• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور أحمد بن فارس السلومد. أحمد بن فارس السلوم شعار موقع الدكتور أحمد بن فارس السلوم
شبكة الألوكة / موقع د. أحمد بن فارس السلوم / مقالات


علامة باركود

العالَمُ يُسلم (1) ( بين المقت والرضا)

د. أحمد بن فارس السلوم

تاريخ الإضافة: 10/3/2012 ميلادي - 16/4/1433 هجري

الزيارات: 8665

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قبل أن يأذن الله - عز وجل - بالبعثة المحمدية كان يطبق على هذا الكون ظلام الجاهلية، وتسوده القيم البشرية، الخاضعة للنسبية والمصلحة الشخصية، لم يكن فيه من المبادئ الثابتة ما يصلح بها نظام الحياة، ولا ما يكون مرجعية عند التخاصم، وقانونا عند التحاكم.

 

كان رواق الظلم قد طبق أرجاء العالم فلا تكاد تجد للمظلوم نصيرا، ولا للضعيف وليا، وقد ترى فيه على ذلك نوراً خافتاً في بعض زواياه، لا يكاد يضيء لمن حوله، ولا يرشد القريب فضلاً عن البعيد.

 

استوجبت هذه الحال مقت الرب المتعال، على أهل ذلك العصر، عربهم وعجمهم، مستثنياً من هذا المقت قليلاً من النُّزَّاع، آوتهم الأديرة، وضمتهم الكنائس والبيع، على أنه لم يكن لهم همٌّ على حمل الناس على ما هم عليه، ولا الدعوة إلى هذا الذي كانوا عليه عاكفين.

 

وكان المقت الإلهي منصباً على الناس وعلى ما يدينون به من شرك ووثنية، وعلى ما يتحاكمون إليه من كهان وعرافين.. فلا الناس بخير ولا دينهم بمرضي..

 

ثم أذن الله للعالم بأن يسلم..

 

وأذن - سبحانه - ببزوغ شمس الإسلام، فنزل أمين السماء على أمين الأرض حاملاً رسالة التكليف، والقول الثقيل الذي سيغير العالم من حال المقت إلى حال الرضا ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾ [المزمل: 5].

 

فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أنزل عليه بقوة، وقام به خير قيام، وبلغه على الوجه الأتم حتى ضرب الدين بعطن، وألقى بجرانه على الأرض، وما مات - صلى الله عليه وسلم - حتى أسلمت جزيرة العرب، وحتى رضي الله عن أهل الأرض، ورفع مقته عنهم، وأنزل في رضاه عليهم قرآنا يتلى إلى يوم القيامة في مثل قوله - تعالى-: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الفتح: 18] ، وقوله: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [التوبة: 100]، وقوله: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ ﴾ [المجادلة: 22] إلى أن قال: ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [المجادلة: 22].

 

وحتى رضي لهم الإسلام ديناً ودستوراً فقال: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

 

فحصل الرضا من الخالق على الخلق وعلى دينهم الذي أدانوا به الإسلام، ولذلك كان لا بد للعالم أن يسلم، ومن عاش المرحلتين أدرك التغيير الذي نعمت به البشرية، واستشعر الأمن الذي حصل بالإيمان، والسلام الذي جاء به الإسلام، ولذلك استحملوا في سبيله المشاق، واستسهلوا الصعاب، وهانت عليهم أنفسهم في ذات الله، وهذا حال الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب، ينم حتى يتم.

 

وقد أشار بلطفٍ إلى هذه المعاني اللطيفة سفير الإسلام في الحبشة جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - لما استنطقه النجاشي- وما كان شيء أبغض إلى رسولي قريش عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي ربيعة من أن يسمع النجاشي كلامه -، سأله النجاشي: ما هذا الدين الذي أنتم عليه، فارقتم دين قومكم، ولم تدخلوا في يهودية ولا نصرانية، فما هذا الدين؟ فقال جعفر: أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، يأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله؛ لنوحده، ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة، والزكاة، والصيام، قال: فعدد عليه أمور الإسلام، فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئاً، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا عن ديننا؛ ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا، وشقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك، فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟ فقال له جعفر: نعم، فقال له النجاشي: فاقرأه علي، فقرأ عليه صدرا من كهيعص، فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي: إن هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكم أبدا ولا أكاد..

 

لم يكن بين الحالة الأولى - حالة المقت - والحالة الثانية حالة الرضا- إلا ما يربو على عشرين سنة.

 

وفي سبيل التغيير من تلك الحالة المقيتة إلى الحالة الأخرى الرضية جرت أمور عظيمة، وخطوب جسيمة، لا يمكن أن تنساها ذاكرة الدهر، ولا يستطيع إنسان مهما أوتي من بيان أن يختصرها في مقال، ولكن النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - الذي أوتي جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصاراً أشار إلى هاتين الحالتين بقوله في حديث عياض المجاشعي - رضي الله عنه - لما خطب الناس فقال: (‏(ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كل مال ‏ ‏نحلته ‏ ‏عبدا حلال، وإني خلقت عبادي ‏ ‏حنفاء ‏ ‏كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من ‏ ‏أهل الكتاب، ‏وقال إنما بعثتك ‏ ‏لأبتليك ‏ ‏وأبتلي ‏ ‏بك، وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان، وإن الله أمرني أن أحرق ‏ ‏قريشا، ‏ ‏فقلت: رب إذا ‏ ‏يثلغوا ‏ ‏رأسي فيدعوه خبزة، قال استخرجهم كما استخرجوك واغزهم ‏ ‏نغزك ‏ ‏وأنفق فسننفق عليك وابعث جيشا نبعث خمسة مثله وقاتل بمن أطاعك من عصاك.. )) الحديث.

 

قاتلَ - صلى الله عليه وسلم - المشركين، وقرأ القرآن، وعلمه، وأنفق في سبيل دعوته تلك كل شيء، حتى تم له التغيير من حال إلى حال، ثم مضى - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى وقد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة ونصح الأمة، وهو يقول: (( تركتكم على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك))، وما ذاك إلا لأن الله قضى لا بد للعالم أن يسلم..

 

والحق أن هاتين الحالتين حالة المقت والرضا، من سنن الله الجارية في الأمم، فإن الله - عز وجل - إذا مقت قوماً فإنه لا يمقتهم لأعراقهم، ولا لأجناسهم، ولا لألوانهم، ولكنه يمقتهم لأعمالهم، ويغضب عليهم من أجلها، ومن رحمة الله - عز وجل - بعباده أنه لا يعذبهم إذا مقتهم حتى يبعث فيهم رسولاً منهم، كما قال - عز وجل -: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 15].

 

فإذا آمنت الأمة، وأسلمت استحقت رضا الله - عز وجل -، ورفع عنها مقته وغضبه، إلا أن هذا الرضا ليس بسرمدي بل هو مرتبط بتمسك الأمة بتعاليم دينها، فكم من أمة نالت رضا الله في أول أمرها ثم باءت بغضبه في آخره.

 

وما حال بني إسرائيل عنا ببعيد.

قال -تعالى-: ﴿ ئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ ﴾ [البقرة: 90] وقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ [الأعراف: 152].

 

والحق كذلك أن هذه الأمة المسلمة مستثناة من ذلك كله، فقد أحل الله عليها رضاه، فلن يسخط عليها بعامةٍ أبدا، فهي أمة مرضية لا سخط عليها، وليس هذا من قبيل التمني الذي نهانا الله - عز وجل - عنه بقوله: ﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾ [النساء: 123]، بل هو من الحقائق الثابتة في القرآن الكريم.

 

فأولا: قد وعد الله - عز وجل - هذه الأمة بالتمكين في الأرض والاستخلاف فيها والنصر والتأييد قال - تعالى-: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55].

 

ووعد الله لا يتخلف، لكنه معلق بشرط متى حققته الأمة أنجزها الله وعده، وقد حققته الأمة فيما مضى وستحققه فيما بقي إذ أنه لا بد للعالم أن يسلم..

 

وثانيا: إن هذه الأمة هي الأمة المصطفاة لتكون خاتمة الأمم، كما كان نبيها محمدا - صلى الله عليه وسلم - هو المصطفى ليكون خاتم النبيين، وكما كان كتابها هو المصطفى ليكون خاتم الكتب والمهيمن عليها، فالأمة تتقلب في درجات الاصطفاء.

 

قال - تعالى-: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ﴾ [فاطر: 32-33]، فهذه الأمة بأصنافها الثلاثة موعودة بدخول جنات عدن، الظالم والمقتصد والسابق.

 

وكيف تخزى أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في أولها والمسيح ابن مريم - عليه السلام - في آخرها.

 

وثالثا: أن المسلمين هي تسمية الله لنا وليست تسميتنا لأنفسنا، ﴿ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا ﴾ [الحج: 78] ، وأن ديننا الإسلام هو اختيار ربنا لنا وليس من وضع أهوائنا ﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾ [النور: 55]، ﴿ وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

 

وهو الدين الذي لا يقبل الله سواه ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].

 

وقال - صلى الله عليه وسلم -: (( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين..))

 

ولذلك برأ الله هذه الأمة من أن يحل عليها غضبه، أو يرفع عنها اصطفاؤه، ولكن غاية ما يحل بها إن تولَّت - أن ينقل الله الراية والميدان من قوم إلى قوم، ومن بلد إلى بلد من المسلمين، ﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38].

 

ومع أن العرب هم الذين قاموا بهذا الدين حتى استوى على سوقه، وشب عن الطوق، إلا أن سنة الله في المسلمين أن الأحق بالإسلام وأهله، والأولى بالرضى، والأبعد عن المقت، هم الأقوى بأخذه، والأشد تمسكاً به، من أي جنس كانوا ولأي بلد انتموا.

 

فليفرح العالم بذلك فإن إسلامنا دين الرضا، وإذا أرادوا أن يتبوؤا دار الرضا فلا بد للعالم أن يسلم..

 

وللحديث بقية..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
  • بنر
  • بنر
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة