• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير قوله تعالى: {من قتل نفسا بغير نفس}
    سماحة الشيخ ابن عثيمين
  •  
    الشكاوى الكيدية (خطبة)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي
  •  
    النسخ يقع في نصوص الكتاب والسنة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الزواج والأسرة.. ضرورة (2) أجور النكاح.. وآثام السفاح
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    إِياك أن تغتر..
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    الإيمان باليوم الآخر وأثره في السلوك في ظلال سورة الحج
    أحمد رضوان محمد وزيري
  •  
    إشراقة آية
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    الأحكام العقدية والفقهية المتعلقة بنزول المطر (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره والصلاة
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    المواضع التي تشرع فيها البسملة
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    شرح باب تعظيم حرمات المسلمين من كتاب رياض الصالحين
    سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
  •  
    رجوع ابن كثير في تفسيره إلى اللغة واحتكامه إليها
    مبارك بن حمد الحامد الشريف
  •  
    إلا من أتى الله بقلب سليم
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    تفسير: (قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    حديث: النبي صلى الله عليه وسلم رخص لعبدالرحمن بن عوف ...
    الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
  •  
    الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدثنا في أمرنا هذا ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الدعوة الإسلامية
علامة باركود

الصفات التي اتصف بها إبراهيم الخليل -عليه السلام-

الصفات التي اتصف بها إبراهيم الخليل -عليه السلام-
حسام العيسوي إبراهيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/1/2013 ميلادي - 11/3/1434 هجري
زيارة: 192711

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إن إبراهيم كان أمة (طريق الدعاة)

(الصفات التي اتصف بها إبراهيم الخليل - عليه السلام -)


إن قصَّة إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - من أروع القصص القرآني التي نستطيع أن نقف معها، ونُبيِّن منها الدروس والعبر للدعاة في كل زمان؛ فهو كما وصَفَه ربُّه: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النحل: 120]، ولكنَّ السؤال: كيف كان خليل الرحمن أمَّة؟ ما هي الخصال التي أهَّلته لهذا الوصف العظيم من ربِّ العالمين؟

 

لو تدبَّرنا آيات القرآن الكريم، لوجدْنا أن إبراهيم الخليل - عليه الصلاة والسلام - كان أمة في نفسه، وفي بيته، وفي مجتمعه؛ أي: إن هناك صفاتٍ اتَّصف بها إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - في نفسه، وصفات اتَّصف بها في مجتمعه، وصفات اتَّصف بها مع أهل بيته، كل هذه الصفات أهَّلته لهذا الوصف الجامع من ربِّ العالمين، فهيَّا بِنا نقف مع آيات القرآن الكريم التي تحدَّثت عن هذه الصفات؛ نُحاول أن نفهمها، ونقف معها، ونتدبَّرَها، ونعمل بها؛ فإن التشبُّه بالرجال فلاح.

 

معنى الأمة:

هناك كثير من الصفات التي اتَّصف بها خليل الرحمن إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - هذه الصفاتُ أهَّلته -صلى الله عليه وسلم- لهذا الوصف: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً ﴾ [النحل: 120] ومعنى الأمة: هو الإمام الذي يُقتدى به؛ قال عبدالله بن مسعود: الأمة مُعلِّم الخير، وقال ابن عمر: الأمة الذي يُعلِّم الناس دينَهم، وقال مجاهد: أي: أمة وحده[1].

 

الصِّفات التي أهَّلت إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - لهذا الوصف:

1- توحيد الله -تعالى- وعدم الإشراك به:

ومعنى توحيد الله - عز وجل -: الاعتقاد الجازم بأن الله ربُّ كل شيء ومليكه وخالقه، وأنه هو الذي يستحقُّ وحده أن يُفرَد بالعبادة؛ مِن صلاة، وصوم، ودعاء، ورجاء، وخوف، وذلٍّ، وخضوع، وأنه المتَّصف بصفات الكمال كلِّها، والمُنزَّه عن كل نقص[2].

 

وهذا التوحيد اتَّصف به نبي الله إبراهيم - عليه السلام - وذكره الله عنه في أكثر من آية؛ قال تعالى: ﴿ قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النحل: 120]؛ فالقانت هو: الخاشع المُطيع، والحنيف هو: المُنحرِف قَصدًا من الشرك إلى التوحيد؛ ولهذا قال: ﴿ وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النحل: 120].

 

ومِن ثمرات التوحيد أنه كان شاكِرًا لنعم الله عليه، ويظهر هذا المعنى أيضًا في قوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [آل عمران: 67]؛ وهذا أيضًا يظهر في إفراده -صلى الله عليه وسلم- ربَّه في الدعاء، وخشوعه وخوفه منه - تبارك وتعالى - قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم: 35]، ففي هذا المقام احتجَّ على مُشركي العرب بأن البلد الحرام مكة إنما وُضعتْ أول ما وضعت لعبادة الله وحده لا شريك له، ثم دعا ربه -تعالى- لهذه البقعة بالأمن: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا ﴾، وقد استجاب الله له؛ فقال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ﴾ [العنكبوت: 67].

 

وقال تعالى: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 114]، قال ابن مسعود: الأوَّاه هو الدَّعَّاء، وقال ابن جرير: قال رجل: يا رسول الله، ما الأوَّاه؟ قال: ((المُتضرِّع))، وفي آية أخرى قال تعالى: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ﴾ [هود: 75]؛ فالحليم: الذي يحتمل أسباب الغضب فيَصبِر ويتأنَّى ولا يَثور، والأوَّاه: الذي يتضرَّع في الدُّعاء، والمنيب: الذي يعود سريعًا إلى ربه.

 

هكذا كان نبيُّ الله إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - كان موحِّدًا لله - عز وجل - فما أحوجَنا أن نعيش بهذا التوحيد فلا نشرك مع الله شيئًا! وذلك عن طريق:

• وجوب إخلاص المحبَّة لله؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24].

 

• وجوب إفراد الله تعالى في الدعاء والتوكُّل والرجاء؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [يونس: 106]، ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 218].

 

• وجوب إفراد الله -تعالى- بالخوف منه؛ قال تعالى: ﴿ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [النحل: 51]، ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يونس: 107].

 

• وجوب إفراد الله - عز وجل - بجميع أنواع العبادات البدنية؛ من صلاة، وركوع، وسجود، وصوم، وذبح، وطواف، وجميع العبادات القولية؛ مِن نذْر، واستِغفار؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 48]؛ هكذا كان إبراهيم - عليه السلام - مُخلصًا العبادة لله، وهكذا يجب علينا أن نكون.

 

2- التمكُّن والاطمئنان واليقين في عبادته لربه:

ما أجمل أن يعيش الإنسان لفِكرة هي كل حياته، يُضحِّي في سبيلها بكلِّ غالٍ ونفيس! هكذا عاشَ خليل الرحمن - عليه الصلاة والسلام - ويَظهر ذلك في كثير من الآيات؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 260].

 

قال ابن كثير - رحمه الله - في هذه الآية: إن لسؤال إبراهيم أسبابًا، منها: أنه لما قال لنمرود: ﴿ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾ [البقرة: 258] أَحبَّ أن يترقَّى مِن علم اليقين إلى عَين اليَقين، وأن يرى ذلك مُشاهَدةً، فأما الحديث الذي رواه أبو هُريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نحن أحقُّ بالشكِّ من إبراهيم؛ إذ قال: ﴿ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ﴾ [البقرة: 260]))، فليس المراد هنا بالشكِّ ما قد يفهمه من لا علم عنده".

 

وقال صاحب الظلال: "لقد كان يَنشُد اطمِئنان الأنس إلى رؤية يد الله تعمل، واطمئنان التذوُّق للسرِّ المُحجَّب وهو يجلى ويتكشَّف، ولقد كان الله يعلم إيمان عبده وخليله، ولكنه سؤال الكشف والبيان، والتعريف بهذا الشَّوق، وإعلانه، والتلطُّف من السيد الكريم الودود الرحيم مع عبده الحليم الأوَّاه المنيب".

 

وفي موضع آخر يقول الله - عز وجل -: ﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ﴾ [الأنعام: 81]، وقبل ذلك يُواجِهُهم في طمأنينة ويقين؛ قال: ﴿ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ ﴾ [الأنعام: 80]، وقبله أيضًا قال الله - عز وجل -: ﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾ [الأنعام: 75].

 

فلا بدَّ للمؤمن السائر في طريق الله أن يكون مُطمئنًّا مُتيقِّنًا في طريق الله - عز وجل[3] - وهذا ما ربَّى النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة عليه، ولقد بلغ الإيمان ببعض هؤلاء الصَّحابة إلى درجة قال فيها: لو كُشفَ عنِّي الحِجاب ما ازددتُ يَقينًا[4].

 

وفي حديث الحارث بن مالك الأنصاري - رضي الله عنه - ما يُعطينا الصُّورة المُشرِقة لهذا الإيمان، فقد مرَّ حارثة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((كيف أصبحت يا حارثة؟))، قال: "أصبحتُ مؤمنًا حقًّا"، قال: ((انظر ماذا تقول؟ فإن لكل شيء حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟)) قال: "عزفت نفسي عن الدنيا، فأَسهرتُ لَيلي، وأظمأْتُ نَهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربِّي بارِزًا، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يَتزاوَرون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يَتضاغَون فيها[5]"، فقال: ((عرفت - يا حارثة - فالزَم))[6].

 

وهكذا يجب أن يكون حالنا مع الله - عز وجل - ولكَي نَصِل إلى هذه الطُّمأنينة واليقين لا بدَّ مِن الإيمان بالله - عز وجل - فالطمأنينة أثرٌ مِن آثار الإيمان؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، وقال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [الفتح: 4].

 

وإذا اطمأنَّ القلب وسكنَت النفس، شعَر الإنسان ببرد الراحة، وحلاوة اليَقين، واقتحم الأهوال بشجاعة، وثبَت إزاء الخطوب مهما اشتدَّت، ورأى أن يد الله ممدودة إليه، وأنه القادر على فتح الأبواب المُغلَقة، فلا يتسرَّب إليه الجزع، ولا يعرف اليأسُ إلى قلبه سبيلاً؛ ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 257].

 

3- الصدق، الوفاء، الكرم:

أما عن الصدق، فقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 41]، قال ابن كثير - رحمه الله -: كان صدِّيقًا نبيًّا مع أبيه كيف نهاه عن عبادة الأصنام، قال صاحب الظلال: لفظة "صدِّيق" تحتمل أنه كثير الصِّدق، وأنه كثير التصديق، وكلتاهما تُناسِب شخصية إبراهيم.

 

أما عن الوفاء؛ فقد قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [الأحزاب: 7]، فالله - عز وجل - أخذ العهد والميثاق في إقامة الدِّين وإبلاغ الرسالة والتعاون والتناصر والإتقان، فهل وفَّى الخليل بعهده مع ربه - تبارك وتعالى؟ نعم وفَّى، ووصفه ربه بأفضل الأوصاف؛ فقال تعالى: ﴿ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ﴾ [النجم: 37]؛ أي: بلغ جميع ما أُمر به.

 

وفي إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - عبرة، فهل وفَّينا بحقِّ الله علينا؟!

قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ * وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الأعراف: 172 - 174].

 

فعلينا أن نقوم بحق الله علينا، ونحقِّق فينا صفات الخيرية التي وصَفنا الله بها في كتابه العزيز؛ قال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]، وقال أيضًا: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104].

 

أما عن صِفة الكرَم؛ فهي صفة من صفات إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - واستمع إلى قول الله - عز وجل -: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ﴾ [هود: 69]، وفي آية أخرى قال تعالى: ﴿ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ﴾ [الذاريات: 26]؛ أي: إنه قدَّم لهم عجلاً سمينًا مشويًّا على حجارة الرضف المُحماة، فهذا هو كرم أبي الأنبياء إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - وهذا ما علَّمَنا إياه نبي الرحمن -صلى الله عليه وسلم- ففي الحديث الذي رواه أبو هُريرة - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر، فليُكرِم ضيفَه، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر، فليَصِل رحمه، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر، فليَقلْ خيرًا أو لِيَصمُت))؛ متَّفَق عليه.

 

هذه بعض الصفات التي اتَّصف بها إبراهيم الخليل -صلى الله عليه وسلم- والتي اتَّصف بها في نفسه.



[1] - مختصر تفسير ابن كثير للصابوني.

[2] - "الإيمان: أركانه، حقيقته، نواقضه"؛ الدكتور محمد نعيم ياسين.

[3] - تفسير الظلال أ/ سيد قطب.

[4] - العقائد الإسلامية، الشيخ السيد سابق.

[5] - أي يصرخون.

[6] - رواه الطبراني بسند ضعيف.




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • الخليل إبراهيم عليه السلام في الكتاب والسنة
  • مقام إبراهيم
  • افعلها كما فعلها إبراهيم
  • منهجية إبراهيم عليه السلام في الدعوة إلى الله
  • إبراهيم عليه السلام يدعو أباه
  • مناظرة إبراهيم الخليل للنمرود
  • من صفات نبي الله إبراهيم: متمكن ومطمئن ومتيقن من عبادته لربه
  • حرص إبراهيم الخليل على أن يسلك أهله مسلكه في الطاعة
  • تحية ووصية من خليل الرحمن إبراهيم إلى الأمة المحمدية

مختارات من الشبكة

  • الجامع الصحيح لصفات الله العليا ومعه الصفات المنفية عنه سبحانه وتعالى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الصفات التي اتصف بها الخليل - عليه السلام - في مجتمعه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصفات التي اتصف بها الخليل إبراهيم مع أهله وأسرته(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • توحيد الأسماء والصفات واشتماله على توحيد الربوبية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثقة بالنفس صفة مكتسبة وهي رهن مواقف بعينها(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • نكران الجميل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفات الحروف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصفات القيادية في الداعية (محمد صلى الله عليه وسلم أنموذجا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إثبات أمية النبي صلى الله عليه وسلم صفة من صفاته ومعجزة من معجزاته(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • شرح كلام شيخ الإسلام ابن تيمية بذكر الصفات الثلاث التي يحتاج الداعية والمحتسب (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
2- شكر
عبد الكريم ولي الندوي - الهند 08-07-2020 01:08 PM

لكم جزيل الشكر على تقديمكم المواضيع الممتعة النافعة

1- شكر
imene - algeria 25-12-2014 07:44 PM

أشكركم جزيل الشكر

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بناء مدرسة إسلامية ومسجدان ومسلمون جدد في جامبيا ومدغشقر
  • دورة قرآنية افتراضية بعنوان من الظلمات إلى النور
  • بدء توزيع ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الإسبانية في إسبانيا
  • القافلة الطبية السادسة لمرضى العيون في النيجر
  • مساعدات المسلمين لغيرهم تتواصل بولايتي تينيسي ونيوجيرسي
  • 276 ألف مسلم لاتيني في الولايات المتحدة
  • بمناسبة ذكراها الخامسة والثلاثين مؤسسة إسلامية تقدم 35 ألف وجبة للمحتاجين
  • حملتان للتدفئة ومساعدة المحتاجين بمدينتي يلونايف وإدمونتون في كندا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1442هـ / 2021م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/6/1442هـ - الساعة: 11:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب