• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ضياع الأمانة من أشراط الساعة
    د. ناصر بن سعيد السيف
  •  
    شروط وجوب الصوم
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    التنبيه على ضعف حديث في فرضية صوم رمضان على الأمم ...
    وائل بن علي بن أحمد آل عبدالجليل الأثري
  •  
    على رسلكما إنها حفصة
    السيد مراد سلامة
  •  
    تسبيح الكائنات لخالقها سبحانه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الإسراف في الطعام والشراب
    هيام محمود
  •  
    مع القرآن في رمضان (1)
    د. علي أحمد عبدالباقي
  •  
    ليلة الجن
    السيد مراد سلامة
  •  
    من آداب الصيام: تبييت النية من الليل في صوم ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    رمضان والخشية وعمارة المساجد والمصاحف (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من سلسلة أحاديث رمضان حديث: تسمعون ويسمع منكم ...
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    الفاتحة وتوحيد الأسماء والصفات
    محمد بن سند الزهراني
  •  
    صلاة القيام جماعة في المسجد الحرام في خلافة عمر ...
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    من يرخص لهم الفطر في رمضان
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    حماية جناب التوحيد
    ولاء بنت مشاع الحربي
  •  
    حكم أكل لحم الكلاب
    وحيد بن عبدالله أبو المجد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد النبوي
علامة باركود

خطبة المسجد النبوي 3 / 5 / 1434هـ - فضائل قيام الليل

الشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/1/2014 ميلادي - 15/3/1435 هجري

الزيارات: 60024

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضائل قيام الليل


ألقى فضيلة الشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "فضائل قيام الليل"، والتي تحدَّث فيها عن قيام الليل وأوردَ الكثيرَ من الفضائل التي وردَت في كتاب الله وسُنَّة رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، ووجَّه بعضَ النصائِح لمن أحبَّ أن ينالَ أجورَ القائِمين بالليل.


الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.


أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوى؛ فتقوى الله منارُ الهُدى، والإعراضُ عنها سبيلُ الشَّقا.


أيها المسلمون:

خلقَ الله الخلقَ لعبادته، وهو - سبحانه - غنيٌّ عنهم ولا غِنَى لهم عنه، ولحاجتِهم إليه أوجبَ عليهم عبادتَه؛ فأولُ أمرٍ في كتابِه هو الأمرُ بعبادته: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].


وأمرَ الرُّسُل بالعمل الصالح فقال:﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ﴾ [المؤمنون: 51].


وقال لموسى - عليه السلام -: ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: 14].


وقال لنبيِّنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -:﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الزمر: 66].


وكلُّ رسولٍ قال لقومِه: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 59].


ومن الميثاق الذي أُخِذ على بني إسرائيل: ﴿ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ ﴾ [البقرة: 83].


وأمرَ الله قريشًا بالتعبُّد فقال: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ﴾ [قريش: 3]، وأمرَ المُؤمنين به في قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ ﴾ [الحج: 77].


ووصفَ الله صحابةَ نبيِّنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - بكثرةِ التعبُّد، وظهرَ أثرُ ذلك على جوارِحِهم، فقال في وصفِهم: ﴿ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ [الفتح: 29].


وشرفُ العبد في عبوديَّته لله، ولمنزلتِها دعا سليمانُ - عليه السلام - ربَّه أن يكون منهم، فقال: ﴿ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النمل: 19].


وكان نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - إذا رفعَ رأسَه من الرُّكوع قال: «أحقُّ ما قال العبد، وكلُّنا لك عبدٌ»؛ رواه مسلم.


وكلُّ مسلمٍ يُعاهِدُ ربَّه في الصلاةِ المفروضَةِ سبعَ عشرة مرَّةً على عبادتِه وحدَه، يقول: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5].


وعبادةُ الله وحده سببُ دخول جنَّات النعيم دون ما سِواها من الأسباب. جاء رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: دُلَّني على عملٍ إذا عملتُه دخلتُ الجنةَ. قال: «تعبُدُ اللهَ لا تُشرِكُ به شيئًا»؛ متفق عليه.


ومن فضلِ الله على عبادِه: أن نوَّعَ لهم العبادات؛ فشرَعَ لهم صلاةً لا أفضلَ منها بعد الفريضة، قال - عليه الصلاة والسلام -: «أفضلُ الصلاة بعد الفريضة: صلاةُ الليل»؛ رواه مسلم.


والله يُحبُّها، قال - عليه الصلاة والسلام -: «أحبُّ الصلاةِ إلى الله: صلاةُ الليل»؛ متفق عليه.


وأداؤُها بإخلاصٍ من علامة التقوى، قال - سبحانه -: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ [الذاريات: 15- 17].


وهي مُكفِّرةٌ للسيِّئات، ماحِيةٌ للخطايا، قال - عليه الصلاة والسلام - لمُعاذٍ - رضي الله عنه -: «ألا أدلُّك على أبوابِ الخير؟ الصومُ جُنَّةٌ، والصدقةُ تُطفِئُ الخطيئَةَ كما يُطفِئُ الماءُ النارَ، وصلاةُ الرجلِ في جوفِ الليل» أي: تُطفِئُ أيضًا الخطيئةً كما يُطفِئُ الماءُ النار؛ رواه الترمذي.


وهي سببُ رحمة الله للعبدِ، قال - عليه الصلاة والسلام -: «رحِمَ الله رجلاً قامَ من الليل فصلَّى»؛ رواه أبو داود.


وهي من العبادات التي تُؤدَّى لشُكر نِعَم الله الوافِرة، كان - عليه الصلاة والسلام - يقومُ من الليل حتى تتفطَّرَ قدَماه، ويقول: «أفلا أحبُّ أن أكون عبدًا شَكورًا؟»؛ رواه البخاري.


وأقربُ ما يكونُ الربُّ من العبدِ في جوفِ الليل، قال - عليه الصلاة والسلام -: «فإن استطعتَ أن تكون ممن يذكُرُ اللهَ في تلك الساعة فكُن»؛ رواه الترمذي.


وصلاةُ الليل عاصِمةٌ - بإذن الله - من الفِتَن، قالت أمُّ سلمة - رضي الله عنها -: استيقظَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ليلةً فزِعًا يقول: «سُبحان الله! ماذا أنزلَ الله من الخزائِن؟ وماذا أُنزِلَ من الفتن؟ من يُوقِظُ صواحِبَ الحُجُرات؟» يُريدُ أزواجَه لكي يُصلِّين «رُبَّ كاسِيةٍ في الدُّنيا عارِيَةٍ في الآخرة»؛ رواه البخاري.


فيها انشراحُ الصدر، وراحةُ البال، وسُرور القلبِ، قال ابن حجرٍ - رحمه الله -: "في صلاةِ الليل سرٌّ في طِيبِ النفس".


وهي من أسباب دخولِ الجنة، قال - سبحانه -: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 16، 17].


قال عبدُ بن سلامٍ - رضي الله عنه -: أولُ شيءٍ سمِعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - تكلَّم به حين قدِمَ المدينة: «يا أيها الناس! أفشُوا السلام، وأطعِموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناسُ نِيام؛ تدخُلوا الجنةَ بسلامٍ»؛ رواه الترمذي.


بل من أدَّاها كان في أعلَى منازِلِ الجنة، قال - عليه الصلاة والسلام -: «إن في الجنةِ غُرفًا تُرَى ظهورُها من بُطونِها، وبُطونُها من ظهورِها». فقامَ أعرابيٌّ فقال: لمن هي يا رسول الله؟ قال: «لمن أطابَ الكلامَ، وأطعمَ الطعامَ، وأدامَ الصيامَ، وصلَّى بالليل والناسُ نِيام»؛ رواه أحمد.


واللهُ أمرَ رسولَه - صلى الله عليه وسلم - أن يتعبَّدَه بتلك الصلاةِ ليَنالَ أعلى المقامات، قال - عز وجل -: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾ [الإسراء: 79]. فكان - عليه الصلاة والسلام - لا يترُكها لا سفرًا ولا حضرًا.


وأُمِر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُحيِيَ بتلك العبادة نصفَ الليل أو يزيدَ أو ينقُصَ عنه قليلاً، ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ ﴾ [المزمل: 1- 4].


قالت عائشة - رضي الله عنها -: "وكان لا تشاءُ أن تراهُ من الليل مُصلِّيًا إلا رأيتَه"؛ رواه البخاري.


وقرأَ ابنُ عمر - رضي الله عنهما -: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾ [الزمر: 9] قال: "ذاك عُثمانُ بن عفَّان".


قال ابن كثيرٍ - رحمه الله -: "وذلك لكثرة صلاةِ أميرِ المُؤمنين عُثمان بالليل وقراءتِه، حتى إنه رُبَّما قرأَ القُرآنَ في ركعةٍ".


وأحبُّ الأعمال ما داومَ عليه صاحِبُه وإن قلَّ، وصلاتُها في البيت أفضل، «خيرُ صلاةِ المرء في بيتِه إلا الصلاة المكتوبة»؛ متفق عليه.


وقيامُ الليل كما هو مسنونٌ للرجال فهو سُنَّةٌ أيضًا للنساء، طرقَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنتَه فاطمةَ - رضي الله عنها - وزوجَها عليَّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - ليلاً، وقال لهما: «ألا تُصلِّيَان؟»؛ متفق عليه.


قال الطبريُّ - رحمه الله -: "لولا ما علِمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - من عِظَم فضلِ الصلاةِ في الليل ما كان يُزعِجُ ابنتَه وابنَ عمِّه في وقتٍ جعلَه الله لخلقِه سكَنًا، لكنَّه اختارَ لهما إحرازَ تلك الفضيلة على الدَّعَة والسُّكون".


ودعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرحمةِ لمن أيقظَ أهلَه ليُصلِّيَها، قال - عليه الصلاة والسلام -: «رحِمَ الله رجلاً قامَ من الليل فصلَّى وأيقظَ امرأتَه»؛ رواه أبو داود.


وكان عمرُ - رضي الله عنه - يُصلِّي من الليل ما شاءَ الله، حتى إذا كان آخرَ الليل أيقظَ أهلَه للصلاةِ ثم يقول لهم: الصلاةَ الصلاةَ، ويتلُو: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132].


وصلاةُ الليلِ رِفعةٌ للشابِّ كما هي نورٌ ووقارٌ للكبيرِ، قال - عليه الصلاة والسلام - لعبدِ الله بن عمر - وكان إذ ذاك شابًّا -: «نِعمَ الرجلُ عبد اللهِ لو كان يُصلِّي من الليل»؛ متفق عليه.


قال ابنُه سالِم: "فكان عبدُ الله بعد ذلك لا ينامُ من الليل إلا قليلاً".


قال ابنُ حجر - رحمه الله -: "من كان يقومُ الليلَ يُوصَفُ بأنه نِعمَ الرجل".


وحذَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - عبدَ الله بن عمرو أن يترُك قيامَ الليل وهو غُلام، فقال له: «يا عبد الله! لا تكُن مثلَ فلانٍ؛ كان يقومُ الليلَ فتركَ قيامَ الليل»؛ رواه البخاري.


وكان السَّلَفُ يُحيُون الليلَ وهم صِغارٌ، قال إبراهيم بن شمَّاس - رحمه الله -: "كنتُ أرى أحمدَ بن حنبل يُحيِي الليلَ وهو غلامٌ".


ولشرفِ الليل أنزلَ الله كتابَه فيه، وتلاوتُه بالليل من أسبابِ إتقانِ حفظِه، قال - عليه الصلاة والسلام -: «وإذا قامَ صاحبُ القُرآن فقرأَه بالليل والنهارِ ذكرَه، وإذا لم يقُم به نسِيَه»؛ رواه مسلم.


ومما يُغبَطُ عليه المرءُ قيامُه بالقُرآن ليلاً، قال - عليه الصلاة والسلام -: «لا حسَدَ إلا في اثنتَين: رجلٍ آتاه الله القُرآن فهو يقومُ به آناءَ الليل وآناءَ النهار، ورجلٍ آتاه الله مالاً فهو يُنفِقُه آناء الليل وآناءَ النهار»؛ متفق عليه.


وقراءةُ القُرآن في الليل مُعينةٌ على فهمِه وتدبُّره، قال - جل وعلا -: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ﴾ [المزمل: 6].


وثوابُ التلاوةِ في الليل مُضاعَف، فقليلُها يُزيلُ عن العبد وصفَ الغفلة، ووسطُها يكسُوه نعتَ القانتِين، وكثيرُها يجلِبُ القناطِيرَ من الأجور، قال - عليه الصلاة والسلام -: «من قامَ بعشر آياتٍ لم يُكتَب من الغافِلين، ومن قامَ بمائةِ آيةٍ كُتِبَ من القانِتين، ومن قامَ بألفِ آيةٍ كُتِبَ من المُقنطَرين»؛ رواه أبو داود.


وشأنُ الدعاءِ في الليل عظيمٌ، «وفي الليلِ ساعةٌ لا يُوافِقُها عبدٌ مُسلمٌ يسألُ اللهَ خيرًا إلا أعطاه الله إياه»؛ رواه مسلم.


وفي الثُّلُث الأخير من الليل ينزِلُ ربُّنا إلى السماء الدنيا فيقول: «من يدعُوني فأستجيبَ له؟ من يسألُني فأُعطِيَه؟ من يستغفِرني فأغفِرَ له؟»؛ متفق عليه.


ومن استيقظَ من الليل فقال ذكرًا ودعا استُجيبَ له، فإن صلَّى قُبِلَت صلاتُه، قال - عليه الصلاة والسلام -: «من تعارَّ من الليل - أي: استيقظَ - فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له المُلكُ ولهُ الحمدُ، وهو على كل شيء قدير، الحمدُ لله، وسُبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفِر لي، أو دعا استُجيبَ له، فإن توضَّأَ وصلَّى قُبِلَت صلاتُه»؛ رواه البخاري.


وتعلُّقُ القلوبِ في آخر الليلِ أرجَى، وتنزيهُ الله عن كل عيبٍ ونقصٍ بالتسبيحِ في جوفِ الليل من التقوَى.


والاستِغفارُ خيرُ ما يختِمُ به العبدُ أعمالَ ليلِه، قال - سبحانه -: ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران: 17]، "ونزلَت توبةُ الذين خُلِّفُوا في الثُّلُث الأخير من الليل"؛ رواه البخاري.


وكلُّ الليل من بعد صلاةِ العشاء إلى الفجر زمنٌ لصلاةِ الليل، وأقلُّه ركعةٌ، ولا حدَّ لأكثرِه، وآخرُ الليل أفضلُه، قال - عليه الصلاة والسلام -: «صلاةُ آخر الليل مشهودةٌ»؛ رواه مسلم.


ولأهمية قِيامِ الليل من نامَ عنه شُرِع له أن يقضِيَه، قال - عليه الصلاة والسلام -: «من نامَ عن حِزبِه أو عن شيءٍ منه فقرأَه فيما بين صلاةِ الفجرِ وصلاةِ الظُّهر كُتِبَ له كأنَّما قرأَه من الليل»؛ رواه مسلم.


وقراءةُ أذكارِ النوم مُعينةٌ للاستِيقاظ إلى صلاةِ الليل، والسَّهرُ قد يمنَعُ قيامَ الليل، وإن قامَه أفقدَه الخشوعَ فيه، ومن نامَ على معصيَةٍ لم يقُم - في الأغلَبِ - إلى طاعةٍ.


وبعد، أيها المسلمون:

فالدُّنيا زمنُها قصير، والمُكثُ فيها يسير، والليلُ بما فيه من صلاةٍ وتلاوةٍ ودُعاءٍ وتسبيحٍ واستِغفارٍ من خيرِ ما يعمُرُ به المُسلمُ آخرتَه، ومن أعظمِ ما يدَّخِرُه من الأعمالِ الصالحةِ للِقاءِ ربِّه، واللَّبيبُ من يغتنِمُ آخرَ الليلِ لإصلاحِ دينِه ودُنياه.


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الإنسان: 25].


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المُسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفورُ الرحيمُ.


الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتِنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.


أيها المسلمون:

مما يجلِبُ الرِّزقَ: قيامُ الليل، وكثرةُ الاستِغفار بالأسحار، وتعاهُد الصدقة، والذكرُ أول النهار وآخره.


وشرفُ المُؤمنِ قيامُه بالليل، قال سعيدُ بن المُسيَّب - رحمه الله -: "إن الرجلَ ليَقومُ الليلَ فيجعلُ الله في وجهِه نورًا يُحبُّه كلُّ مسلم".


وقيامُ الليل عزيزٌ، وهو أولُ ما يُفقَدُ من العبادة، قال ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أولُ ما ينقُصُ من العبادة: التهجُّد بالليل".


والمُؤمنُ يدَّخِرُ ساعةً من ليلِه للتهجُّد، ويغتنِمُ نهارَه لعباداتٍ أُخرى ولنفعِ الخلق.


ثم اعلموا أن الله أمرَكم بالصلاةِ والسلامِ على نبيِّه، فقال في مُحكَم التنزيل: ﴿ إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


اللهم صلِّ وسلِّم على نبيِّنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضَوا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابةِ أجمعين، وعنَّا معهم بجُودِك وكرمِك يا أكرم الأكرمين.


اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمِنًا مُطمئنًّا رخاءً وسائر بلاد المسلمين.


اللهم انصُر المُستضعَفين من المُؤمنين في كل مكانٍ، اللهم كُن لهم وليًّا ونصيرًا، ومُعينًا وظهيرًا، اللهم ثبِّت أقدامَهم، وسدِّد رميَهم، ووحِّد كلمتَهم على التقوى.


اللهم من أرادَ الإسلامَ والمسلمين بسُوءٍ فأشغِله في نفسه، واجعَل كيدَه في نحرِه، وألقِ الرُّعبَ في قلبِه.


اللهم وفِّق إمامنا لهُداك، واجعَل عملَه في رِضاك، ووفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين للعملِ بكتابك، وتحكيمِ شرعك.


اللهم إنا نسألُك الإخلاصَ في القولِ والعملِ، اللهم أعِنَّا على ذِكرك وشُكرِك وحُسن عبادتك.


عباد الله:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].


فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • فضائل قيام الليل (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد النبوي 13 / 12 / 1434 هـ - دوام الاستقامة والثبات على الطاعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 6 / 12 / 1434 هـ - العبر والدروس من الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 28 / 11 / 1434 هـ - الأخوة بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 21 / 11/ 1434 هـ - سرعة الاستجابة لله ورسوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 14 / 11 / 1434 هـ - فضل صلة الرحم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 7 / 11 / 1434 هـ - خلق الرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 30 / 10 / 1434 هـ - الاستعداد للموت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 23 / 10 / 1434 هـ - عبودية الكائنات لله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 16 / 10 /1434 هـ - الاعتصام بالكتاب والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 9 / 10 / 1434 هـ - أهمية الدعاء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمو مدينة سينسيناتي يوزعون 30 ألف وجبة إفطار خلال رمضان
  • افتتاح أكبر مسجد بجنوب داغستان
  • مؤتمر عن "أثر الصيام في حياة الإنسان" في ألبانيا
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/9/1444هـ - الساعة: 15:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب