حكم اللامات الساكنة

حكم اللاماتِ الساكنة

اللامات الواردة في القرآن إما ساكنة وإما متحركة.

والحديث هنا يتصل باللامات الساكنة، التي تنحصر في خمسة أنواع، وهي:

1- لام التعريف (أل).

2- لام الفعل.

3- لام الحرف.

4- لام الاسم.

5- لام الأمر.

أحكام كلِّ نوع بالتفصيل:

حكم لام أل:

تعريفها:

تسمَّى هذه اللام بلام التعريف الداخلة على الأسماء، وهي لام ساكنة زائدة على بنية الكلمة، مسبوقة بهمزة وصل مفتوحة عند البدء، وهي نوعان:

أ- لام ساكنة يصح تجريدها من الاسم، نحو: (الشمس - القمر - الأرض)، فأنت إذا حذفت هذه اللامَ استقامت الكلمة دونها.

ب- لام ساكنة لا يصح تجريدها من الاسم؛ حيث لا تستقيم الكلمة دونها، مثل: (التي - الذي - اليسع - الله - اللائي - اللاتي - الذين - الآن)، فزيادة اللام هنا زيادة لازمة؛ أي إن الكلمة لا تستقيمُ دون اللام.

حكم لام (أل) التي لا يمكن تجريدها عن الكلمة:

اللام التي لا يصح تجريدها عن الكلمة، لها حالتان بالنسبة لما يقع بعدها من أحرف الهجاء، وهاتان الحالتان هما:

1- وجوب الإدغام، وذلك إذا أتى بعدها لامٌ متحرِّكة، نحو: (والّذان - الّذين - الّلائي - الّلاتي - الله).

2- وجوب الإظهار، وذلك إذا أتى بعدها ياء أو همزة، مثل: (الآن - اليسع)، وهي في هذه الأمثلة كلها لا يمكن تجريد الكلمة عنها.

حكم لام (أل) التي يمكن تجريدها عن الكلمة:

اللام التي يصح حذفُها من الكلمة لها حالتان بالنسبة لما يقع بعدها من أحرف الهجاء:

الحالة الأولى: الإظهار، وتسمى اللام - حينئذٍ - لامًا قمرية.

الحالة الثانية: الإدغام، وتسمى اللام - حينئذٍ - لامًا شمسيَّة.

الحالة الأولى: الإظهار

اللام القمرية:

يجب إظهار اللام: إذا وقعت قبل أربعة عشر حرفًا، مجموعة في قول صاحب التحفة: (ابغ حجك وخف عقيمه) أي: ابغِ حجًّا مبرورًا، وخَفْ من فساده، أو إحباطه.

يقول صاحب التحفة مبينًا هذه الحروف:

لِلامِ ألْ حالانِ قبلَ الأحرفِ أُولاهما إظهارُها فلتعرِفِ قبل أربعٍ مَعْ عشرةٍ خُذْ عِلمَه مِن ابغِ حجَّكَ وخَفْ عقيمَه

والحروف بالتفصيل هي: (أ - ب - غ - ح - ج - ك - و - خ - ف - ع - ق - ي - م - هـ).

فإذا وقع حرف من هذه الأحرف بعد اللام، وجب إظهارها، ويسمَّى إظهارها قمريًّا، وتسمَّى اللام - حينئذٍ - لامًا قمريَّة.

وسمِّيت كذلك؛ لظهورها عند النطق بكلمة (القمر)، ثم غلبت هذه التسمية على كل اسم يشابهه في ظهورها فيه.

سبب الإظهار: هو تباعدُ المخرج بين اللام وأغلب هذه الحروف.

الأمثلة:

علامتها في المصحف: تعرف اللام القمرية في المصحف بوضع علامة السكون على اللام، وهي في رسم المصحف كرأس الحاء الموجودة فوق اللام، مثل قوله -تعالى-:﴿ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ [البقرة: 3].

الحالة الثانية: الإدغام:

اللام الشمسية:

يجب إدغام اللام الساكنة إذا وقع بعدها الأربعة عشر حرفًا الباقية من حروف الهجاء، وتسمَّى اللام في هذه الحالة باللام الشَّمسيَّة.

وهذه الحروف الأربعة عشر مجموعةٌ في أول كل كلمة من كلمات البيت التالي:

طِبْ ثم صِلْ رحمًا تفُزْ ضِفْ ذا نِعَم دَعْ سُوءَ ظنٍّ زُرْ شريفًا للكرَمْ

والحروف بالتفصيل هي: (ط - ث - ص - ر - ت - ض - ذ - ن - د - س - ظ - ز - ش - ك).

فإذا وقع حرف من هذه الأحرف بعد اللام، وجب إدغامها فيه، ويسمَّى: إدغامًا شمسيًّا.

وسمي كذلك؛ لعدم ظهور اللام عند النطق بلفظ (والشمس)، ثم غلبت هذه التسمية على كل اسم يماثلها في إدغامها فيه.

سبب الإدغام: تدغم اللام الشمسية في اللام لتماثلهما، وتدغم في الحروف الباقية للتقارب بين مخرجها ومخرج اللام الشمسية.

الأمثلة:

علامتها في المصحف: تُعرَف اللام الشمسية في المصحف بخلوِّها من السكون، ووضع شدة () على الحرف الذي بعدها، نحو: كلمة (الناس) في قوله -تعالى-:﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا ﴾ [البقرة: 8].

فائدة:

إذا أردتَ تقريب المسافة عليك جدًّا في معرفة اللام الشمسية واللام القمرية، فانظر إلى الحرف الذي بعدها، فإن وجدته مشدَّدًا، فقل: (شمسية)، وإن وجدته غير مشدَّدٍ، فقل: (قمرية).

الأصل في لفظ الجلالة (الله):

الأصل فيه: (إله)، ودخلت عليه (أل)، فصار: (الإله)، ثم حذفت الهمزة الثانية للتخفيف، فصار: (ألْ - لَه)، ثم أدغمت لام (أل) في اللام الثانية للتماثل، فصار: (الله)، ثم فُخِّمت اللام للتعظيم بعد الفتح والضم دون الكسر لمناسبته للترقيق، فصار: (الله).

لام الفعل:

تعريفها: هي اللام الساكنة الواقعة في فعل؛ سواء كان ماضيًا، أم مضارعًا، أم أمرًا، وهي في كل ذلك إما متوسطة، أو متطرفة.

فالماضي، مثل: ﴿ الْتَفَّتِ ﴾- ﴿ أَرْسَلْنَا ﴾.

والمضارع، مثل: ﴿ يَلْعَبُونَ ﴾ - ﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ ﴾.

والأمر، مثل: ﴿ وَأَلْقِ ﴾ - ﴿ أَجْعَلْ ﴾.

ولها قبل حروف الهجاء حالتان:

1- حالة الإدغام.

2- حالة الإظهار.

أولا: الإدغام: تُدغَم لام الفعل - مطلقًا - إذا وقع بعدها (لام) أو (راء)، مثل: ﴿ وَقُلْ رَبِّ ﴾.

وسبب الإدغام هنا هو: التماثل بالنسبة إلى اللام، والتقارب بالنسبة إلى الراء.

ثانيًا: الإظهار: تظهر لام الفعل - مطلقًا - إذا وقع بعدها حرفٌ من الحروف الستة والعشرين حرفًا الباقية بعد اللام والراء.

وعند إظهار اللام هنا يجب تجنب ثلاثة أمور:

1- إهمال بيان الإظهار في نحو: ﴿ جَعَلْنَا ﴾؛ لأن اللسان يميل إلى الإدغامِ لقرب المخرجين.

2- الإفراط والتعسف في الإظهار يجعل اللام تتحرَّكُ، وهي في الأصل ساكنةٌ، أو يقلقلها.

3- السكتُ على اللام لبيان الإظهارِ.

قال صاحب التحفة:

وأظهرن لامَ الفعلِ مطلقًا في نحوِ قُلْ نَعم وقُلْنا والتقى

وقد يسأل سائل: لِمَ لَمْ تدغم لام الفعل في النون مع أنها أدغمت في نحو (الناس)؟

والجواب: أن النون الساكنة إذا وقَع بعدها لامٌ يجبُ إدغامها فيها بغير غنَّة، ولا يصح أن يُدغَمَ في النون شيء مما أدغمت فيه؛ خشية زوال الألفة بين النون وأخواتها من حروف (يرملون).

وقد يقال: إن لام (أل) تُدغَم في النون في نحو: (الناس)، فلماذا لا تُدغَم لامُ الفعل في النون كذلك؟

ويرد على ذلك: بأن لام (أل) مع النون كثيرةُ الوقوع في القرآن، فهي أحوج إلى الإدغام؛ تسهيلاً للنطق، بخلاف لام الفعل قبل النون، فهي قليلةُ الوقوع في القرآن، وإظهارها ليس فيه مشقة، والعمدة في ذلك السماع والنقل.

فلام التعريف أدغمت في النون في نحو: ﴿ النَّهَارِ ﴾- ﴿ وَالنَّجْمِ ﴾؛ لكثرة دورانها في القرآن الكريم، بخلاف لام الفعل.

لام الاسم:

تعريفها: هي اللام الواقعة في كلمة فيها إحدى علامات الاسم، أو تقبَلُ علامةً من علاماته، وتكون متوسطة على الدوام، نحو: ﴿ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ﴾ ولا تكونُ متطرِّفةً، وحُكمها: وجوب الإظهار مطلقًا.

وسميت بذلك الاسم؛ لوجودها فيه، وهي أصل من أصوله، نحو: ﴿ أَلْفَافًا ﴾- ﴿ خَلَقَهُمْ ﴾-﴿ مَلْجَإٍ ﴾.

لام الحرف:

وسميت لام الحرف بهذا الاسم؛ لوجودها فيه، وهي في القرآن الكريم في حرفين فقط، هما: (هل) و(بل).

حكمها: هي مثل لام الفعل، لها حُكمان:

1- وجوب الإظهار: إذا وقع بعدها أي حرف من حروف الهجاء غير اللام والراء، مثل: ﴿ هَلْ نُنَبِّئُكُم ﴾ ْ -﴿ هَلْ يَسْتَوِيَانِ ﴾- ﴿ بَلْ فَعَلَهُ ﴾ - ﴿ بَلْ قَالُوا ﴾.

2- وجوب الإدغام: إذا وقَع بعدها لامٌ أو راء، نحو: ﴿ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا ﴾ - ﴿ بَلْ لَا يَخَافُونَ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ﴾.

ملحوظة:

لم ترِدِ الراءُ بعد (هل) في القرآن الكريم.

تدغم لام (بل) في الراء في كل المواضع، إلا موضع المطففين: ﴿ بَلْ رَانَ ﴾؛ لسَكْتِ حفص من طريق الشاطبية، والسَّكْتُ يمنَعُ الإدغام.

سبب الإدغام: التماثل مع اللام، والتقارب مع الراء.

لام الأمر:

تعريفها: هي لامٌ ساكنة زائدة عن بِنْية الكلمة، وتدخل على الفعل المضارع فتحوِّله إلى صيغة الأمر، بشرط: أن تكون مسبوقة بثمَّ، أو الواو، أو الفاء، فإن لم تُسبَقْ بحرف من هذه الحروف، كانت مكسورة، مثل: ﴿ لِيُنْفِقْ ﴾.

ضابط لام الأمر:

يمكن معرفة لام الأمر من خلال الآتي:

1- تكون ساكنة.

2- تكون زائدة عن بنية الكلمة.

3- تدخل على الفعل المضارع.

4- يقع قبلها الفاء، أو ثُمَّ، أو الواو.

حكمها: الإظهار وجوبًا، وينطق بها ساكنة، إلا إذا بدئ بها فتُكسَر.

ملحوظة: يجب الاعتناء بإظهار لام الأمر إذا جاورت التاء، نحو: ﴿ فَلْتَقُمْ ﴾؛ خوفًا من أن يسبق اللام إلى إدغامها، ولا يقاس عليها إدغام لام التعريف في نحو: ﴿ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ﴾؛ لأن لام التعريف كثيرة الدوران في القرآن الكريم، بخلاف لام الأمر قليلة فيه.

ملخص اللامات:

1- لام الاسم ولام الأمر: يجب إظهارهما مطلقًا.

2- لام الفعل ولام (بل): يجب إظهارُهما ما لم يقَعْ بعدهما لام أو راء فتدغمان، ولام (هل): يجب إظهارها إلا إذا وقع بعدها لام فتدغم فيها.

الأسئلة:

1- ما هي اللامات الوارد ذكرُها في القرآن الكريم؟

2- اذكر حكم الكلمات الآتية: (الشمس - القمر - الأرض - السماء - الله - اللذان - الآن - اليسع)؟

3- عرِّفْ لام الفعل؟ واذكر حكمها مع ذكر أمثلة لها؟

4- اذكر حُكم لام الاسم مع ذكر أمثلة لها؟

5- ما حُكم كل من: (قل رب - قل لكم - قل ما أسألكم)؟

6- اذكر حُكم: (بل فعله - هل يستويان)؟

7- عرِّف لام الأمر، واذكر حُكمها مع ذكر الأمثلة؟