• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الوصية بذكر الله
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: رمضان... ودأب الصالحين (القيام)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    الفاتحة وشرط المتابعة
    محمد بن سند الزهراني
  •  
    خطبة: الستر على المسلمين
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    الخلف وسوء الأخلاق في رمضان
    هيام محمود
  •  
    أحكام اللقطة في الطريق
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    نوازل معاصرة في الصيام (خطبة)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    من آداب الصيام: تأخير السحور
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    من سلسلة أحاديث رمضان حديث: طوبى لمن رآني وآمن بي
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    ما حكم الصوم للمسافر والمريض؟ (PDF)
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    التكافل وقت الأزمات: مواقف وعظات
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    هل لك سر عند الله؟ (خطبة)
    خالد بن حسن المالكي
  •  
    مستحبات الصيام وآدابه
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    سلسلة جود قراءتك للمبتدئين (الحلقة الثانية)
    أبو مارية محمد أحمد عبده
  •  
    عندما تتكافأ أقوال الفقهاء في مسألة
    محمد عبدالعزيز محمد عبدالعزيز
  •  
    الدنيا بحر عميق غرق فيه ناس كثير
    السيد مراد سلامة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

بدأ الإسلام غريبا

بدأ الإسلام غريبا
الشيخ محمد صفوت نور الدين

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/5/2013 ميلادي - 20/7/1434 هجري

الزيارات: 8393

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بدأ الإسلام غريبًا


لما جاء الوحي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في غار حراء، خرج فزعًا إلى بيته، فاستقبلته خديجة رضي الله عنها تطمئنه حتى هدأ ذهبت معه إلى ورقة بن نوفل، الذي سمع منه قصته ثم قال له كلمة قوية: لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، رواه البخاري.

 

فهي سنة في الأنبياء جميعًا، بل وفي دعوتهم، فكل من دعا بها عودي، لكن الله ينصر من ينصره: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51]، ويقول تعالى: ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ [القصص: 5/ 6].

 

وكان ذلك شأن الإسلام والرسالات السابقة من قبله يعرف ذلك من عرف سنة الله في خلقه حتى أن البخاري أخرج في صحيحه من قول هرقل لأبي سفيان: (وسألتك: أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل، وسألتك أيزيدون أم ينقصون، فذكرت أنهم يزيدون وكذلك أمر الإيمان حتى يتم).

 

ولقد جاء الإسلام فاتبعه الضعفاء وعاداه الأقوياء، فنصر الله من نصره وخذل من خذله.

 

فلقد أخرج البخاري في صحيحه عن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ قال: كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنين وما يصده ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون.

 

و ذكر ابن كثير في البداية والنهاية قال: وثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش برمضاء مكة إذا اشتد الحر من استضعفوه منهم يفتنونهم عن دينهم فمنهم من يفتن من شدة البلاء الذي يصيبه ومنهم من يصلب لهم ويعصمه الله منهم، فكان بلال صادق الإسلام وكان أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ثم يقول له: لا والله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى فيقول وهو في ذلك: أحد أحد، فمر عليه أبو بكر الصديق وهو يعذب فاشتراه من أمية بعبد له أسود فأعتقه وأراحه من العذاب.

 

وكانت بنو مخزوم يخرجون بعمار بن ياسر وبأبيه وأمه، وكانوا أهل بيت إسلام، إذا حميت الظهيرة يعذبونهم برمضاء مكة فيمر بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول: صبرًا آل ياسر إن موعدكم الجنة، وكان أبو جهل الفاسق الذي يغرى بهم في رجال من قريش إن سمع برجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وخزاه وقال: تركت دين أبيك وهو خير منك لنسفهن حُلمك ولنغلبن رأيك ولنضعن شرفك وإن كان تاجرًا قال: والله لنكسدن تجارتك ولنهلكن مالك وإن كان ضعيفًا ضربه وأغرى به، لعنه الله وقبحه.

 

وكانوا يضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر أن يستوي جالسًا من شدة الضرب الذي به حتى يعطيهم ما سألوه من الفتنة، حتى يقولوا له اللات والعزى إلهان من دون الله فيقول نعم!! افتداء منهم بما يبلغون من جهدهم.

 

فانظر - رعاك الله - لتعلم من ذلك أن طريق الأنبياء ومن تبعهم ينصره الله بعد أن يظهر للناس تمسكهم بدينهم، وعملهم بشرع ربهم سبحانه وتعالى، فينصرهم ويؤمنهم في ديارهم ويجعل الحياة رغدًا عليهم، فإن غيَّروا تغيَّر الأمر، لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ [الرعد: 11].

 

وقوله سبحانه: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 53].

 

ولقد أخرج الطبري وابن كثير وغيرهما في تفسير سورة النور عند قوله تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾، فذكروا عن أبي العالية قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بمكة نحوًا من عشر سنين يدعون الله وحده وإلى عبادته وحده لا شريك له سرًا وهم خائفون، لا يؤمرون بالقتال حتى أمروا بالهجرة إلى المدينة، فقدموها فأمرهم الله بالقتال، فكانوا بها خائفين يمسون في السلاح ويصبحون في السلاح، فصبروا على ذلك ما شاء الله أن يصبروا، ثم إن رجلًا من الصحابة قال: يا رسول الله، أبد الدهر نحن خائفون هكذا؟ أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع عنا السلاح؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لن تصبروا إلا يسيرًا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيًا ليست فيه حديدة، وأنـزل الله هذه الآية، فأظهر الله نبيه على جزيرة العرب فأمنوا ووضعوا السلاح، ثم إن الله تعالى قبض نبيه - صلى الله عليه وسلم - فكانوا كذلك آمنين في إمارة أبي بكر وعمر وعثمان حتى وقعوا فيما وقعوا فيه فأدخل عليهم الخوف فاتخذوا الحجزة والشرط وغيروا فَغُيِّر بهم.

 

يقول المولى سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55].

 

في الآية الكريمة معان واضحات ولمحات طيبات، وإرشاد كريم ووعد محقق، فالآية الكريمة أولًا تفسر قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، فالإيمان وعمل الصالحات هما سبيل النصر.

 

وهي ثانيًا بيان العمل الذي من أجله يمكن الله، عز وجل للمؤمنين في الأرض، وهو: ﴿ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾، وهذا بيان لوظيفة الخلق: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، وهي الهدف من الحكم بما أنـزل الله تعالى: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 40].

 

نصر الله وتحقيق وعده:

ففي غمرة الأحداث السياسية وصراع أمم الأرض ينسى المسلمون أن الله نصر نوحًا - صلى الله عليه وسلم - لما دعاه: ﴿ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ﴾ [ القمر: 10]، ونصر هودًا وصالحًا عليهما السلام على كثرة عدوهم وقلة ناصريهم من البشر، ونصر إبراهيم ولوطًا وسائر أنبيائه ورسله، ثم قال لهذه الأمة: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ [النور: 55].

 

وقد تحقق الوعد للمؤمنين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا في أمة لا ينظر إليها أحد إلا بعين الاحتقار والاستصغار، فإذا بهم يملكون فارس والروم واليمن وإفريقية، ويتوغلون في أوربا ذلك لما حقق القوم الشرط: ﴿ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾، حقق الله لهم الوعد فاستخلفهم في الأرض وأعمل فيهم سنته في كونه ﴿ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ لكن الشيطان أغوى أجيالًا من بعدهم: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 56]، ففقدوا بتخليهم عن الوفاء بالشرط: ﴿ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾، فقدوا تحقق الوعد، فإذا ببلادهم تهان بالكافرين والملحدين واليهود والمجوس والصليبيين وأعوانهم وأضرابهم من الفجرة المجرمين، فكان أن غاصت بقاع واسعة من بلاد المسلمين تحت الشيوعية ونارها، وبلاد أخرى تحت الصليبية وكفرها، وكان أخيرًا أن وقع بيت المقدس أسير اليهود، أشباه القردة والخنازير، قتلة الأنبياء، والمغضوب عليهم، الملعونين في كتاب رب العالمين.

 

فهل من عودة إلى العزة والنصر والتمكين؟ الجواب: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ [النور: 55].

 

لكن ينبغي علينا هنا أن نعلم ما هو هذا الشرط؟ إنه الإيمان وعمل الصالحات.

 

أما الإيمان فأركانه ستة: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره».

 

وهو الأساس الذي لا ينبغي أن نغفل عنه لحظة ولا نهمل منه شيئًا.

 

أما عمل الصالحات فمعناه فعل المأمورات واجتناب المحظورات طاعة لله وإيمانًا برسوله - صلى الله عليه وسلم -، فيدخل فيها تصحيح الاعتقاد وضبط العبادات على سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، ويدخل فيها كذلك تنظيم البيوت من بر للوالدين، وإحسان للزوجات والأبناء، ومراعاة لحقوق الجوار، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وغض للبصر، وحفظ للفرج، وانتهاء عن الربا والغش والظلم، كل ذلك وأمثاله داخل في قوله تعالى: ﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾، لكن الآية جاءت في سورة النور وهي السورة التي نـزلت مؤذنة بعهد جديد في حياة الرسالة الخاتمة من حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان نـزولها عقيب غزوة بني المصطلق التي جاءت بعد غزوة الأحزاب والتي نـزلت في شأنها سورة الأحزاب وبينهما وقت قصير حيث كانت غزوة الأحزاب آخر غزوة تهاجم فيها جيوش المشركين المسلمين فتقاتلهم في المدينة وبعدها قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم». هذه رواية البخاري. وفي رواية البزار عن جابر، رضي الله عنه، بلفظ: «لا يغزونكم بعد هذا أبدًا، ولكن أنتم تغزونهم».

 

فجاءت سورة النور تطهر المؤمنين ليقوموا بواجب الجهاد والدعوة ليتأهلوا بالطهارة والطاعة ليكونوا محلًا لنصر الله تعالى، فيطهرهم بهذه الأوامر الشرعية التي فصلتها السورة الكريمة، وأجملتها الآية الجامعة العظيمة في قوله تعالى: ﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾، وإن كانت كلمة ﴿ الصَّالِحَاتِ ﴾ تعني المأمورات امتثالًا، والمنهيات اجتنابًا، فإن مأمورات سورة النور تصبح مقصودة بطريق الأولى، فإقامة الحدود المشروعة وحفظ الألسنة عن الخوض في أعراض الخلق وغض البصر عن المحارم وحفظ السمع وآداب الاستئذان في البيوت وتعليم الأطفال ذلك وحفظ الجوارح والفروج كل ذلك من الصالحات، وبنظرة عابرة إلى السورتين نرى الكثير من الأوامر ومنها: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور].

 

وفيها: ﴿ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [النور].

 

و فيها: ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 37]، وفي سورة الأحزاب: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا * وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا * وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا ﴾ [الأحزاب: 9-14].

 

وفيها: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23 ].

 

وفي السورتين الإرشادات القويمة والأوامر التي تحيا بها الأمة المستقيمة لتكون محلًا لنصر رب العالمين، فليس العدد ولا العدة إنما النصر، نصر الله ينصر الذين آمنوا: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51]، والذي ينظر بعين الإنصاف لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنـزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 38 - 40].

 

والذي يستعرض الآيات التي نـزلت في غزوة بدر، وفي غزوة الأحزاب، وفي غزوة حنين وغيرها يعلم أن الله سبحانه وتعالى أيد المسلمين في بدر بالملائكة المسومين يقاتلون معهم، وأيدهم يوم الأحزاب بريح وجنود، فنصر عبده وأنجز وعده، وهزم الأحزاب وحده، ويوم حنين صرف الجموع الغفيرة عن ميدان القتال، ففروا وولوا مدبرين، وأنـزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنـزل جنودًا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين. والمتدبر لحدث الهجرة يعلم أن الله أبطل كيد الكافرين، وأخذ بأبصارهم عندما خرج من بيته وعندما جاءوه عند الغار ورد عنه سراقة بن مالك وأكبه عن جواده عندما لحق فسلمه في رحلته وخيب الله الكافرين في سعيهم.

 

بهذا يعلم كل مسلم أن عليه واجبًا لا يجوز أن يتخلى عنه في عمل الصالحات وهو سبب نحو نشر دعوة الإسلام وعودة العز لأهله وإرجاع الأرض المسلوبة وعودة المسجد الأقصى والأندلس وبخارى وسمرقند وسائر الأرض السليبة المنـزوعة، وأن الأمر ليس إلا بنصر الله العزيز الحكيم، لا بالدعاوي الفارغة الجوفاء ولا الحناجر العالية، ولا الأصوات المبحوحة والمسيرات الطويلة، إنما بإقامة شرع الله ودينه، جاءت الآية التالية في سورة النور بعدها بقوله: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النور: 56].

 

فبالجباه الساجدة، والأيدي المتوضئة، والأنفس الزكية، والأجساد المتطهرة، والألسنة المحفوظة، يقع النصر والتمكين، وبذلك يشعر كل أحد أن عليه واجبًا نحو النصر، نحو القدس، نحو دماء المسلمين، نحو ديار المسلمين، فليؤد كل أحد الواجب عليه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، فكيف تطلبون نصره وأنتم تفرطون في شرعه: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، جفت الأقلام وطويت الصحف».

 

فليؤد كل واحد أمانته، وليراقب الله في رعيته، لينصرنا الله ويمكن لنا في أرضه بديننا الذي رضيه لنا ويبدل خوفنا أمنًا، وفقرنا غنى لنقيم شرعه فنعمل بدينه، والله يؤيدنا ويؤيد كل من آمن به وانتهج شرعه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • الإسلام أكثر الأديان عددًا
  • أسرة هندوسية تتأثر بصوم المسلمين وتعتنق الإسلام
  • نبذة عن الإسلام في مملكة النرويج (مترجم)
  • الإسلام في تنزانيا منذ القرن الأول الهجري
  • التربية المثالية في الإسلام
  • حول ( الإسلام الصحيح )
  • شرح حديث: بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا
  • شرح حديث: إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا

مختارات من الشبكة

  • بدأ الإبحار في عرض المحيط وبدأ الربان يشعر بالأمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشيخ عبد المجيد بن عبد الله الشدوخي في محاضرة: بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ غريباً فطوبى للغرباء(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • توجيهات وتحقيقات في الأحاديث النبوية (14)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • امتثل أولا ثم سل إن بدا لك أن تتساءل!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (2): كيف بدأ الخلق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حب بدا (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ابني بدأ ينحرف بسبب إهمال والده له!(استشارة - الاستشارات)
  • حديث: أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • بدأ يبتعد عني ويرى أفعالنا محرمة!(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أول إفطار جماعي في رمضان في هونغ كونغ منذ 2019
  • مسلمو مدينة سينسيناتي يوزعون 30 ألف وجبة إفطار خلال رمضان
  • افتتاح أكبر مسجد بجنوب داغستان
  • مؤتمر عن "أثر الصيام في حياة الإنسان" في ألبانيا
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/9/1444هـ - الساعة: 0:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب