• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    عشرون علاجا لفتور النفس عن الطاعة
    خالد بن حسن بن أحمد المالكي
  •  
    همسات وتوصيات للشباب والشابات
    اللجنة العلمية في مكتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في جنوب بريدة
  •  
    المرأة عاملة أم مسؤولة؟!
    هبة حمودة موسى
  •  
    "أدومه وإن قل" سمة الناجح
    محمد بن عبدالرب آل نواب
  •  
    أولادنا والقراءة
    اللجنة العلمية في مكتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في جنوب بريدة
  •  
    تصورات مغلوطة وسبل علاجها (5 /7)
    د. مشعل عبدالعزيز الفلاحي
  •  
    التعبير الكتابي من أساسيات اكتساب اللغة
    أسامة طبش
  •  
    المعلم والمنهج الضمني
    تامر طه بكر
  •  
    الحب أم الضمان الاقتصادي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    أداء الممارس المهني هو مرآة المهنة
    جميله الشمري
  •  
    كن واثق النفس
    أسامة طبش
  •  
    عندما يكون التفاؤل منهج حياة
    سيد مسعود
  •  
    كيف تكتب مقالا علميا؟
    أسامة طبش
  •  
    الدعاء للأولاد سر من أسرار النجاح والفلاح
    اللجنة العلمية في مكتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في جنوب بريدة
  •  
    دور التربية الإيمانية في تنمية المسؤولية الأخلاقية
    د. سونيا الشامي
  •  
    نصائح وتوجيهات لمن ظلمت من الزوجات
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

موسى وفرعون وكلام الله في نصيحة العمر

خميس النقيب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/6/2011 ميلادي - 17/7/1432 هجري
زيارة: 11070

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إلى من يهمه الأمر

موسى وفرعون وكلام الله في نصيحة العمر

 

إنَّ الله خلق الإنسان وسَوَّاه، وأرشَدَه وهداه، وأكرمه واصطفاه، وفضَّله واجتباه، وأرسل له رسُلَه بالحقِّ سبيلاً إلى النَّجاة، وأنزل معهم الكتب نورًا على طريق الدَّعوة والدُّعاة، الذين أزالوا الشِّرك بإخلاصهم، وبدَّدوا الجهل بعلمهم، وأناروا الدُّنيا برسالتهم، واستخرجوا طيِّبات الأرض بسواعدهم، وحرَّروا البشرية من أغلالها؛ لِتَعبد ربًّا واحدًا لا إلَه غيره، ولا ربَّ سواه، بتوفيق الله لهم، لم يخلق الله الإنسان عبَثًا ولم يَتْركه سُدًى، وإنَّما هدَاه سبيله وبيَّن له طريقه، وحدَّد له حُدوده، وأجْلَى له معالِمَه، وجعل له صراطًا مستقيمًا؛ ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ﴾ [الأنعام: 153]، ووَضَعه في أحسن تقويم؛ ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4]، وأراد - سبحانه - أن يَمُنَّ عليه إذا كان ضعيفًا؛ ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴾ [القصص: 5]، وينصره حتى في حال تمكينه وقُوَّته؛ ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 40 - 41].

 

التحوُّل الرهيب المعيب المدمِّر:

وعندما يَضِل الإنسان الطريق، فينسى خالِقَه ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الحشر: 19]، وينبذ منهجه ﴿ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 101]، ويصدُّ عن سبيله ﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ ﴾ [الأعراف: 45]، ويتألَّه مكذِّبا رسولَه: ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [القصص: 38] - فإن الله يجعله يَهْوِي في السحق، ويسقطه في الحضيض، ويردُّه في التسفُّل ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴾ [التين: 5]، وعندها يَنقَلِب إلى فاسق من الفاسقين، أو منحَرِف من المنحرِفين، ويتحوَّل إلى أفسد المفْسِدين، أو أظلم الظَّالمين فتَتْبعه لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين، ليس في الدُّنيا فحَسْبُ، وإنَّما ﴿ وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ ﴾ [القصص: 42]، هذا الذي كان عليه أوَّل الفَرَاعين، ثم الفَراعنة اللاَّحقون!

 

لذلك كان وبالاً على نَفْسِه التي سوَّلَت الفَساد! ﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾ [يونس: 90 - 92].

 

وكان لعنة ودمارًا على بطانته التي مررت له الفساد﴿ وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ ﴾ [القصص: 42].

 

وكان هلاكًا لقريته التي ارتَضَت الفساد، ورضَخَت للتَّرف والاستعباد، ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء: 16]، وكذلك كل الفراعنة التابعين، سيَنالهُم نفْسُ المصير؛ إنْ آجِلاً أو عاجلاً؛ ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ [الأنعام: 123].

 

والقرية التي تتجبَّر في الأرض وتحارب الرسل، وتعادي الدين مصيرها الهلاك؛ ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ ﴾ [محمد: 13]، والقرية التي تستبدل بالأمن الفزَعَ، وبالإيمان الكفرَ يُلبِسها الله الجوع مَهْما شبعت، والخوف مهما استأمنت، وذلك بما اقتَرَفت وصنَعَت: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].

 

﴿ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 91]؟ ما عصيانه؟ وما فسادُه؟ ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 4].

 

هل هناك إفساد أعظم من قَتْل الأطفال الأبرياء، وظُلْم المرْسَلين وتابعيهم من الشُّرفاء؟!

سَنَّ فرعونُ قوانين لذبْح الناس مادِّيًّا في أبنائهم، ومعنويًّا في نسائهم؛ ﴿ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ﴾ [القصص: 4]، فذبحه الله بذات القوانين التي سنَّها، و(البادي أظلَم)، وعلى الباغي تَدُور الدَّوائر.

 

نجَّى الله موسى - عليه السلام - من قانون فرعون (الذبح)، فكان سببًا في ذبْحه وهلاكه! تأمَّل معي هذا المشهد الرائع عزيزي القارئ؛ ﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴾ [الشعراء: 63]، وانظر معي هذه اللوحة البديعة؛ ﴿ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾ [البقرة: 50]، يجب أن يَنظر مَن كان له قلب أو ألقى السَّمع وهو شهيد، هذا المشهد الجدير بالمشاهدة، خاصَّة دُعاة اليوم وكلِّ يوم.

 

إنَّ قَطْع دابِر المفْسِدين خطوة مهمَّة على طريق الدُّعاة والمرْسَلين، ورحمةُ الله للمؤمنين ﴿ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 72]، وكانت النتيجة المباركة الباهرة: ﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾ [الأعراف: 137]، إنَّها مَلْحَمة تريح الكادحين، وتثبِّت المجاهدين، وتُطَمئنُ المظلومين الذين يشعرون أنَّهم مظلومون فلا يَرْضخون، وتُواسي المستضْعَفين الذين لا يشعرون باستضعافهم، ولا يَفقدون قوتهم فلا يستكينون.

 

يقول صاحب "الظِّلال": "الله يريد غيرَ ما يُرِيد فرعون، ويقدِّر غير ما يقدِّر الطَّاغية، والطُّغاة البُغاة تخدعهم قوَّتهُم وسطوتهم وحيلتهم، فينسون إرادة الله وتقديره، ويحسبون أنهم يَخْتارون لأنفسهم ما يحبُّون، ويختارون لأعدائهم ما يشاؤون، ويظنُّون أنهم على هذا وذاك قادرون، والله يُعلِن هنا إرادته هو، ويَكشف عن تقديره هو، ويتحدَّى فرعون وهامان وجنودَهما بأنَّ احتياطَهم وحذرهم لن يُجْدِيهم فتيلاً: ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ [القصص: 5 - 6].

 

هؤلاء المستضْعَفون يريد الله أن يَمُنَّ عليهم بهِبَاته من غير تحديد، وأن يجعلهم أئمة وقادة، لا عبيدًا ولا تابعين، وأن يُورِثهم الأرض المباركة التي أعطاهم إيَّاها عندما استحقُّوها بعد ذلك بالإيمان والصَّلاح، وأن يمكِّن لهم فيها، فيجعلهم أقوياء راسِخِي الأقدام مطمئنِّين، ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7].

 

إنها قدرة الله العظيمة، قُدْرة الرِّعاية، وقدرة العناية، وقدرة الحفظ، وقدرة الإعادة؛ ﴿ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7]، لم يَرُدَّه الله إنسانًا عاديًّا أو رجلاً بسيطًا، وإنما نبِيًّا مرسَلاً، ورسولاً كريمًا.

 

جاء الوحي لموسى - عليه السَّلام - بالسَّير ليلاً، والخروج سيرًا؛ ﴿ فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ﴾ [الدخان: 23]؛ لأمْر يُريده الله ﴿ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ ﴾ [الأنفال: 7]، أحَقَّ اللهُ الحقَّ بالقضاء على فرعون وبطانته في المشهد السابق، وكأنَّ موسى - عليه السَّلام - أراد أن يضرب البحْر مرَّة ثانية؛ لكي يُزِيل الطَّود، ويَفْصِل بين فرعون وبطانته، وموسى وقومه، لكنَّ إرادة الله فوق كلِّ الإرادات، وحكمة الله هي الغالبة، وسُنَّة الله هي الماضية؛ ﴿ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً ﴾ [فاطر: 43].

 

فكان الأمر من الله بتخليص الأرض من الطَّاغية فرعون للأبد، ﴿ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ﴾ [الدخان: 24]، وكل الطُّغاة لهم مَوْعد، ستتخلَّص الأرض منهم، ومِن طغيانهم؛ إنْ عاجلاً أو آجلاً، وإلاَّ فأين الطاغي فرعون؟ أين الباغي قارون؟ أين (البلدوزر) شارون؟ بل أين عَادٌ الذين قالوا: ﴿ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾ [فصلت: 15]، وأين ثمودُ الذين استحبُّوا العمَى على الهدى؟! ﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 13 - 14].

 

سلبية المستضْعَفين سبب في الذُّل والصَّغار:

كما تحدَّث القرآن الكريم عن المستضْعَفين الذين استضعَفَهم الطُّغاة والمستَبِدُّون، وقهَرُوهم وصادَرُوا حقُوقَهم، وانتهكوا حرماتهم ظلمًا وفسادًا في الأرض، فمِنهم مَن لا يستكين ولا يلين، ولا يقبل الذُّلَّ والهوان، وهؤلاء هم أتْباع الأنبياء، وأصحاب الحقِّ على مَرِّ العصور، ولهم الوعد بالنَّصر والتَّمكين، ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [المجادلة: 21]، ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الصافات: 171 - 173].

 

والظُّلم والطُّغيان له نهاية، وعاقبته وخيمة وأليمة، وتاريخ الأُمَم شاهد بذلك، وهنيئًا للأقوياء أصحابِ العِزَّة، والعاقبة الحسَنة في الدُّنيا والآخرة، قال - تعالى - على لسان موسى لقومه، بعد أن لاَقَوا أصناف العذاب، وبعد التهديد الفِرْعوني بالتَّقتيل والتَّعذيب: ﴿ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأعراف: 128].

 

ومنهم الذين استكانوا وقَبِلوا الذُّل والهوان، وباعوا أنفسهم، فعاشوا حياة ذليلة هينة في الدُّنيا، وتوعَّدهم الله - تعالى - بجهنَّم، وساءتْ مصيرًا، قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 97]، وهؤلاء الأتباع الذي أَلْغوا إرادتهم وشخصيتهم، ورَضُوا بالتَّبعية والهوان هم مصيبة الأمَّة اليوم، وهم الذين يَصْنعون الطُّغاة، ولولاهم لما وُجِد في الأرض طاغية ولا مستبدّ.

 

إنَّ المستضعفين في الأرض الذين يَعِيشون تحت أقدام الجَبابرة لَيَستحقُّون الخِزْي في الدُّنيا، والعذاب في الآخرة؛ فالذين لا يُهاجرون من تحت نير الطغاة والمستبدِّين، ويَرْضَون العيش بين (دهاليز) الظالمين، جزاؤُهم جهنَّم يصلونها، كلَّما خبَتْ زادَها ربُّ العزَّة سعيرًا.

 

هل علِمْتَ - عزيزي - سبَب نزول هذه الآية؟ إنه العَجَب! تأمَّل معي، رَوى البخاري بإسناده عن عكرمة، أخبرَنِي ابنُ عبَّاس أنَّ أناسًا من المسْلِمين كانوا مع المشْرِكين، يكثِّرون سَواد المشركين على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يأتي السَّهم فيُصيب أحدَهم فيقتله، أو يضرب فيقتل، فأنزل الله - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 97].

 

إنها نفس الحالة، ونفس الظُّروف، ونفس الوَصْف، ونفس النِّهاية، ونفس المصير! الذين يعيشون بين (دهاليز) المستبدِّين والظُّالمين، إنما يَقْتلون أنفسهم ببُطْءٍ في الدُّنيا، فضلاً على الهوان والعذاب في الآخرة؛ ﴿ وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ﴾ [إبراهيم: 21].

 

متى تكون ضعيفًا؟

عندما تستَنِد إلى قوَّتك أو وظيفتك أو صنعتك أو أرضك؛ لأن كلَّ ذلك ليس مضمونًا.

عندما تستند إلى أيِّ قوة في الأرض فأنت ضعيف، عندما تحتمي بغَيْر الله فأنت ضعيف!

 

أمَّا عندما تَعْلم أنَّ حاميك الله، ومصْدَر قوَّتك الله، ومصْدر استقرارك في الحياة هو الله، فأنت القويُّ، وأنت العزيز، قوَّتك من قوَّة الله، وعِزَّتك من عزَّة الله، عندما تتبرَّأ من حَوْلك وقوَّتك إلى حول الله وقوته، فأنت لست ضعيفًا بل قويًّا، لست ذليلاً بل عزيزًا، على أيِّ لون كانت لديك الحياة، غنيًّا أو فقيرًا، مُعافًى أو مريضًا، قويًّا أو ضعيفًا، حاكمًا أو محكومًا، أنت في كلِّ الحالات في معيَّة الله، وفي حفظ الله ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128].

 

ولذلك كانت النتيجة، نتيجة الصِّراع بين الحقِّ والباطل، وهي أنَّ الحقَّ دائمًا في انتصار وانتشار، وأن الباطل دائمًا في اندِثار وانكِسار، ﴿ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴾ [الدخان: 25 - 28]، ورَّثَ الله للمستضعفين جناتهم وعيونَهم، وزُرعوهم ومقاماتهم، ونعمهم.

 

ذهب المستكبِرون غيرَ مأسوف عليهم لا تتَّسِع لهم قبور، ولا تبكي عليهم أرض، ولا تبكي لِفقْدهم السماءُ؛ ﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ﴾ [الدخان: 29].

 

أما المستضعَفون طالما أَخَذوا بالأسباب، وطرقوا الأبواب، واتَّبعوا ربَّ الأرباب، فلهم النَّجاة في الدُّنيا والآخرة، إنها النَّجاة الخالدة والاختيار المعلوم؛ ﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ * مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ * وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الدخان: 30 - 33].

 

الواقع المرير لمستضعفي اليوم:

إن الأُمَّة في حال الاستضعاف، تكالَبَت عليها الأمم كالأَكَلة إلى قَصْعتها، تحَكَّم فيها الجبابرة الذين ساروا على خُطَى الفراعنة، فراحوا يخرِّبون البلاد، ويظْلِمون العباد، وينشرون الفساد، ومستضعفو الأمَّة الآن رضَخُوا واستكانوا، تجرَّعوا السَّلبية يومًا بعد يوم، حتىَّ صاروا إلى ما صاروا إليه، من وَهن واستعباد، من استفراد واستبداد، فمُزِّقوا شرَّ ممزَّق، إلاَّ مَن رحم ربِّي!

 

لم يفهموا هذا المعنى:

تَأْبَى الرِّمَاحُ إِذَا اجْتَمَعْنَ تَكَسُّرَا
وَإِذَا افْتَرَقْنَ تَكَسَّرَتْ آحَادَا

 

ولم يحْذَروا هذه المقولة: أُكِلتُ يوم أن أُكِل الثَّور الأبيض!

 

ولم يُدرِكوا إعلانًا باهرًا للفاروق عمر بن الخطاب: "لقد كنَّا أذِلاَّء، فأعزَّنا الله بالإسلام، ولو ابتَغَينا العزَّة في غير الإسلام أذلَّنا الله"!

 

إنهم لم يتعلَّموا من موسى - عليه السَّلام - هذه المَلْحَمة:

في إشعاع هذه الآية الكريمة تجد - عزيزي القارئ - جمال المَسْعى، وجلال المعنى: ﴿ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 24].

 

مرُوءة تأبى أن تُقْعِده وهو يرى هذا المَشْهد، وشهامة ترفض أن تقيِّده وهو في مكان غريب، رغم أنه مطارَد ومجْهَد (مستَضْعَف) وأُخبِر بأنه مقتول: ﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴾ [القصص: 20]، إلاَّ أن ذلك لم يَفُتَّ في عَضُده، أو يَحِزَّ في نفسه، أو يحدَّ من إقدامه، لم تَلِنْ له قناة، ولم تَضْعف له همة، ولم يَنْثَنِ له عزْم، ولم يَخْفت له أمَل، وهذا شأن الكبار الذين لا يُخِيفهم تهديد، ولا يقعدهم وعيد، رغم الجوع والسَّفر والتَّعب، ﴿ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ ﴾ [القصص: 24] من شدَّة الحرِّ، تولَّى إلى ظلٍّ محدود قد يجد فيه دوحة، وإلى ظل آخَر ممدود، هو ظل الله سيَجِد فيه الأُنس والرِّعاية، سيجد عنده الأمن والحماية، سيجد معه الحفظ والهداية، ﴿ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 24].

 

المؤمن كلُّ أمره خير، هذا ما كان في قلْب موسي - عليه السَّلام - وعقْلِه وخلجات نفْسِه، وكأنِّي به الآن مِن خلفِه عدوٌّ لا يَرحم، ومِن أمامه أناس لا تعرف، وهو في تعب ونصَب، لكنَّه كان يرى أنَّ كل ذلك خير؛ ﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 24]، تأمل: "رَبِّ"! إنه يتودَّد إلى ربِّه، يتَّجه إليه، يهفو إلى ظلِّه، يهرع إلى جواره، يفرُّ إلى جنابه، فقير إلى فضله وعفْوِه، وظلِّه وكرمه، فكان الخير إليه أسرع، وكان الفرَجُ نحوه أقرب، وكانت الاستجابة له أروع! ﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾ [القصص: 25]، يا ألله، ما أكرَمَك! وما أعظمك! وما أرحمك! عبْدٌ مطارَد، ومضطَهَد ومجهد، ليس معه زاد ولا عتاد، في مكان لا يَعلمه، ومع أناس لا يعرفهم، ثم يجد نفْسَه فجأة قد حاز زوجة ومَنْزلاً فيه سكَن ومودَّة ورحمة، إنه الله الذي يعصم الدُّعاة والمرْسَلين: ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: 67]، ويدافع عن المؤمنين ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴾ [الحج: 38].

 

دعوة كريمة، من رجل كريم "شعيب" هيأها أكرم الأكرمين (الله) لأحد المستضْعَفين "موسى"، ﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ ﴾ [القصص: 25]، ورغبة رحيمة من رجل رحيم، هيَّأها أرحم الراحمين لأحد المظلومين! ﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ ﴾ [القصص: 27]، وفوق كلِّ ذلك شعيب يهدِّئ من رَوْعه، ويُذهب قلقه، ويُطَمئن قلبه ﴿ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 25]، إنها ملْحَمة، يجب أن يَدْرسها، ويَعِيَها ويعيشها، مستضعفو اليومِ وكلِّ يوم!

 

إنهم لم يكونوا كهؤلاء الرِّبيُّون، الذين لم يَضْعُفوا ولم يَسْتكينوا، وفي معمعة القتال يُرجِعون التقصير إلى أنفسهم، فيَدْعون ربَّهم ويستغفرون من ذنبهم؛ ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146 - 147].

 

إنَّ مستضْعَفي اليوم راحُوا ينظرون حقُوقَهم المنهوبة فيستكينون، ويَعْلَمون حرِّياتهم المُصَادَرة، فيَرْضَخون ويستسلمون، ويشاهِدون أعراضهم المسلوبة فيَضحكون ويتسامرون ويَلْهون، ((أحَبُّوا الدُّنيا، وكَرِهوا الموت))؛ "صحيح الألباني"، أصابهم حبُّ الدنيا، تحرِّكهم شهواتُها كما يتحرَّك الخاتم في الإصبع، ويَدُورون حول نَزواتها كما يدور الثَّور في السَّاقية، وكراهية الموت تجعلهم يفضِّلون حياة ذليلة يموتون خلالها كلَّ يوم موتات: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يونس: 7 - 8] على موت كريم يحيون بعده حياة العَزَّة والكرامة والخلود ﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 31 - 35].

 

اللَّهم سدِّد خُطَانا إليك، وشرِّفنا بالعمل لدينك، ووفِّقنا للجهاد في سبيلك، وامنحنا التقوى، واهدِنا السبيل، وألهِمْنا الصَّواب والرَّشاد، اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل، ولا تجعل الدُّنيا أكبر همِّنا، ولا مبلغ عِلْمنا.

 

وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى أهله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • قصة موسى مع فرعون
  • مناظرة بين فرعون وموسى
  • البيان المعتبر لما في قصة "موسى وفرعون" من العظات والعبر
  • الفرعونية: صفاتها ونهايتها
  • الطريقة المثلى.. الفرعونية!
  • كليم الله موسى: شجاعة الكلمة وسكينة الرحمن
  • الأدلة القاطعة على أن القرآن هو كلام الله
  • الاكتشاف المذهل في معنى لفظة فرعون
  • قصة موسى وفرعون والسحرة
  • دعوة موسى عليه السلام لفرعون

مختارات من الشبكة

  • متن الآداب المنتخب من كتاب الإقناع للعلامة موسى بن أحمد بن موسى الحجاوي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دروس وعبر من قصة موسى وفرعون(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • خطبة المسجد النبوي 9/1/1434 هـ - عبرة من قصة موسى - عليه السلام - وفرعون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محاور دعوة الرسل لبناء النفس المؤمنة "رسالة موسى إلى فرعون في سورة النازعات أنموذجا"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفوائد العقدية من قصة موسى مع فرعون، وفضل صيام عاشوراء (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الفوائد العقدية من قصة موسى عليه السلام مع فرعون(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تفسير: (وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض....)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمو مدينة كانتربري يساعدون الخطوط الأمامية لمواجهة فيروس كورونا
  • بناء مدرسة إسلامية ومسجدان ومسلمون جدد في جامبيا ومدغشقر
  • دورة قرآنية افتراضية بعنوان من الظلمات إلى النور
  • بدء توزيع ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الإسبانية في إسبانيا
  • القافلة الطبية السادسة لمرضى العيون في النيجر
  • مساعدات المسلمين لغيرهم تتواصل بولايتي تينيسي ونيوجيرسي
  • 276 ألف مسلم لاتيني في الولايات المتحدة
  • بمناسبة ذكراها الخامسة والثلاثين مؤسسة إسلامية تقدم 35 ألف وجبة للمحتاجين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1442هـ / 2021م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/6/1442هـ - الساعة: 15:34
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب