• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل التلبية
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    ركائز الحماية المجتمعية في الإسلام من خلال خطبة ...
    محمد السيد حسن محمد
  •  
    حرمة الدماء (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    الاعتراف والمناجاة لمن أراد النجاة (خطبة)
    ياسر عبدالله محمد الحوري
  •  
    خطبة: {إنا وجدناه صابرا} دروس وعبر من قصة نبي ...
    د. سامي بشير حافظ
  •  
    الدعاء لمن أقرض عند القضاء
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    أجمل ابتسامة في التاريخ
    عامر الخميسي
  •  
    الفوائد والأحكام في سورة البقرة من (135-138)
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نظرة إجمالية في مقاصد سورة (ق) (PDF)
    حماد بن محمد يوسف
  •  
    رسالة: تقريب أحكام الأضاحي (PDF)
    أبو عبدالرحمن أيمن إسماعيل
  •  
    استدراجهم بصنوف النعم ليزدادوا إثما
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    وجاءت العشر (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    The seven of Al-Mathani and the Great Qur’an (The ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    خطبة: أدب الحج
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    شروط الرضا بالله تعالى (1)
    إبراهيم الدميجي
  •  
    من أحكام الحج (خطبة)
    محمد بن حسن أبو عقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات

رمضان والتذكير

رمضان والتذكير
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/3/2022 ميلادي - 27/8/1443 هجري

الزيارات: 8569

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رمضان والتذكير


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ:1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ أَسْبَابِ تَسْمِيَةِ الْإِنْسَانِ إِنْسَانًا؛ لِأَنَّهُ يَنْسَى، فَيَحْتَاجُ إِلَى التَّذْكِيرِ بَيْنَ حِينٍ وَآخَرَ. وَأَبُو الْبَشَرِ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَسِيَ الْعَهْدَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى فَأَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ، ثُمَّ ذُكِّرَ فَتَذَكَّرَ، وَدُعِيَ لِلتَّوْبَةِ فَتَابَ، وَابْتُلِيَ الْبَشَرُ كُلُّهُمْ بِنِسْيَانِهِ، وَهُمْ كَذَلِكَ يَنْسَوْنَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾ [طه: 115]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَنُسِّيَ آدَمُ فَنُسِّيَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «إِنَّمَا سُمِّيَ الْإِنْسَانَ لِأَنَّهُ عُهِدَ إِلَيْهِ فَنَسِيَ».

 

وَأَعْظَمُ شَيْءٍ يَنْسَاهُ الْإِنْسَانُ، وَأَشَدُّهُ ضَرَرًا عَلَيْهِ، أَنْ يَنْسَى خَالِقَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَيَنْسَى مُرَادَهُ مِنْهُ، وَهُوَ عِبَادَتُهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. وَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ: نِسْيَانٌ مَقْصُودٌ، وَهُوَ إِعْرَاضُ الْكَافِرِ وَالْمُنَافِقِ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، لَا يُرِيدُهُ وَلَا يَتَعَلَّمُهُ وَلَا يَسْتَمِعُ إِلَى وَاعِظِهِ وَدَاعِيهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ: ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 67]، وَيُقَالُ لِلْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ﴿ فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [السَّجْدَةِ: 14]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 126]، وَفِي أُخْرَى: ﴿ وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 34].

 

وَالنَّوْعُ الثَّانِي: نِسْيَانٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ؛ وَهُوَ نِسْيَانُ الْمُؤْمِنِ الطَّاعَاتِ الْمَنْدُوبَةَ، وَرُبَّمَا قَصَّرَ فِي الْوَاجِبَاتِ، وَشُغِلَ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَمَتَاعِ الدُّنْيَا عَنْ تَذَكُّرِ الْمَوْتِ وَالْقَبْرِ وَالْآخِرَةِ وَالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ. وَقَدْ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ عَنْ هَذَا اللَّهْوِ الَّذِي يُنْسِيهِمْ آخِرَتَهُمْ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: 9]، وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الدُّنْيَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مِنْ زِينَةٍ لَهْوٌ يُلْهِي صَاحِبَهُ، فَإِذَا أَعْطَاهَا الْعَبْدُ قَلْبَهُ شُغِلَ بِهَا وَنَسِيَ آخِرَتَهُ ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 32]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴾ [الْحَدِيدِ: 20]. وَيَصِلُ بِهِ اللَّهْوُ وَاللَّعِبُ وَالِانْغِمَاسُ فِي الدُّنْيَا إِلَى نِسْيَانِ اللَّهِ تَعَالَى وَالدَّارِ الْآخِرَةِ. نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ؛ وَلِذَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنِ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الدُّنْيَا الْمُنْغَمِسِينَ فِيهَا إِلَى هَذَا الْحَدِّ؛ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الْحَشْرِ: 19]، «أَيْ: لَا تَنْسَوْا ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فَيُنْسِيَكُمُ الْعَمَلَ لِمَصَالِحِ أَنْفُسِكُمُ الَّتِي تَنْفَعُكُمْ فِي مَعَادِكُمْ، فَإِنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ».

 

وَلِأَجْلِ أَنْ لَا يَنْسَى الْمُؤْمِنُ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ، وَلَا يَنْسَى دِينَهُ وَآخِرَتَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَعَ لَهُ الْأَذْكَارَ الْمُؤَقَّتَةَ بِزَمَنٍ؛ كَأَذْكَارِ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، وَالنَّوْمِ وَالِاسْتِيقَاظِ وَنَحْوِهِ، أَوِ الْمُرْتَبِطَةِ بِفِعْلٍ كَأَذْكَارِ أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ، أَوِ الْأَذْكَارِ الْمُطْلَقَةِ الْمُرَغَّبِ فِيهَا، وَأَمَرَ سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالذِّكْرِ الْكَثِيرِ؛ لِيَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى حَاضِرًا فِي قُلُوبِهِمْ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَيَجْرِي ذِكْرُهُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 41-42]، وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 35]. وَبَيَّنَ أَنَّ الذِّكْرَ أَكْبَرُ الْعِبَادَاتِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 45]، وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

 

وَالْعُلَمَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ أَعْظَمَ الذِّكْرِ وَأَفْضَلَهُ مَا وَاطَأَ الْقَلْبُ فِيهِ اللِّسَانَ. وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُكَافِحَ الْمُؤْمِنُ دَاءَ النِّسْيَانِ، فَلَا يَنْسَى اللَّهَ تَعَالَى، وَلَا يَنْسَى الْعَمَلَ بِمَا يُرْضِيهِ، وَلَا يَنْسَى الدَّارَ الْآخِرَةَ؛ لِأَنَّ تَذَكُّرَهَا يَدْفَعُهُ لِلْعَمَلِ لَهَا. وَالشَّيْطَانُ يَجْتَهِدُ فِي إِغْوَاءِ بَنِي آدَمَ بِالدُّنْيَا؛ لِيَنْسَى اللَّهَ تَعَالَى وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، كَمَا أَغْوَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ، فَنَسِيَ عَهْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَأَكَلَ مِنْهَا.

 

كَمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَعَ عِبَادَاتٍ كَثِيرَةً غَيْرَ الذِّكْرِ تُحِيطُ بِزَمَنِ الْعَبْدِ لِيَتَذَكَّرَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ، وَأَعْظَمُهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَهِيَ عَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَوْكَدُ الْفَرَائِضِ الْعَمَلِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُهَا تَذْكِيرًا بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَيُنَادَى لَهَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتُقَامُ بِذِكْرِهِ سُبْحَانَهُ، وَتُفْتَتَحُ بِتَكْبِيرِهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَسَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى إِيمَانًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 143]، أَيْ: صَلَاتَكُمْ. وَسَمَّاهَا ذِكْرًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الْجُمُعَةِ: 9].

 

وَرَمَضَانُ حِينَ يَقْدَمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَذَكِّرُهُمُ اللَّهَ تَعَالَى وَالدَّارَ الْآخِرَةَ؛ حَيْثُ الصِّيَامُ وَالْقِيَامُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ، وَصَلَاةُ التَّرَاوِيحِ، وَتَفْطِيرُ الصُّوَّامِ، وَالاسْتِغْفَارُ فِي الْأَسْحَارِ، وَالتَّبْكِيرُ إِلَى الصَّلَوَاتِ، وَلُزُومُ الْمَسَاجِدِ، وَمُصَاحَبَةُ الْمَصَاحِفِ. وَكَذَلِكَ مَا يُتْلَى مِنَ الْآيَاتِ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ مُذَكِّرٌ لِجُمُوعِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْعَقَائِدِ وَالْأَخْبَارِ وَالْأَحْكَامِ وَالْمَوَاعِظِ؛ فَرَمَضَانُ تَذْكِرَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ إِذَا نَسُوا، وَتَنْبِيهٌ لَهُمْ إِذَا غَفَلُوا، وَإِخْرَاجٌ لَهُمْ مِنْ أَتُونِ الدُّنْيَا بَعْدَ الِانْغِمَاسِ فِيهَا إِلَى حَيْثُ الذِّكْرُ وَالْقُرْآنُ وَالتَّذْكِيرُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَأُمِرَ بِالتَّكْبِيرِ خِلَالَ آيَاتِ الصِّيَامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 185].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُبَلِّغَنَا رَمَضَانَ، وَأَنْ يُعِينَنَا عَلَى الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا إِلَى رَمَضَانَ، وَسَلِّمْ رَمَضَانَ لَنَا، وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا مُتَقَبَّلًا.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَأَحْسِنُوا اسْتِقْبَالَ رَمَضَانَ بِتَوْبَةٍ نَصُوحٍ؛ فَإِنَّ التَّقْوَى مِنْ غَايَاتِ الصِّيَامِ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 183].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ تَذْكِرَةٌ يَوْمِيَّةٌ لِلْمُؤْمِنِ، وَالْجُمُعَةُ تَذْكِرَةٌ أُسْبُوعِيَّةٌ، وَرَمَضَانُ تَذْكِرَةٌ حَوْلِيَّةٌ؛ لِيَدُومَ الْمُؤْمِنُ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

 

وَلَمَّا كَانَ رَمَضَانُ تَذْكِيرًا حَوْلِيًّا لِلْمُؤْمِنِينَ؛ وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَفِيدُوا مِنْ هَذَا التَّذْكِيرِ، بِإِصْلَاحِ قُلُوبِهِمْ، وَصَرْفِهَا لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْإِقْبَالِ عَلَى الطَّاعَاتِ بِقُلُوبٍ فَرِحَةٍ، وَأَرْوَاحٍ مُسْتَبْشِرَةٍ، وَأَبْدَانٍ نَشِيطَةٍ؛ سُرُورًا بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي رَمَضَانَ؛ حَتَّى يَزُولَ مَا عَلِقَ فِي الْقَلْبِ مِنْ أَدْرَانِ الدُّنْيَا وَلَهْوِهَا خِلَالَ عَامٍ كَامِلٍ. وَلَا سِيَّمَا مَعَ كَثْرَةِ الْمُلْهِيَاتِ وَالْمُشْغِلَاتِ الَّتِي سَيْطَرَتْ عَلَى النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَنِ الْمَادِّيِّ الْمُتَوَحِّشِ.

 

وَشَيَاطِينُ الْإِنْسِ لَنْ يَتْرُكُوا أَهْلَ الْإِيمَانِ يَتَعَبَّدُونَ فِي رَمَضَانَ؛ حَتَّى يُغْرِقُوهُمْ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْبَرَامِجِ الْفَضَائِيَّةِ وَغَيْرِهَا، فَيُحِلُّونَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَيُسْقِطُونَ الْوَاجِبَاتِ، وَيَسْتَهْزِئُونَ بِشَعَائِرِ الدِّينِ، وَيُدَاعِبُونَ شَهَوَاتِ النَّاسِ فِي الشَّهْرِ الْعَظِيمِ، بِالرَّقْصِ الْخَلِيعِ، وَالتَّمْثِيلِ الرَّقِيعِ، وَيَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى مَذَاهِبِهِمُ الْمُنْحَرِفَةِ، وَأَفْكَارِهِمُ الضَّالَّةِ. وَالْخَاسِرُ مَنِ اسْتَجَابَ لِغِوَايَتِهِمْ، وَالرَّابِحُ مَنْ أَغْلَقَ مَنَافِذَهُمْ، وَحَفِظَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَقَلْبَهُ وَأَهْلَهُ وَوَلَدَهُ وَبَيْتَهُ مِنْ إِثْمِهِمْ وَرِجْسِهِمْ؛ ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 27]. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

فَحِذَارِ -عِبَادَ اللَّهِ- مِنَ اسْتِقْبَالِ رَمَضَانَ بِذَلِكَ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَنْ يَكُونَ رَمَضَانُ تَذْكِرَةً لَهُ وَمَوْعِظَةً، وَيُخْشَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَوْزُورًا، وَقَدْ أَرَادَ الْأَجْرَ فِي رَمَضَانَ. فَلْنُجَدِّدِ التَّوْبَةَ، وَلْنَعْزِمْ عَلَى الْأَوْبَةِ، وَلْنَحْذَرِ الْحَوْبَةَ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَدْرِي مَتَى يَمُوتُ وَيَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى، فَلْيَلْقَهُ بِخَيْرِ عَمَلِهِ، وَلْيَحْذَرْ خَاتِمَةَ السُّوءِ؛ ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النُّورِ: 31].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • رمضان والأمن والاستقرار
  • رمضان والصيام دروس وأحكام
  • علامات قبول رمضان والحج (خطبة)
  • رمضان والقرآن (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • علمني رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • فانوس رمضان ( قصة قصيرة )(مقالة - حضارة الكلمة)
  • انتصف رمضان فاحذر!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شهر رمضان شهر مبارك وشهر عظيم(مقالة - ملفات خاصة)
  • من حصاد رمضان (1)(مقالة - ملفات خاصة)
  • استعراض الصحف الإيطالية لشهر رمضان 2014 في إيطاليا(مقالة - ملفات خاصة)
  • من خواطر رمضان: الذكر والدعاء والاستغفار في رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • من خواطر رمضان: القرآن في رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • من خصائص رمضان: شهر معظم عند المسلمين صالحهم وطالحهم، وزكاة الفطر خاصة بصيام شهر رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • من القربات في رمضان: عمرة رمضان(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • للعام الثاني على التوالي ملعب بلاكبيرن يستضيف صلاة عيد الأضحى
  • أكثر من 80 مشاركا بالمسابقة القرآنية في بلقاريا
  • نشر الثقافة الإسلامية بمنطقة مورتون جروف بولاية إلينوي الأمريكية
  • دورات قرآنية صيفية للطلاب المسلمين في بلغاريا
  • عيادة إسلامية متنقلة بولاية كارولينا الشمالية
  • حملة إسلامية للتبرع بالدم لأطفال الثلاسيميا في ألبانيا
  • معرض للثقافة الإسلامية بمدينة كافان في أيرلندا
  • مسجد هندي يفتتح مركزا للاستشارات الاجتماعية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1443هـ / 2022م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/12/1443هـ - الساعة: 15:21
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب