• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة عن الفساد المالي
    رافع العنزي
  •  
    حديث: أحل الذهب والحرير لإناث أمتي
    الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
  •  
    آداب السفر لمن أراد السفر (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    تقديم العقل والتشبه باليهود
    زهراء بنت عبدالله
  •  
    صور من حوار الرسول لليهود
    أ. د. عبدالحليم عويس
  •  
    باب كفر اليهود والنصارى وخلودهم في النار وتعجيل جزاء ...
    وسام الكحلاني
  •  
    إلى البائسين.. فقط!
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    البدائع المنيفة في قوله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة)
    محمد السيد حسن محمد
  •  
    Diplomatic representation at the time of the Messenger of ...
    أحلام عباسي
  •  
    شرح حديث أبي هريرة: "إذا صلى أحدكم للناس فليخفف"
    سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
  •  
    استدلال ابن كثير باللغة في المسائل الخلافية
    مبارك بن حمد الحامد الشريف
  •  
    تفسير سورة الجمعة كاملة
    رامي حنفي محمود
  •  
    تاريخ الفقه الإسلامي: أهميته وأهم المؤلفات فيه
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    حديث: لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة ...
    الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك
  •  
    سعد بن معاذ رضي الله عنه (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (1) فضائلهن وخصائصهن

أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (1) فضائلهن وخصائصهن
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/11/2020 ميلادي - 9/4/1442 هجري
زيارة: 2854

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (1)

فضائلهن وخصائصهن


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ؛ ﴿ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الْقَصَصِ: 68]، نَحْمَدُهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْمَدَ، وَنَشْكُرُهُ فَقَدْ تَأَذَّنَ بِالزِّيَادَةِ لِمَنْ شَكَرَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ، وَهَدَى كُلَّ مَخْلُوقٍ لِمَا يُصْلِحُهُ، وَفَضَّلَ بَعْضَ خَلْقِهِ عَلَى بَعْضٍ ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 2]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ اصْطَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولًا لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَاخْتَارَ لَهُ أَزْوَاجًا هُنَّ خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَسْلِمُوا لَهُ وُجُوهَكُمْ، وَأَقِيمُوا لَهُ دِينَكُمْ؛ فَفِي ذَلِكَ النَّجَاةُ وَالْفَوْزُ وَالْفَلَاحُ ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 112].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: كَمَا أَنَّ فِي الرِّجَالِ رِجَالًا أَفَاضِلَ، سَبَقُوا إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَفْنَوْا أَعْمَارَهُمْ فِي الْعِلْمِ وَالدَّعْوَةِ وَالْجِهَادِ؛ فَكَذَلِكَ فِي نِسَاءِ الْأُمَّةِ فُضْلَيَاتٌ كُنَّ شَامَاتٍ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُبَارَكَةِ، وَكُنَّ عَوْنًا لِرِجَالِهِنَّ عَلَى مَهَامِّهِمْ فِي خِدْمَةِ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي مُقَدِّمَتِهِنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُنَّ وَأَرْضَاهُنَّ؛ إِذْ عِشْنَ فِي بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَخَدَمْنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَقَلْنَ عَنْهُ أَقْوَالَهُ وَأَفْعَالَهُ وَأَحْوَالَهُ فِي خَاصَّةِ بَيْتِهِ وَأَهْلِهِ، وَهُوَ عِلْمٌ لَمْ يَصِلْ إِلَيْنَا إِلَّا عَنْ طَرِيقِهِنَّ، وَمَنَاقِبُهُنَّ كَثِيرَةٌ، وَفَضَائِلُهُنَّ عَدِيدَةٌ، وَمَا اخْتَارَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى لِبَيْتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا لِفَضْلِهِنَّ وَمَنَاقِبِهِنَّ:

 

وَمِنْ فَضَائِلِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اخْتَارَهُنَّ زَوْجَاتٍ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَصَفَهُنَّ بِهَذَا الْوَصْفِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ﴾ [الْأَحْزَابِ: 50]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ ﴾ [الْأَحْزَابِ: 28]، وَنَادَاهُنَّ بِنِسَاءِ النَّبِيِّ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ ﴾ [الْأَحْزَابِ: 30]، وَهَذَا شَرَفٌ عَظِيمٌ لَهُنَّ حِينَ نَوَّهَ اللَّهُ تَعَالَى بِذِكْرِهِنَّ فِي كِتَابٍ يُتْلَى إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ، وَنَسَبَهُنَّ فِيهِ لِخَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ.

 

وَمِنْ فَضَائِلِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا اخْتَارَهُنَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ عَلَى قَدْرِ الْمَسْئُولِيَّةِ، وَأَدْرَكْنَ قِيمَةَ ذَلِكَ الشَّرَفِ الْعَظِيمِ؛ وَذَلِكَ حِينَ خَيَّرَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْعَيْشِ مَعَهُ عَلَى الْقِلَّةِ وَالْحِرْمَانِ، وَبَيْنَ مَتَاعِ الدُّنْيَا؛ فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ بِي، فَقَالَ: إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ، قَالَتْ: قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 28- 29]، قَالَتْ: فَقُلْتُ: فِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَقَدْ أَدْخَلْنَ السُّرُورَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاخْتِيَارِهِنَّ لَهُ دُونَ الدُّنْيَا وَمَتَاعِهَا، كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «فَسُرَّ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْجَبَهُ»، فَمِنْ أَعْظَمِ مَنَاقِبِهِنَّ أَنَّهُنَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ قَدْ أَدْخَلْنَ السُّرُورَ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَنَتِيجَةً لِهَذَا الِاخْتِيَارِ صَبَرْنَ عَلَى شَظَفِ الْعَيْشِ، وَقِلَّةِ الدُّنْيَا؛ إِذْ كَانَ يَمُرُّ الشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ لَا يُوقَدُ فِي بُيُوتِهِنَّ نَارٌ لِلطَّبْخِ، وَيَرْضَيْنَ بِمَا رَضِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ التَّمْرُ وَالْمَاءُ.

 

وَمِنْ فَضَائِلِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا اخْتَارَهُنَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَّلَهُنَّ مِنَ الْمَسْئُولِيَّةِ أَعْظَمَ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِنَ النِّسَاءِ، وَجَعَلَهُنَّ فِي مَنْزِلَةٍ أَعْلَى مِنْ مَنْزِلَةِ غَيْرِهِنَّ، فَضَاعَفَ لَهُنَّ الْعُقُوبَةَ فِي حَالِ الْإِسَاءَةِ، كَمَا ضَاعَفَ لَهُنَّ الْأَجْرَ فِي حَالِ الْإِحْسَانِ، وَقَدْ كُنَّ مُحْسِنَاتٍ، فَنِلْنَ الْأَجْرَ مُضَاعَفًا ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا ﴾[الْأَحْزَابِ: 30- 32]. وَقَدْ فُسِّرَ الرِّزْقُ الْكَرِيمُ الْمُعَدُّ لَهُنَّ بِأَنَّهُ الْجَنَّةُ؛ فَهُنَّ زَوْجَاتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ كَمَا كُنَّ زَوْجَاتِهِ فِي الدُّنْيَا.

 

وَمِنْ فَضَائِلِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْرَمَهُنَّ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ﴾ [الْأَحْزَابِ: 52]، جَاءَ عَنْ جَمْعٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّ «هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ مُجَازَاةً لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِضًا عَنْهُنَّ، عَلَى حُسْنِ صَنِيعِهِنَّ فِي اخْتِيَارِهِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ... فَلَمَّا اخْتَرْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ جَزَاؤُهُنَّ أَنَّ اللَّهَ قَصَرَهُ عَلَيْهِنَّ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِهِنَّ، أَوْ يَسْتَبْدِلَ بِهِنَّ أَزْوَاجًا غَيْرَهُنَّ، وَلَوْ أَعْجَبَهُ حُسْنُهُنَّ، إِلَّا الْإِمَاءَ وَالسِّرَارِيَ فَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهِنَّ. ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى رَفَعَ عَنْهُ الْحَجْرَ فِي ذَلِكَ، وَنَسَخَ حُكْمَ هَذِهِ الْآيَةِ، وَأَبَاحَ لَهُ التَّزَوُّجَ، وَلَكِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَزَوُّجٌ لِتَكُونَ الْمِنَّةُ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ». وَبَيَّنَ حُكْمَهُنَّ عَنْ غَيْرِهِنَّ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 53]. فَلَمْ يَحِلَّ لَهُنَّ الزَّوَاجُ بَعْدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

وَمِنْ فَضَائِلِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَضَّلَهُنَّ عَلَى عُمُومِ النِّسَاءِ، وَخَاطَبَهُنَّ بِهَذَا التَّفْضِيلِ فِي كِتَابٍ يُتْلَى إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ؛ لِيَعْلَمَ بِهِ كُلُّ قَارِئٍ لِلْقُرْآنِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ﴾ [الْأَحْزَابِ: 32]. وَقَدِ اتَّقَيْنَ اللَّهَ تَعَالَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ وَأَرْضَاهُنَّ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «يُرِيدُ لَيْسَ قَدْرُكُنَّ عِنْدِي مِثْلَ قَدْرِ غَيْرِكُنَّ مِنَ النِّسَاءِ الصَّالِحَاتِ، أَنْتُنَّ أَكْرَمُ عَلَيَّ، وَثَوَابُكُنَّ أَعْظَمُ لَدَيَّ». «وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُنَّ اتَّصَلْنَ بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامِ اتِّصَالًا أَقْرَبَ مِنْ كُلِّ اتِّصَالٍ، وَصِرْنَ أَنِيسَاتِهِ، مُلَازِمَاتِ شُؤُونِهِ، فَيَخْتَصِصْنَ بِاطِّلَاعِ مَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ مِنْ أَحْوَالِهِ وَخُلُقِهِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَيَتَخَلَّقْنَ بِخُلُقِهِ أَكْثَرَ مِمَّا يَقْتَبِسُ مِنْهُ غَيْرُهُنَّ، وَلَأَنَّ إِقْبَالَهُ عَلَيْهِنَّ إِقْبَالٌ خَاصٌّ».

 

وَمِنْ فَضَائِلِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ الْوَحْيَ كَانَ يَتَنَزَّلُ فِي بُيُوتِهِنَّ؛ فَمِنْ حُجَرِهِنَّ نَبَعَتْ كَثِيرٌ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ الَّتِي نَتْلُوهَا بَعْدَ قُرُونٍ مُتَتَابِعَةٍ مِنْ نُزُولِهَا، وَقَدْ نَوَّهَ اللَّهُ تَعَالَى بِتِلْكَ الْمِيزَةِ لَهُنَّ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 34].

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 130 - 132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ نَوَّهَ اللَّه تَعَالَى بِهِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 33]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «نَزَلَتْ فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً». وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمْ قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

فَحَرِيٌّ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يَعْرِفُوا لِنِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلَهُنَّ وَخَصَائِصَهُنَّ؛ فَإِنَّهُنَّ أُمَّهَاتُهُمْ بِنَصِّ الْقُرْآنِ: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [الْأَحْزَابِ: 6]، وَأَنْ يُرَبُّوا نِسَاءَهُمْ وَبَنَاتِهِمْ وَأَخَوَاتِهِمْ عَلَى سِيَرِهِنَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ وَأَرْضَاهُنَّ، فَنِعْمَ السِّيرَةُ سِيَرُهُنَّ، وَنِعْمَ الْأَخْبَارُ أَخْبَارُهُنَّ. فَهُنَّ النِّسَاءُ الْعَظِيمَاتُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، حَفِظْنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ، وَلَمْ تُفْشِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ سِرَّهُ، وَاخْتَرْنَهُ عَلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا، وَنَقَلْنَ لَنَا مَا كَانَ مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ فِي بَيْتِهِ، وَخَاصَّةِ نِسَائِهِ.

 

وَكَانَ وَلَاؤُهُنَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمَ مِنْ وَلَائِهِنَّ لِآبَائِهِنَّ وَعَشَائِرِهِنَّ؛ فَصَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ قُتِلَ أَبُوهَا وَأَخُوهَا وَزَوْجُهَا عَلَى أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، وَمَعَ ذَلِكَ اخْتَارَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَيَّرَهَا، فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَكَانَتْ نِعْمَ الزَّوْجَةُ لَهُ. وَكَذَلِكَ جُوَيْرِيَّةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الَّتِي قُتِلَ أَبُوهَا عَلَى الشِّرْكِ، وَكَانَتْ ابْنَةَ سَيِّدِ قَوْمِهَا، فَاخْتَارَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَتْ وَتَزَوَّجَتْهُ وَكَانَتْ نِعْمَ الزَّوْجَةُ لَهُ. ثُمَّ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ الْقَانِتَاتِ الْعَابِدَاتِ، الزَّاهِدَاتِ فِي الدُّنْيَا، الْمُنْفِقَاتِ فِي سُبُلِ الْخَيْرِ، وَأَخْبَارُهُنَّ فِي ذَلِكَ غَزِيرَةٌ. وَمَا أَجْمَلَ أَنْ تُقْرَأَ سِيَرُهُنَّ فِي الْبُيُوتِ وَعَلَى النِّسَاءِ والبَنَاتِ.

 

وَمَا أَحْوَجَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَعْرِفَةِ سِيَرِ الْعُظَمَاءِ مِنْ أَسْلَافِهِمْ، وَلَا سِيَّمَا الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ؛ فَفِي ذَلِكَ خَيْرٌ كَثِيرٌ عَلَى الْمَرْءِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • أمهات المؤمنين رضي الله عنهن
  • تراجم أمهات المؤمنين
  • أمهات المؤمنين المهاجرات
  • آية عجيبة في فضل أمهات المؤمنين
  • من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته (أمهات المؤمنين) (4)

مختارات من الشبكة

  • فضائل أمهات المؤمنين رضي الله عنهن(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • التطبيق العملي للدعوة الإسلامية عند أمهات المؤمنين رضي الله عنهن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل أمهات المؤمنين رضي الله عنهن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أمهات المؤمنين رضي الله عنهن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هولندا: محاضرات عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أمهات المؤمنين ( رضي الله عنهم )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرد على من قال بجهالة أم سلمة الأزدية الراوية عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مناقب أمهات المؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته (أمهات المؤمنين) (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته (أمهات المؤمنين) (2)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مؤسسة إسلامية تدعم مئات المتضررين من فيروس كورونا جنوب لندن
  • 113 مسلما جديدا في قرية دوبون وامادو شمال غانا
  • إصدار العدد السادس من مجلة لتعارفوا الدعوية
  • مسلمون يطلقون مبادرة لمساعدة الأسر المتضررة من كورونا في أمريكا
  • مسلمو مدينة كانتربري يساعدون الخطوط الأمامية لمواجهة فيروس كورونا
  • بناء مدرسة إسلامية ومسجدان ومسلمون جدد في جامبيا ومدغشقر
  • دورة قرآنية افتراضية بعنوان من الظلمات إلى النور
  • بدء توزيع ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الإسبانية في إسبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1442هـ / 2021م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/6/1442هـ - الساعة: 15:2
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب