على رُكْبَتَيْهِ، وَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: اسْتَأْخِرِي عَنِّي، فَتَحَدَّثُوا سَاعَةً، ثم خرجوا قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، دخل عليك أصحابك فلم تصلح ثوبك على رُكبتيك، ولم تزجرني عنك حَتَّى دَخَلَ عُثْمَانُ، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ أَلَا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة، والذي نفس محمد بيده، إن الملائكة لتستحيي من عثمان كما تستحيي من الله ورسوله؟ ولو دخل وأنت قريبة مِنِّي لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ وَلَمْ يَتَحَدَّثْ حَتَّى يخرج [5].


حياء عائشة رضي الله عنها:

أما إن سألتم عن حياء المسلمات الأُول، فنذكركم بحياء الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما زوجة الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي، فَأَضَعُ ثَوْبِي، فَأَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ فَوَاللَّهِ مَا دَخَلْتُ إِلاَّ وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَىَّ ثِيَابِي حَيَاءً مِنْ عُمَر رَضِي اللَّه عَنْه[6].

 

ثمرات الحياء:

أ- الحياء مفتاح كل خير: في الصحيحين: عن عمران بن حصين قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحياءُ لا يَأْتي إلا بِخَيْرٍ»[7].

 

يقول ابن حجر رحمه اللَّه: إذا صار الحياء عادة وتخلَّق به صاحبه، يكون سببًا يجلب الخير إليه، فيكون منه الخير بالذات والسبب؛ [فتح الباري].


الحياء أصل كل خير وذهابه ذهاب.


ب- الحياء مغلاق لكل شر: في صحيح البخاري عن أبي مَسْعُود عقبَة بن عَمْرو الْأنْصَارِي البدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «إِن مِمَّا أدْرك النَّاس من كَلَام النُّبُوَّة الأولَى: إِذا لم تستح فَاصْنَعْ مَا شِئْت» [8].


ج - الحياء سبب لكل الطاعات: في الصحيحين عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: الْإِيمَان سبع وَسَبْعُونَ شُعْبَة، أَعْلَاهَا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَدْنَاهَا إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق، وَالْحيَاء شُعْبَة من الْإِيمَان»[9].

 

وقد سمى الحياء من الإيمان؛ لكونه باعثًا على فعل الطاعة، وحاجزًا عن فعل المعصية، فإن قيل لِمَ أُفرد بالذكر هنا؟ أجيب بأنه الحياء كالداعي إلى باقي الشُّعَب؛ أي: شُعب الإيمان[10].

 

معنى ذلك أن الحياء الحقيقي يُحفزك على فعل باقي شعب الإيمان الكثيرة وكافة الطاعات.


د - محبة الله تعالى لأهل الحياء: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن اللَّه تعالى إذا أنعم على عبد يحب أن يرى أثرَ النعمة عليه، ويكره البؤس والتباؤس ويبغض السائل الملحف، ويحب الحيي العفيف المتعفف»[11].


فاللَّه تعالى يحب الحياء، وبالتالي يحب أهل الحياء، ومن أحبه الله تعالى صار سعيدًا في كل حياته وعند مماته وفي قبره ويوم لقاء اللَّه تعالى.


هـ - الحياء زينة وبهاء: عن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا كانَ الفُحْشُ في شَيءٍ إلا شَانَهُ، ومَا كانَ الْحَيَاءُ في شَيء إلا زَانَهُ» [12].


ز - الأمن من أهوال يوم القيامة: في صحيح البخاري عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ»[13].


قال القرطبي: قوله: «إني أخاف اللَّه إنما يصدر ذلك عن شدة خوف من اللَّه تعالى ويقين وتقوى»[14].


ح- الحياء شهادة ضمان لدخول الجنة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحَياءُ مِنْ الإِيمَانِ وَالإِيمانُ في الجَنَّةِ»[15].

 

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه.


الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان، ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أثر الحياء على الفرد والمجتمع:

إن للحياء أثرًا جميلًا داخل المجتمع المسلم، ويظهر ذلك الأثر في عدة مناحي؛ نذكر منها:

1- الصدق في المعاملة (بيعًا، وشراءً، وتعليمًا، واستشارة، وموعدًا.... إلخ)، وهذه من صفات المروءة التي يحمل عليها الحياء، قبل أن يدعو إليها الإسلام، ومن الشواهد على ذلك الحوار المشهور بين أبي سفيان (عند ما كان في الجاهلية)، وهرقل؛ حيث أجابه بصدق عن كل ما سأل ولم يكذب، بل قال: (فَوَاللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ) [16]، وما أحوجنا إلى مثل هذا الصدق في معاملاتنا، وفي حكمنا على الآخرين، بل وفي حكمنا على أنفسنا.


2- أدب الطلاب مع المعلمين، واحترام الصغار للكبار، ومن الشواهد على ذلك ما جاء في فتح الباري عن ابن عمر أنه قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ، فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، قَالَ عَبْدُاللَّهِ وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ - وفي رواية فَأَرَدْت أَنْ أَقُول: هِيَ النَّخْلَة؛ فَإِذَا أَنَا أَصْغَر الْقَوْم - ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ) [17].

 

وعند ما يغيب الحياء نرى الطالب يتطاول على المعلم، والصغير لا يوقر الكبير، ويختفي الاحترام وتغيب المروءة، وتظهر العبارات الوقحة من الطلاب والشباب (بل والشُّيب) في الأسواق، والمركبات العامة، والمناسبات.


3- شيوع العفة بين الفقراء وترك الإلحاح في السؤال، جاء في صحيح البخاري عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: (لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ الْأُكْلَةَ وَالْأُكْلَتَانِ، وَلَكِنْ الْمِسْكِينُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ غِنًى وَيَسْتَحْيِي، أَوْ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا) [18]؛ قال ابن حجر:

(وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَسْكَنَةَ إِنَّمَا تُحْمَدُ مَعَ الْعِفَّةِ عَنْ السُّؤَالِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْحَاجَةِ، وَفِيهِ اِسْتِحْبَابُ الْحَيَاءِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ، وَحُسْن الْإِرْشَادِ لِوَضْعِ الصَّدَقَةِ، وَأَنْ يَتَحَرَّى وَضْعهَا فِيمَنْ صِفَتُهُ التَّعَفُّف دُونَ الْإِلْحَاحِ) [19].


فما أحوجنا إلى الحياء لتغيب عن مجتمعاتنا مظاهر التسول القبيحة من الذين يؤذون المصلين في المساجد عقب كل صلاة، أو الذين يحرجون الآكلين أثناء تناول الطعام، أو المتعلقين بالسائرين في الطرقات إلحاحًا وإصرارًا.


8- أثر قلة الحياء في حياة الفرد والمجتمع:

1- موت القلب، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (من قلَّ حياؤه قل ورعُه، من قلَّ ورعه مات قلبه).

2- قال ابن مسعود رضي الله عنه: (من لا يستحيي من الناس لا يستحيي من الله).

3- نقص الإيمان أو ذهابه بالكلية عياذًا بالله تعالى.

4- الإقدام على المعاصي وعدم الحياء؛ حتى إن إبليس إذا رآه تهلَّل وجهه.

5- من لا يستحيي يكون ممقوتًا من الله ومن الناس.


الدعاء.



[1] أخرجه أبوداود (1273) وابن ماجه (3855).

[2] أخرجه أبو داود (3497).

[3] بصائر ذوي التمييز (2/ 517).

[4] أخرجه أحمد (2/ 315)، و«البخاري» (781)، و«مسلم» (1/ 183)، (7/ 99).

[5] أخرجه أحمد (6/ 62، رقم 24375)، ومسلم (4/ 1866، رقم 2401).

[6] رواه ابن سعد/ الطبقات 2/ 294، 3/ 364، أحمد/ المسند6/ 202، ابن شيبة/ تاريخ المدينة 3/ 162، الخلال / السنة ص 297، صحيح من طريق أحمد.

[7] رواه البخاري رقم "6117"في الأدب، ومسلم رقم" 97"في الحياء.

[8] صحيح. رواه البخاري (6120)

[9] أخرجه البخاري 1/ 9 ( 9 )، ومسلم 1/ 46 ( 35 ) ( 58 ).

[10] [الفتح: 1/ 68].

[11] قال الشيخ الألباني: (صحيح)؛ انظر: حديث رقم 1711 في صحيح الجامع.

[12] أخرجه : ابن ماجه (4185)، والترمذي (1974)، وقال : (( حديث حسن غريب )) .

[13] أخرجه البخاري في 10 كتاب الزكاة، 36، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد.

[14] [فتح الباري 2/ 660].

[15] أخرجه البخاري في) الأدب المفرد( 1314 و"ابن ماجة"4184

[16] البخاري في صحيحه ج 1/ ص 11 حديث رقم: 7

[17] أخرجه البخاري في 3 كتاب العلم: 4 باب قول المحدث: حدثنا أو أخبرنا وأنبأنا.

[18] أخرجه البخاري (2/ 537، رقم 1406)، والنسائي (5/ 85، رقم 2572).

[19] (الفتح ج 5 ص97).




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • خطبة في الحياء
  • درع العفاف: الحياء والحجاب
  • الحياء وصلاح المجتمع
  • كلمة عن الحياء
  • خطبة عن الحياء
  • الحياء خلق الإسلام
  • حديث عن الحياء
  • الأخلاق: الحياء
  • الحياء خير كله (خطبة)
  • كم خسرت المجتمعات بغياب الحياء (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • عشر مواعظ من كتاب اللآلئ لابن الجوزي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة اللآلئ المتوجهة في فسوق المرأة المتبرجة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • اللآلئ المكللة في تفضيل المعلاة على المسفلة للسيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اللآلئ الذهبية في شرح المقدمة الجزرية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الوقف على أواخر الكلم (من كتاب اللالئ الذهبية في شرح المقدمة الجزرية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • همزة الوصل (من كتاب اللالئ الذهبية في شرح المقدمة الجزرية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المواضع التي جاءت فيها تاء التأنيث بالتاء المفتوحة (من كتاب اللآلئ الذهبية في شرح المقدمة الجزرية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إجازة السيوطي لجرامرد الناصري (اللآلئ المصنوعة)(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمون يطلقون مبادرة لمساعدة الأسر المتضررة من كورونا في أمريكا
  • مسلمو مدينة كانتربري يساعدون الخطوط الأمامية لمواجهة فيروس كورونا
  • بناء مدرسة إسلامية ومسجدان ومسلمون جدد في جامبيا ومدغشقر
  • دورة قرآنية افتراضية بعنوان من الظلمات إلى النور
  • بدء توزيع ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الإسبانية في إسبانيا
  • القافلة الطبية السادسة لمرضى العيون في النيجر
  • مساعدات المسلمين لغيرهم تتواصل بولايتي تينيسي ونيوجيرسي
  • 276 ألف مسلم لاتيني في الولايات المتحدة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1442هـ / 2021م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/6/1442هـ - الساعة: 15:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب