• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حجية السنة النبوية من القرآن
    سلطان بن سراي الشمري
  •  
    الأوبئة (12) التنجيم والعرافة والكهانة في الأوبئة
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الزلازل آيات يخوف الله بها العباد (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    عبودية خاتم النبيين والمرسلين صلى الله عليه وسلم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    حكم عقوبة المدين المماطل بدفع غرامة مالية للدائن ...
    د. مرضي بن مشوح العنزي
  •  
    ضرر الدخان الصحي
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    تفسير: (فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: من أقام الصلاة، وآتى الزكاة، وحج ...
    الشيخ طارق عاطف حجازي
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن النفس
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الحلال والحرام
    أ.د. هاني علي سعيد
  •  
    من فضائل النبي: لين جانبه وبشاشته
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    خطبة عن الغيبة
    رافع العنزي
  •  
    يذكرنا الموت (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    حكم الزينة أثناء الإحداد
    د. علي حسن الروبي
  •  
    تأريخ الاختلاف وأنواعه في الإسلام
    مسلم الهوراماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

عظمة الله جل في علاه (خطبة)

عظمة الله جل في علاه (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/12/2022 ميلادي - 10/5/1444 هجري

الزيارات: 4108

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عظمة الله جل في علاه


الحمدُ للهِ خالقِ كلِّ شيء وهاديهِ، ورازقِ كلِّ حيٍ وكافيهِ، وجامعِ النَّاسِ ليومٍ لا ريبَ فيهِ، ﴿قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ﴾ [الرعد: 36].

 

وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، الكريمُ التواب، العظيم الوهّاب، ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: 269]..

 

والصلاةُ والسلامُ على من بعثهُ اللهُ تباركَ وتعالى هادياً ومبشِّراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسِراجاً منيراً، فبلَّغَ الرسالةَ، وأدى الأمانةَ، ونصحَ الأُمَّةَ، وجاهدَ في الله جهاداً كبيراً، صـلَّى اللهُ وسلَّم وبــاركَ وأنعـمَ عليـه، وعلى آله الأطهارِ، وصحابتهِ الأبْرارِ، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ ما تعاقبَ الليلُ والنّهار، وسلَّم تسليماً كثيراً..

 

أمَّا بعدُ: فأوصيكم عبادَ اللهِ ونفسي بتقوى اللهِ والعملَ بطاعته، والمجانبةَ لسخطهِ ومعصيتهِ، وأحثُكم على أفضل ما يُدنيكم منهُ، ويقربكم إليهِ، ويرفعكم عندهُ.. تقوى اللهِ يا عبادَ اللهِ، فهي خيرُ ما تزودتم، وأحسنُ ما عمِلتُم، وأجملُ ما أظهَرتُم، وأكرَمُ ما أسررتُم، وأفضلُ ما ادَّخرتُم، وهي وصيةُ اللهِ لكم ولمن كان قبلكم: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: تأملوا هذا الحديث القدسي الصحيح، والذي كان الامام أبو إدريس الخولاني رحمَه اللهُ يجثو على ركبتيه تعظيماً للهِ تعالى حين يرويه.. يقولُ اللهُ جلَّ وعلا: "‏يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا.. يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي ‏ ‏صَعِيدٍ ‏ ‏وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ ‏ ‏أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ ‏ ‏أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ"..

 

أيها الأحبة الكرام: الإيمانُ بالله مبنيٌ على تعظيم اللهِ جلَّ وعلا، بل إنَّ تعظيمَ اللهِ تباركَ وتعالى هو روحُ العبادةِ وأصلُها، وهو جلالها وجمالها، ولذا أمرَ جلَّ وعلا بتعظيمه فقال تعالى: ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 74].. وفرقٌ كبيرٌ بين الإيمانِ بالله تعالى، وبين الإيمانِ بعظمة اللهِ جلَّ وعلا.. فهذه السماواتُ العظيمةُ قال عنها فاطرها: ﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ﴾ [مريم: 90].. وقال عن الجبال الصمِّ الصِّلاب: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [الحشر: 21].. ثم انظر ماذا قال الله عزَّ وجلَّ عن حال الكافر: ﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحاقة:30-33]، فهو وإن كان يؤمن بوجود الله، لكنه لا يُعظمه.. يقولُ العلَّامةُ الرباني ابنُ القَيِّمِ رحمَه اللهُ: (وَلَوْ تَمَكَّنَ وَقَارُ اللَّهِ وَعَظَمَتُهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ لَمَا تَجَرَّأَ عَلَى مَعَاصِيهِ.. فَإِنَّ عَظَمَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَجَلَالَهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ تَقْتَضِي تَعْظِيمَ حُرُمَاتِهِ، وَتَعْظِيمُ حُرُمَاتِهِ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذُّنُوبِ، وَالْمُتَجَرِّئُونَ عَلَى مَعَاصِيهِ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)..

 

إذن يا عباد الله، فتعظيمُ اللهِ جلَّ وعلا أساسُ الإيمانِ والعبادة، فالعبدُ إذا عظَّمَ ربهُ عظَّمَ أمرهُ ونهيه، ففعلَ المأمور، وتركَ المحذور.. وأعظَمُ ما يفعلهُ العبدُ من الأسباب، لتعظيم ربِّ الأرباب.. هو التأمَّلُ والتفكرُ في آيات اللهِ ومخلوقاته.. فتأمّل يا رعاك الله في آياتِ الله القرآنية، واربط بينها وبين الآيات الكونية، لترى لوحةً واسعة، سِعةَ الكون كلِّه، لوحةٌ كتِبت بحروفٍ كبيرةٍ واضحة.. تُقرأ بكل لغة، وتُفهمُ بكل سهولة.. فأعمِل حواسك، وأحظر عقلك ليمتلئَ قلبك إجلالاً وعظمةً لخالقك جل وعلا: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37]، وقال تعالى: ﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [يونس: 101].. قال أبو معاذ الرازي: لو تكلمت الأحجار ونطقت الأشجار وخطبت الأطيار لقالت: لا إله إلا اللهُ الملك القهار.

 

تأمل في ارتفاع هذه السماءِ الفسيحةِ واتساعها، وكثرة نجومها وأفلاكها، في شروق الشمسِ وغروبها، في طبيعة الأرضِ وامتدادها، في روعة البحرِ وكائناته، في تناسق الأمواجِ وتتابعها، في تراكيب الجبالِ وعلوها، في تشعب الوديانِ وعمقها، في كثبان الرمالِ وتشكيلاتها، في ركام السحبِ وجريانها، في هبوب الرياحِ وسكونها، في نزول الأمطارِ وغزارتها، في جريان الأنهارِ واضطرابها، في حنان الأمِّ وعطفها، في براءة الأطفالِ ولعِبها، في شقشقة الطيورِ وطيرانها، في تمايل الأغصانِ وتداخلها، في روائح الزهورِ وألوانها، في انعقاد الثمارِ وتنوعها، في تجمعات النملِ وبيوتها، في تعاون النحلِ وخلاياها، في هدوء الليلِ وسكونه، في تركيب الانسانِ وبديع خلقه، في سمعه وبصره، وفي عقله وقلبهِ وحسه، وكل جارحةٍ من جوارحه... للهِ في الآفاقِ آيـاتٌ.. لعلَّ أقلَّهَا هـو مـا إليـهِ هَدَاكَـا.. ولعَلَّ ما في النفس من آياته.. عَجَبٌ عُجَابٌ لو ترى عَيناَكـا.. والكَونُ مَشحُونٌ بأسرارٍ إذا.. حَاولتَ تَفسِيرًا لها أَعْيَاكَـا.. يا أيَّها الإنسَانُ مَهلاً ما الذي.. بالله جلَّ جلالهُ أغرَاكـا؟.

 

جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: (ما بين السماءِ والأرضِ مسيرةَ خُمسُمَائَةِ عام، وما بين كُلِّ سماءٍ وسماء، مسيرةُ خُمسمائَةِ عام، وسُمكُ كُلِّ سماءٍ مسيرةُ خُمسُمَائَةِ عام، وما بين السماءِ السابعةِ والكرسيِ خُمسُمَائَةِ عام، وما بين الكرسيِ والماءِ خُمسُمَائَةِ عام، والكُرسيُ فوقَ الماءِ، واللهُ سبحانهُ وتعالى مستويٍ على عرشه، ولا يخفى عليه شيءٌ من أحوال خلقهِ، ﴿ لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾.. وجاء في حديث صحيح قال عليه الصلاة والسلام: (أُذن لي أن أحدِّث عن ملَكٍ من ملائكة الله مِن حَمَلة العرش، إن ما بين شحْمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سَبْعِمائة عام).

 

تأمل: ﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ﴾ [ق: 6].. وقال تعالى: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 29]، وقال جل وعلا: ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 32]، وقال تبارك وتعالى: ﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ [فصلت: 12].. ومع أن الأرضَ جزءٌ صغيرٌ جداً من السماوات، إلا أنها حظيت بتفصيلٍ أكثر، وما ذاك إلا لسهولةِ ملاحظتها، وقوةِ شواهدها، ﴿ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾ [ق: 7]، تأمَّل: ﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ﴾ [يس: 33]، تأمل أكثر: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنعام: 38]، والله تعالى هو المتكفلُ بأرزاقهم، ولا يخفى عليه شيءٌ من أمرهم، قال تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [هود: 6]، ليس ذلك فحسب: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ * أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُل لّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ * بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ ﴾ [النمل:62-66].

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ * وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ * يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [النور: 41-44].

 

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده اللذين اصطفى..

 

أما بعد فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممن ﴿يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر: 18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: إنَّ الناظرَ في الكون وآفاقه، يشعرُ بجلال اللهِ وعظمتهِ، فالكونُ بكُلِّ ما فيه، خاضعٌ لأمرِ سيدهِ، منقادٌ لتدبير مولاه، شاهدٌ بوحدانيةِ اللهِ وعظمته، دائمُ التسبيحِ بحمده، ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44].. ألَا وإنَّ القلبَ المعظِّمَ للهِ، الذي يُقدِّر ربه حقَّ قدره، ويُعظمهُ سبحانهُ وتعالى حقَّ تعظيمهِ هو قلبٌ موفقٌ سليم، قد أخذَ بأعظم أسبابِ تحقُقِ فلاحِه ونجاحه، وضَمِنَ بإذن الله سعادةَ الدنيا والآخرة، وإذا كان القلبُ مُعظِّمًا لله، فإنه سيُعظِّم شرعهُ، وسيُعظِّمُ أمرهُ ونهيه.. ومَن عظَّمَ الله تعالى وقدَّمَ أمرهُ على كل مَن سِواه، فإن الله يُعظِّمُ قدْرهُ في قلوب خلقهِ.. ومن هانَ عليه أمرُ الله فعصاه (عياذاً بالله)، أهانهُ الله، ﴿ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ﴾ [الحج: 18]..

 

كما أنّ امتلاءَ القلبِ بعظمة اللهِ يا عباد الله: يولّدُ ثقةً مطلقةً بالله، ويجعلُ المسلمَ هاديَ البالِ ساكنَ النفسِ مطمئن الحال.. كما أنّ استشعارَ عظمةِ الله تملأ القلبَ رضًا وصبرًا، فلا يحزنُه تقلّب الذين كفروا في البلاد، فإنهم مهما علوا وتمكنوا فلن يعدوا قدرهم، ﴿ وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ ﴾ [البروج:20].. وكذلك فعظمةُ اللهِ جلَّ وعلا تورثُ القلبَ الشعورَ بمعيّته سبحانه، تلك المعيةُ التي تُفيضُ على المؤمنِ سكينةً في المحن، وبَصيرةً في الفتن، ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128].. كما أنّ استشعارَ عظمةِ الله ومعيّتهُ تبعَثُ في النفس معنى الثباتِ والعزّة، وتقوِّي العزيمة حتى في أشدِّ حالات الضّنك، ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ ﴾ [الزمر: 36 - 37]..

 

فاتقوا عباد الله وعظموه وراقبوه، فمراقبة الله وتعظيمه صمّام أمان، ووازع خيرٍ، ومانع شرٍ بإذن الله.. ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى * فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 34-41]..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت،....

 

اللهم صل على محمد..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • عظمة الله (جل وعلا)
  • خطبة مختصرة عن عظمة الله تعالى
  • كيف نستحضر عظمة الله في قلوبنا؟
  • خطبة عن عظمة الله
  • دلائل عظمة الله تعالى (خطبة)
  • عظمة الله جل جلاله (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • عظمة الشمس من عظمة خالقها(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • تفسير: (ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عظمة الله جل وعلا (خطبة) (باللغة الهندية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عظمة الله (جل وعلا) (باللغة الأردية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 8/2/1434 هـ - عظمة الله وقدرته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عظمة يوم عرفة، وأحكام الأضحية 1443هـ (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • عظمة وكرم (خطبة) (باللغة الأردية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جوانب من عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة الحاجة (عظمتها، ومضامينها)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عظمة البركة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • شباب مسلمون يهدون آلاف الوجبات للمحتاجين في بلوفديل
  • سلسلة ندوات تثقيفية للنساء في بلغاريا
  • 1000 شخص يتعرفون على الإسلام داخل مسجد هاليفاكس
  • المسابقة الأدبية للمسلمين في تتارستان
  • مدرسة إسلامية لمرضى التوحد بمدينة Preston
  • اختتام المدرسة الشتوية لمنتدى الشباب المسلم في تتارستان
  • إسلام أكثر من 11 ألف وبناء 5 مساجد خلال 2022 في بوروندي
  • أسبوع التوعية الإسلامية الخامس في كيبيك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/7/1444هـ - الساعة: 18:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب