شروط الحج

شروط الحج

أولاً: شروط وجوب الحج:

وهي شروط يشترك فيها النساء والرجال، وهي: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، والقدرة على الزاد والراحلة، وسلامة البدن، وأمن الطريق.

وتختص المرأة بشرطين، وهما: وجود المَحرَم أو الزوج، وألا تكون معتدَّة من طلاق ووفاةٍ.

وبيان هذه الشروط على الوجه التالي:

الشرط الأول: الإسلام: فلا يجب الحج على الكافر؛ لأن الحج عبادة، والعبادة لا تصح من الكافر.

الشرط الثاني: البلوغ: فلا يجب على الصغير، لكنه لو أدَّاه صح منه، لكن لا يسقط عنه حجة الإسلام.

وما فعله الصبي قبل البلوغ يكون تطوعًا؛ لما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((أيُّما صبي حج عشر حجج، ثم بلغ، فعليه حجة الإسلام))[1].

الشرط الثالث: الحرية: فلا حج على المملوك؛ لأنه مملوك فلا يكون مالكًا؛ وذلك لأن منافع بدنه ملك مولاه ابتداءً وانتهاءً ما دام عبدًا، فلا يكون قادرًا على الحج ابتداءً وانتهاءً، فلم يجب عليه[2].

الشرط الرابع: العقل: وهو شرط من شروط وجوب الحج؛ لأن التكليف يرتبطُ به، فلا تجب على المجنون، ولا يصح منه؛ لحديثِ: ((رُفِع القلم عن ثلاث))، عدَّ منها: الصبي والمجنون، فإن أفاق المجنونُ، كان عليه حجة الإسلام[3].

الشرط الخامس: ملك الزاد والراحلة في حق النائي عن مكة:

• ولقد ذهب الحنفية إلى أنه لا بد من ملكِه لهما، فلا يجب الحجُّ بإباحة الزاد والراحلة، سواء كانت الإباحة ممن له منَّة على المباح له؛ كالأب على ولده، وله في الأجنبي قولان[4].

• وقال مالك: الراحلة ليست بشرطٍ لوجوب الحج؛ حتى لو كان صحيحًا وهو يقدر على المشي، وجب عليه الحج[5].

وأغلب الظن أن قوله يجوز في المحرم القريب من مكة، أما النائي البعيد، فيشترط الزاد والراحلة.

ويفسر الزاد والراحلة:

بأن يكون ملكُه لهما فائضًا عن الحاجة الأصلية، وهي نفقةُ عيالِه، ومَن تلزمُه نفقتُهم، وتوفير المسكن لهما، وقضاء الدَّين الذي عليه؛ لأن هذه حقوق العباد، وهي مقدَّمة على حقوق الله - تعالى[6].

الشرط السادس: سلامة البدن:

بأن يكون الإنسان صحيحًا في بدنِه، فلا حجَّ على المريض، والمُقعَد، والمفلوج، والشيخ الكبير؛ لأن الله -تعالى- شرَط الاستطاعة، فلا بد من سلامة البدن، ولا سلامةَ مع وجود المانع.

• والحنابلة والمالكية يرون أنها شرط للوجوب.

• وقال أبو يوسف، ومحمد، والشافعية، وأحمد: إنها ليست شرطًا للوجوب، فمَن ملك الزاد والراحلة، وجب عليه الحج.

• وقد رجَّح ابن الهُمَام قول الصاحبينِ؛ لأن هذه العبادة يجري فيها النيابة عند العجز، فيثبت الوجوب عند القدرة على الزاد والراحلة[7].

الشرط السابع: أمن الطريق:

وهو من شرائط الوجوب عند بعض فقهاء الحنفية بمنزلة الزاد والراحلة، وقال بعضهم: إنه من شرائط الأداء؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما فسَّر الزاد والراحلة بالاستطاعة، لم يذكر أمن الطريق.

والصحيح أنه من شرائط الوجوب؛ لأن الله تعالى شرط الاستطاعة، ولا استطاعة بدون أمن الطريق [8].

الشرط الثامن:

أن يكون مع المرأة مَحرَمٌ[9] لها أو زوجها، فإن لم يوجد أحدهما، فلا يجب عليها الحج عند الحنفية، وقال الشافعي: هذا ليس بشرط، ويلزمها الحج، إذا كان معها نساء في الرفقة ثقات.

واحتج بظاهر قوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ﴾ [آل عمران: 97]، وخطاب الناس يتناول الذكور والإناث بلا خلاف، فإذا كان لها زاد أو راحلة كانت مستطيعة، وإذا كان معها نساء ثقات يؤمن الفساد عليها، فيلزمها فرض الحج.

وللحنفية: ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ألاَ لا تَحُجَّنَّ امرأة إلا ومعها مَحرَم))، ولأنها بدون المحرم يخاف عليها الفتنة، وتزداد بانضمام غيرها إليها؛ ولهذا تحرم الخلوة بالأجنبية، وإن كان معها غيرها [10].

والأَولى اشتراط الزوج أو المحرم[11]؛ لأن المرأة لا تقدر على الركوب والنزول بنفسها، فتحتاج إلى من يساعدها في الركوب والنزول، وغير خافٍ ما يحدث في الازدحام في الطواف والسعي، والمبيت في منى، ورمي الجمرات، وفي كل هذه الأمور تحتاج المرأة إلى من يقف بجوارها، ولا يجوز ذلك لغير الزوج والمحرم.

الشرط التاسع:

ألاَّ تكون معتدة عن طلاق[12] أو وفاة؛ لقوله تعالى: ﴿ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾ [الطلاق: 1].

ففي هذه الآية الكريمة نهى الله تعالى المعتدات عن الخروج، فليس لها أن تخرج حتى تنقضي عِدتُها في قول أبي حنيفة وإن وجدت محرمًا، وعندهما: لها أن تخرج إن وجدت محرمًا، وليس لها أن تخرج بلا محرم بلا خلاف، وهذا قول المالكية[13].

أما الشافعية والحنابلة، فلم يشترطوا العدة؛ فللمرأة أن تخرج لفريضة الحج، سواء كانت معتدة أم غير معتدة.

وعلة ذلك: أن المعتدة الأصل في شأنها البقاء في بيتها للعدة، ولا تخرج منه إلا لحق، والحج يلزمها وهي مستطيعة له ومعها رفقة مأمونة، فإنها تخرج ولا تنتظر انقضاء العدة[14].

5- شروط صحة الحج:

وهي الشروط التي إن سقط منها واحد، لم يصحَّ الحج، وهي ثلاثة شروط:

الشرط الأول:

الوقت المخصوص، وهي أشهرُ الحج، وأوقاته المخصوصة، وهي: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة.

الشرط الثاني: المكان المخصوص:

وهو أرض عرفة للوقوف بها، والكعبة في المسجد الحرام للطواف حولها، فإذا طاف حول مكان غير الكعبة، أو وقف في مكان غير عرفة، لم يصح حجه[15].

الشرط الثالث: الإحرام:

وهو نية الدخول في حرمةِ الحج أو العمرة - أو هما معًا - مع التلبية.

ووقت الإحرام:

ابتداء الأشهر في أي زمنٍ منها، ويجوز قبلها مع الكراهة[16].