• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب   موقع  الدكتور عبدالله بن مبارك آل سيفأ. د. عبدالله بن مبارك آل سيف شعار موقع  الدكتور عبدالله بن مبارك آل سيف
شبكة الألوكة / موقع أ.د.عبدالله بن مبارك آل سيف / موسوعة الإجماع


علامة باركود

من الشروط الصحيحة والمحرمة في النكاح

من الشروط الصحيحة والمحرمة في النكاح
أ. د. عبدالله بن مبارك آل سيف

تاريخ الإضافة: 16/7/2014 ميلادي - 18/9/1435 هجري

الزيارات: 37956

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من الشروط الصحيحة والمحرمة في النكاح


تحريم الوطء والاستمتاع في النكاح الفاسد:

"الحيلة الثالثة" إذا تعذر الاحتيال في المحلوف عليه احتالوا في المحلوف به فيبطلونه بالبحث عن شروطه. فصار قوم من المتأخرين من أصحاب الشافعي يبحثون عن صفة عقد النكاح لعله اشتمل على أمر يكون به فاسدا؛ ليرتبوا على ذلك أن الطلاق في النكاح الفاسد لا يقع، ومذهب الشافعي في أحد قوليه وأحمد في إحدى روايتيه أن الولي الفاسق لا يصح نكاحه، والفسوق غالب على كثير من الناس، فينفق سوق هذه المسألة بسبب الاحتيال لرفع يمين الطلاق حتى رأيت من صنف في هذه المسألة مصنفا مقصوده به الاحتيال لرفع الطلاق. ثم تجد هؤلاء الذين يحتالون بهذه الحيلة إنما ينظرون في صفة عقد النكاح وكون ولاية الفاسق لا تصح عند إيقاع الطلاق الذي قد ذهب كثير من أهل العلم أو أكثرهم إلى أنه يقع في الفاسد في الجملة، وأما عند الوطء والاستمتاع الذي أجمع المسلمون على أنه لا يباح في النكاح الفاسد فلا ينظرون في ذلك، ولا ينظرون في ذلك أيضا عند الميراث وغيره من أحكام النكاح الصحيح؛ بل عند وقوع الطلاق خاصة. وهذا نوع من اتخاذ آيات الله هزوا ومن المكر في آيات الله؛ إنما أوجبه الحلف بالطلاق والضرورة إلى عدم وقوعه[1].

 

جواز نكاح المبانة ثلاثاً إذا خلا عن نية التحليل:

وكذلك "المحلل" الملعون لعنه لأنه قصد التحليل للأول بعقده؛ لا لأنه أحلها في نفس الأمر فإنه لو تزوجها بنكاح رغبة لكان قد أحلها بالإجماع؛ وهذا غير ملعون بالإجماع فعلم أن اللعنة لمن قصد التحليل. وعلم أن الملعون لم يحللها في نفس الأمر ودلت اللعنة على تحريم فعله والمنازع يقول فعله مباح فتبين أنه لا حجة معهم بل الصواب مع السلف وأئمة الفقهاء ومن خرج عن هذا الأصل من العلماء المشهورين في بعض المواضع فإن لم يكن له جواب صحيح وإلا فقد تناقض كما تناقض في مواضع غير هذه. والأصول التي لا تناقض فيها ما أثبت بنص أو إجماع وما سوى ذلك فالتناقض موجود فيه وليس هو حجة على أحد. والقياس الصحيح الذي لا يتناقض هو موافق للنص والإجماع[2].

 

من الشروط الصحيحة في النكاح:

واتفق الفقهاء أنه لو قال: زوجتك بنتي على ألف: أو على أن تعطيها ألفا؛ أو على أن يكون لها في ذمتك ألف: كان ذلك شرطا ثابتا وتسميته صحيحة وليس في هذا خلاف وقد أخطأ من اعتقد أن في مذهب الإمام أحمد أو غيره خلاف في ذلك؛ من أجل اختلافهم فيما إذا قال لزوجته: أنت طالق على ألف أو لعبده: أنت حر على ألف فلم تقبل الزوجة والعبد؛ فإنه في إحدى الروايتين عن أحمد يقع العتق والطلاق؛ فإنه ليس مأخذه أن هذه الصيغة ليست للشرط؛ فإنه لا يختلف مذهبه أنه لو قال: خلعتك على ألف أو كاتبتك على ألف أو زوجتك على ألف أو قال: بعتك هذا العبد على أن ترهنني به كذا أو على أن يضمنه زيد أو زوجتك بنتي على أنك حر: أن هذه شروط صحيحة ولا خلاف في ذلك بين الفقهاء كلهم[3].

 

الفسخ للشرط الذي عجز الفقير عنه:

وسئل رحمه الله عن رجل شرط على امرأته بالشهود أن لا يسكنها في منزل أبيه فكانت مدة السكنى منفردة وهو عاجز عن ذلك: فهل يجب عليه ذلك؟ وهل لها أن تفسخ النكاح إذا أراد إبطال الشرط؟ وهل يجب عليه أن يمكن أمها أو أختها من الدخول عليها والمبيت عندها أم لا؟.


فأجاب: لا يجب عليه ما هو عاجز عنه؛ لا سيما إذا شرطت الرضا بذلك بل إذا كان قادرا على مسكن آخر لم يكن لها عند كثير من أهل العلم - كمالك وأحد القولين في مذهب أحمد وغيرهما - غير ما شرط لها فكيف إذا كان عاجزا؟ وليس لها أن تفسخ النكاح عند هؤلاء وإن كان قادرا. فأما إذا كان ذلك السكن يصلح لسكنى الفقير وهو عاجز عن غيره فليس لها أن تفسخ بلا نزاع بين الفقهاء. وليس عليه أن يمكن من الدخول إلى منزله: لا أمها ولا أختها: إذا كان معاشرا لها بالمعروف. والله أعلم[4].

 

امتناع المرأة من تسليم نفسها لزوجها:

وسئل رحمه الله عن رجل تزوج امرأة؛ وكتب كتابها ودفع لها الحال بكماله وبقي المقسط من ذلك ولم تستحق عليه شيئا؛ وطلبها للدخول فامتنعت؛ ولها خالة تمنعها: فهل تجبر على الدخول؟ ويلزم خالتها المذكورة تسليمها إليه؟. فأجاب: ليس لها أن تمتنع من تسليم نفسها والحال هذه باتفاق الأئمة ولا لخالتها ولا غير خالتها أن يمنعها؛ بل تعزر الخالة على منعها من فعل ما أوجب الله عليها وتجبر المرأة على تسليم نفسها للزوج[5].

 

تحريم التحليل:

وكذلك "المحلل" الملعون لعنه لأنه قصد التحليل للأول بعقده؛ لا لأنه أحلها في نفس الأمر فإنه لو تزوجها بنكاح رغبة لكان قد أحلها بالإجماع؛ وهذا غير ملعون بالإجماع فعلم أن اللعنة لمن قصد التحليل[6].

 

فلما لم يكن على عهد عمر رضي الله عنه تحليل ظاهر ورأي في إنفاذ الثلاث زجرا لهم عن المحرم: فعل ذلك باجتهاده. أما إذا كان الفاعل لا يستحق العقوبة وإنفاذ الثلاث يفضي إلى وقوع التحليل المحرم - بالنص وإجماع الصحابة - والاعتقاد وغير ذلك من المفاسد لم يجز أن يزال مفسدة حقيقية بمفاسد أغلظ منها[7].

 

وسئل رحمه الله تعالى عن إمام عدل طلق امرأته وبقيت عنده في بيته حتى استحلت تحليل أهل مصر وتزوجها؟. فأجاب: إذا تزوجها الرجل بنية أنه إذا وطئها طلقها ليحلها لزوجها الأول أو تواطآ على ذلك قبل العقد أو شرطاه في صلب العقد - لفظا أو عرفا: فهذا وأنواعه "نكاح التحليل" الذي اتفقت الأمة على بطلانه[8].

 

وسئل رحمه الله عن العبد الصغير إذا استحلت به النساء وهو دون البلوغ: هل يكون ذلك زوجا وهو لا يدري الجماع؟. فأجاب: ثبت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه "لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه ولعن الله المحلل والمحلل له" قال الترمذي حديث صحيح. وثبت إجماع الصحابة على ذلك: كعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس وغيرهم حتى قال عمر: لا أوتى بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما. وقال عثمان: لا نكاح إلا نكاح رغبة لا نكاح دلسة[9].

 

ومن لم يطلق إلا طلاق السنة لم يحتج إلى ما حرم الله ورسوله من نكاح التحليل وغيره؛ بل إذا طلقها ثلاث تطليقات له في كل طلقة رجعة أو عقد جديد: فهنا قد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره ولا يجوز عودها إليه بنكاح تحليل أصلا؛ بل قد "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له" واتفق على ذلك أصحابه وخلفاؤه الراشدون وغيرهم فلا يعرف في الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدا من خلفائه أو أصحابه أعاد المطلقة ثلاثا إلى زوجها بعد نكاح تحليل أبدا ولا كان نكاح التحليل ظاهرا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم [10].

 

"الحيلة الخامسة" إذا وقع الطلاق ولم يمكن الاحتيال لا في المحلوف عليه قولا ولا فعلا ولا في المحلوف به إبطالا ولا منعا: احتالوا لإعادة النكاح "بنكاح المحلل" الذي دلت السنة وإجماع الصحابة مع دلالة القرآن وشواهد الأصول على تحريمه وفساده[11].

 

وطائفة من العلماء يقول لمن لم يجعل الثلاث المجموعة إلا واحدة: أنتم خالفتم عمر؛ وقد استقر الأمر على التزام ذلك في زمن عمر وبعضهم يجعل ذلك إجماعا فيقول لهم: أنتم خالفتم عمر في الأمر المشهور عنه الذي اتفق عليه الصحابة؛ بل وفي الأمر الذي معه فيه الكتاب والسنة فإن منكم من يجوز التحليل. وقد ثبت عن عمر أنه قال: لا أوتي بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما. وقد اتفق الصحابة على النهي عنه: مثل عثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وغيرهم؛ ولا يعرف عن أحد من الصحابة أنه أعاد المرأة إلى زوجها بنكاح تحليل. وعمر وسائر الصحابة معهم الكتاب والسنة[12].

 

وسئل عن رجل حنث من زوجته فنكحت غيره ليحلها للأول: فهل هذا النكاح صحيح أم لا؟. فأجاب: قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "لعن الله المحلل والمحلل له" وعنه أنه قال: "ألا أنبئكم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: هو المحلل لعن الله المحلل والمحلل له". واتفق على تحريم ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان[13].

 

وقد اتفق أئمة الفتوى كلهم أنه إذا شرط التحليل في العقد كان باطلا[14].

 

أحكام النكاح الفاسد والباطل الذي يعتقد صحته:

وسئل رحمه الله تعالى عمن طلق امرأته ثلاثا وأفتاه مفت بأنه لم يقع الطلاق فقلده الزوج ووطئ زوجته بعد ذلك وأتت منه بولد: فقيل: إنه ولد زنا؟.

 

فأجاب: من قال ذلك فهو في غاية الجهل والضلالة والمشاقة لله ورسوله فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه فيه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين سواء كان الناكح كافرا أو مسلما. واليهودي إذا تزوج بنت أخيه كان ولده منها يلحقه نسبه ويرثه باتفاق المسلمين وإن كان ذلك النكاح باطلا باتفاق المسلمين ومن استحله كان كافرا تجب استتابته. وكذلك المسلم الجاهل لو تزوج امرأة في عدتها كما يفعل جهال الأعراب ووطئها يعتقدها زوجة كان ولده منها يلحقه نسبه ويرثه باتفاق المسلمين. ومثل هذا كثير. فإن "ثبوت النسب" لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر؛ بل الولد للفراش كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" " فمن طلق امرأته ثلاثا ووطئها يعتقد أنه لم يقع به الطلاق: إما لجهله. وإما لفتوى مفت مخطئ قلده الزوج. وإما لغير ذلك فإنه يلحقه النسب ويتوارثان بالاتفاق؛ بل ولا تحسب العدة إلا من حين ترك وطأها؛ فإنه كان يطؤها يعتقد أنها زوجته فهي فراش له فلا تعتد منه حتى تترك الفراش. ومن نكح امرأة " نكاحا فاسدا " متفقا على فساده أو مختلفا في فساده أو ملكها ملكا فاسدا متفقا على فساده أو مختلفا في فساده أو وطئها يعتقدها زوجته الحرة أو أمته المملوكة: فإن ولده منها يلحقه نسبه ويتوارثان باتفاق المسلمين. والولد أيضا يكون حرا؛ وإن كانت الموطوءة مملوكة للغير في نفس الأمر ووطئت بدون إذن سيدها؛ لكن لما كان الواطئ مغرورا بها زوج بها وقيل: هي حرة أو بيعت فاشتراها يعتقدها ملكا للبائع؛ فإنما وطئ من يعتقدها زوجته الحرة أو أمته المملوكة: فولده منها حر؛ لاعتقاده. وإن كان اعتقاده مخطئا وبهذا قضى الخلفاء الراشدون واتفق عليه أئمة المسلمين. فهؤلاء الذين وطئوا وجاءهم أولاد لو كانوا قد وطئوا في نكاح فاسد متفق على فساده وكان الطلاق وقع بهم باتفاق المسلمين وهم وطئوا يعتقدون أن النكاح باق؛ لإفتاء من أفتاهم أو لغير ذلك: كان نسب الأولاد بهم لاحقا ولم يكونوا أولاد زنا؛ بل يتوارثون باتفاق المسلمين. هذا في المجمع على فساده فكيف في المختلف في فساده؟ وإن كان القول الذي وطئ به قولا ضعيفا: كمن وطئ في نكاح المتعة أو نكاح المرأة نفسها بلا ولي ولا شهود؛ فإن هذا إذا وطئ فيه يعتقده نكاحا لحقه فيه النسب فكيف بنكاح مختلف فيه وقد ظهرت حجة القول بصحته بالكتاب والسنة والقياس وظهر ضعف القول الذي يناقضه وعجز أهله عن نصرته بعد البحث التام؛ لانتفاء الحجة الشرعية؟ فمن قال إن هذا النكاح أو مثله يكون فيه الولد ولد زنا [لا] يتوارثان هو وأبوه الوطء مخالف لإجماع المسلمين. منسلخ من رتبة الدين فإن كان جاهلا عرف وبين له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين وسائر أئمة الدين ألحقوا أولاد أهل الجاهلية بآبائهم وإن كانت محرمة بالإجماع؛ ولم يشترطوا في لحوق النسب أن يكون النكاح جائزا في شرع المسلمين. فإن أصر على مشاقة الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين؛ فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل. فقد ظهر أن من أنكر الفتيا بأنه لا يقع الطلاق وادعى الإجماع على وقوعه وقال إن الولد ولد زنا: هو المخالف لإجماع المسلمين مخالف لكتاب الله وسنة رسول الله رب العالمين وإن المفتي بذلك أو القاضي بذلك فعل ما لا يسوغ له بإجماع المسلمين. وليس لأحد المنع من الفتيا بقوله ولا القضاء بذلك ولا الحكم بالمنع من ذلك باتفاق المسلمين والأحكام باطلة بإجماع المسلمين. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم[15].

 

ومن وطئ امرأة بما يعتقده نكاحا فإنه يلحق به النسب ويثبت فيه حرمة المصاهرة باتفاق العلماء فيما أعلم؛ وإن كان ذلك النكاح باطلا عند الله ورسوله: مثل الكافر إذا تزوج نكاحا محرما في دين الإسلام فإن هذا يلحقه فيه النسب وتثبت به المصاهرة. فيحرم على كل واحد منهما أصول الآخر وفروعه باتفاق العلماء وكذلك كل وطء اعتقد أنه ليس حراما وهو حرام: مثل من تزوج امرأة نكاحا فاسدا وطلقها وظن أنه لم يقع به الطلاق لخطئه أو لخطأ من أفتاه فوطئها بعد ذلك فجاءه ولد: فهنا يلحقه النسب وتكون هذه مدخولا بها: فتحرم؛ وإن كانت لها أم لم يدخل بأمها باتفاق العلماء. فالكفار إذا تزوج أحدهم امرأة نكاحا يراه في دينه وأسلم بعد ذلك ابنه - كما جرى للعرب الذين أسلم أولادهم وكما يجري في هذا الزمان كثيرا - فهذا ليس له أن يتزوج بامرأة ابنه؛ وإن كان نكاحها فاسدا باتفاق العلماء. فالنسب يتبع باعتقاد الوطء للحل؛ وإن كان مخطئا في اعتقاده. والمصاهرة تتبع النسب. فإذا ثبت النسب فالمصاهرة بطريق الأولى. وكذلك " حرية الولد " يتبع اعتقاد أبيه؛ فإن الولد يتبع أباه في " النسب والحرية " ويتبع أمه في هذا باتفاق العلماء؛ ويتبع في الدين خيرهما دينا عند جماهير أهل العلم وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد وأحد القولين في مذهب مالك[16].

 

فإذا وطئ الأمة المرهونة بإذن الراهن وظن أن ذلك جائز فإن ولده ينعقد حرا لأجل الشبهة؛ فإن شبه الاعتقاد أو الملك يسقط الحد باتفاق الأئمة[17].

 

فكذلك يؤثر في حرية الولد ونسبه، كما لو وطئها في نكاح فاسد، أو ملك فاسد فإن الولد يكون حرا باتفاق الأئمة.[18]

 

فمن طلق امرأته ثلاثا ووطأها يعتقد أنه لم يقع به الطلاق: إما لجهله وإما لفتوى مفت مخطئ قلده الزوج وإما لغير ذلك فإنه يلحقه النسب ويتوارثان بالاتفاق بل ولا تحسب العدة إلا من حين ترك وطأها فإنه كان يطؤها يعتقد أنها زوجته فهي فراش له فلا تعتد منه حتى تترك الفراش [19].

 

وإن اشتراها ممن ظن أنه مالك لها، أو تزوجها يظنها حرة فهذا يسمى (المغرور) وولدها حر باتفاق الأئمة[20].

 

ومن وطئ امرأة بما يعتقده نكاحا فإنه يلحق به النسب ويثبت فيه حرمة المصاهرة باتفاق العلماء فيما أعلم.[21].

 

وان كان ذلك النكاح باطلا عند الله ورسوله: مثل الكافر إذا تزوج نكاحا محرما في دين الإسلام فإن هذا يلحقه فيه النسب، وتثبت به المصاهرة فيحرم على كل واحد منهما أصول الآخر وفروعه باتفاق العلماء [22].

 

كل وطئ اعتقد أنه ليس حراما وهو حرام: مثل من تزوج امرأة نكاحا فاسدا وطلقها وظن أنه لم يقع به الطلاق لخطئه أو لخطأ من أفتاه فوطئها بعد ذلك فجاءه ولد: فهاهنا يلحقه النسب، وتكون هذه مدخولا بها: فتحرم وإن كانت ربيبة لم يدخل بأمها باتفاق العلماء[23].

 

فهذا ليس له أن يتزوج بامرأة ابنه وإن كان نكاحها فاسدا باتفاق العلماء[24].

 

من تزوجت قبل فسخ نكاحها:

ومتى تزوجت قبل أن يفسخ النكاح: فنكاحها باطل باتفاق الأئمة[25].

 

الوطء بالدبر لا يحل المبانة ثلاثاً:

وسئل رحمه الله تعالى عمن قال: إن المرأة المطلقة إذا وطئها الرجل في الدبر تحل لزوجها: هل هو صحيح أم لا؟.

فأجاب: هذا قول باطل مخالف لأئمة المسلمين المشهورين وغيرهم من أئمة المسلمين؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمطلقة ثلاثا: "لا. حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك" وهذا نص في أنه لا بد من العسيلة. وهذا لا يكون بالدبر ولا يعرف في هذا خلاف. وأما ما يذكر عن بعض المالكية - وهم يطعنون في أن يكون هذا قولا - وما يذكر عن سعيد ابن المسيب من عدم اشتراط الوطء فذاك لم يذكر فيه وطء الدبر وهو قول شاذ صحت السنة بخلافه وانعقد الإجماع قبله وبعده[26].

 

إجبار المرأة على نكاح التحليل:

ولا تجبر المرأة على نكاح التحليل باتفاق العلماء[27].

 

من الشروط المحرمة:

وسئل رحمه الله تعالى عن قوم يتزوج هذا أخت هذا؛ وهذا أخت هذا أو ابنته وكلما أنفق هذا أنفق هذا؛ وإذا كسا هذا كسا هذا وكذلك في جميع الأشياء وفي الإرضاء والغضب: إذا رضي هذا رضي هذا وإذا أغضب هذا أغضب الآخر: فهل يحل ذلك؟.

فأجاب: يجب على كل من الزوجين أن يمسك زوجته بمعروف أو يسرحها بإحسان؛ ولا له أن يعلق ذلك على فعل الزوج الآخر. فإن المرأة لها حق على زوجها؛ وحقها لا يسقط بظلم أبيها وأخيها قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ فإذا كان أحدهما يظلم زوجته وجب إقامة الحق عليه؛ ولم يحل للآخر أن يظلم زوجته لكونها بنتا للأول. وإذا كان كل منهما يظلم زوجته لأجل ظلم الآخر فيستحق كل منهما العقوبة؛ وكان لزوجة كل منهما أن تطلب حقها من زوجها؛ ولو شرط هذا في النكاح لكان هذا شرطا باطلا من جنس "نكاح الشغار" وهو أن يزوج الرجل أخته أو ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته فكيف إذا زوجه على أنه إن أنصفها أنصف الآخر وإن ظلمها ظلم الآخر زوجته؛ فإن هذا محرم بإجماع المسلمين ومن فعل ذلك استحق العقوبة التي تزجره عن مثل ذلك[28].

 

النكاح في العدة باطل ونكاح المحارم:

ولهذا اتفق المسلمون على أن ما حرمه الله من نكاح المحارم ومن النكاح في العدة ونحو ذلك يقع باطلا غير لازم[29].

 

نكاح المرأة وهي حامل:

وأما نكاحها وهي حامل من الزوج الأول فهو نكاح باطل بإجماع المسلمين[30].

 

ضابط الوطء المحلل للمطلقة ثلاثاً:

وسئل رحمه الله عن العبد الصغير إذا استحلت به النساء وهو دون البلوغ: هل يكون ذلك زوجا وهو لا يدري الجماع؟. فأما العبد الذي لا وطء فيه أو فيه ولا يعد وطؤه وطئا كمن لا ينتشر ذكره: فهذا لا نزاع بين الأئمة في أن هذا لا يحلها[31].

 

من اعتقد صحة النكاح لغرض في نفسه واعتقد فساده لغرض آخر:

وسئل شيخ الإسلام رحمه الله عمن تزوج امرأة من سنتين ثم طلقها ثلاثا وكان ولي نكاحها فاسقا: فهل يصح عقد الفاسق؛ بحيث إذا طلقت ثلاثا لا تحل له إلا بعد نكاح غيره؟ أو لا يصح عقده فله أن يتزوجها بعقد جديد وولي مرشد من غير أن ينكحها غيره؟.

 

فأجاب: الحمد لله. إن كان قد طلقها ثلاثا فقد وقع به الطلاق؟ وليس لأحد بعد الطلاق الثلاث أن ينظر في الولي: هل كان عدلا أو فاسقا؛ ليجعل فسق الولي ذريعة إلى عدم وقوع الطلاق؛ فإن أكثر الفقهاء يصححون ولاية الفاسق وأكثرهم يوقعون الطلاق في مثل هذا النكاح؛ بل وفي غيره من الأنكحة الفاسدة. فإذا فرع على أن النكاح فاسد؛ وأن الطلاق لا يقع فيه؛ فإنما يجوز أن يستحل الحلال من يحرم الحرام؛ وليس لأحد أن يعتقد الشيء حلالا حراما. وهذا الزوج كان وطئها قبل الطلاق ولو ماتت لورثها: فهو عامل على صحة النكاح فكيف يعمل بعد الطلاق على فساده فيكون النكاح صحيحا إذا كان له غرض في صحته فاسدا إذ كان له غرض في فساده وهذا القول يخالف إجماع المسلمين؛ فإنهم متفقون على أن من اعتقد حل الشيء كان عليه أن يعتقد ذلك سواء وافق غرضه أو خالفه ومن اعتقد تحريمه كان عليه أن يعتقد ذلك في الحالين. وهؤلاء المطلقون لا يفكرون في فساد النكاح بفسق الولي إلا عند الطلاق الثلاث لا عند الاستمتاع والتوارث فيكونون في وقت يقلدون من يفسده وفي وقت يقلدون من يصححه بحسب الغرض والهوى ومثل هذا لا يجوز باتفاق الأمة[32].



[1] مجموع الفتاوى: 35/292.

[2] مجموع الفتاوى: 33/27،28.

[3] مجموع الفتاوى: 31/103.

[4] مجموع الفتاوى: 32/168.

[5] مجموع الفتاوى: 32/204.

[6] مجموع الفتاوى: 33/27.

[7] مجموع الفتاوى: 33/93.

[8] مجموع الفتاوى: 32/152.

[9] مجموع الفتاوى: 32/156.

[10] مجموع الفتاوى: 33/157.

[11] مجموع الفتاوى: 35/295.

[12] مجموع الفتاوى: 33/30.

[13] مجموع الفتاوى: 32/155.

[14] مجموع الفتاوى: 32/155.

[15] مجموع الفتاوى: 34/14،13.

[16] مجموع الفتاوى: 32/66.

[17] مجموع الفتاوى: 31/279.

[18] مجموع الفتاوى: 31/279.

[19] مجموع الفتاوى: 34/15.

[20] مجموع الفتاوى: 32/67.

[21] مجموع الفتاوى: 32/66.

[22] مجموع الفتاوى: 32/66.

[23] مجموع الفتاوى: 32/67 -66.

[24] مجموع الفتاوى: 32/67.

[25] مجموع الفتاوى: 32/104.

[26] مجموع الفتاوى: 32/109.

[27] مجموع الفتاوى: 32/61.

[28] مجموع الفتاوى: 32/74.

[29] مجموع الفتاوى: 33/18.

[30] مجموع الفتاوى: 33/111.

[31] مجموع الفتاوى: 32/156.

[32] مجموع الفتاوى: 32/100.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات


 


تعليقات الزوار
1- سؤال في العقد الشرعي للزواج
ماهر السوداني - تونس 03-09-2014 11:19 PM

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..
هل لقد تم عقد شرعي و قد انتفيت فيه جل الشروط ولكن هناك إشكال جعل في الأمر شبهة هل هو صحيح أم لا ...
وهو أنه عند إعلان الشهود اكتفى الخاطب بقول ونحن شهداء على ذلك وقد عدد الموجودين الذين شهدوا هذا العقد يزيد عن عشرة أشخاص وطبعا جلّهم ذكور ... أي أنه يجب ذكر الشاهدين بالتخصيص أم أن أقلهم اثنان مع جواز أثر من ذلك دون تسمية ... مع الشكر لإيضاحاتكم واهتمامكم... أرجو التوضيح

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • السيرة الذاتية
  • المسائل الفقهية
  • موسوعة الإجماع
  • الدراسات العليا
  • تحقيق المخطوطات
  • علم التحليل الرقمي
  • المهارات الفقهية
  • الخرائط البحثية
  • الأدوات العلمية
  • طلاب الجامعة
  • أسئلة وأجوبة
  • مقالات
  • أبحاث علمية
  • التدريب
  • التأصيل العلمي
  • مناقشة الرسائل
  • تقنية
  • كتب
  • ملخصات الأبحاث ...
  • مشاريع نوعية
  • لقاءات صحفية
  • صوتيات
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2022م لموقع الألوكة