• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من سلسلة أحاديث رمضان حديث: يأتي على الناس زمان، ...
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مكروهات الصيام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    هم الرزق (خطبة)
    الشيخ مشاري بن عيسى المبلع
  •  
    الوصية بذكر الله
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: رمضان... ودأب الصالحين (القيام)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    الفاتحة وشرط المتابعة
    محمد بن سند الزهراني
  •  
    خطبة: الستر على المسلمين
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    مظاهر اليسر في الصوم (2): الفطر لأهل الأعذار
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الخلف وسوء الأخلاق في رمضان
    هيام محمود
  •  
    أحكام اللقطة في الطريق
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    نوازل معاصرة في الصيام (خطبة)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    من آداب الصيام: تأخير السحور
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    من سلسلة أحاديث رمضان حديث: طوبى لمن رآني وآمن بي
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    ما حكم الصوم للمسافر والمريض؟ (PDF)
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    التكافل وقت الأزمات: مواقف وعظات
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    هل لك سر عند الله؟ (خطبة)
    خالد بن حسن المالكي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

تفسير: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر)

تفسير: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر)
الشيخ محمد حامد الفقي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/11/2015 ميلادي - 5/2/1437 هجري

الزيارات: 72428

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير قول الله تعالى

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾

 

بسم الله الرحمن الرحيم

قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 62].

 

يقول الله تعالى: إن الذين انتسبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وتَسَمَّوْا باسم: "المؤمنين"، أو "المسلمين"، والذين انتسبوا إلى موسى عليه السلام، وتَسَمَّوْا باسم اليهود، والذين انتسبوا إلى عيسى عليه السلام، وتَسَمَّوْا باسم النصارى، والذين انتسبوا إلى غير أولئك من الأنبياء السابقين، والذين لم ينتسبوا إلى نبي من أولئك ولا غيرهم كالصابئين، (مَن آمن بالله) الإيمان الصادق الذي تخالج حلاوته القلب، وتصطبغ به الروح صبغة البر والإحسان، ويمتزج بالنفس امتزاجًا يكفيها بكيفية التقوى في كل أحوالها الظاهرة والباطنة[1]، وهو الإيمان الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل: ((أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه ورسله واليوم الآخر، وأن تؤمن بالقدر خيره وشره))، وهو الذي ذره الله وذكره أثرةً من أهله الصادقين في قوله سبحانه: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].

 

وفي قوله: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحجرات: 15]، وفي قوله: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 2 - 4].

 

وأمثال هذه الآيات في القرآن كثير في وصف الإيمان الذي يُحببه الله إلى عباده المصطفين الأخيار، ويزينه في قلوبهم، وكذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في حقيقة هذا الإيمان الصادق وصفات أهله وأعمالهم[2]، فمن ذلك ما رواه البخاري في التاريخ عن أنس بن مالك رضي لله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس الإيمان بالتمني، ولكن ما وقر في الصدر وصدَّقه العمل))، وآمنوا مثل هذا الإيمان القوي الصادق باليوم الآخر، وأيقنوا بلقاء ربهم، لتُجزى كل نفس بما كسبت بلا ظلم ولا محاباة؛ ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾ [فاطر: 18]، واليهود يقولون: ﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى ﴾ [البقرة: 111]، ويقولون: ﴿ لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 24]، والنصارى يقولون كذلك مثل مقالة اليهود، وكثير من المسلمين يقولون مثل مقالة اليهود والنصارى، مغرورين بمثل ما اغتر به اليهود والنصارى من الأماني الكاذبة؛ من الاتِّكال على الأنساب، أو التلمذة والمحسوبية على أحد الصالحين من آل بيت النبوة وغيرهم، وتلك فتنة اليهود والنصارى الذين قالوا بدعواهم الخاطئة: ﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾ [المائدة: 18].

 

فكذَّب الله أولئك جميعًا ومَن نسج على منوالهم في الغابرين أو اللاحقين إلى يوم القيامة، وسجل في أجلى بيان وآكد ضمان: أنه لن يأمن من مخاوف يوم القيامة وأهواله، ولن يفرح في ذلك اليوم وتتلقاه الملائكة بالبشرى والسلام - إلا من آمن بالله وملائكته وكتبه، ورسله واليوم الآخر، إيمانًا صادقًا يُثمر ثمراته الطيبة، ويؤتي أُكله لصاحبه في كل حين؛ من الأخلاق الحميدة، والأعمال الصالحة.

 

والآية تنذر بأشد الخوف وأعظم الحزن مَن لم يتحقق بهذا الإيمان، وأنه لن تنفعه في ذلك اليوم وتدفع عنه الخوف والحزن أي صلة من صلات القربى بأي نبي، فضلاً عن ولي أو عالم، كما أنها تنادي بضمان الأمن والسرور في ذلك اليوم لكل مَن لقِي الله على ذلك الإيمان الصادق والعمل الصالح، مهما كان ماضيه في اليهودية أو النصرانية أو الوثنية، أو الإلحادية اللادينية ماضيًا مظلمًا في مقتبل حياته، ومهما كان آباؤه الأولون عريقين في أشد أنواع الكفر والفساد، وماتوا على ذلك؛ فإنه: ﴿ لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا ﴾ [لقمان: 33].

 

وهذا المعنى - وهو أن كل نفس بما كسبت رهينة، وأن من تاب وآمن وعمل صالحًا، فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات - قد تكرر في القرآن مئات المرات، وأوضح موضع في ذلك وأبينه قوله تعالى: ﴿ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 123، 124].

 

والآية تدل على أن مجرد دعوى الإيمان بنبي من الأنبياء، والتزيي بزيِّ أتباعه، والتسمي باسمه أو باسم أتباعه - لا يغني عند الله شيئًا، وإن هذا الادعاء ونقيضه سواء، بدليل أن الله قرن المدعين لاتباع محمد صلى الله عليه وسلم ولأتباع موسى وعيسى عليهما السلام بالصابئين الذين يُعرفون عند العرب بأنهم الذين لا يتبعون دين نبي، أو يفارقون الأديان المعترف بها عندهم؛ لأن أهل مكة كانوا يسمون رسول الله صلى الله عليه وسلم "الصابئ"، ويسمون الذين سبقوا إلى الإيمان معه "الصَّبَأَة"، فدل اقتران المدعين لاتباع الأنبياء الصابئين في هذه الآية، واقترانهم بهم وبالمجوس والمشركين في آية سورة الحج: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [الحج: 17] على ما قلنا، وهو أن هذه الدعوى مع عدم الدليل من الاتباع والانقياد الروحي والقلبي بالعمل الصالح، وجعل الهوى والرأي والمصلحة الشخصية، وعادة الآباء وأقوال الأشياخ وآراءهم - تبعًا لما جاء به الأنبياء، خصوصًا خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يقم على تلك الدعوى هذه الأدلة، فهي وعدمها سواء في أنها لا تؤمِّن صاحبها من الخوف والفزع يوم القيامة، ولا تدفع نكد العذاب الأليم، وشقاء الخسران المبين!

 

والآية أيضًا تدل على أن الله لم يغلق باب رحمته ومغفرته دون اليهود الفاسقين، ودون إخوانهم وأشباههم، وأن رحمته سبحانه ومغفرته قريبة لمن طلبها بالتوبة والإيمان والعمل الصالح؛ سواء كان يهوديًّا أو نصرانيًّا أو مشركًا: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾  [الزمر: 53 - 55].

 

وتدل أيضًا على أن الله لم يؤاخذ اليهود بصفة أنهم شعب إسرائيل، ولا بصفة في أجسامهم، ولا في أرضهم، ولا في زمانهم، وفي مواطن ولادتهم، ولا في آبائهم وأُمهاتهم، ولا في أمر يختص بمِلَّتهم، ولكن أخذهم ﴿ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [المائدة: 78]، لكل مَن تحقَّق فيه هذا السبب، وهو العصيان لأمر الله، والاعتداء لحدوده، تَحقَّق له - ولا بد - المسبب، وهو الذلة والمسكنة، وأنواع ما عُذِّب به بني إسرائيل أُمةً وأفرادًا.

 

هذا ويلزمك أيها القارئ أن ترجع في تفسير: ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 62]، إلى تفسيرها في الجزء الثامن من السنة الثالثة في الهدي النبوي في تفسير قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 38]، فقد أشبعنا القول هناك، فلا بد أن ترجع إليه.

 

قال شيخنا الأستاذ الإمام السيد رشيد رحمه الله ورضي عنه:

فالآية بيان لسنة الله تعالى في معاملة الأمم - تقدمت أو تأخرت - فهو على حد قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾ [النساء: 123]، فظهر بذلك أنه لا إشكال في حمل: ﴿ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [البقرة: 62]... إلخ على قول: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [البقرة: 62] ...إلخ، ولا إشكال في عدم اشتراط الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الكلام في معاملة الله تعالى لكل الفرق أو الأمم المؤمنة بنبي ووحي بخصوصها، الظانَّة أن فوزها في الآخرة كائن لا محالة؛ لأنها مسلمة أو يهودية أو نصرانية أو صابئة مثلاً، فالله يقول: إن الفوز لا يكون بالجنسيات الدينية، وإنما يكون بإيمان صحيح له سلطان على النفس، وعمل يصلح به حال الناس، ولذلك نفى كون الأمر عند الله بحسب أماني المسلمين، أو أماني أهل الكتاب، وأثبت كونه بالعمل الصالح مع الإيمان الصحيح؛ ا .هـ.

 

وقال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله: ﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾ [النساء: 123]: قال قتادة: ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا، فقال أهل الكتاب: نبيُّنا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، فنحن أولياء بالله منكم، وقال المسلمون: نحن أولى بالله منكم، ونبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله، فأنزل الله: ﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾، ثم روى مثل هذا عن ابن عباس وقريبًا منه عن مجاهد، ثم قال: والمعنى في هذه الآية أن الدين ليس بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقته الأعمال، وليس كل من ادعى شيئًا حصل له بمجرد دعواه، ولا كل من قال: "إنه هو المحق" سُمِع قوله بمجرد ذلك، حتى يكون له من الله برهان. اهـ.

 

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه "إغاثة اللهفان": "ذكر تلاعب الشيطان بالصابئة:

هذه أمة كبيرة من الأمم الكبار، وقد اختلف الناس فيهم اختلافًا كثيرًا، بحسب ما وصل إليهم من معرفة دينهم، وهم منقسمون إلى مؤمن وكافر؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 62]، فذكرهم في الأمم الأربع الذين تنقسم كل أمة منهم إلى ناج وهالك، وذكرهم أيضًا في الأمم الست الذين انقسمت جملتهم إلى ناج وهالك؛ كما في قوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [الحج: 17]، فذكر الأمتين اللتين لا كتاب لهما ولا ينقسمون إلى شقي وسعيد، وهما المجوس والمشركون في آية الفصل، ولم يذكرهما في آية الوعد بالجنة، وذكر الصابئين فيهما، فعلم أن فيهم الشقي والسعيد، وهؤلاء كانوا قوم إبراهيم الخليل وأهل دعوته، وكانوا بـ"حران"، فهي دار الصابئة، وكانوا قسمين: صابئة حنفاء، وصابئة مشركين، والمشركون منهم يعظمون الكواكب السبعة والبروج الاثني عشر، ويُصورونها في هياكلهم، ولتلك الكواكب عندهم هياكل مخصوصة، وهي المتعبدات الكبار؛ كالكنائس للنصارى، والبِيَع لليهود، ولهذه الكواكب عندهم عبادات ودعوات، ويتخذون لها أصنامًا تخصها، ويُقرِّبون لها القرابين، ولها صلوات خمس في اليوم والليلة، نحو صلوات المسلمين - إلى أن قال: وأصل دين هؤلاء - فيما زعموا - أنهم يأخذون بمحاسن ديانات العالم ومذاهبهم، ويخرجون من قبيح ما هم عليه قولًا وعملًا، ولهذا سموا صابئة؛ أي خارجين، فقد خرجوا عن تقيُّدهم بجملة كل دين وتفصيله، إلا ما رأوه فيه من الحق - إلى أن قال: وأكثر هذه الأمة فلاسفة، والفلاسفة يأخذون من كل دين - بزعمهم - محاسن ما دلت عليه العقول - إلى أن قال: والمقصود أن الصابئة فرق، فصابئة حنفاء، وصابئة مشركون، وصابئة فلاسفة، وصابئة يأخذون بمحاسن ما عليه أهل الملل والنحل من غير تقيُّد بملة ولا بنِحلة، ثم منهم من يُقِر بالنبوَّات جُملةً، ويتوقف في التفصيل، ومنهم مَن يُقر بها جملة وتفصيلاً، ومنهم مَن ينكرها جُملة وتفصيلاً، وهم يُقرون أن للعالم صانعًا فاطرًا، حكيمًا مقدسًا عن العيوب والنقائص، ثم قال المشركون منهم: لا سبيل لنا إلى الوصول إلى جلاله إلا بالوسائط، فالواجب علينا أن نتقرب إليهم بتوسُّطات الروحانيات القريبة منهم، وهم الروحانيون المقربون المقدسون عن المواد الجسمانية وعن القوى الجسدانية، بل قد جبلوا على الطهارة، فنحن نتقرب إليهم ونتقرب بهم إليه، فهم أربابنا وآلهتنا وشفعاؤنا عند رب الأرباب وإله الآلهة - إلى أن قال: قالوا: والأنبياء أمثالنا في النبوغ وشركاؤنا في المادة، وأشكالنا في الصورة، يأكلون مما نأكل، ويشربون مما نشرب، وما هم إلا بشر مثلنا يريدون أن يتفضلوا علينا، وزادت الاتحادية - أتباع ابن عربي وابن سبعين، والعفيف التلمساني وأضرابهم - على هؤلاء بما قال شيخ الطائفة محمد بن عربي: إن الولي أعلى درجة من الرسول؛ لأنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحي إلى الرسول، فهو أعلى منه بدرجتين؛ فجعل هؤلاء الملاحدة أنفسهم وشيوخهم أعلى في التلقي من الرسل بدرجتين، وإخوانهم من المشركين جعلوا أنفسهم في ذلك التلقي بمنزلة الأنبياء ولم يَدَّعوا أنهم فوقهم؛ ا .هـ.

 

قال أبو طاهر عفا الله عنه: والذي ظهر لي - والله أعلم - أن المراد بالصابئة في الآية: الدهريون والملحدون التاركون لكل دين؛ ولذلك يقول ابن القيم: إن أكثر أولئك الصابئة فلاسفة معظمون للكواكب، بما يتخذون لها من الهياكل وأنواع القرابين والبخور والترانيم، ثم كان فيهم بعد انتشار الإسلام ودخوله إلى أرضهم مَن أخذ بعض الأعمال الإسلامية تقليدًا لا عن عقيدة، بل عن هوى واستحسان رأي لمقصد ربما كان سيئًا يريد أن يخدع المسلمين بتظاهره هذا بالموافقة في بعض أعمالهم، وقد تكلم الشهرستاني وابن حزم في الملل والنحل عن هذه الطائفة كلامًا طويلًا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

مجلة الهدي النبوي

المجلد الرابع - العدد 50 - 15 رجب سنة 1359هـ



[1] انظر تفسير (الذين يؤمنون بالغيب) العدد 11 من السنة الأولى.

[2] انظر مقال بعنوان «المؤمنون» بالعدد 48 من الهدي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا)
  • تفسير: { إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون}
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار)
  • تفسير: (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا)
  • تفسير: (لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين)
  • تفسير: (ثم أغرقنا الآخرين)
  • تفسير: (ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض...)
  • تفسير: (قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها...)
  • تفسير: (أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء...)
  • تفسير: (ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله)
  • تفسير: (وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده)

مختارات من الشبكة

  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التنبيه على أن " اليسير من تفسير السعدي " ليس من تفسيره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كتب علوم القرآن والتفسير (2) أصول التفسير(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أول إفطار جماعي في رمضان في هونغ كونغ منذ 2019
  • مسلمو مدينة سينسيناتي يوزعون 30 ألف وجبة إفطار خلال رمضان
  • افتتاح أكبر مسجد بجنوب داغستان
  • مؤتمر عن "أثر الصيام في حياة الإنسان" في ألبانيا
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/9/1444هـ - الساعة: 3:48
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب