• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حماية جناب التوحيد
    ولاء بنت مشاع الحربي
  •  
    حكم أكل لحم الكلاب
    وحيد بن عبدالله أبو المجد
  •  
    مقدار زكاة الفطر ووقت إخراجها (WORD)
    د. محمود مقاط
  •  
    الفاتحة وتوحيد الألوهية
    محمد بن سند الزهراني
  •  
    حكم الإكرامية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    الدعاء في رمضان فضله ومكانته (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أحكام صيام رمضان (خطبة)
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: { فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون }
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    هل تريد بيتا في الجنة؟
    السيد مراد سلامة
  •  
    أركان الصيام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    من سلسلة أحاديث رمضان حديث: خيركم قرني ثم الذين ...
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    خطبة عن أبي هريرة
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    الوصية بإتباع السيئة بالحسنة
    السيد مراد سلامة
  •  
    رحمة وشفقة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته
    السيد مراد سلامة
  •  
    سجود جميع الكائنات لله وخضوعها لسلطانه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شروط صحة الصيام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

العدل في الإسلام

العدل في الإسلام
عصام محمد فهيم جمعة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/4/2021 ميلادي - 14/9/1442 هجري

الزيارات: 15618

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العدل في الإسلام

 

قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].

 

يُخبِر تعالى أنه يأمر عباده بالعدل، وهو القِسط والموازنة، ويندب إلى الإحسان، كما قال تعالى: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾ [النحل: 126]، وقال: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 8]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على هذا، من شرعية العدل، والندب إلى الفضل.

 

قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ﴾، قال: شهادة أنْ لا إله إلا الله.

 

وقال سفيان بن عيينة: العدل في هذا الموضع: هو استواء السريرة والعلانية من كل عاملٍ لله عملًا، والإحسانُ: أن تكون سريرته أحسن من علانيته، والفحشاءُ والمنكر: أن تكون علانيته أحسن من سريرته.

 

وقوله: ﴿ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ﴾؛ أي: يأمر بصلة الأرحام، كما قال: ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ﴾ [الإسراء: 26].

 

وقوله: ﴿ وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ﴾ فالفواحش: المحرَّمات، والمنكَرات: ما ظهَر منها من فاعلها؛ ولهذا قيل في الموضع الآخر: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ [الأعراف: 33]، وأما البغي فهو: العُدْوان على الناس، وقد جاء في الحديث: ((ما من ذنبٍ أجدر أن يُعجِّل الله عقوبته في الدنيا، مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة، مِن البَغْيِ وقطيعة الرحم)).

 

وقوله: ﴿ يَعِظُكُمْ ﴾ أي: يأمُرُكم بما يأمركم به من الخير، وينهاكم عما ينهاكم عنه من الشر ﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾.

 

قال الشعبي: عن شُتَيْر بن شَكَل: سمعت ابن مسعود يقول: إنَّ أجمَعَ آيةٍ في القرآن في سورة النحل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ ﴾ الآية. رواه ابن جرير.

 

هذا هو العدل العالمي الذي جاء به محمدٌ منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا.. عدلٌ يتم فيه ضبطُ النفس والتحكُّم في المشاعر.. إنه القمة العليا والمرتقى الصعب الذي لا يبلُغُه إلا من رضِي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ نبيًّا ورسولًا، وبدينه دستورًا وحكمًا.. إنه عدلُ محمد، مكيالٌ واحدٌ، وميزانٌ واحدٌ.

 

والعدل تواطأت على حُسنِه الشرائعُ الإلهية، والعقول الحكيمة، والفِطَرُ السويَّة، وتمدح - بادعاء القيام به - ملوك الأمم وقادتها، وعظماؤها وساستها.

 

لقد دلَّت الأدلة الشرعية، وسنن الله في الأولين والآخرين: أن العدل دعامة بقاء الأمم، ومستقَرُّ أساسات الدول، وباسط ظلال الأمن، ورافع أبنية العزِّ والمجد، ولا يكون شيء من ذلك بدونه.

 

القسط والعدل هو غاية الرسالات السماوية كلِّها: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحديد: 25].

 

إن أية أمَّة تعطَّلتْ من هذه الخَلَّةِ الجليلة، فلا تجد فيها إلا آفاتٍ جائحةً، وزوايا قاتلةً، وبلايا مهلكةً، وفقرًا معوزًا، وذلًّا معجزًا، ثم لا تلبث بعد ذلك أن تبتلعها بلاليع العدم، وتلتهمها أمهات اللَّهَم.

 

بالعدل قامت السموات والأرض، وللظلم يهتز عرش الرحمن.. العدل مفتاح الحق، وجامع الكلمة، ومؤلِّف القلوب.

 

إذا قام في البلاد عمَّر، وإذا ارتفع عن الديار دمَّر.. إن الدول لَتدومُ مع الكفر ما دامت عادلة، ولا يقوم مع الظلم حقٌّ، ولا يدوم به حكم.

 

والعدل في حقيقته تمكين صاحب الحقِّ ليأخذ حقَّه.

 

في أجواء العدل يكون الناس في الحق سواء، لا تمايُزَ بينهم ولا تفاضُل، بالعدل يشتد أَزْرُ الضعيف ويقوى رجاؤه، وبالعدل يهُون أمر القويِّ وينقطع طمعه ﴿ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 279].

 

وإن أمَّة الإسلام هي أمَّةُ الحق والعدل، والخير والوسَط، نَصَبَها ربُّها قوامةً على الأمم في الدنيا، شاهدةً عليهم في الآخرة، خير أمَّةٍ أُخرِجت للناس، يَهْدُون بالحق وبه يعدلون، يتواصَون بالحق والصبر، ويتنافسون في ميادين الخير والبر، ويتسابقون إلى موجبات الرحمة والأجر.

 

أمَّةٌ أمَرَها ربُّها بإقامة العدل في كتابه أمرًا محكمًا وحتمًا لازمًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].

 

لا أعدَلَ ولا أتمَّ ولا أصدق ولا أوفى من عدل شريعة الله؛ فهي مبنيَّة على المصالح الخالصة أو الراجحة، بعيدة عن أهواء الأمم وعوائد الضلال، لا تعبأ بالأنانية والهوى، ولا بتقاليد الفساد.. إنها لمصالحِ النوع البشري كلِّه، ليس لقبيلة أو بلد أو جنس.

 

﴿ فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [الشورى: 15].

 

إن الإسلام صدقٌ كلُّه، خبره وحكمه عدلٌ: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الأنعام: 115].

 

صور العدل:

إن مِن أَولى ما يجب العدل فيه من الحق حقَّ الله سبحانه في توحيده وعبادته، وإخلاص الدين له كما أمر وشرع خضوعًا وتذلُّلًا، ورضًا بحكمه وقدره، وإيمانًا بأسمائه وصفاته.. وأظلم الظلم الشركُ بالله عز وجل، وأعظم الذنب أن تجعل لله ندًّا وهو خلَقَك.

 

ثم العدل في حقوق العباد تُؤدَّى كاملة موفورة؛ ماليةً أو بدَنيَّة، قولية أو عملية. يؤدي كلُّ والٍ ما عليه مما تحت ولايته في ولاية الإمامة الكبرى، ثم نواب الإمام في القضاء والأعمال في كل ناحية أو مرفق.

 

في الحديث الصحيح: ((إن المقسِطينَ عند الله على منابرَ مِن نور عن يمين الرحمن - وكلتا يديه يمين - الذين يَعدِلون في حُكمِهم وفي أهلِهم وما وَلُوا).

 

وإن وُلاةَ أمور المسلمين حق عليهم أن يقيموا العدل في الناس، وقد جاء في مأثور الحِكَمِ والسياسات: لا دولة إلا برجال، ولا رجال إلا بمال، ولا مال إلا بعمارة، ولا عمارة إلا بعدل.

 

حكم كلُّه عدل ورحمة في خفض الجناح ولِينِ الجانب، وقوة الحق، عدلٌ ومساواة تكون فيه المسؤوليات والولايات والأعمال والمهمات تكليفًا قبل أن تكون تشريفًا، وتبعات لا شهوات، ومغارم لا مغانم، وجهادًا لا إخلادًا، وتضحيةً لا تحليةً، وميدانًا لا ديوانًا، وأعمالًا لا أقوالًا، وإيثارًا لا استئثارًا.. إنصافٌ للمظلوم، ونُصرة للمهضوم، وقهرٌ للغشوم، وردع للظَّلُوم.. رفع المظالم عن كواهل المقروحة أكبادهم، وردُّ الاعتبار لمن أذلَّهم البغي اللئيم، لا تأخذهم في الحق لومةُ لائم، ولا تعويق واهم، وإن حدًّا يقام في الله خيرٌ من أن يُمطَروا أربعين صباحًا.

 

وفي مثل هذا صحَّ الخبر عنه أنه قال: ((أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسِط متصدِّق موفَّق، ورجلٌ رحيمٌ رقيق القلب لكل ذي قُربى ومسلمٍ، وعفيفٌ متعفِّف ذو عيال))، والإمام العادل سابعُ سبعةٍ يُظِلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه.

 

أما نزاهة القضاء ونقاء ضمائر القضاة، فحسْبُك به من عدل وقسط؛ صاحب الحق في جوِّ القضاء العادل يشعر بالثقة والأمان، في أروقة المحاكم وفي دواوين القضاء، مطمئنٌّ إلى عدالة القضية، ونزاهة الحكم، وشرف سرائر الحكام. والمتهم بريء حتى تثبُت إدانته، ولأنْ يُخطِئَ الحاكم في العفو خيرٌ من أن يخطئ في العقوبة، هذا تعرفه دنيا الحضارات ودين أهل الإسلام. القاضي العادل يواسي الناس بلحظه ولفظه، وفي وجهه ومجلسه، لا يطمع شريفٌ في حيفه، ولا ييئس ضعيفٌ من عدله، لا يميل مع هوى، ولا يتأثر بوُدٍّ، ولا ينفعل مع بُغض، لا تتبدل التعاملات عنده مجاراةً لصهر أو نسب، ولا لقوة أو ضعف، يزن بالقسطاس، وبالعدل يقضي، يُدنِي الضعيفَ حتى يشتدَّ قلبُه وينطلق لسانه، ويتعاهد الغريب حتى يأخذ حقَّه، وما ضاع حقُّ غريبٍ إلا من ترويعه وعدم الرفق به.

 

جاء في الخبر عنه: ((إن الله مع القاضي ما لم يَجُرْ، فإذا جارَ تخلَّى الله عنه ولَزِمَهُ الشيطان))، وفي رواية الحاكم: ((فإذا جارَ تَبرَّأَ الله منه)).

 

والعدل - أخي الحبيب - كما يكون في الأعمال والأموال، فهو مطلوب في الأقوال والألفاظ: ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾ [الأنعام: 152]، ولعل العدل في الأقوال أدقُّ وأشق. وصاحب اللسان العدل يعلم أن الله يحبُّ الكلام بعلم وعدل، ويكره الكلام بجهلٍ وظلم: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33].

 

تأمَّلوا هذا الإنصاف النبويَّ في القول حينما أعلن النبيُّ حُكمَه على كلمة قالها شاعر حال كفره حين قال عليه الصلاة والسلام: ((أصدَقُ كلمةٍ قالها شاعر كلمةُ لبيد: ألا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلُ))، ثم ها هو صاحبه عثمان بن مظعون رضي الله عنه يسمع البيت كاملًا يترسم النهج في نفسه في التقويم والعدل، فيُحِقُّ الحق ويقول القسط، فقال في شطره الأول: صدقْتَ، ولما قال الشطر الثاني: (وكلُّ نعيم لا محالة زائلُ) قال: كذَبتَ، نعيمُ الجنة ليس بزائل.

 

أيها الإخوة، لم يكن كذبُ الشاعر في الشطر الثاني بمانعٍ عثمانَ رضي الله عنه من أن يُقِرَّ له بالصدق والحق في شطره الأول.

 

وهذا عليٌّ رضي الله عنه يقاتِل مَن خرَج عليه، فلما سئل عنهم: أمشركون هم؟ قال: هم من الشرك فَرُّوا، فقيل: أفمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكُرون الله إلا قليلًا، فقيل: فما هم يا أمير المؤمنين؟ قال: هم إخواننا بَغَوْا علينا، فقاتلناهم ببغيِهم.

 

ومَن لغير هذا العدل مِن القول غير أبي الحسن رضي الله عنه وعن ذريَّتِه الطيبين الطاهرين؟! وهل بعد هذا الإنصافِ من إنصاف؟!

 

وفي ديننا - أيها الحبيب - مرتبةٌ فوق العدل، قد أمر الله بها مقترنةً بالعدل.. مرتبة تأتي لتجمل حدة العدل الصارم، ووجهه الجازم الحازم.. إنها مرتبة الإحسان حين تدَعُ الباب مفتوحًا لمن يريد أن يتسامح في بعض حقوقه؛ إيثارًا لوُدِّ القلب وشفاء غلِّ الصدور؛ ليداوي جرحًا، ويكسب فضلًا، ويرتفع عند ربه درجاتٍ عُلا.

 

واجب عملي:

عليك أخي الحبيب أن تقيم العدل بين أبنائك في الأقوال والأفعال.. قلْ كلمةَ الحقِّ ولو على نفسك.

 

التجويد:

المتقاربان:

المتقاربان: حرفان تقارَبا مخرجًا وصفة، أو مخرجًا لا صفة، أو صفة لا مخرجًا.

 

1- المتقاربان صفة ومخرجًا: مثل (اللام والراء):

مثال: (قل رب) ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ [المطففين: 14].. عند الوصل في هذه الأمثلة نلاحظ أن اللام ساكنة وجاء بعدها راء، فيجب الإدغام بغير غنة؛ لتقارُب الحرفين صفة ومخرجًا، فاللام تخرج من طرف اللسان، والراء من حافة اللسان، وطرفُه وحافتُه متقاربان، وصفات كلٍّ من اللام والراء واحدة، إلا أن الراء تزيد على اللام صفة واحدة، كما سيأتي في درس المخارج والصفات.

 

2- المتقاربان مخرجًا لا صفة: مثل (الدال والسين)، مثال: "قد سمع"؛ فإن الدال والسين يخرُجان من طرف اللسان، إلا أن الدال تخرُج من طرفه مع أصول الثنايا العليا، بينما السين تخرج من طرفه مع ما بين الأسنان العليا والسفلى قريبًا إلى السفلى، ولا تقارُب بينهما في الصفة.

 

ولذلك لا يجب الإدغام في هذا النوع من التقارب، فالدال هنا لها القلقلة.

 

3- المتقاربان صفة لا مخرجًا: "الشين والسين":

مثال: قوله تعالى: ﴿ ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ﴾.

فإن الشين تخرج من وسط اللسان مع ما يليه من الحنك الأعلى، بينما السين تخرج من طرف اللسان مع ما بين الأسنان العليا والسفلى قريبة إلى السفلى، مما يظهر عدم قرب كلٍّ منهما من الآخر في المخرج، ولكنَّ بينهما تقاربًا في الصفة؛ لأن كلًّا منهما له ستُّ صفات: خمس متحدة، وواحدة مغايرة؛ لذلك يجب الإظهار لكل حرف منهما مع بيان حركته.

 

حكمه: الإدغام عند البعض، والإظهار عند آخرين، ما عدا اللام والراء، فيجب الإدغام.

 

وينقسم المتقاربان إلى ثلاثة:

1- المتقاربان الصغير: وهو أن يكون الحرف الأول ساكنًا والثاني متحركًا، مثل: "قد سمع - قل رب - ما لكم من - يغفر لكم - نخسف بهم".

 

حكمه: الإدغام عند البعض، والإظهار عند آخرين، عدا اللام والراء، فيجب الإدغام.

 

2- المتقاربان الكبير: وهو أن يكون الحرفان متحركين:

مثل: ﴿ ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 42]، ﴿ عَدَدَ سِنِينَ ﴾ [المؤمنون: 112].

 

حكمه: الإظهار عند الجميع.

 

3- المتقاربان المطلق: يكون الحرف الأول متحركًا والثاني ساكنًا.

مثال: "عَليك، إليك".

حكمه: وجوب الإظهار عند الجميع.

 

علوم القرآن:

جمع عثمان بن عفان رضي الله عنه للقرآن:

استقر العلماء في تصانيفهم على أنَّ جمعَ عثمان كان الجمعَ الثالث بعد جمعِ النبي صلى الله عليه وسلم وجمعِ أبي بكر رضي الله عنه، وروى البخاري عن عثمان أنه كلَّف بهذا العملِ أربعةً من الصحابة، هم: زيد بن ثابت، وعبدالله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام.. كانت تلك هي اللجنة الأساسية، وانضمَّ إلى هذه اللجنة - لفخامة العمل، وتحرِّيًا للدقة - عددٌ من الصحابة بتوجيه من عثمان، من هؤلاء: مالك بن أبي عامر جد مالك بن أنس، وكثير بن أفلح، وأُبَيُّ بن كعب، وأنس بن مالك، وعبدالله بن عباس.. وكان الذي يكتب زيد بن ثابت، والذي يُملِي عليه سعيد بن العاص.

 

منهج العمل:

لم يكن المنهج الذي سارت عليه اللجنة فرديًّا؛ وإنما هو منهج قائم على دراسة ومشاورة بين عثمان واللجنة القائمة، وكذلك مشاورة الصحابة.. وقام هذا المنهج بمراعاة أمور في غاية الدقة:

1- ألا يكتبوا شيئًا في هذه المصاحف إلا ما تحقَّقتْ قرآنيَّتُه، وأيقَنوا أنه قد استقرَّ في العَرْضة الأخيرة (المراجعة الأخيرة في العام الذي توفي فيه النبي).

 

2- ألا يكتبوا فيها كذلك إلا ما تأكد، وأنه لم يُنسَخ.

 

3- ألا يكتبوا شيئًا في تلك المصاحف إلا بعد عرضه على جمع من صحابة رسول الله.

 

4- ألا يكتبوا إلا المتواترَ من القراءات القرآنية، فلم يكتبوا فيها غير المتواتر.

 

5- اللفظ الذي لا تختلف فيه وجوهُ القراءات اتفقوا على كتابته برسم وهيئة واحدة، أما اللفظ الذي تختلف فيه وجوه القراءات ويمكن كتابته على هيئة تحتملها كلَّها، فإنهم كتبوا برسم واحد، مثل لفظ (فتبيَّنوا)، فإنها تصلح أن تُقرأ بالقراءة الأخرى (فتثبَّتوا)؛ ذلك أن كتابتهم كانت خالية من نقط الحروف.

 

كيف تحفظ القرآن؟

لتكن أخلاقك القرآن:

عندما تحفظ القرآن سوف تمتلك فقرة في أسلوبك؛ بسبب بلاغة آيات القرآن.. سوف تصبح أكثر قدرة على التعامل مع الآخرين والتحمل والصبر.. سوف تكون في سعادة لا توصف؛ فحفظ القرآن ليس كحفظ قصيدة شعر وقصة وأغنية؛ بل إنك عندما تحفظ القرآن إنما تُحدِث تغييرًا في نظرتك لكل شيء من حولك، وسوف يكون سلوكك تابعًا لما تحفظ، فقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "كان خُلُقُه القرآن"، فإذا أردت أن تقتديَ بأخلاق رسول الله فعليك بحفظ القرآن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • العدل في عطية الأولاد
  • المساواة في العدل
  • الداعية العدل الضابط
  • العدل
  • الإسلام دين العدل
  • العدل (خطبة)
  • شمولية السلام في الإسلام (خطبة)
  • عدل مطلق لا تضيع معه مثقال ذرة
  • تطبيقات العدل في حياتنا
  • يعدل ذلك كله... فهل بعد ذلك من عدل؟
  • فضل العدل في القضاء
  • من عدل الرسول صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • العدل بين الأبناء من أهم عوامل التربية الصحيحة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • العدل بين الزوجات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العدل بين الأولاد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وهن العدل والمساواة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص الجزاء في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لوحات جمالية: العدل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطبة عن وجوب العدل في كل شيء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما لا يراه الشاطبي شرطا للاجتهاد (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من قضاة الإسلام: (الماوردي والتنظيم القضائي في عصره)(مقالة - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • عدل ابن كثير وإنصافه مع الخصوم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • افتتاح أكبر مسجد بجنوب داغستان
  • مؤتمر عن "أثر الصيام في حياة الإنسان" في ألبانيا
  • على خطى أندية إنجليزية: برايتون يقيم إفطارا جماعيا بشهر رمضان
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/9/1444هـ - الساعة: 13:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب