• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير قوله تعالى: {من قتل نفسا بغير نفس}
    سماحة الشيخ ابن عثيمين
  •  
    الشكاوى الكيدية (خطبة)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي
  •  
    النسخ يقع في نصوص الكتاب والسنة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الزواج والأسرة.. ضرورة (2) أجور النكاح.. وآثام السفاح
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    إِياك أن تغتر..
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    الإيمان باليوم الآخر وأثره في السلوك في ظلال سورة الحج
    أحمد رضوان محمد وزيري
  •  
    إشراقة آية
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    الأحكام العقدية والفقهية المتعلقة بنزول المطر (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره والصلاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    المواضع التي تشرع فيها البسملة
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    شرح باب تعظيم حرمات المسلمين من كتاب رياض الصالحين
    سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
  •  
    رجوع ابن كثير في تفسيره إلى اللغة واحتكامه إليها
    مبارك بن حمد الحامد الشريف
  •  
    إلا من أتى الله بقلب سليم
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    تفسير: (قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    حديث: النبي صلى الله عليه وسلم رخص لعبدالرحمن بن عوف ...
    الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
  •  
    الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدثنا في أمرنا هذا ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

مهلا أيها المحتفلون بـ( المولد النبوي )

مهلا أيها المحتفلون بـ( المولد النبوي )
النميري بن محمد الصبار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/1/2014 ميلادي - 8/3/1435 هجري
زيارة: 10309

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مَهْلاً أَيُّهَا المُحْتَفِلُونَ بِـ(المولدِ النَّبويِّ)


الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسولِ اللهِ وعلى آلهِ وصحبهِ ومَنْ والاهُ.

 

أمَّا بعدُ:

فَفِي اليومِ الثَّاني عشر منْ شهرِ ربيعِ الأولِ مِنْ كُلِّ سنةٍ هجريةٍ، يَتَداعَى الكثيرونَ مِنْ أبناءِ الإسلامِ في مُختلفِ الأقطارِ الإسلاميةِ للاحتفالِ بمناسبةِ (المولدِ النَّبويِّ)، ويُقدَّرُ عَددُ المرتادِينَ لهذا المولدِ بالملايينِ المملينةِ في بعضِ البلادِ الإسلاميةِ[1].

 

و تَتعدَّدُ مظاهرُ هذا الاحتفالِ[2]، ويأخذُ ألواناً متنوعةً مِنَ الابتهاجِ؛ حيثُ تُزَيَّنُ المساجِدُ، وتُنْشدُ فِيها القصائدُ الخاصَّةُ بالمولدِ؛ كما في (قصيدةِ البردةِ)، وتُنصبُ الخيامُ الكبيرةُ، وتُغنَّى فيها المدائحُ النَّبويَّةُ، وغالباً ما يُصاحِبُ ذلكَ اختلاطٌ بينَ الجنسينِ، ونوعٌ مِنَ التَّمايلِ والتَّراقصِ، وتُؤْكلُ خلالَ ذلكَ الحلوى المصنوعةُ خصيصاً لهذا المولدِ؛ كما تُرْفعُ الأَعْلامُ، وتُحْملُ الرَّاياتُ المخصَّصةُ لهذهِ المناسبةِ.

 

وهَكذا تَجْرِي أَحداثُ المولدِ النَّبويِّ، وتَنْقَضِي سَاعَاتُهُ في جَوٍّ، يَطْغى عليه المرحُ والضَّجيجُ، وإِنَّ لَنا  - بَعدَ ذلكَ كُلِّهِ - أَنْ نقولَ لأُولئكَ المشاركينَ في (المولدِ النَّبويِّ) - ونَحنُ لَهم نَاصِحونَ مُشفقونَ -: مَهْلاً أَيُّها المحتفلونَ! فَما هَكَذا يَكونُ فَرَحُكم بمولدهِ صَلَّى الله عليهِ وسلَّمَ!! وما هَكَذا يَكونُ تعبيرُكم عنْ محبتهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ!!، وإنَّ الواجبَ عليكم أنْ تَقوموا بِعمليةِ مُراجعةٍ دقيقةٍ لما تَقومونَ بهِ مِنْ أعمالٍ؛ استناداً على أَدواتِ التَّمحيصِ والتَّحقيقِ الماثلةِ في أُصولِ مِنهاجِ النُّبوةِ، وقَواعدهِ الَّتي بِهَا يُعْرفُ الحقُّ منَ الباطلِ، والهدى مِنَ الضَّلالِ؛ كما قَالَ تعالى: ﴿ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الأحقاف: 4].

 

وفي ذلكَ يَقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ  - رَحمهُ اللهُ -:

((وَقَدْ طَالَبَ سُبْحَانَهُ مَنْ اتَّخَذَ دِينًا بِقَوْلِهِ ﴿ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ﴾. فَالْكِتَابُ: الْكِتَابُ، وَالْأَثَارَةُ كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ: هِيَ الرِّوَايَةُ وَالْإِسْنَادُ، وَقَالُوا: هِيَ الْخَطُّ أَيْضًا؛ إذْ الرِّوَايَةُ وَالْإِسْنَادُ يُكْتَبُ بِالْخَطِّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَثَارَةَ مِنَ الْأَثَرِ، فَالْعِلْمُ الَّذِي يَقُولُهُ مَنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ يُؤْثَرُ بِالْإِسْنَادِ، وَيُقَيَّدُ بِالْخَطِّ فَيَكُونُ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ آثَارِهِ))[3].

 

وتَبقى التَّساؤلاتُ الملِّحةُ:

• مَنْ هُوَ أَوَّلُ مَنِ احتفلَ بـِ(المولدِ النَّبويِّ) في تَاريخِ الإسلامِ؟

• هَلِ احتفلَ سَلفُ الأُمَّةِ الكرامُ مِنَ القرونِ الفاضلةِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهم - بـِ(المولدِ النَّبويِّ)؟

• هَلِ اتَّفقَ المؤَرِّخُونَ على تأريخٍ مُعيَّنٍ لمولدِ النَّبيِّ - صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ -؟

• مَا حُكْمُ الشَّريعةِ في الاحتفالِ بـِ(المولدِ النَّبويِّ)؟

 

أَقولُ وباللهِ التَّوفيقُ؛ إجابةً لهذهِ التَّساؤلاتِ الملِّحةِ؛ انطلاقاً مِنَ البراهينِ العلميةِ؛ دَاعياً إلى التَّأَمُّلِ فيها بكُلِّ إِنصافٍ ومَوضوعيةٍ:

إنَّ أَوَّلَ مَنِ احتفلَ بـِ(المولدِ النَّبويِّ) في تَاريخِ الإسلامِ، هُمْ (بنو عبيدِ القدَّاحِ)[4]:

خلفاءُ الدَّولةِ الفاطميةِ؛ كما أَبانَ عَنْ هَذهِ الحقيقةِ التاريخيةِ العلامةُ (المقريزيُّ) - رَحمه اللهُ - إذْ يَقولُ تَحتَ عُنوانِ: (ذِكرُ الأيَّامِ الَّتي كَانَ الخلفاءُ الفَاطِميونَ يَتَّخِذونها أَعياداً ومَواسِمَ تَتَّسِعُ بها أَحْوالُ الرَّعيةِ وتَكثرُ نِعَمُهم):

((كَانَ للخُلفاءِ الفَاطميينَ في طُولِ السَّنةِ أَعيادٌ ومَواسِمُ، وهِي: مَوسمُ رَأسِ السَّنةِ، ومَوسِمُ أَوَّلِ العَامِ، ويَومُ عاشَوراءَ، ومولدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّم...))[5].

 

فَمنْ هُمْ هَؤُلاءِ (بنو عبيدِ القدَّاحِ)؟

يَقولُ عَنْهم شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية - رحمهُ الله -:

((كَانُوا يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ رَافِضَةٌ وَهُمْ فِي الْبَاطِنِ: إسْمَاعِيلِيَّةٌ ونصيرية وَقَرَامِطَةٌ بَاطِنِيَّةٌ كَمَا قَالَ فِيهِمْ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ: ظَاهِرُ مَذْهَبِهِمْ الرَّفْضُ وَبَاطِنُهُ الْكُفْرُ الْمَحْضُ، وَاتَّفَقَ طَوَائِفُ الْمُسْلِمِينَ: عُلَمَاؤُهُمْ وَمُلُوكُهُمْ وَعَامَّتُهُمْ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ: عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا خَارِجِينَ عَنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّ قِتَالَهُمْ كَانَ جَائِزًا؛ بَلْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ نَسَبَهُمْ كَانَ بَاطِلًا، وَأَنَّ جَدَّهُمْ كَانَ عُبَيْدَ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ لَمْ يَكُنْ مِنْ آلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَنَّفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٍ، وَشَهِدَ بِذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ القدوري إمَامِ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الإسفرائيني إمَامِ الشَّافِعِيَّةِ، وَمِثْلِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى إمَامِ الْحَنْبَلِيَّةِ، وَمِثْلِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ إمَامِ الْمَالِكِيَّةِ.

 

وَصَنَّفَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الطَّيِّبِ فِيهِمْ كِتَابًا فِي كَشْفِ أَسْرَارِهِمْ، وَسَمَّاهُ "كَشْفَ الْأَسْرَارِ وَهَتْكُ الْأَسْتَارِ" فِي مَذْهَبِ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ، وَاَلَّذِينَ يُوجَدُونَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ مِنْ الإسْماعيليَّة وَالْنُصَيْرِيَّة وَالدُّرْزِيَّةِ وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ، وَهُمْ الَّذِينَ أَعَانُوا التَّتَارَ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ وَزِيرُ هُولَاكُو "النَّصِيرَ الطوسي" مِنْ أَئِمَّتِهِمْ، وَهَؤُلَاءِ أَعْظَمُ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَمُلُوكِهِمْ))[6].

 

أَفَبعدَ هَذهِ الحقيقةِ العلميةِ التَّاريخيةِ القطعيةِ، يجوزُ لأَحدٍ أنْ يحتفلَ بالمولدِ النَّبويِّ، أو يبتهجَ بهِ، وهُوَ مِنْ صنيعِ أُولئكَ الملاحدةِ الزَّنادقةِ؟!!


أَمَّا سَلفُ هذهِ الأُمَّةِ الكرامِ مِنَ القرونِ الفاضلةِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهم -؛ فإنَّ أهلَ العِلمَ قَاطبةً اتَّفقوا على أَنَّ وَاحِداً منهم لَمْ يحتفلْ بهذا المولدِ النَّبويِّ، وإِنَّما هو شَيءٌ أُحْدِثَ بعدهم؛ كَما نَقلَ ذلكَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية[7]، والإمامُ الفاكهانيُّ[8]، والعلامةُ ابنُ الحاج[9] - رَحمهم اللهُ.

 

وَمِنَ الحقَائقِ التَّاريخيةِ الثَّابتةِ أَنَّ المؤرِّخينَ قَدِ اختلفوا في تحديدِ شَهرٍ مُعيَّنٍ، أَوْ يَومٍ معينٍ لمولدِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -؛ فَقَالَ بَعْضُهم: إِنَّهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وُلِدَ في رَمضانَ، وَقَال آخرونَ: إِنَّهُ وُلِدَ في رَبيعِ الأَوَّلِ.

 

أَمَّا يَومُ مَولدهِ؛ فقد اختلفوا فيهِ على خمسةِ أقوالٍ: فَقِيلَ: لليلتينِ خَلتَا مِنْهُ، وَ قِيلَ: لِعشرٍ خَلونَ مِنْهُ، وَقِيلَ: لِثمانٍ خَلونَ مِنْهُ، وَ قِيلَ: لاثْنَتيْ عَشرة خَلتْ مِنْهُ، وَ قِيلَ: لِثمانٍ بَقينَ مِنْهُ[10].

 

علاوةً عَلَى أَنَّ الشَّهرَ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ نَبِيُّنَا مُحمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ هُو الشَّهرُ ذَاتُهُ الَّذِي تُوفِّيَ فيهِ؛ كَمَا نَبَّهَ على ذلكَ غَيرُ واحدٍ مِنَ أهلِ العلمِ المحقِّقينَ[11].

 

فَهلْ يُعْقلُ - بَعدئِذٍ - أنْ يحتفلَ مُسْلمٌ يُحِبُّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حقٍّا بيومٍ مَشكوكٍ فِيهِ؟! أَوْ يَفرحَ بيومٍ ماتَ فيهِ؟!!

 

وبعدَ هذه الحقائقِ العلميةِ التاريخيةِ القطعية، نَصِلُ - بإذنِ الله - إلى النَّتيجةِ الحاسمةِ في حُكمِ الاحتفالِ بِـ(المولْدِ النَّبويِّ) - بلا تَلجلجٍ ولا مواربةٍ -، وهو أَنَّهُ لا يجوزُ الاحتفالُ بـِ(المولدِ النَّبويِّ)، وذلكَ مِنْ جهتينِ:

أولاهما: مِنْ جهةِ أصلِ الاحتفالِ؛ والأخرى: مِنْ جهةِ مآلاتهِ وما يَجُرُّهُ مِنْ مفاسدَ عظيمةٍ.

 

أَمَّا مِنْ جهةِ أصلهِ؛ فَإِنَّهُ مِنَ البدعِ المحدثةِ في الدِّين؛ لأَنَّ الرَّسولَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لم يَفْعلْهُ، ولا خُلفاؤهُ الرَّاشدونَ، وهُمْ أَعْلمُ النَّاسِ بالسُّنةِ، وأكملُ حُبًّا لرسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومُتابعةً لشرعهِ ممنْ بَعدهُم[12].

 

وقد ثَبتَ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم التَّحذِيرُ الشَّديدُ مِنْ إِحْداثِ البِدعِ والعملِ بها في أَحاديثَ كثيرةٍ، منها:

قَوْلُهُ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم -: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ))[13]، أَيْ: مَردودٌ عَليهِ[14]، وَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم -: ((فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلاَلَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ))[15].

 

كَذلكَ فإِنَّ إحداثَ مثلِ هذه الموالدِ البدعيةِ فِيهِ مَزلقٌ في غايةِ الخطورةِ، وهو مَاثلٌ في أَنَّ اللهَ سُبحانَه لم يُكملْ دِينَه لهذهِ الأُمَّةِ، وأَنَّ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لم يُبلِّغْ ما يَنبغي للأُمَّة أَنْ تَعملَ بهِ؛ ومنْ ثَمَّ - وحَاشاه منْ ذلكَ - يَكونُ كاتِماً لأمانةِ البلاغِ الَّتي أَمَرهُ اللهُ تعالى بأدائِها، وفي هَذا مِنَ المضادَّةِ الفَظيعةِ لنصوصِ الكتابِ والسُّنةُ ما اللهُ بهِ عليمٌ؛ كما في قولهِ تَعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ﴾ [المائدة: 3]، وقولهِ تَعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ﴾ [المائدة: 67].

 

وليسَ ثَمَّة مجالٌ للشَّكِ في أَنَّ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عَليه وسلَّم قد بَلَّغَ البلاغَ المبينَ، كما ثبتَ في الحديثِ الصَّحيحِ، عنْ عبدِ الله بنَ عَمرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قالَ رَسُولُ اللِه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ: ((إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ))[16].

 

أَمَّا مِنْ جِهةِ مَآلاتهِ؛ فَإِنَّهُ؛ كما يَحْكي الواقعُ المشاهدُ، يَجُرُّ إلى مفاسدَ عظيمةٍ؛ لعلَّ أَبْرزها مَا يلي:

1- المفاسِدُ الاعتقادِيَّةُ؛ وَهَذا قَائِمٌ في ذَلكَ الغُلُوِّ الشَّنيعِ الَّذي يُخْرِجُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ منْ مَقامِ البشريةِ إلى مقامِ الألوهيةِ، و يُصيِّرهُ  - عياذاً باللهِ  - رَبًّا يَتوَجَّهُ إليهِ النَّاسُ في دُعَائِهم، وَاسْتغاثتِهم، وطلبِهم للمدَدِ، واعتقادِ أَنَّهُ يَعْلَمُ الغيَبَ، ونحوِ ذلكَ مِنَ الأُمورِ الكُفريةِ الَّتي يَتعاطَاها الكَثيرُ مِنَ النَّاسِ حِينَ احْتفالهم بِمولدِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ[17]، والَّتي مَا بُعِثَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلا لإبطالِهَا والقَضاءِ عَلَيها.

 

2- المفاسدُ السُّلوكيةُ والأخلاقيةُ؛ كاختلاطِ النِّساء بالرِّجالِ، واستعمالِ الأَغاني والمعازفِ، وشُربِ المسكراتِ والمخدِّراتِ، وإضاعةِ الأموالِ الطَّائلةِ، وقدْ يَقعُ فِيهِ ما هو أعظمُ منْ ذلكَ كُلِّهِ، وهُو مَا تَراهُ مَاثلاً في تَعطيلِ الصَّلاةِ الَّتي هي أكبرُ شَعيرةٍ في الإسلامِ[18].

 

وَاللهُ المسْؤولُ أَنْ يُوَفِّقَنا وَسَائِرَ المسلمينَ لِلفقهِ في دِينهِ، والثَّباتِ عَليهِ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلى الجميعِ بِلزومِ السُنَّةِ، وَالحَذرِ مِنَ البِدعِ، إِنَّهُ جَوادٌ كَريمٌ.



[1] انظر: كتاب المنتدى "دمعة على التوحيد": (ص/48).

[2] انظر: كتاب المنتدى "دمعة على التوحيد": (ص/48 - 52)، و"تاريخ الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ومظاهره حول العالم" لمحمد خالد ثابت، والكتاب عليه ملحوظاتٌ منهجيةٌ وعقديةٌ خطيرةٌ؛ فليتنبه لهذا!

[3] "مجموع الفتاوى": (3/316)، و"درء التعارض": (1/32).

[4] انظر: "القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل": (ص/62 - 70 و88) للشيخ إسماعيل الأنصاري؛ فقد أجاد وأفاد في بيان أسماء أهلِ العلمِ الذين أَكَّدوا هذه الحقيقة.

[5] "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار": (1/490) للمقريزي.

[6] "مجموع الفتاوى": (28/635 - 636).

[7] انظر: "اقتضاء الصراط المستقيم": (ص/295)، و"الفتاوى الحموية": (1/312).

[8] انظر: "الحاوي في الفتاوى ": (1/190 - 192) للعلامة السيوطي.

[9] انظر: "المدخل": (2/11 - 12) لابن الحاج.

[10] انظر: "البداية والنهاية": (2/260 - 261)، و"المواهب اللدنية": (1/131 - 132) للعلامة القسطلاني، و"القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل": (ص/60 - 62).

[11] انظر: "القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل": (ص/62).

[12] انظر: "حكم الاحتفال بالمولد النبوي" للشيخِ ابن باز.

[13] أخرجه البخاري في: "صحيحه": (2/959، رقم2550)، و مسلم في: "صحيحه": (5/132/ح4589) من حديثِ عائشةَ - رضي الله عنها -.

[14] انظر: "فتح الباري": (20/411).

[15] إسناده صحيح. أخرجه الترمذي في: "سننه": (5/44، رقم2676).

[16] أخرجه مسلم في: "صحيحه": (6/18/ح4882).

[17] انظر: "حكم الاحتفال بالمولد النبوي" للشيخ ابن باز.

[18] انظر: "أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام": (ص/54) للشيخ محمد بخيت المطيعي، و"تفسير المنار": (9/96) للشيخ محمد رشيد رضا، الإبداع في مضار الابتداع":(ص/126 - 128) للشيخ علي محفوظ، و"حكم الاحتفال بالمولد النبوي" للشيخِ ابن باز.




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • الاحتفال بالمولد النبوي.. نشأته، تاريخه، حقيقة من أحدثوه
  • حكم الاحتفال بالمولد
  • بدعة الاجتماع في مولد النبي صلى الله عليه وسلم
  • في ذكرى المولد ( قصيدة )
  • المسلمون والمولد النبوي
  • الاحتفال بالمولد النبوي

مختارات من الشبكة

  • مهلا توقف.. كيف تؤمن مستقبلك؟!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مهلا.. لقد تربيت على الحياء(مقالة - ملفات خاصة)
  • يا شعر مهلا (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مهلا أيها الداعية.. كن عادلا في دعوتك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مهلا أخي الصائم(مقالة - ملفات خاصة)
  • مهلا أستاذي (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أيها الشاعر مهلا (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مهلا، سأكون في الموعد(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مهلا أيها الشامتون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مهلا أيها العابر!(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بناء مدرسة إسلامية ومسجدان ومسلمون جدد في جامبيا ومدغشقر
  • دورة قرآنية افتراضية بعنوان من الظلمات إلى النور
  • بدء توزيع ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الإسبانية في إسبانيا
  • القافلة الطبية السادسة لمرضى العيون في النيجر
  • مساعدات المسلمين لغيرهم تتواصل بولايتي تينيسي ونيوجيرسي
  • 276 ألف مسلم لاتيني في الولايات المتحدة
  • بمناسبة ذكراها الخامسة والثلاثين مؤسسة إسلامية تقدم 35 ألف وجبة للمحتاجين
  • حملتان للتدفئة ومساعدة المحتاجين بمدينتي يلونايف وإدمونتون في كندا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1442هـ / 2021م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/6/1442هـ - الساعة: 11:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب