• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    غنى الخالق عن خلقه وافتقار جميع خلقه إليه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    قبسات من أنوار عفوه وصفحه صلى الله عليه وسلم عمن ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    واجبنا قبل رمضان
    الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم
  •  
    دموع الخشية من الله عز وجل
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    حسن الاستعداد لموسم الزاد (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    تفسير: (من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: يا محمد، ألا تخبرني ما الإيمان؟
    الشيخ طارق عاطف حجازي
  •  
    تحويل القبلة: تأملات وعبر
    د. عبدالمحمود يوسف عبدالله
  •  
    يسمونها بغير اسمها
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    جدول أحوال أصحاب الفروض
    علي بن يحيى بن محمد عطيف
  •  
    رفيقك عند تلاوة القرآن (تفاسير مختصرة)
    سالم محمد أحمد
  •  
    خطبة بين يدي رمضان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    أحكام العارية ونوازلها والأدلة والإجماعات الواردة ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    المرشد اليسير للتعامل مع التفاسير
    منى بنت سالم باخلعة
  •  
    القرآن سكينة القلوب (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    تفسير قوله تعالى: { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

الإسلام ومفاهيم العصر

د. مولاي المصطفى البرجاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/1/2010 ميلادي - 11/2/1431 هجري

الزيارات: 15884

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإسلام ومفاهيم العصر


كما يقول المثل العربي: "الدنيا حُبلى وستلد العجائب"، فعلاً نزلت على القرية الكونية - على حد تعبير ماكلوهان - مفاهيم ومصطلحات غربية، الغرض من غالبيتها النيل من مبادئ الإسلام السامية، بل السعي إلى نسفه من أساسه؛ بعدما تبين لهم صموده أمام أعتى الأعاصير والبراكين، وفي هذه الورقة البسيطة، سأحاول قدر الإمكان تحليل إشكاليات بعض المفاهيم المدسوسة في مجتمعاتنا على ضوء قواعد الإسلام؛ طبقًا للقاعدة الأصولية: "الأصل في العادات الإباحة حتى يرد المنع".

 

1- العلمانية:

تعريف العلمانية: هناك من يطلق عليها العالمانية، وفريق آخر يفضل تسمية العَلمانية - بفتح العين - نسبة إلى العالم على غير القياس، بزيادة الألف والنون، أما بالكسر العِلمانية فيوهم أنها مشتقة من العلم، وأنه لا تعارض بينها وبين الإسلام، بل إنها بعض وسائل الإسلام وأهدافه، ويبدو أنه حين تُرجم هذا المصطلح إلى العربية - لأن الإسلام دين العلم - اختير اسم العِلمانية - بالكسر - ليقع المسلمون في هذا الوهم، وعلى هذا تكون الترجمة مضللة، لأن ترجمة كلمة العلم في الإنكليزية (science)، بينما العلمانية مترجمة عن كلمة (secularism)، وكلمة (secular) تعني دنيوي غير ديني، فالمقصود منها هو: إقامة الحياة بعيدًا عن الدين، أو الفصل الكامل بين الدين والحياة.

 

أما تعريف العلمانية اصطلاحاً، فجاء في "دائرة المعارف البريطانية": "هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحياة الدنيا وحدها".

 

و لعل في الكتابات الإسلامية التعريفَ المتفق عليه، وهو: فصل الدين عن الدولة، ولكن أفضل تعريف للعلمانية: "هي إقامة الحياة على اللادين"، وفي هذا ضرب في صميم ماجاء به ديننا الحنيف مصداقًا لقوله - تعالى -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162].

 

يقول ابن القيم - رحمه الله -: "إذا أصبح   العبد وأمسى وليس همُّه إلا الله وحده، تحمل الله عنه - سبحانه - حوائجه كلها، وحمل   عنه كلَّ ما أهمه، وفرَّغ قلبه لمحبته، ولسانه لذكره، وجوارحَه لطاعته، وإن أصبح وأمسى والدنيا همُّه، حمَّله الله همومها وغمومها وأنكادَها، ووكله إلى نفسه، فشغَل قلبه   عن محبته بمحبة الخلق، و لسانه عن ذكره بذكرهم، وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم، فهو يكدح كدحَ الوحوش في خدمة غيره ... فكل من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته، بُلي بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته".

 

ومن الإنصاف الإشارة إلى أن العلمانيين ليسوا في كفة واحدة - وهذا من وحي التجربة - فهناك من ينظر للعلمانية على أنها فصل الدين عن السياسة، باعتبار السياسة مدنسة والدين مقدس، أو كما يسميهم الدكتور عبد الوهاب المسيري بالعلمانيين الجزئيين، وتيار آخر- وهو الأخطر - يدعو إلى استئصال الدين من أساسه "العلمانيون الشموليون".

 

إن الفصل بين الدين والحياة - من وجهة النظر الإسلامية – قد وقع مبكرًا جدًّا في الحياة الأوروبية، وقد وقع منذ اعتناق أوروبا للنصرانية؛ لأن روما عندما تنصّرت أخذت عقيدة منفصلة عن الشريعة، ولم تحكم الشريعة شيئًا من حياة الناس في أوروبا إلا الأحوال الشخصية فحسب، وهذا الوضع هو علمانية كاملة من وجهة نظر إسلامية، وللأسف الشديد هذا ما نجده في أغلب الحكومات العربية والإسلامية، بل الأدهى والأمرّ أنها تطاولت حتى على الأحوال الشخصية، من نسف أمور ثابتة في الشرع: الميراث، تعدد الزوجات، . . .

 

والذي تقصده أوروبا - حين تطلق هذا المصطلح - هو إبعاد الدين عن واقع الحياة، وإبقاؤه متمثلاً في بعض المفاهيم الدينية؛ ولذا تعتبر كلام رجال الدين في قضايا الدنيا هو تدخُّل رجال الدين - باسم الدين - فيما لا يعنيهم؛ سواءً في ذلك السياسة، والاقتصاد، والاجتماع، والفكر، والعلم، والأدب، والفن، وكل مجالات الحياة.

 

والأصل - الذي لا مِراء فيه - أنه متى فصلت الشَّريعة عن الحياة ككل - وليس فقط السِّياسة - كانت كلها خداجًا وفوضى عارمة، ومرتعًا واسعًا لكل من هَبَّ ودَبَّ للتَّطَاول السَّافر على الدِّين الإسلامي، ولا يعني هذا أنَّ الإسلامَ كله زَوَاجر ورَوَادع، كلاَّ؛ بل الإسلام فسح مجالاً واسعًا للإنسان المسلم، وأرسل له هذا الدين الذي ينظمه ويوجهه، انطلاقًا من القاعدة الأصولية التي تقول: "الأصل في العادات الإباحة حتى يرد المنع".

 

2- مفهوم العولمة:

والعولمة بالفرنسية (Mondialisation)، أو (الكوكبة)، وبالإنجليزية (Globalisation)، ويطلق عليها أيضا (الشوملة)، وهي مفردات بالإنجليزية أو الفرنسية تدل على معنى متحد، أو (الأمركة)؛ أي: سيطرة القيم الغربية والنظام الأمريكي على العالم.

 

لغةً: مصدر اشتقاقي لفعل مستحدث "عَوْلَم يُعَوْلِم عولمةً"، فيقال: إن الحياة تعولمت، بعد أن تعولم الاقتصاد، وإن السيولة المالية قد تعولمت، وكذا المواصلات والمعلومات.

 

واصطلاحًا: اندماج أسواق العالم في حقول التجارة العالمية والاستثمارات المباشرة، وانتقال الأموال والقوى العاملة، والثقافات والتقنية، ضمن إطار من رأسمالية حرية الأسواق، وخضوع العالم لقوى السوق العالمية، بما يؤدي إلى اختراق الحدود القومية، والانحسار الكبير في سيادة الدولة؛ لفائدة الشركات الرأسمالية الضخمة متعددة الجنسيات.

 

ويعرفها جارودي كما يلي: "دين وثني يعني وحدانية آلة السوق".

 

السؤال المطروح - بغضِّ النظر عن جوانبها الإيجابية المتمثلة في توظيف شبكة الإنترنت، وإيصال المعرفة والمعلومة في أقرب وقت، وإتاحة فرصة كبرى لنشر الإسلام، وتحديد الأماكن والفرص الاقتصادية الجيدة -: ما هي جوانبها السلبية التي من الواجب على المسلم الغيور على دينه أن يتجنَّبها، ويسعى جاهدًا للوقوف لها بالمرصاد؟

 

الآثار السلبية للعولمة:

يُجمع أغلب المتتبعين لظاهرة العولمة أن مساوئها أكثر من إيجابيتها خاصة على المسلم، نورد بعضها فيما يلي:

• الأمركة والتغريب، وهي ادعاء أفضلية الثقافة الغربية على الثقافة الإسلامية.

• إهمال السياسات الدينية، ولا سيما في مجال العقائد   تحت وطأة النمط الثقافي الغربي الذي لا يقيم وزنًا لهذه القضايا.

• القومية العالمية، وهي تذويب الانتماء إلى الدين والمعتقد؛ نهاية الجغرافيا، نهاية العقائد.

• الإكراه الثقافي والإرهاب الفكري الواقع على الشعوب.

• تغييب القيم الأسرية والاجتماعية التي رسخها الإسلام.

• الانحراف الأخلاقي، ولا سيما في قضايا الشهوات الجنسية، من خلال تقنين السياحة الجنسية في البلدان الإسلامية، وفرض تأسيس جمعيات للشواذ على الدول الإسلامية.

• إفساد الأنماط السلوكية السائدة لدى الشعوب.

• سيادة لغة العولمة الثقافية، وهي اللغة الإنجليزية على جميع اللغات، ومنها اللغة العربية.

 

3- الديمقراطية:

وهي إحدى الأدوات المهمة التي وظفها الحداثيون، من خلال استعمالها استعمالاً غربيًّا، والتي تجعل المرجعية في الأحكام الدينية والدنيوية إلى الشعب، ولا أدل على ذلك من اشتقاق كلمة (الديمقراطية) من كلمتين يونانيتين (Demos) ؛ وتعني الشعب، و (kratos)؛ وتعني السلطة، والعبارة تعني (سلطة الشعب)، ومفاد ذلك كله: إرضاء الشعب، ولو كان ذلك على حساب القيم الدينية (الإسلامية).

 

ولم يبتعد الزعيم البريطاني (ونستون تشرشل) عن الحقيقة عندما قال: "إن الديمقراطية هي أسوأ نظام يمكن الأخذ به، ما لم يطبَّق على الجميع"، ولا نظن أننا نبتعد عن الحقيقة أيضًا عندما نقول: إن أسوأ ما في هذا النظام أنه صُمم بحيث لا يمكن أن يطبق على الجميع؛ بل لمن يملك شراء الأصوات، وبيعَ الذمم، والاتجارَ في الأزمات بالشعارات، فالتطبيق الديمقراطي لا يعدو أن يكون بيعًا للحكم، وهو ما تنبأ الرسول - صلى الله عليه وسلم – بحصوله؛ قال: ((أخاف عليكم ستًّا: إمارةَ السفهاءِ، وسفكَ الدمِ، وبيع الحكمِ، وقطيعة الرحم، ونشوًا (جماعة) يتخذون القرآن مزامير، وكثرة الشرط))؛ أورده الألباني - رحمه الله - في "صحيح الجامع"[1].

 

وفي خضم سيطرة مصطلح "الديمقراطية" على الساحة السياسية لبلدان العالم الإسلامي، تباينت الآراء حولها من قبل أبناء العمل الإسلامي؛ بين الرافض لها، وبين متحفظ، وبين القابل لها، ولكن بقراءة خاصة في أفق المشاركة السياسية، ولقطع الطريق على بني علمان:

الموقف الرافض:

وينظر للمصطلح على أنه يمس جوهر العقيدة الإسلامية، من منطلق أن الديمقراطية نظام حكم وضعه البشر، من أجل التخلص من ظلم الحكام، وتحكُّمهم في الناس   باسم الدين، فهو نظام مصدره البشر، ولا علاقة له بوحي أو دين.

 

وأساس نشوئه أن الحكام في أوروبا كانوا يزعمون أن الحاكم هو حاكم تيوقراطي[2]، ووكيل الله في الأرض، فهو يحكم البشر   بسلطان الله، ويزعمون أن الله هو الذي جعل للحاكم سلطة التشريع، وسلطة التنفيذ؛ أي: سلطة حكم الناس بالشرع الذي يُشرِّعه هو؛ لأنه يستمد سلطته من الله، وليس من   الناس، فكانوا يظلمون الناس، ويتحكَّمون فيهم، كما يتحكَّم السيد في عبده، باسم هذا   الزعم الذي يزعمونه.

 

فقام صراع بينهم وبين الناس، وقام فلاسفة ومفكرون، وبحثوا   موضوع الحكم، ووضعوا نظامًا لحكم الناس - وهو النظام الديمقراطي - يكون الشعب فيه هو مصدر السلطات، فيستمد الحاكم منه سلطته، وتكون له – أي: الشعب - السيادة، فهو يملك   إرادته، ويمارسها بنفسه، ويسيّرها بمشيئته، ولا سلطان لأحد عليه فهو السيد، وهو الذي يُشرِّع التشريع الذي يحكم به، ويسير بموجبه، وهو الذي يُعيِّن الحاكم؛ ليحكُمه   نيابةً عنه بالتشريع الذي يُشرِّعه الشعب، ولهذا فالنظام الديمقراطي مصدره كله   البشر، ولا علاقة له بوحي أو دين.

 

كما وضع الداعية الإسلامي الشيخ وجدي غنيم مقارنة بين "ديمقراطية الغرب" - التي هي حكم الشعب للشعب بالشعب - وبين ديمقراطيتنا (الشورى)، التي هي حكم الله للشعب بالشعب.

 

الموقف المؤيِّد لكن بشروط:

يمثِّله قادة لحركات إسلامية باشرت العمل السياسي - وأخص بالذكر الشيخ محمد الغزالي، والدكتور راشد الغنوشي، والدكتور يوسف القرضاوي - وقد أخذوا بالديمقراطية في الممارسة السياسية، معتبرين إياها مجرد آلية وطريقة في الحكم، ومميزين في الآنِ نفسِه بين آلية الحكم ونظام الحكم، وكذلك حاكمية الله وسيادة الشعب؛ أي: إن مصدر السلطات جميعًا هو الله - سبحانه وتعالى - بينما يتم الاعتماد على سيادة الشعب فقط، كطريقة للاختيار والانتخاب.

 

وأسس الديمقراطية - بالنسبة لهم- أطوع لهم – وهم بعدُ قوةٌ سياسية غير حاكمة - من مجتمع يحكمه نظام ديكتاتوري، تنعدم فيه الحرية السياسية، والمعارضة، وتداول السلطة، وقطع الطريق على أصحاب المصالح السياسية والشخصية والاقتصادية.

 

وقد حاول بعض المفكرين الإسلاميين أن يُوجد صيغة توفيقية؛ من ذلك قوله: "يخطئ من يتحدث عن الديمقراطية بصيغة الإفراد؛ لأنه يتحدث عن أشياء مختلفة بمسمى واحد، والأصوب أن يتحدث عن الديمقراطيات بصيغة الجمع؛ إذ إن لكل بلد ديمقراطيته، ففي القرن السابق حاول كلٌّ من العالم الرأسمالي والعالم الاشتراكي احتكارها، بينما صرنا اليوم في عالم أحادي القطب، نتحدث عن ديمقراطيات للبيع، كما تباع خرثي - المتاع المستعمل - الغرب ببلادنا"[3].

 

ولمحاولة تقريب المصطلح أكثر، نطرح تصورين مهمَّين يجسدان الوضع الحالي - كأنهما يعيشانه اليوم - بتشنجاته السياسية وبتقديم المصلحة الشخصية على حساب المصلحة العامة للأمة؛ لذا كان رأي العالم الأندلسي المسلم   ابن عطية في القرن الثاني عشر أن الفرد الذي لا يستشير أناسًا صالحين أخلاقيًّا   وذوي معرفة، هو عرضة لأن يُنحّى عن وظيفته العامة"، بعدَ سبعة قرون علّق المنظّر   السياسي الفرنسي اليكسس دي توكفيل؛ بأن الحرية "تعتبر الدين حاميًا للأخلاقيات، وأن   الأخلاقيات هي أفضل أمن للقانون". ويتوقع المرء في هذا المعرض أنه لو تسنّى لابن   عطية ودي توكفيل أن يلتقيا في موقع مناسب في التاريخ، لكان عندهما الكثير ليقولاه - الواحد للآخر - حول موضوع الثقافة السياسية الديمقراطية والأخلاقية".

 

وههنا أطرح أسئلة لعلها تفكُّ لغز المصطلح: هل يعوَّل على إنسان يشتري أصوات الناس أن يخدم المصلحة العامة للمسلمين؟! كيف يعقل أن إنسانًا مخمورًا - يشرب الخمر حتى الثمالة – يفكِّر في همِّ الأمة ووطنه؟! ولكن يستطيع أن يستغل فقر الناس، ومن ثمَّ يفوز بالانتخابات، كيف لإنسان تربَّى بين أحضان الغرب البراغماتي أن يفكر بفكر الإنسان البسيط الذي لم يوفر حتى لقمة عيشه؟!

 

كيف لمرشح للانتخابات الذي يفكر في تحقيق أصوات مهمة لحزبه أن يشغل باله في مشاغل العامة؟! كيف لإنسان يقود جماعة ويرشح نفسه كنائبٍ عنهم لم يصلِّ في حياته، ولم يميز بين الحلال والحرام، وبين الحرية الجنسية والزواج الشرعي، وبين الربا والمضاربة الشرعية؟!

أنَّى له أن يعدل ويستحضر عظمة الخالق ومراقبته في كل صغيرة وكبيرة؟!

كيف نفسر قبول بعضهم باسم الديمقراطية - وهو أكبر إمبراطور في المخدرات - أن يكون همُّه خدمة مصالح الناس؟!

أليس هدفه - كما علمتنا تجارب التاريخ اليومية - هو الحصولَ على ما يسمى بـ"الحصانة البرلمانية"؛ ليفعل ما يحلو له دون رقيب ومراقبة؟!

ألم تُحوَّل العراق - البلد الذي كان يُرهب إسرائيل بترسانته العسكرية القوية، وتجاربه العلمية الرائدة، ونُخَبه المتميزة من العلماء - إلى دولة العصر الحجري القديم باسم نشر الديمقراطية؟!

 

وخلاصة القول في التعاطي مع المصطلح من منظور العمل الإسلامي: الفريق الأول: يرى أن مفهوم الديمقراطية يحمل مضمونين: أحدهما إجرائي عملي، والآخر نظري فلسفي، أما الجانب الإجرائي التنظيمي، فهو من باب الخبرة البشرية التي لا يجد المسلم غضاضة في الاستفادة منها، كما يستفيد من سائر سبل تنظيم الحياة الأخرى؛ كالجامعات والشركات... إلخ، فالانتخابات والمجالس النيابية والمجالس البلدية... إلخ، إنما هي رصيد تجربة اجتماعية لا بأس من استعمالها وتوظيفها.

 

أما الفكر العقدي والفلسفة الأيديولوجية الكامنة خلف الديمقراطية، المتمثلة في إعطاء حق التشريع وإنشاء القوانين، ووضع القيم الأخلاقية والاجتماعية لمثل هذه المجالس والدوائر - فهو مما لا ترضاه الشريعة ولا تقبله ولا تقرُّه، ومن هنا كان الالتباس والتعارض الظاهر بين مواقف الدعاة في مسألة "الديمقراطية"، فبعضهم يدعو إليها ويبشِّر بها، باعتبارها أفضل الضمانات للاستقرار السياسي والاجتماعي، وآخرون يقفون على النقيض من ذلك؛ حيث يرى فيها كفرًا بواحًا لا يجوز إقراره أو السكوت عليه، وإنما ينشأ الاختلاف المتضاد هذا من الاختلاف في تحديد المفهوم، وتعريف المصطلح؛ بل إن الكثيرين من الكُتَّاب - للأسف الشديد - يميلون لتغيير الألفاظ بقصد التعمية، والإبعاد بالمقصود عن الهدف الحقيقي؛ كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها))؛ رواه أحمد (5/342)[4].



[1] صحيح الجامع، (216).

[2] النظام التيوقراطي: هو نظام يستمد فيه الحاكم سلطاته من قدرات لاهوتية؛ أي: الحكم الديني الذي يقوم على الاعتقاد بأن الله قد اختار الملوك مباشرة لحكم الشعب.

[3] افتتاحية مجلة الكلمات، رئيس تحريرها الدكتور حسن بوكبير، العدد الأول، السنة الأولى، صفر 1429- فبراير 2008، (ص: 4).

[4] عبد العزيز التميمي، المفاهيم وأزمة تحديد المصطلحات في الفكر الإسلامي الحديث، مجلة البيان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • رجعية الفكر العلماني
  • ماذا يعني انسياقُ الشباب وراء العولمة الأخلاقية؟!
  • أزمة الطرح العلماني واللعبة المكشوفة!
  • العلمانية لا تقبل التجزئة 1/3
  • المفاهيم الملتبسة بين الطرح العلماني والفكر الإسلامي
  • العلمانية لا تقبل التجزئة 2/3
  • العلمانية لا تقبل التجزئة 3/3
  • العلمانية
  • العولمة: رؤية إسلامية
  • فشل المشروع العلماني (حوار الأديان نموذجًا)
  • قال علمانية قال!
  • العلمانية ومشتقاتها
  • مفهوم التجديد والاجتهاد عند العلمانيين
  • "لا إله إلا الله" بين العلمانيين وأبي جهل
  • الأسرة المسلمة في زمن العولمة
  • مخاطر العولمة علينا
  • اجلس بنا نفهم ساعة
  • موعظة العصر
  • الإسلام منظومة قيم شاملة
  • وباء هذا العصر

مختارات من الشبكة

  • لماذا اختيار الإسلام دينا؟ الاختيار بين الإسلام والمعتقدات الأخرى (كالنصرانية واليهودية والهندوسية والبوذية..) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لو فهموا الإسلام لما قالوا نسوية (منهج الإسلام في التعامل مع مظالم المرأة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • كلمات حول الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اليابان وتعاليم الإسلام وكيفية حل الإسلام للمشاكل القديمة والمعاصرة (باللغة اليابانية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مقاييس جمال النص في صدر الإسلام وموقف الإسلام من الشعر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الإسلام (بني الإسلام على خمس)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرح لامية شيخ الإسلام من كلام شيخ الإسلام (WORD)(كتاب - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الإسلام والغرب (مراحل الحديث عن الإسلام في الغرب)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خوف أعداء الإسلام من عودة الإسلام مجددا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهند: هندوسي يعتنق الإسلام من أجل المساواة في الإسلام(مقالة - المسلمون في العالم)

 


تعليقات الزوار
2- العلمانية
السهلي - maroc 30-01-2010 07:02 PM
السلام اخي مصطفي
اولا اشكرك جزيل الشكر. نظرا لبعض المفاهيم والمصطلحات التي تطرقت اليها والتي لها علاقة بمبادئ الإسلام .كما تطرقت الى الى بعض تفاسير لبعض المصطلحات .مثلا العلمانية .الديمقراطية .... مرة اخرى نتمنى لك التوفيق والزواج إن شاء الله
1- مشكور
حسن - السعودية 28-01-2010 12:13 PM
بوركتم على المقال الرائع والمبدع ، وتشكرون على التحليل المنطقي والعقلاني المفهم بارك الله فيكم
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي
  • إفطار جماعي على أرضية ملعب ستامفورد بريدج
  • 3 دورات للغة العربية والتربية الإسلامية بمدينة أليكانتي الإسبانية
  • بنك الطعام الإسلامي يلبي احتياجات الآلاف بمدينة سوري الكندية
  • متطوعون مسلمون يحضرون 1000 حزمة طعام للمحتاجين في ديترويت

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/8/1444هـ - الساعة: 14:40
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب